الثورة .. ما وراء إستفتاء 19 مارس 2011

شادي طلعت في الأحد ٠٥ - يونيو - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

كان يوم 19 مارس 2011 يوم النتيجة للمعارك الفكرية بين القوى الإسلامية و القوى الديمقراطية و الليبرالية و هو صراع لازال قائماً و سيظل ، ذلك لأن هناك مسميات لا يمكن أن تجتمع أو تتعانق ، و لكن من الممكن أن تتحد من أجل هدف مشترك ، كما إتحدت كافة القوى لإسقاط مبارك و نظامه في ثورة 25 يناير ، و لكن و بعد إنتهاء أول مرحلة للثورة و التي قضي فيها على النظام البائد و رموزه ، بدأت المعارك الفكرية في الصراع و أصبحت المنابر كثيرة و متنوعة و إمتد الصراع إلى حد التخويف و الترهيب من كلا الجانبين المدني و الديني بكافة تياراتهم المختلفة أيضاً !

و بين صراع التيارات السياسية وقف المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مشهد المحايدا الذي يريد أن يوفق الأمور ، و للمجلس العسكري عذره فهو لا يعرف إلا مهام عمله العسكرية فقط و لا يعرف شيئاً عن السياسة أو أساليبها الغير شريفة في أغلب صراعاتها إلا أن المجلس العسكري قام فيما بعد بتشكيل لجنة للتعديلات الدستورية برؤوس إخوانية و إسلامية ، و خرجت اللجنة بعدة تعديلات كان أهمها تعديل المادة 189 من الدستور و التي إشترطت أن يقوم رئيس الجمهورية و مجلس الشعب المنتخب بإختيار 100 عضو من أعضاء مجلس الشعب حتى يقوموا بوضع دستور جديد للبلاد ! و خطورة هذه المادة هو التخوف من أن تكون أغلبية أعضاء البرلمان من الإخوان المسلمين و من فلول الحزب الوطني الحاكم إذ أنهما هما القادران على خوض الإنتخابات في ظل عدم إستعداد باقي القوى للإنتخابات البرلمانية سبتمبر 2011 ، و هذا تخوف شرعي و لها أسبابه المنطقية ، و لكن مع ذلك بدأت القوى المعادية لفكرة التعديلات الدستورية أصلاً في الدعوة إلى التصويت بــ ((لا)) ، و قامت القوى الإسلامية بالدعوة إلى التصويت بــ ((نعم)) و إعتبر الفريقين أن معركة الإستفتاء هي خير دليل على التواجد في الشارع ، و قام المجلس العسكري بمشاهدة العراك دون أن يتدخل ! و هنا تعددت التفسيرات للموقف العام للمجلس الأعلى للقوات المسلحة ، و حتى نصل إلى حقيقة ما وراء الإستفتاء ، فإننا سنعود بالذاكرة بعض الشيء للوراء فيما يخص الإخوان المسلمين :

-                إن الإخوان بعد الثورة أعلنوا أنهم لن يؤسسوا أي أحزاب سياسية و أنهم سيكتفون بالعمل داخل الجماعة ، ثم خرجوا علينا بتصريحات أخرى أنهم سيقومون بتأسيس أكثر من حزب و قد تصل إلى 4 أحزاب ! و هذه التصريحات تبين لنا الآتي :

1- أن المحيط الدولي و على رأسه أمريكا و أوربا يريدون أن يتأكدوا من العدد الحقيقي للجماعة .

2- أن الجماعة تعلم جيداً الغرض من الزج بها لتأسيس حزب سياسي ، فهي جماعة تنتصر بالرعب ، و لا يعلم أحد حجمها الحقيقي !

3- خرجت جماعة الإخوان من المأزق بأن صرحت بأنها ستؤسس أكثر من حزب مع الإبقاء على الجماعة السرية سابقاً و العلنية حالياً .

 

إلا أن الجماعة رأت أيضاً أنها يجب أن تعبر عن قوتها في الإستفتاء على التعديلات الدستورية ، و بعدها كانت النتيجة كبيرة جداً لصالح تيار الجماعة و الإسلاميين ، و لكن يجب علينا أن لا نغفل أمراً هاماً و هو ماذا حدث بعد التعديلات ؟ لقد قام المجلس العسكري بوقف العمل بدستور 1971 و خرج علينا بإعلان دستوري يضم في طياته المواد التي تم الإستفتاء عليها !؟

دعونا ننظر إلى هذا المشهد بدقة لنخرج منه بنتائج ، و لنطرح سؤال هام و هو .. لماذا لم يعترض الإخوان و الإسلاميين على الإعلان الدستوري و يطالبوا بحقهم في العودة إلى دستور 1971 ؟

و حتى نجيب على هذا السؤال فعلينا أن نعلم أن كل من يملك قاعدة عريضة من الشارع فإنه بالتأكيد سيمثل خطراً و قوة ! و سيكون له وضع خاص إذا تظاهر أو عبر عن غضبه ، و لكن قوة القاعدة بعد ثورة 25 يناير تعني أن يحضر إلى ميدان التحرير مظاهرات مليونية ! و من تكون مظاهراته غير مليونية فإنه سيعتبر أقلية !؟ هذا هو الواقع في مصر الآن .

إذاً نستطيع القول أن الجماعة قد وقعت في فخ و شرك الإستفتاء على التعديلات الدستورية الذي كشف قواها و حجمها و قدرتها على التأثير ، فالعدد الحقيقي للإخوان المسلمين قد إنكشف يوم 19 مارس 2011 و لا يعلم حقيقتهم الآن إلا المجلس العسكري الحاكم فقط !؟ و الذي لم يعاديهم لأنهم أكبر المناصرين له ، و بسبب أن حجمهم ضعيف إضطروا إلى أن لا يطالبوا بحقهم في العودة إلى دستور 1971 ! بينما قام المجلس العسكري بالخروج علينا بالإعلان الدستوري بما يتوائم معه ، وهو على يقين من أن القوى المعادية للإسلاميين قد إقتنعت أيضاً بأنها أقلية ! و هكذا أصبحت كلا القوتين أمام المجلس العسكري أقلية أحدهما إقتنعت بذلك لأنها حصدت 23 % من التصويت في الإستفتاء ، و القوى الثانية إقتنعت بأن المجلس العسكري قد أدرك قوتها و عرف حجمها الطبيعي في الإستفتاء حتى و لو كانت النتيجة 77 % فهي نتيجة أعلنت و لم يعترض عليها أحد كما لم يسمح لمنظمات المجتمع المدني بالرقابة الكاملة عليها ! من هنا نسيتطيع القول بأن الإستفتاء لم يكن هدفاً رئيسياً بل كان ورائه أهداف أخرى :

1- توطيد سلطة المجلس الأعلى للقوات المسلحة .

2- أن عدد جماعة الإخوان المسلمين قد إنكشف و هو قليل و لا يتجاوز سبعمائة ألف شخص فقط بل قد يكونوا أقل بكثير .

 

و على الله قصد السبيل

 شادي طلعت

اجمالي القراءات 12456