الف مبروك يا شعب مصر بما فعله شبا

على السعيدى في السبت ١٢ - فبراير - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

الف مبروك يا شعب مصر بما فعله شبابكم

الف مبروك يا شعب مصر بما فعله شبابكم . الف مبروك يا أهل الخير المناصرين للحق في كل مكان. إن ما تحقق في تونس , ومصر خاصة بقدر تفردها بهول وعظم الكابوس الجاثم على صدور شعبها , والذي تجاوز مصر بأثره في الثقل وكتم الأنفاس إلى شعوب الأمة العربية بمختلف أقطارها , هو (إنشاء الله) نصراً للحقليس لمصر وحدها , وإنما هو لكل شعوب الخير في العالم.

الحقالذي طالما عمل الشيطان على طمسه واستبداله بالباطل عندما استخدم (حسني مباررك) وأمثاله من الطغاة والديكتاتوريون وأعوانهم عبر مختلف الأماكن والأزمان ليكونوا الطرف الثاني مع الشيطان الرجيم كطرف أول في الاتفاق والمعاهدة المبرمة بينهما لمحاربة الله والحق المنزل من عنده لضمان سعادة البشرية في حياتهم الدنيا والآخرة.

 المعاهدة التي قضت بأن على الطرف الثاني (الحكام وأبواقهم) القيام بكل طاقتهم وجهودهم على تظليل رعاياهم عن الحق وإيصالهم إلى جهنم. وذلك مقابل قيام الطرف الأول (الشيطان) بمدهم وتزويدهم بكل أمور المكر والدهاء السياسي من خلال وحيه بالباطل إليهم لتحريف الحق وتفريق الأمة الواحدة إلى أمم وأديان ومذاهب متناحرة لينشغلوا في إطاها بأنفسهم تاركين لهم المجال لاستغلال ونهب ثروات ومقدرات البلاد والعباد والاستئثار بها دون أن ينتبه رعاياهم الذين حصروا بإطار من الخلاف والصراع الفكري المصنوع فيهم عنوة لتخديرهم وتغييبهم عن واقعهم المعاش.

اللهم فيما ندر منهم من الأفراد الصالحين الذين بتحررهم من غيبوبة الخلافات والصراعات الفكرية منحهم الله الرؤية النافذة ليروا من وراء الأسوار والغيوم المصنوعة حولهم ما لا يراه عامة الناس من الأمور على حقيقتها.

لذا نجد المجاهدون منهم يصطدمون مع الحكام وأبواقهم ويلقون منهم كل أنواع المصائب والأذى فإن سكنوا وتراجعوا عن الجهر بالحق حبط عملهم , كان مصيرهم في جهنم , وإن استمروا في جهادهم من داخل بلدهم أو هاجروا في أرض الله ليس هروباً وإنما ليوصلوا نضالهم وجهادهم من مواطن هجرتهم , كان مصيرهم الجنة (انشأ الله) لما يحدثونه في نفوس الناس بالحق من تغيير إحياءً للنفوس الميته التي قتلت بالمفاهيم والمعتقدات الباطلة.

{ إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيراً [النساء : 97] }

{ قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ [الزمر : 10] }

ولن يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ويتحرروا من أسر تعصبهم لعقائدهم وأفكارهم الباطلة ويكونوا مؤمنين يتعايشوا فيما بينهم بالخير والإحسان بغض النظر عن خلافاتهم الفكرية والعقائدية. ( وأقول والله والله والله العظيم) أن النصر بالحق لا يكون ولا يمكن أن يحدث إلا بمقدار ما قد حدث في نفوس الشعوب من تغيير بشأن ضغائن وأحقاد تعصباتهم العقائدية وما يترتب عليها مما يقترفونه من أعمال السوء فيما بينهم , وبمقدار التغير الحاصل في نفوسهم إلى الحق يمنحهم الله العزم ورباطة الجأش لمواجهة الظالم الجاثم فوقهم والانتصار عليه.

إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً وَانتَصَرُوا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ [الشعراء : 227]

 

فإذا كان الله قد (أمر) منذ بداية الخليقة بالعذاب والخزي على من كذب بالحق واتبع الباطل { كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ (25) فَأَذَاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ [الزمر] } فإنه يرسل معقبات (على من يصدع بالحق ويحدث به تغييراً في نفسه وغيره) ليحفظوه من أمر الله المقضي به عليهم.

سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ (10) لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ [الرعد : 11]

 

ونسأل الله أن يبصرنا بالحق ويوفقنا للعمل به ويثبتنا بالقول الثابت في الدنيا والآخرة حتى لا ننتكس بتغيير ما في نفوسنا إلى الباطل ما عاذ الله (لأن الشيطان لا يكل ولا يمل ولن نأمن مكره) فتنقلب النعمة إلى نقمة وتذهب الجهود والتضحيات سدى.

ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [الأنفال : 53]

 

فلنحافظ على ما تحقق من النصر بالحق

والف الف مبروك

علي السعيدي

اجمالي القراءات 8633