مدون في كتبهم
رسول الله شرب النبيذ(الخمر)

شريف هادي في الإثنين ٠١ - يناير - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

الأخوة الأعزاء فوزي فراج وشادي الفران وعثمان محمد على ومهيب الأرنؤطي وباقي الإخوة والأخوات الكرام رواد الموقع وكتابة والقائمين علية كل عام وأنتم بخير بمناسبة عيد الأضحى المبارك وميلاد المسيح عليه السلام والعام الجديد وأرجوا أن تتقبلوا أسفي في التأخر في الرد عليكم والسبب في زلزال تايوان الذي قطع عنا شبكة النت لأكثر من إسبوع.
مازلت أأوكد على أن كل منا لايريد إلا الحق وأعوذ بالله أن أحدث في دين الله ما ليس فيه ودعائي دائما اللهم لا تجعلنا فتنة للذين آمنوا، وقد جمعت لكم هذه المقالة والتي سوف تدهش البعض منكم من كتب السنة والشيعة على السواء ما دون في النبيذ والخمر وليتأكد الجميع أن ما دون في الكتب دين يختلف عن الدين الذي عليه العامة وكلاهما يختلف عن دين الحق عند إتباع القرآن فقط ولا شيء غير القرآن ، وأنا أرجو من الجميع أن يسعوا صدورهم وأن لا يظن أحدنا بالأخر ظن السؤ وأن نسبق حسن النيه ، لأني في كل يوم أزداد قناعة أن الشرب دون السكر ليس بحرام وأن المعنى الفعلي للخمر هو الذي يخمر العقل ويغطية ويعطلة فلو لم يؤدي الخمر هذه النتيجة عند شربه فما الحكم؟
وسؤال آخر : إذا دخلت على أحد الشيوخ أو الفقهاء لتسأله في موضوع ديني أو تستفتيه فوجدته يشرب النبيذ فهل ستستفتيه في مسألتك أم على أقل تقدير سترميه بالمعصية وإرتكاب الكبيرة؟ أرجوكم لا تجيبوا على هذا السؤال قبل قراءة المقالة
أخي وسام سألتني من أشهر من شرب الخمر من الصحابة والتابعين وهل شربها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ووعدتك بالإجابة في مقال مستقل وإليك لإجابة يا أخي الكريم ولا تصدم منها أنت وكل من قرأ المقال فهذا في كتبهم المعتمدة من سنة وشيعة وقد ذكرت مصادري في آخر البحث وعندهم أن أشهر من شرب النبيذ في حجة الوداع هو رسول الله صلى الله عليه وسلم

أشهر من شرب النبيذ وهونوع من الخمر

قالواأن النبي صلى الله عليه وسلم إذ شرب النبيذ من سقاية العباس، فوجده شديداً. قطب بين حاجبيه، ثم دعا بذنوب من ماء زمزم فصب عليه، ثم قال: "إذا اغتلمت أشربتكم فاكسروها بالماء ". ولو كان حراماً لأراقه وما صب عليه ماء ثم شربه. واحتجوا: في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل مسكر حرام وما أسكر الفرق منه فملء الكف حرام، فإن هذا كله منسوخ، نسخه شربه للصلب يوم حجة الوداع.وقد أحلوا النبيذ وحرموا الخمر (الصلب هو نوع من النبيذ، كانوا يعمدون إلى الرب"اللبن الرايب" الذي قد ذهب ثلثاه وبقي ثلثه، فيردون عليه من الماء قدر ما ذهب منه، ثم يتركونه حتى يغلي ويسكن جأشه ثم يشربونه. وكان عمر يشرب على طعامه الصلب، ويقول: يقطع هذا اللحم في بطوننا).
رواى عبد الرحمن بن سليمان، عن يزيد بن أبي زياد، عن عكرمة عن ابن عباس: "أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف وهو شاكٍ على بعير، ومعه محجن، كلما مر بالحجر استلمه بالمحجن، حتى إذا انقضى طوافه نزل فصلى ركعتين، ثم أتى السقاية فقال: "اسقوني من هذا". فقال له العباس" ألا نسقيك مما يصنع في البيوت؟ قال: "لا، ولكن اسقوني مما يشرب الناس". فأتي بقدح من نبيذ، فذاقه فقطب، وقال: "هلموا فصبوا فيه الماء". ثم قال: "زد فيه" مرة، أو مرتين، أو ثلاثة. ثم قال: "إذا صنع بكم هذا فاصنعوا به هكذا".
رواى يحيى بن اليمان، عن الثوري، عن منصور بن خالد، عن سعيد بن مسعود الأنصاري: أن النبي صلى الله عليه وسلم عطش وهو يطوف بالبيت، فأتي بنبيذٍ من السقاية فشمه فقطب، ثم دعا بذنوب من ماء زمزم فصب عليه وشرب، فقال له رجل: أحرام هو يا رسول الله؟ فقال: "لا".
وقال الشعبي: شرب أعرابي من إداوة عمر(أي القنينة التي يشرب منها عمر)، فانتشى، فحده عمر. وإنما ح، فحده عمر. وإنما حده للسكر لا للشراب.
حدث محمد بن داود، عن سعيد بن نصير، عن يسار، عن جعفر قال: سمعت مالك بن دينار، وسئل عن النبيذ، أحرام هو؟ فقال: انظر ثمن التمر، من أين هو، ولا تسل عن النبيذ أحلالٌ هو أم حرام؟ وعوتب سعيد بن زيد في النبيذ، فقال: أما أنا فلا أدعه حتى يكون شر عملي.وقيل لمحمد بن واسع: أتشرب النبيذ؟ قال: نعم. فقيل: وكيف تشربه؟ فقال: على غدائي وعشائي، وعند ظمئي. قيل: فما تركت منه؟ قال: التكأة ومحادثة الإخوان.قال المأمون: "اشرب النبيذ ما استبشعته، فإذا سهل عليك فدعه ". وإنما أراد به أنه يسهل على شاربه إذا أخذ في الإسكار.
وكان سفيان الثوري يشرب النبيذ الصلب الذي تحمر منه وجنتاه.
وقال بعضهم في النبيذ من جهة النظر أن الأشياء كلها مباحة إلا ما حرم الله قالوا: فلا نزيل نفس الحلال بالاختلاف، ولو كان المحللون فرقة من الناس، فكيف وهم أكثر الفرق؟ وأهل الكوفة أجمعون على التحليل، لا يختلفون فيه. وتلوا قول الله عز وجل: "قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزقٍ فجعلتم منه حراماً وحلالاً قل الله أذن لكم أم على الله تفترون".حدث إسحاق بن راهويه قال: سمعت وكيعاً يقول: "النبيذ أحل من الماء"
وأن ابن مسعودٍ قال: "شهدنا التحريم وشهدتم، وشهدنا التحليل وغبتم". وأنه كان يشرب الصلب من نبيذ الجر حتى كثرت الروايات به عنه وشهرت وأذيعت، واتبعه عليه عامة التابعين من الكوفيين، وجعلوه أعظم حججهم، وقال في ذلك شاعرهم:
من ذا يحرم ماء المزن خالطه في جوف خابيةٍ ماء العناقـيد
إني لأكره تشديد الرواة لـنـا فيه، ويعجبني قول ابن مسعود
ولم يكن أحدٌ من الكوفيين يحرم النبيذ غير عبد الله بن إدريس. وكان بذلك معيباً.وقيل لابن إدريس: من خيار أهل الكوفة؟ فقال: هؤلاء الذين يشربون النبيذ. قيل: وكيف وهم يشربون ما يحرم عندك؟ قال: ذلك مبلغهم من العلم.وكان ابن المبارك يكره شرب النبيذ، ويخالف فيه رأي المشايخ وأهل البصرة.
قال أبو بكر بن عياش: من أين جئت بهذا القول في كراهيتك النبيذ، ومخالفتك أهل بلدك؟ قال: هو شيء اخترته لنفسي قلت: فتعيب من شربه؟ قال: لا. قلت: فأنت وما اخترت.
وكان عبد الله بن داود يقول: ما هو عندي وماء الفرات إلا سواء.
حدث شبابة قال: حدثني غسان بن أبي الصباح الكوفي، عن أبي سلمة يحيى بن دينار، عن أبي المطهر الوراق قال: بينما زيد بن علي في بعض أزقة الكوفة إذ بصر به رجل من الشيعة، فدعاه إلى منزله، فأحضره طعاماً، فتسامعت به الشيعة، فدخلوا عليه حتى غص المجلس بهم، فأكملوا معه، ثم استسقى، فقيل له: أي الشراب نسقيك يا ابن رسول الله؟ قال: أصلبه أو أشده. فأتوه بعس من نبيذ فشرب، ودار العس عليهم فشربوا. ثم قالوا: يا ابن رسول الله لو حدثتنا في هذا النبيذ بحديثٍ رويته عن أبيك عن جدك، فإن العلماء يختلفون فيه؟ قال: نعم، حدثني أبي عن جدي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لتركبن طبقة بني إسرائيل حذو القذة بالقذة، والنعل بالنعل. ألا وإن الله ابتلى بني إسرائيل بنهر طالوت، أحل منه الغرفة والغرفتين، وحرم منه الري، وقد ابتلاكم بهذا النبيذ، أحل منه القليل وحرم منه الكثير".
والنبيذ كل ما نبذ في الدباء والمزفت، فاشتد حتى يسكر كثيره. وما لم يشتد فليس يسمى نبيذا، كما أنه ما لم يغل من عصير العنب حتى يشتد فليس يسمى خمراً، كمال قال الشاعر:
نبيذ إذا مر الذباب بـدنـه تقطر أو خر الذباب وقيذا
وقيل لسفيان الثوري، وقد دعا بنبيذٍ فشرب منه، ووضعه بين يديه: يا أبا عبد الله، أخشى الذباب أن يقع في النبيذ. قال: قبحه الله، إذا لم يذب عن نفسه.
وقال حفص بن غياث: كنت عند الأعمش وبين يديه نبيذ، فاستأذن عليه قومٌ من طلبة الحديث، فسترته، فقال لي: لم سترته؟ فكرهت أن أقول: لئلا يراه من يدخل، فقلت: كرهت أن يقع فيه الذباب. فقال لي: هيهات، إنه أمنع من ذلك جانباً.
ولو كان النبيذ هو الخمر التي حرمها الله في كتابه ما اختلف في تحريمه اثنان من الأمة.
حدثنا محمد بن وضاح قال: سألت سحنون، فقلت: ما تقول فيمن حلف بطلاق زوجته، إن المطبوخ من عصير العنب هو الخمر، التي حرمها الله في كتابه؟ قال: بانت زوجته منه.
أما الذين يذهبون إلى تحريمه كله ولم يفرقوا بين الخمر وبين نبيذ التمر، وبين ما طبخ وبين ما نقع، فإنهم غلوا في القول جداً، ونحلوا قوماً من أصحاب رسول الله ) البدريين، وقوماً من خيار التابعين، وأئمة من السلف المتقدمين شربوا الخمر. زينوا ذلك بأن قالوا: شربوها على التأويل. وغلطوا في ذلك، فأتهموا القوم، ولم يتهموا نظرهم، ونحلوهم الخطأ، وبرءوا أنفسهم منه.

هذا عن النبيذ فمن أشهر من شرب الخمر؟

منهم يزيد بن معاوية، وكان يقال له: يزيد الخمور، وبلغه أن مسور بن مخرمة يرميه بشرب الخمر، فكتب إلى عامله بالمدينة: أن يجلد مسوراً حد القذف، ففعل. فقال مسور:
أيشربها صرفاً بطين دنانـهـا أبو خالدٍ ويضرب الحد مسور
وممن حد في الشراب الوليد بن عقبة بن أبي معيط، أخو عثمان بن عفان لأمه. شهد أهل الكوفة عليه أنه صلى بهم الصبح ثلاث ركعات وهو سكران. ثم التفت إليهم فقال: إن شئتم زدتكم! فجلده علي بن أبي طالب بين يدي عثمان. وفيه يقول الحطيئة، وكان نديمه أبو زبيد الطائي:
شهدت الحطيئة يوم يلقى ربه أن الوليد أحق بـالـعـذر
نادى وقد تمت صـلاتـهـم ليزيدهـم خـيراً ولا يدري
ليزيدهم خيراً ولو قـبـلـوا لقرنت بين الشفع والوتـر
كبحوا عنانك إذ جريت ولـو تركوا عنانك لم تزل تجري
ومنهم عبيد الله بن عمر بن الخطاب، شرب بمصر، فحده هناك عمرو بن العاص سراً. فلما قدم إلى عمر جلده حداً آخر علانية.
ومنهم العباس بن عبد الله بن عباس، كان ممن شهر بالشراب ومنادمة الأخطل الشاعر. وفيه يقول الأخطل:
ولقد غدوت على التجار بمسمحٍ هرت عواذله هرير الأكلـب
لباس أردية الملوك تـروقـه من كل مرتقبٍ عيون الربرب
ومنهم قدامة بن مطعون، (من أصحاب رسول الله )، حده عمر بن الخطاب بشهادة علقمة الخصي وغيره، في الشراب.
وعبد الرحمن بن أرطأة وحده مروان لما كان واليا على المدينة
ومنهم عبد الرحمن بن عمر بن الخطاب المعروف بأبي شحمة، حده أبوه في الشراب، وفي أمر أنكره عليه.
ومنهم عبد الله بن عروة بن الزبير، حده هشام بن إسماعيل المخزومي في الشراب.
ومنهم عاصم بن عمر بن الخطاب، حده بعض ولاة المدينة في الشراب.
ومنهم عبد العزيز بن مروان، حده عمرو الأشدق.
وممن فضح بالشراب بلال بن أبي بردة الأشعري،
وممن شهر بالشراب عبد الرحمن بن عبد الله الثقفي، القاضي بالكوفة. وفضح بمنادمة سعد بن هبار.
ومنهم أبو محجن الثقفي، وكان مغرماً بالشراب، وقد حده سعد بن أبي وقاص في الخمر مراراً. وشهد القادسية مع سعد، وأبلى فيها بلاء حسناء. وهو القائل:
إذا مت فادفني إلى ظـل كـرمة تروي عظامي بعد موتي عروقها
ولا تدفنني بالـفـلاة فـإنـنـي أخاف إذا مامـت ألا أذوقـهـا
ثم حلف بالقادسية ألا يشرب خمراً أبداً، وأنشأ يقول
إن كانت الخمر قد عزت وقد منعت وحال من دونها الإسلام والحـرج
فقد أباكرها صهـبـاء صـافـيةً طوراً وأشربها صرفاً وأمـتـزج
وقد تقوم على رأسي مغـنـية فيها إذا رفعت من صوتها غنج
فتخفض الصوت أحياناً وترفعه كما يطن ذباب الروضة الهزج
ومنهم عبد الملك بن مروان، وكان يسمى "حمامة المسجد"، لاجتهاده في العبادة قبل الخلافة. فلما أفضت إليه الخلافة شرب الطلاء، وقال له سعيد بن المسيب: بلغني يا أمير المؤمنين أنك شربت بعدي الطلاء؟ فقال: إي والله، والدماء!
ومنهم الوليد بن يزيد، ذهب به الشراب كل مذهب حتى خلع، وقتل. وهو القائل:
خذوا ملككم لا ثبت الله ملككم ثباتاً يساوي ما حييت عقـالا
دعوا لي سلمى والنبيذ وقينة وكأساً ألا حسبي بذلك مـالا
أبالملك أرجو أن أخلد فيكـم ألا رب ملك قد أزيل فزالا
ومنهم إبراهيم بن هرمة، وكان مغرماً بالشراب، وحده عليه جماعة من عمال المدينة؛ فلما ألحوا عليه وضاق ذرعه بهم، دخل إلى المهدي بشعره الذي يقول فيه:
له لحظات عن حفافي سـريره إذا كرها فيها عقـاب ونـائل
لهم طينة بيضاء من آل هاشـم إذا اسود من لؤم التراب القبائل
إذا ما أتى شيئاً مضى كالذي أتى وإن قال إني فاعل فهو فاعـل
فأعجب المهدي بشعره، وقال له: سل حاجتك. قال: تأمر لي بكتاب إلى عامل المدينة أن لا يحدني على شراب. فقال له: ويلك، كيف نأمر بذلك؟ لو سألتني عزل عامل المدينة وتوليتك مكانه لفعلت. قال: يا أمير المؤمنين: ولو عزلت عامل المدينة ووليتني مكانه، أما كنت تعزلني أيضاً وتولي غيري؟ قال: بلى. قال: فكنت أرجع إلى سيرتي الأولى. فقال المهدي لوزرائه: ما تقولون في حاجة ابن هرمة وما عندكم فيها من التلطف؟ قالوا: يا أمير المؤمنين، إنه يطلب مالا سبيل إليه: إسقاط حد من حدود الله. قال المهدي: إن عندي له حيلةً، إذ أعيتكم الحيل فيه، اكتبوا له إلى عامل المدينة: من أتاك بابن هرمة سكران فيضرب ابن هرمة ثمانين، ويضرب الذي يأتيك به مائة. فكان ابن هرمة إذا مشى في أزقة المدينة يقول: من يشتري مائه بثمانين؟
وكان بأمج رجل يقال له: حميد، وكان مفتوناً بالخمر، فهجاه ابن عم له، وقال فيه:
حمـيد الـذي أمـــج داره أخو الخمر ذو الشيبة الأصلع
علاه المشيب على شربـهـا وكان كريماً، فـمـا ينـزع
ودخل حميد يوماً على عمر بن عبد العزيز، فقال له: من أنت؟ قال: أنا حميد. قال: "حميد الذي "؟ قال: والله يا أمير المؤمنين ما شربت مسكراً منذ عشرين سنة. فصدقه بعض جلسائه فقال له: إنما داعبناك.
ولم يرى سعيد بن المسيب فيها حدا عندما سئل إذا رأيت رجلا يشرب الخمر أبلغ عنه؟ قال إن أستطعت فغطه بردائك

قال المحللون لكل ما أسكر كثيره من النبيذ: إنما حرمت الخمر بعينها خمر العنب خاصةً بالكتاب، وهي معقولة مفهومة، لا يمتري فيها أحدٌ من المسلمين، وإنما حرمها الله تعبداً لا لعلة الإسكار كما ذكرتم، ولا لأنها رجس كما زعمتم. ولو كان ذلك كذلك لما أحلها الله للأنبياء المتقدمين، والأمم السالفين، ولا شربها نوحٌ بعد خروجه من السفينة، ولا عيسى ليلة رفع، ولا شربها أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم في صدر الإسلام.
وأما قولكم: إنها رجس، فقد صدقتم في اللفظ، وغلطتم في المعنى، إذ كنتم أردتم أنه منتنة؛ فإن الخمر ليست بمنتنة ولا قذرة، ولا وصفها أحد بنتن ولا قذر، وإنما جعلها الله رجساً بالتحريم، كما جعل الزنا فاحشة ومقتاً، أي معصية وإثماً، بالتحريم، وإنما هو جماع كجماع النكاح، وهو عن تراضٍ وبذل، كما أن النكاح عن تراضٍ وبذل. وقد يبذل في السفاح ما يبذل في النكاح، ولذلك سمى الله تبارك وتعالى المحرمات كلها خباثث. فقال تعالى: "ويحرم عليهم الخبائث ". وسمى المحللات كلها طيبات، فقال: "يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات"، وسمى كل ما جاوز أمره أو قصر عنه سرفاً، وإن اقتصد فيه. وقد ذكر الخمر فيما امتن به على عباده قبل تحريمها، فقال تعالى: "ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكراً ورزقاً حسناً". ولو أنها رجس على ما تأولتم ما جعلها الله في جنته، وسماها لذة للشاربين.وإن قلتم: إن خمر الجنة ليست كخمر الدنيا؛ لأن الله نفى عنها عيوب خمر الدنيا، فقال تعالى: "لا يصدعون عنها ولا ينزفون"، وكذلك قوله في فاكهة الجنة: "لا مقطوعةٍ ولا ممنوعة"، فنفى عنها عيوب فواكه الدنيا؛ لأنها تأتي في وقتٍ وتنقطع في وقت، ولأنها ممنوعة إلا بالثمن، ولها آفات كثيرة، وليس في فواكه الجنة آفة. وما سمعنا أحداً وصف الخمر إلا بضد ما ذكرتم من طيب النسيم، وذكاء الرائحة.
قال الأخطل:
كأنما المسك نهبى بين أرحلـنـا وقد تضوع من ناجودها الجاري
وقال آخر
فتنفست في البيت إذ مزجت كتنفس الريحان في الأنف
وقال أبو نواس:
نحن نخفيها ويأبى طيب ريحٍ فتفوح
وإنما قوله فيها "رجس" كقوله تعالى: "وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجساً إلى رجسهم". أي كفراً إلى كفرهم.
وأما منافعها التي ذكرها الله تعالى في قوله: "يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما"، فإنها كثيرةٌ لا تحصى: فمنها أنها تدر الدم، وتقوي المنة وتصفي اللون، وتبعث النشاط، وتفتق اللسان، ما أخذ منها بقدر الحاجة، ولم يجاوز المقدار. فإذا جاوز ذلك عاد نفعها ضراً.
وقال ابن قتيبة، في كتاب الأشربة: كانت الأوائل تقول: الخمر حبيبة الروح، ولذلك اشتق لها اسم من الروح فسميت راحاً، وربما سميت روحاً.
وقال إبراهيم النظام:
ما زلت آخذ روح الزق في لطفٍ وأستبيح دماً من غـير مـذبـوح
حتى انثنيت ولي روحان في جسدي والزق مطرح جسـم بـلا روح
وقد تسمى دماً لأنها تزيد في الدم. قال مسلم بن الوليد الأنصاري:
مزجنا دماً من كرمة بدمـائنـا فأظهر في الألوان منا الدم الدم
قال ابن قتيبة: وحدثني الرياشي أن عبيداً راوية الأعشى قال: سألت الأعشى عن قوله
وسلافةٍ مما تعتق بابـل كدم الذبيح سلبتها جريالها
فقال: "شربتها حمراء، وبلتها بيضاء". يريد أن حمرتها صارت دماً.
ومن منافع الخمر أنها تزيد في الهمة، وتولد الجرأة، وتهيج الأنفة، وتسخي البخيل، وتشجع الجبان. قال حسان بن ثابت:
ونشر بها فتتركنا ملوكاً وأسداً ما ينهنهنا اللقاء
وقال طرفة:
فإذا ما شربوها وانـتـشـوا وهبوا كل أمـون وطـمـر
ثم راحوا عبق المسك بـهـم يلحفون الأرض هداب الأزر
وقال مسلم بن الوليد:
تصد بنفس المرء عماً يغـمـه وتنطق بالمعروف ألسنة البخل
وقال الحسن بن هانئ:
إذا ما أتت دون اللهاة من الفتى دعا همه من صدره برحـيل
ومن تسخيتها للبخيل على البذل قول بعض المحدثين:
كساني قميصاً مرتين إذا انـتـشـى وينزعه منـي إذا كـان صـاحـيا
فلي فرحةٌ في سكره بقـمـيصـه وفي الصحو روعات تشيب النواصيا
فياليت حظي من سروري وترحتـي ومـن جـوده ألا عـلـي ولا لـيا
قالوا: ولولا أن الله تعالى حرم الخمر في كتابه لكانت سيدة الأشربة.
وما ظنك بشراب الشربة الثانية منه أطيب من الأولى، والثالثة أطيب من الثانية، حتى يؤديك إلى أرفق الأشياء وهو النوم. وكل شراب سواها فالشربة الأولى أطيب من الثانية، والثانية أطيب من الثالثة حتى تمله وتكرهه.
وسقى قومٌ أعرابياً كؤوساً، ثم قالوا: كيف تجدك؟ قال أجدني أبشر وأجدكم تحببون إلي.
وقالوا: ما حرم الله شيئاً إلا عوضنا ما هو خير منه أو مثله، وقد جعل الله النبيذ عوضاً عن الخمر نأخذ منه ما يطيب النفس، ويصفي اللون، ويهضم الطعام، ولا نبلغ منه إلى ما يذهب العقل، ويصدع الرأس، ويغثي النفس، ويشرك الخمر في آفاتها وعظيم جناياتها.
قالوا: وأما قولكم: إن الخمر كل ما خمر، والنبيذ كله يخمر، فهو خمر -فإن الأسماء قد تتشاكل في بعض المعاني، فتسمى ببعضها لعلةٍ فيها، وهي في آخر ولا يطلق ذلك الاسم على الآخر. ألا ترى أن اللبن قد يخمرونه بروبةٍ تلقى فيه ولا يسمى خمراً، وأن العجين قد يخمر فيسمى خميراً ولا يسمى خمراً، وأن نقيع التمر يسمى سكراً لإسكاره ولا يسمى غيره من النبيذ سكراً وإن كان مسكراً. وهذا أكثر في كلام العرب من أن يحاط به.
ورائب اللبن يسكر إسكاراً كسكر النبيذ. ويقال: قوم ملبونون، وقوم روبى، إذا شربوا الرائب فسكروا منه. وقال بشر بن أبي حازم:
فأما تميم تميم بـن مـرٍ فألفاهم القوم روبي نياما
وأما قولكم للرجل: مخمور، وبه خمار، إذا أصابه صداع من الخمر، وقد يقال مثل ذلك لمن أصابه صداع من النبيذ، فيقال: به خمار، ولا يقال به نباذ- فإن حجتنا في ذلك أن الخمار إنما يعرض مما أسكر من النبيذ، وذلك حرام لا فرق بينه وبين الخمر عندنا، فيقال فيه ما يقال في الخمر. وإنما كان شربة النبيذ من أسلافنا يشربون منه اليسير على الغداء والعشاء ومما لا يعرض منه خمار.
وأخيرا لي كلمة هذا ما وجدته في كتب أهل السنة والشيعة على السواء أباحوا النبيذ وحللوه وهو نوع من الخمر وحرموا الخمر ، وأنا لا أصدق هذه الروايات كما لا أكذبها وهذه الروايات هي عبارة عن قصص تاريخي وأحداث تاريخية تحتمل الصدق والكذب و توجد روايات أخرى تخالفها وتحرم كل الخمر ومن ذلك ما نسبوه للرسول من أن ما كثيره مسكر فقليله حرام ولكن كما قالوا كثرة الروايات يعضد بعضها بعض ويصحح بعضها بعض فأنظر قالوا شرب الرسول النبيذ وخففه وشربه مرة أخرى وذلك في حجة الوداع فلا تحريم بعدها ثم عمر بن الخطاب نفسه يشرب الخمر مع طعامة ويقول يقطع اللحم في أمعائنا وعبد الله بن مسعود ومن وافقه من أهل الكوفة يشربون وسفيان الثوري وغيرهم هذا عند السنة وعند الشيعة فهذا زيد بن علي بن أبي طالب يشرب النبيذ ويتسامر مع شيعته ويعتبرونه مثل نهر طالوت ويتفق الطرفان على أن السكر به حرام وقد أقام عمر الحد على من شرب النبيذ من إناء عمر نفسه وقيل حده للسكر لا للشرب
فلماذا إذا لا نفسر قوله تعالى في سورة المائدة93 وقوله تعالى في سورة الانعام 145 على أن المحرم هو السكر فقط دون الشرب؟
ويحمل لفظ الخمر في النهي والاجتناب على أنه السكر لآن الخمر أخذت من الخمار وهو كل ما يغطي العقل ويحجبه أي يغيبه فلو لم يصل الشرب إلي حد التغييب فلا تحريم
وأخيرا الأخوة الأفاضل لو أردتم الوقوف عند هذا الحد فسأحترم رغبتكم وإذا أردتم إستكمال الحوار بنفس المستوى من أدب الحوار والمخاطبة وإحترام الرأي والرأي الآخر فبها ونعم وندعوا الله أن يرنا الحق حقا ويوفقنا لإتباعة
أخوكم شريف هادي
المراجع:
1- العقد الفريد لابن عبد ربه الأندلسي
2- كتاب الأشربة لابن قتيبة
3- أسد الغابة في معرفة الصحابة
4- ضرغام البطيخ خان – الخمر في الاسلام
5- الخمر والنبيذ في الاسلام لليمني على المقري
اجمالي القراءات 163416