كتاب الزكاة فى الاسلام : الخاتمة

آحمد صبحي منصور في الأربعاء ١٧ - أغسطس - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

  وضح مما سبق أن الزكاة فى الاسلام هى التقوى بتطهر النفس وتزكيتها وسموها خلقيا وسلوكيا وعقيديا ، وأن لها جانبا ماليا هو إعطاء الصدقة لتحقيق نفس الهدف  . ووضح أن الزكاة المالية أنواع منها الزكاة الرسمية التى تجمعها الدولة الاسلامية ، والصدقة الفردية و الصدقة التطوعية الإضافية لمن يريد الدرجة العليا يوم القيامة ، وأن لكل نوع مستحقيه ، وهناك مستحقون مشتركون هناوهناك . كما وضح أن تقديم الصدقة ليس محددا بمرور عام أو حول بل هو بمجرد الحصول على الدخل ، وأن مقدار الصدقة ليس محددابنسبة معينة ولكنه فى مجال الاعتدال و التوسط فى إطار من التنافس على رضى الله جل وعلا ، وأن للصدقة آدابا يجب أن يلتزم بها المتصدق ، وتنبع هذه الآداب من حقيقة أن من يأخذ الزكاة إنما يأخذ حقا له وبالتالى يحرم المنّ عليه أو إيذاؤه فى مشاعره . والى جانب الصدقة فهناك التبرع فى سبيل الله جل وعلا  فى الجهاد والدعوة . وكل هذا أصبح تصرفا فرديا للمؤمن يقوم به بنفسه فى الصدقة الفردية والتطوعية وفى سبيل الله جل وعلا ، بعد انهيار الدولة الاسلامية التى نزل تشريع الصدقة ليتم تطبيقه فيها . 

واضح بهذا أن الزكاة المالية فى الاسلام لها معالم خاصة لم يلتفت اليها فقهاء الدين السنى ، والذين ابتدعوا شريعة جديدة مخالفة للاسلام ونسبوها الى خاتم الأنبياء ـ عليهم السلام . وهم لم يقتصروا على ابتداع ما أسموه بزكاة الفطر السنوية التى جعلوها صدقة على الرءوس وليس على الممتلكات ولكن قاموا أيضا بمخالفة تشريع القرآن الكريم . وهذا يستحق لمحة سريعة ، نرجو أن يقوم أحد الباحثين الحقيقيين بالتخصص فيها بعقد مقارنة بين تشريع الاسلام والتشريع السنى فى موضوع الصدقة والزكاة بالتفصيل.    

أولا : لمحة عن الزكاة فى التنظير الفقهى

1ـ. أهمل الفقه السلفى الجانب الخلقى والمقصد التشريعى للعبادات ، ومعنى أن تكون العبادة وسيلة للسمو الخلقى فى التعامل مع الناس ـ كما أهملوا الجانب الايمانى للعبادات ، وهو أن يؤدى المؤمن صلاته وصيامه وحجه وصدقاته يبتغى وجه الله تعالى وحده ، وبلا رياء أو تقديس لبشر أو حجر . بايجاز ؛ أهملوا جانب التقوى ، وهى اساس الاسلام ، أى أن تعبد الله رغبا ورهبا ـ أى بالخوف من الله والعمل على إرضائه حين تصلى وحين تحج وتتصدق وتصوم ، بحيث لا تختلط عبادتك لله جل وعلا بظلم الناس أو بظلم رب الناس بتقديس الأولياء وأسفارهم المقدسة و مقابرهم ومعابدهم .

تحوّل الفقه السلفى الى تنظير وتقعيد مظهرى يتخصص فى شكليات العبادات وسطحياتها دون أدنى إهتمام بالمضمون القلبى و الخلقى وانعكاسه على العلاقات بين الناس. وحتى فى هذا التقعيد النظرى الشكلى المظهرى فإن فقهاء السلف لم يجتهدوا فى استتنباط الاحكام من القرآن ، بل استسهلوا وضع آرائهم فى صورة أحاديث ينسبونها للنبى لتكتسب قدسية ومصداقية ، ومنها تواترت احكام الفقه بما يخالف القرآن فيما ابتدعوه ، وهم كالعادة اختلفوا ، وقد رويت أحاديث مختلفة في تقدير النصاب  أى مقدار المال أو الممتلكات التى تؤخذ منه الزكاة ، وقد روى مالك في (الموطأ) أقوال الخلفاء الراشدين وعلماء التابعين والأحاديث المنسوبة للنبي عليه السلام . و(الموطأ) اول كتاب مدون فى الاحاديث والفقه ، ولم يقتنع به اللاحقون فكتبوا احاديث أخرى و احكاما فقهية اخرى تخالف مالك ،واستمر هذا عبر القرون ، ليس فى الزكاة وحدها بل فى كل الموضوعات الخاصة بالعبادات والمعاملات والعقوبات او ما يعرف بالحدود.

2 ـ ونأخذ عيّنة من مرويات التراث فى موضوع النصاب : فيذكر مالك حديثاً فى الموطأ  يقول ( ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة ولا في ما دون خمسة أوراق من الورق " الفضة" صدقة ، وليس فيما دون خمسة ذود من الإبل صدقة)" أى يضع حدا أدنى للصدقة ،أو ما أسموه بالنصاب الذي تؤخذ منه الزكاة ، إلا أن إبن سعد في الطبقات الكبرى يذكر أن النبي عليه السلام جعل فريضة الزكاة على بني معرض في إبلهم تؤخذ منهم ناقة سواء كانت الإبل لأحدهم قليلة أو كثيرة أي ليس هنا حد أدنى في النصاب ، ثم يذكر إبن سعد حديثا آخر يرويه عن أبي وائل الذي أدرك النبي عليه الصلاة والسلام ولكنه لم يره ، وقد عاش هذا الرجل حتى أدرك الدولة الأموية ، يقول أبو وائل" أتانا مصدق النبي ـ أي عامل الصدقة ـ فأخذ من كل خمسين ناقة، ناقة فأتيته بكبش لي فقلت خذ صدقة هذا فقال : ليس في هذا صدقة" . وتشير هذه الرواية دليل إلى أن النبي عليه السلام كان يبعث من لدنه عاملا للصدقة ، ولكن في رواية أخرى يقول ابن سعد أن وفد الأزد قدم على النبي يعلن إسلامه فبعث عليهم النبي " مصدقا" منهم يقال له حذيفة بن اليمان الأزدي وكتب له فرائض الصدقة فكان يأخذ صدقات أموالهم  ويردها على فقرائهم " فهنا إختلافات في الروايات فى مقادير الزكاة وفي جبايتها ، فبعضها كان يؤتى به للمدينة والآخر كان يوزع على الفقراء في داخل البلد نفسها .

3 ـ وعن مقدار أو نسبة الزكاة المالية :روى أبو داود في سننه حديثاً يقول "( إذا كانت لك مائتا درهم وحال عليها الحول ففيها خمسة دراهم , وليس عليك شيئ حتى يكون لك عشرون ديناراً وحال عليها الحول ففيها نصف دينار فما زاد فبحساب ذلك، وليس في مال زكاة  حتى يحول الحول) ." وهذا الحديث لم يعمل به الخليفة عمر بن الخطاب  وفقاً لما يرويه إبن سعد في الطبقات الكبرى إذ يروي أنهم وجدوا في كتاب عمر للولاة أنه يأخذ من تجار المسلمين من كل أربعين درهما ً درهماً . وقد كان عمر يأخذ العشور من أهل الذمة، وقد خالفه في هذا الرأى سعيد بن جبير أحد الفقهاء المشهورين من التابعين . إذن  ففي الأمر اختلاف ، وهو اختلاف كان يمكن أن يكون محمودا لو أسند صاحب الرأى رأيه لنفسه ، ولكن كل واحد منهم كان يجعل رأيه دينا فى حديث ينسبه للنبى أو لعمر مثلا.

4 ـ  وعن موعد إخراج الزكاة والصدقة ، تواتر قولهم بمرور عام او حول على المال حتى تؤخذ عليه زكاة ، ففي حديث أبي داوود " وليس في مال زكاة حتى يحول الحول " ويقول ابن عمر " من استفاد مالا فلا زكاة عليه حتى يحول الحول " وفي رواية مالك في الموطأ " لا تجب في مال زكاة حتى يحول عليه الحول" . وقد يقال إن الكلام هنا على الزكاة التي يجمعها الحاكم في توقيت سنوي محدد لجميع الممولين أو سنوياً حسب حالة كل ممول ، ولكن هذا يستدعى وجود ملفات كالملفات الضريبية لكل ممول ، وهذا لم يكن موجودا.

5 ـ والواضح فى كتب الفقه التراثى انها تجاهلت الصدقة الفردية ، مع وضوح الحديث عنها فى القرآن الكريم ، وهى أبعد ما يكون عن حكاية ( حتى يحول الحول ) لأن المسكين يحتاج للصدقة ليأكل مرة او مرتين فى اليوم ولن ينتظر جائعاً حتى يحول الحول !! يقول تعالى في الصدقة الفردية : (قُل لِّعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ الصَّلاةَ وَيُنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خِلالٌ )( ابراهيم 31 ) ويقول جل وعلا (الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ) ( البقرة 274)، وجعل رب العزة من صفات أولى الألباب : ( وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ الصَّلاةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ ) ( الرعد 22 ). وواضح أن الآيات تتحدث عن أولئك الذين يبادرون بتقديم الصدقة التطوعية في الليل وفي النهار وفي السر وفي العلن وينتظرون الأجر والثواب من الله جل وعلا ، أى هو تصرف فردي بحت لاعلاقة له بالدولة وسياستها في أخذ الزكاة .

6 ـ والله تعالى يقول "(وآتوا حقه يوم حصاده )، والآية الكريمة تتحدث عن الزروع . ومنها ما يثمر كل بضعة أشهر فقط وليس كل عام، وإذا أخذناها قضية عامة فلكل انسان موسم حصاده من مزرعته مهما اختلفت الموارد ، وفي كل موسم حصاد ينبغي الوفاء بحق الله تعالى فيه سواء كان ذلك الحصاد ربحاً شهرياً أو مرتباً أسبوعياً أو أجراً يومياً أو إيراداً سنوياً. إن الدولة الإسلامية قد تأخذ الزكاة على الحول وهى تعطي اعتمادات سنوية للإنفاق على مؤسسات الرعاية الاجتماعية والتعليمية والعلمية والصحية، ولكن الفرد المسلم يتعامل مع أفراد محتاجين يعرفهم ويقابلهم ليل نهار ، وقد يرى الجوع في أعينهم وقد يسألونه فهل يقول لهم : انتظروني حتى يحول الحول ؟.

7 ـ والله تعالى يقول في الصدقة الفردية ومستحقيها: (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ )(البقرة 215 )،    فالآية تتحدث عن والديْ المؤمن وأقاربه ولهم حقوق في الصدقة الفردية وليس منتظراً أن تكون لهم نفس الحقوق في مؤسسات الرعاية الاجتماعية التي تقيمها الدولة والتي تنفق عليها من إيرادات الزكاة ،والآية تتحدث أيضاً عن اليتامى والمساكين وابن السبيل الذين يعرفهم المؤمن ويقابلهم ويلمس احتياجهم ويعطيهم من ماله صدقة تطوعية ، ومنهم من تقاصرت عنه أجهزة الرعاية الرسمية لسبب أو لآخر، وأؤلئك يقوم الإنفاق الفردي بانقاذهم ورعايتهم ، وهذا الإنفاق الفردي  اليومي يجبر نقص الاعتمادات الرسمية السنوية لدور الرعاية الاجتماعية وبذلك يحدث التعاون بين الصدقة الفردية والزكاة السنوية في توفير الرعاية الاجتماعية لكل محتاج . ومن هنا كانت الصدقة يومية أو شهرية وليست متوقفة على مرور الحول، فهل إذا مرض الوالدان قال لهما إبنهما : انتظرا حتى يحول الحول؟ إن الله تعالى يقول عن الصدقة الوقتية "( والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم)" فهل إذا جاء سائل محتاج يقال له : موعدك العادم القادم ؟ !! وهل ينبغي للسائل المحتاج أن يحتفظ لديه بمواعيد سنوية للمتصدقين ؟.. قد تكون الزكاة الرسمية كل حول أما الصدقة الفردية فهىّ كل يوم .

8 ـ على أن الخلاف الأساس فى تفصيلات الصدقة بين الاسلام والتشريع السّنى يمكن حصره فى  منبع الزكاة ، أو الأصل الذى يتم إخراج الصدقة أو الزكاة عليه . الفقه السنى يجعله فى الموارد الاقتصادية ، بينما يجعله رب العزة فى الدخل وليس فى المورد الاقتصادى . فالفقه السّنى يوجب إخراج الزكاة عن قطيع الانعام وعن المملوك من الذهب والفضة وعن رءوس الأموال فى التجارة . ويضع لكل منها ( نصابا ) أو حدأ أدنى ، ما يزيد عليه يتم إخراج الزكاة عليه . يختلف الأمر فى الاسلام . فالصدقة ليست على الموارد ولكن على الدخل والمكسب الناشىء عنها . وبينما يحصر التشريع السنى منبع الزكاة فى أشياء محددة متجاهلا غيرها فإن التشريع الاسلامى يوجب إخراج الصدقة عن كل رزق يأتى من أى منبع أو جهة . ونعطى مثلا .إن رب العزة يصف المتقين بأنهم ينفقون مما رزقهم الله جل وعلا ، وتكرر هذا فى القرآن الكريم ثمانى مرات .وهذا يعنى ان الانفاق فى سبيل الله جل وعلا هو على الدخل وليس على الموارد التى ينتج عنها الرزق أو الدخل . والموارد تتنوع ، منها موارد انسانية بشرية ومنها موارد طبيعية وحيوانية . هناك من يعمل بجسده وعرقه كالعمال فى البناء مثلا ، وهناك من يأتيه رزقه من قدميه كلاعب الكرة أو من صوته كالمغنّى أو من تدريبه كالحرفيين أو من عقله وتخصصه العلمى كالباحثين والخبراء والموظفين. وهناك من يملك أرضا زراعية أو مصنعا أو قطيعا من الأنعام أو سيارة أجرة . كل أولئك تتنوع موارد الدخل لديهم ولكن لا يدفعون الزكاة على تلك الموارد وانما عما يكسبونه منها . ولكن الفقه السّنى يوجب أخذ الزكاة عن المورد نفسه ، عن قطيع الانعام وعن رأس المال مثلا. تتجلى المفارقة هنا فى الموارد البشرية أو رأس المال البشرى لدى العامل بيده أو بعلمه أو بموهبته أو بتدريبه وخبرته . لا يمكن أن تجعل أولئك الناس يدفعون صدقة عن جسدهم أو ذكائهم او مهارتهم سواء جاءت لهم بدخل أم لا . العدل هو المحاسبة على الدخل أو الرزق الداخل من الموارد سواء كانت بشرية أو غيرها ، أى من ربح المصنع ومن تشغيل رأس المال ومن مرتب الموظف وأجرة العامل ومن بيع منتجات الألبان وبيع المواشى وما تلده تلك المواشى ، وهذا بالطبع بعد حساب المصاريف وتصفية الربح ، وهذا الربح تخرج عنه الصدقة . والمتصدق يحاسب نفسه ويعلم أنه يتعامل مع ربه الذى يعلم السّر وأخفى . هذا يجعل إخراج الصدقة متجددة بتجدد الدخل وتنوعه ، كما يجعل إخراج الزكاة تعاملا مباشرا مع رب العزة على أساس ابتغاء رضى ربه جل وعلا ، وبذلك تحقق الصدقة هدفها فى أن تكون ( زكاة ) للمال وللنفس معا.

ثانيا :الزكاة فى التطبيق العملى تاريخيا

 من الناحية العملية التاريخية وبعيدا عن التقعيد الفقهى ، بل قبل أن يبدا التنظير الفقهى تحولت جباية الزكاة الى ظلم ونهب ومصادرات لأموال الناس،فقد توسع الخلفاء الأمويون في استنزاف أموال الناس بحجة الزكاة ، وجاء عمر بن عبدالعزيز فأصلح الأحوال في خلافته القصيرة ، روى إبن سعد أن عمر بن عبد العزيز قال لأحد عماله "كم جمعت من الصدقة ؟ فقال : كذا وكذا . قال فكم جمع الذي كان قبلك ؟ قال كذا وكذا ، فسمى  شيئاً أكثر من ذلك ، فقال عمر: من أين ذلك ؟ فقال إنه كان يأخذ من الفرس ديناراً ومن الخادم دينارا ومن الفدان خمسة دراهم وإنك طرحت ذلك كله ، فقال: لا والله ما ألقيته ولكن الله ألقاه " أي أن إيراد الزكاة تضاءل في عهده لأنه أسقط مظالم أحدثها الأمويون قبله. وقد كتب عمر بن عبدالعزيز إلى واليه عدي بن أرطأه يأمره أن يسقط زكاة المائدة والنوبة والمكس ـ أي الجمارك ـ وقال ولعمري ما هو بالمكس ولكنه البخس الذي قال الله فيه :" ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولاتعثوا في الأرض مفسدين " وقال عمر لعامله المذكور:" فمن أدى زكاة ماله فأقبل منه ومن لم يأت فالله حسبه" !! وهذا هو الاسلام الحق الذى ليس فيه إكراه على تأدية الصدقة وزكاة المال ،إلا إذا كانت بعقد بالتراضى يصبح ملزما للناس أداءه . ولقد كان جباة الزكاة في العصر الأموى يقفون على الطريق يأخذونها من المارة ويستطيلون عليهم، فقال ذلك الخليفة الراشد " وقد رأيت أن أجعل في كل مدينة رجلاً يأخذ الزكاة من أهلها فخلوا سبل الناس في الجسور والمعابر" . وبموت عمر ابن عبدالعزيز عادت الدولة الأموية إلى سابق عهدها من التفنن في سلب أموال الناس بحجة الزكاة فكان يثور الناس عليها أو يتفنون في التهرب من دفع الزكاة.. 

2 ـ وسارت الدول الأخرى على سنّة الأمويين فى نهب أموال الناس باسم الزكاة و الخراج و الجزية ـ بل والمصادرات لأرباب الموال من الجباه والعاملين فى أجهزة الدولة و يستخدمون نفوذهم فى السرقة و النهب ، وعندما يغضب الخليفة او السلطان على أحدهم يصادر أمواله ويعزله وقد يعذبه ليعترف بما خبّأ من أموال ، وأصبح هذا من الأخبار العادية فى العصر المملوكى ،  وعلى نفس النسق سارت وتسير نظم الحكم الاستبدادية الراهنة فى بلاد المسلمين .

أخيرا

نرجو أن يسفر الربيع العربى عن إقامة نظم حكم ديمقراطية حقوقية تعيد تطبيق الشريعة الاسلامية الحقيقية القائمة على المساواة والعدل والحرية المطلقة فى الدين وحفظ واحترام حقوق الانسان.

والله جل وعلا هو المستعان.

أحمد صبحى منصور

اجمالي القراءات 34531