الإسلام وثقافة التاريخ
الإسلام وثقافة التاريخ

وداد وطني في الثلاثاء ٣١ - مايو - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

مقال "الإسلام وثقافة التاريخ" يستحق القراءة والتأمل. وقد ألفيْتُ كثيرا من النقاط في ثنايا المقال نتفق فيه والكاتب في ضوء المنهج الذي إرتأيناه أو "اعتقدناه" في اعتمادنا المطلق على كتاب الله تعالى "القرءان الكريم"، في أمور حياتنا الدينية "أحكام الشريعة".

المقال جدير بالقراءة حقيقة وإن كنت لا أستبعد ــ والله العظيم هو الأعلم ــ استنارة المؤلف عبدالقوي، وتلاقح أفكاره بأفكار المفكر الاسلامي احمد صبحي منصور، حيث شممتُ أريج أفكار الأخير  ــ احمد صبحي ــ تفوح من بين سطور أجزاء هذا المقال، خاصة في التفكير الجاد للخروج من المأزق الحضاري الكالح الحالك الذي نعيشه في ظل القداسة والمتاهات! قداسة التراث ومتاهات التأريخ والسّيَر..

إنه النوم العميق والسبات الطويل في نفق التراكمات التي خلفتها تلكم المتاهات ودياجير التأريخ وعصور الجمود الفكري حتى الآن ولكنّ الحاجة ملحة لرفع شعار "كتاب الله وكفى" وهذا هو منهجنا الذي ننشده دوما دون تسييس أو تلبيس أو تشويش..

أرجو من رواد وزوّار موقع أهل القرءان، الإنكباب على قراءة المقال ومن ثمّ التعليق عليه إن كان ثمة ملاحظات وانطباعات تدور في الخلد أو تثور في الخواطر..

إن وجدتموها فاخطفوها واكتبوها على الحناجر ولو بالخناجر!

أخوكم/ وداد وطني

ــــــــــــــــــــــــ

  

الإسلام وثقافة التاريخ

عبدالقوي حسان

 

في نهاية القرن التاسع عشر توجه الانتباه إلى أن الإسلام بحاجة إلى تجديد, وتم ذلك على أيدي مخلصين كبار, أمثال جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده ورشيد رضا، وأهم ما تم طرحه في ذلك الوقت الإسلام وقضايا العصر, وكان من نتائجه قيام حركات سياسية إسلامية على أساس الخلافة وإصلاح المجتمع وحركات قومية على أساس الاستقلال من الدولة العثمانية, وكانت هذه الحركات الإسلامية منها خاصة أسيرة لمنطلقات (تأريخية) ظنت أنها من أساسيات الإسلام كدولة ومجتمع وأهم هذه المنطلقات:

ـــ الانطلاق من أن ما فعله الصحابة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم هو من أساسيات الإسلام, علما بأنه اجتهاد إنساني (ثقافي) بحت, وبالتالي عدم التفكير بوضع أسس يقوم عليها المجتمع على أساس التنزيل الحكيم والاجتهاد الإنساني المعاصر مستعملين أدوات المعرفة المعاصرة.

ـــ عدم التفكير بمراجعة أصول الفقه والتشريع الإسلامي واستلهام أصول جديدة وبناء أسس معرفية, من أفق معاصر, ذلك أن (ثقافة التاريخ) حالت دون تجديد الرؤية فتوقف العقل بسبب مرض حذرنا القرآن منه (مرض الآبائية) قال تعالى ((بل قالوا إنا وجدنا ءاباءنا على أمة وإنا على ءاثارهم مهتدون) (وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه ءاباءنا أولو كان ءاباؤهم لايعقلون شيئا ولا يهتدون)) ونحن حين ننظر إلى هذه الآيات نظن أنها تعني مشركي العرب وأنها لا تعنينا مطلقاً علما أنه سبحانه ذكر فيها داء يصيب كل الأمم قاطبة مؤمنة وغير مؤمنة أطلق عليه اسم الآبائية ((ما ألفينا عليه ءاباءنا)) ولا أعتقد بوجود شعب في الأرض مصاب بهذا الداء المزمن كإصابتنا نحن به ظانين أننا نحسن بذلك صنعا.

ـــ ربط الإسلام من خلال السياق التأريخي للدولة الإسلامية بأشخاص, ولم يتم تحويله إلى مؤسسات. فالعدل مربوط بشخص الحاكم, والإسلام في أذهاننا أسير شخص الحاكم, فإذا كان الحاكم جيدا فالأمور بخير, وإذا كان سيئا فالأمور عكس ذلك, وبالتالي فإن المجتمع الإسلامي مجتمع هامشي, ليست له أية فاعلية, والمثال التالي يوضح معنى ربط الإسلام بشخص ومعنى عدم تحويله إلى مؤسسة:

 

عمر بن الخطاب شخصية تأريخية

موقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما أعطى اليهود ضماناً اجتماعياً من مال المسلمين, وهو موقف نفخر به حين نذكره ونسجله لعمر كرأس الدولة, لكننا نرى اليوم في نهاية القرن العشرين دولا غير إسلامية تعطي إعانات لكل مولود على أرضها ولو كان من أبوين لا يحملان جنسية هذه الدولة, ويحصل الأمر دون علم رئيس الدولة أو رئيس الوزراء, ذلك لأن عملية الإعانة هذه وباقي بنود الضمان الاجتماعي, تم تحويله إلى مؤسسة, بحيث لا يدري بها إلا الموظف المسئول عنها فقط.

وبقى عمر بن الخطاب عندنا (شخصية إسلامية), والحقيقة أنه (شخصية تأريخية إلتزمت الإسلام), لأن ربط الإسلام بشخص معين سيتحمل الإسلام إيجابيات وسلبيات ذلك الشخص وهذا غير منطقي.

أما (عمرهم) أي الغرب فتحول على مؤسسة, لا تهم موافقة رئيس الدولة أو عدم موافقته.

ـــ غياب منهج الفقه الدستوري الشوروي في التأريخ الإسلامي حتى غابت معه مؤسسات تضمن حرية الرأي والرأي الأخر (حرية المعارضة) وحرية التعبير عن الرأي. وبالتالي أدى ذلك إلى ظهور مؤسسة سرطانية (الإستبداد) التي عانت ولا تزال تعاني منه أمتنا إلى هذا الزمن.

 

العقيدة.. وتكريس الإستبداد

أول ما بدأ الاستبداد بوضع بصماته على العقيدة وذلك بتقديم تعريف القضاء والقدر. فلكي يبرر الأمويون استلامهم للسلطة تبريراً شرعياً طرحوا المقولة التالية: لقد سبق في علم الله الأزلي أن بني أمية ستحكم الدولة الإسلامية وبالتالي لابد لهذا العلم من أن ينفذ فاستلام بني أمية الحكم هو نفاذ هذا العلم وبالتالي فحكمهم هو القدر.

 

وإن جلد ظهرك وأخذ مالك من (ثقافة التاريخ)

أدى هذا التعريف والمسخ للمفاهيم وهو من (ثقافة التأريخ) ليس من الإسلام إلى ربط الحاكم المستبد وجوده بقضاء الله وقدره ولم تبق للناس حاجة إلى الاحتجاج على تصرفاته حتى شاع القول بأن الحاكم لا يعزل وإن جار وظلم ويجب طاعته وإن جلد ظهرك وأخذ مالك وهذا من (ثقافة التاريخ) ليس من الإسلام, وإن كان في صحيح مسلم لكن العلماء قد ضعفوه.

واسمع معي أبا جعفر المنصور يقف يوم عرفة خطيباً: (أيها الناس إنما أنا ظل الله في أرضه, أسوسكم بتوفيقه وتسديده وتأييده, وحارسه على ماله, أعمل فيه بمشيئته وإرادته, وأعطيه بإذنه, فقد جعلني الله عليه قفلا, إذا شاء أن يفتحني فتحني لاعطائكم, وإذا شاء أن يقفلني عليه أقفلني) (انظر العقد الفريد 4/186)

وكان من الضروري للاستبداد لكي يلزم الناس بطاعته, ولتأخذ هذه الطاعة شكلها العقائدي, بحيث يخرج من الإسلام من لم يلتزم بها ويعدم, أن تندمج الطاعة المتصلة لله ورسوله بالطاعة المنفصلة لله وللرسول مع الطاعة لأولي الأمر, بحيث تصبح هذه الطاعات على مختلف وجوهها أمرا واحدا وهو الطاعة الدائمة لله.

 

والفقه.. وتكريس الاستبداد

ظهر الفقه الديني (أراء الفقهاء) والسلطة المستبدة حقيقة قائمة, فأثر سلباً على مظاهر التدين عند المسلمين فخرجت هذه المظاهر مشوهة حسبت مؤجرا على أنها من الدين والحقيقة هي من (ثقافة التاريخ).

والآراء الفقهية هي من هذه المظاهر التي أثر فيها الاستبداد السياسي فخرج الفقه الإسلامي خالياً من الفقه الدستوري الذي يحدد شرعية الدولة والعلاقة بين السلطة والمواطن, وحدود صلاحيات السلطة, وإقرار الحريات الشخصية والعامة ومبدأ الاختيار والتعبير عن الرأي, وظهر بدلا منه مفهوم الطاعة, وطاعة ولي الأمر باعتبارها من الفضائل الدينية, كما ظهر فقه العبادات كالوضوء والصلاة والحج والزكاة حتى شمل هذا الفقه كثيراً من المجلدات, علماً أن العبادات جاءت للعالم والجاهل واضحة للعامة والخاصة مفصلة لا تحتاج لكل ذلك, وما زال يجري التركيز عليها بسبب داء الآبائية الذي وصلنا بالوراثة.

 

الاستبداد الفقهي.. والتجديد

وفي عصر التدوين بالقرن الثاني الهجري, تم تأطير الإسلام ضمن أطر مازالت موجودة حتى يومنا هذا, وتم تعريف السنة ووضع أصول الفقه, وحتى أصول اللغة العربية, ضمن أطر نبعت من المعارف السائدة أي من قبل أناس محكومين بالنظم المعرفية السائدة في ذلك الوقت, ولما كان الله مطلقاً وما عداه نسبي فكل ما تم وضعه كان من باب تفاعل الناس مع التنزيل, منسوبا إلى القرن الثاني الهجري وبعد وضع هذه الأطر التي لا خروج عنها، اقتصر البحث في الممكنات العقلية التي يمكن استنباطها ضمن تلك الأطر والنظم (القديمة) وحتى يومنا هذا إلى أن تم استنفادها.

ونسمع بين الحين والأخر من يقول: افتحوا باب الاجتهاد!! ونحن نقول إن باب الاجتهاد لم يغلق أصلا حتى نطالب بفتحه, ومجامع الفقه الإسلامي مشرعة لا أحد يمنعها من الاجتهاد.

لكن إمكانية الاجتهاد ضمن الأطر التي رسخت منذ القرنين الثاني والثالث الهجري قد استنفدت, ولم يعد الاجتهاد ممكنا إلا إذا تم تجاوز هذه الأطر والعودة إلى قراءة التنزيل الحكيم على أساس معارف اليوم واعتماد أصول جديدة للفقه الإسلامي.

 

لا عقل لدينا ولا فكر إلا التقليد

والأدهى من ذلك كله أنهم (أي المستبدون) لم يكتفوا بوضع الأطر القديمة وتحديدها بل تم إغلاق هذه الأطر تماما حيث مازال رفض إعادة النظر فيها قائما لأنه بزعمهم لا يوجد أناس قادرين على الفهم وإن تطور التاريخ والمعارف الإنسانية وعلينا (بزعمهم) أن ننظر إلى أنفسنا نظرة دونية بالمقارنة بالسلف, ولا أمل لنا مهما فعلنا بالوصول إلى مستواهم, وأن التاريخ يسير إلى الوراء لا إلى الأمام, وأننا أمام إما نقل الحاضر إلى الماضي أو نجر الماضي إلى الحاضر, وأن ازدهار الفكر الإسلامي محصور بهذه القرون الثلاثة, والعاقل هو المقلد!! وكأن عشرات الآيات الواردة في القرآن الكريم التي تحدثت عن الذين يعقلون والذين يفكرون هي مخصوصة بأهل تلك القرون, أما نحن، فلا عقل لدينا ولا فكر إلا التقليد.

ومع هذه النظرة الدونية إلى أنفسنا التي ترسخت في دائرة وعينا ومع الإصرار الشديد على أن لا يكون هناك مجتهدون وعباقرة في مستوى القرون الأولى وعلى أنك مهما فعلت أيها الإنسان فهم أفضل منك.. تتحول هذه الأطروحة إلى نوع من القهر والاضطهاد الفكري.

لقد تم تسليط سيف السلف (من سبق بهذا؟) (من شيخك؟) على كل فكر حر نقدي إبداعي, فجمدت عقول الناس بالقهر, ترغيبا تارة وترهيبا تارة أخرى, وتم استغلال عواطف المسلمين في حبهم لله ورسوله أسوأ استغلال, وندفع المسلمين للقتال والدفاع عن جهلهم تحت شعار حب الله ورسوله, كل هذا بسبب عدم التفريق بين النص الموحى إلى رسول الله (الإسلام) وبين ما قاله الناس (ثقافة)، فثمة أمران مختلفان تماما تم دمجهما وتقديمهما أمرا واحدا: آيات الأحكام (الإسلام) والفقه الإسلامي (الثقافة) كما تم الدمج بين التنزيل والتفاسير كأنهما شيء واحد رغم أن الأول من عند الله (الإسلام) والثاني من عند الناس (الثقافة) رغم الفرق الكبير بينهما.

 

الروايات.. وتكريس الاستبداد

بما أن الاستبداد ليس له سند في القرآن الكريم, بل على العكس فقد لعن الله الظالمين والمستبدين, وعبر عن الاستبداد بالظاهرة الفرعونية, التي أخذت حيزاً منه أكبر مما أخذت الأحكام كلها, لذا كان لابد من سند عقائدي لتأطير ايديولوجية الاستبداد, فكان هذا السند وهو الحديث النبوي الذي من خلاله شرعن المستبدون وجودهم وبقاءهم مدى الحياة.

ففي صدر الإسلام, بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم, كان ثمة عدد كبير من الصحابة مازالوا على قيد الحياة, وكان من المستحيل على واحد منهم حتى لو كان صحابيا أن يقول قال رسول الله! دون أن يعترضه معترض (انظر أخبار عمر مع أبي هريرة) إذ كان في أذهان الصحابة وذاكرتهم ما سمعوه أنفسهم بلسان رسول الله نفسه (لا تكتبوا عني غير القرآن ومن كتب غير القرآن فليمحه....) صحيح مسلم, وبلغ رسول الله أن أناسا كتبوا أحاديثه فصعد المنبر وقال: ما هذه الكتب التي بلغني أنكم قد كتبتم؟ إنما أنا بشر فمن كان عنده شيء فليأت به. يقول أبو هريرة فجمعنا ما كتبناه وأتلفناه أو قال وأحرقناه (انظر تقيد العلم للخطيب البغدادي ص 34)

ومع ذلك فنحن نجد أن بداية تدوين الحديث النبوي جاءت في العصر الأموي ومعها بدأ الانتحال على رسول الله خاصة فيما يتعلق بأيديولوجية السلطة والطاعة والجهاد فظهرت روايات تشرعن للاستبداد هي من (ثقافة التاريخ) وليست من الإسلام, فأثمر التالي:

 

الردة حكم سياسي تأريخي ليس من الدين

ـــ الردة: مع أن القرآن برئ من قتل المرتد لأنه تحدث عن المرتدين عدة مرات دون أن يوجب عليهم عقوبة دنيوية, إنما جعل جزاءهم على الله يوم القيامة قال تعالى ((ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون)) فالآية ذكرت الموت (فيمت) ولم تذكر القتل وقوله تعالى ((إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سوّل لهم وأملى لهم * ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر والله يعلم إسرارهم * فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم * ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم)) توفتهم الملائكة أم أنهم قتلوا؟!

 

النسخ في القرآن من (ثقافة التاريخ) لا من الدين

والآيات الواضحة في حرية الاعتقاد ((فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)) ((لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي)) لكن البعض يدعي أن مثل هذه الآيات منسوخة والنسخ في القرآن من أعظم الجنايات عليه لأن النسخ هو الإبطال وهل يقول مسلم أن حرفا من كتاب الله باطل حاشاه ((لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد)).

أما الحرب التي أطلق عليها بحرب الردة (على فرض صحة الروايات) فهي ليست إلا تمردا عسكريا من بعض قبائل العرب التي ضاقت بالحكم المركزي وبدفع الزكاة, فهي ردة سياسية ليست لها علاقة بالدين. واليوم الذي يرفض أداء الزكاة إلى صندوق الدولة هو مرتد سياسيا عن النظام ليس عن الإسلام. ويدعم هذه الحقيقة موقف الرسول في صلح الحديبية (من ذهب إلى مكة لا يعاد) دليل أن المرتد لا يقتل.

أما ما يوردونه من أحاديث تتضمن عقوبة الردة فإنها (إن صحت) فهي تقرن الردة بالخروج عن الجماعة أي النظام القائم وحديث (من بدل دينه فقتلوه) مطلق ويقيده حديث (لا يحل دم.. التارك لدينه المفارق للجماعة). والذي يخل بنظام الجماعة يقاتل كان مسلما أو كافرا ((وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين)).

  

الاستبداد.. والتعميم

ـــ التعميم: دائما يكون لصالح الاستبداد, لأن الاستبداد يقسم الناس إلى طرفين, طرف جيد وطرف سيئ, فالطرف الجيد هو (أي الاستبداد) والطرف السيئ هو الآخر كل الآخر. والقرآن العظيم رفض هذا المنهج قال تعالى ((ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك إلا ما دمت عليه قائما))

 

فلان ينكر السنة

فلا يجوز الحكم بالتعميم حتى على أهل الكتاب كما صرحت الآية, فكيف يجوز للبعض أن يصدر أحكام التعميم على المسلمين, (فلان ينكر السنة) مع أن هذا المتهم يستدل بأحاديث من السنة الشريفة!!!

ومن أمثله التعميم: الحكم بدخول (كل) الكفار النار وهذا مصادم لمنهج القرآن قال الله تعالي ((إن الذين ءامنوا والذين هادوا والنصارى والصبئين من ءامن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون))

 

الإسراء والمعراج قبل البعثة!!!

من أمثلة التعميم: الحكم بصحة كل ما ورد في صحيح البخاري وهذا غير معقول وإليك هذا المثال لتحكم عليه أنت: أخرج البخاري بسنده عن شريك بن عبد الله أنه قال سمعت مالك بن أنس يقول: ليلة أسري رسول الله من مسجد الكعبة أنه جاءه ثلاثة نفر قبل أن يوحى إليه وهو نائم ثم ذكر قصة الإسراء والمعراج...) (صحيح البخاري/3377) وانظر إلى تعليق ابن حجر شارح صحيح البخاري يقول في الفتح: يقول الخطابي ليس في هذا الكتاب يعني صحيح البخاري حديث أشنع ظاهرا, ولا أشنع مذاقا من هذا الفصل) (فتح الباري:13/483)

 

الغزالي: لا يمكن أن نجمّد فهم القرآن عند فهم عصر معين

ومن هنا يتم طرح أمور كثيرة على المسلمين تحت شعار الإسلام, كلها من (ثقافة التاريخ) وليس لها علاقة بالإسلام, دون أن يتعب المسلمون أنفسهم في العودة إلى قراءة التنزيل الحكيم ودراسته دراسة مستفيضة, لما يحتاجونه في ذلك إلى الوقت والجهد وتحمل المسئولية وجرأة في الحق, فالقرآن كما يقول الشيخ محمد الغزالي:

(... خطاب الزمن حتى يرث الله الأرض ومن عليها, خطاب الأجيال والأجناس والعلماء والمستويات الحضارية المتفاوتة, ولا يمكن منطقياً بأي حال من الأحوال أن نجمده عند فهم عصر معين)

لكن المسلمين وكما يقول الشيخ الغزالي مرة أخرى:

(تركوا الكتاب للسنة, ثم تركوا السنة لأقوال الأئمة, ثم تركوا الأئمة للمتون. فأصبح التراث (ثقافة التاريخ) حاجزاً يحول بين المسلمين وبين مصادرهم الأساسية).

 

اجمالي القراءات 12265