الدولة المدنية ثم الدولة المدنية

مدحت قلادة في الخميس ١٠ - فبراير - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

الدولة المدنية ثم الدولة المدنية

 

نوهت في مقالي السابق "هل تُسرق ثورة شباب مصر؟!" لأن الثورة مصرية مائة بالمائة ضد نظام أدمن الأسلوب الإستعماري "فرق تسد" ففرق بين المصريين بسبب الدين والمذهب والمكانة الإجتماعية.. وأن تلك الثورة لها أب روحي وقائد هام هو شباب مصر وليست الأحزاب السياسية أو الجماعات الدينية بل شباب مصر الصاعد.

بدليل خروج الج&atidil;لجماعات الدينية في اليوم الثالث بعد إنهاك واستنزاف قوى جهاز الأمن المصري، خرجت الجماعات الدينية محاولة حصد أعمال شباب مصر المجيدة وجاء تصريح المرشد الإيراني خامنئي ليصدم جموع المصريين معلناً أنها ثورة إسلامية معتقداً أن شباب مصر يعيشون في العصور السحيقة بعيداً عن الحقيقة المعروفة للجميع أن الثورة الإسلامية بإيران هي صورة أشد إستبداداً ودموية من النظام العسكري المصري فالنظام الإستبدادي يستمد شرعيته من القوى الغاشمة... والنظام الديني يستمد قوته من الأيديولوجية الدينية... وهنا يكمن الخطر فنظام ملالي إيران تجاهل كون شباب مصر نجح في إستقطاب كل التيارات والطوائف لرفع اسم مصر عالياً.

والآن ارتفع صوت التيار الديني وجلس مع كل التيارات لوضع حل للخروج من الأزمة الحالية وطبيعي أن يجلس كل شركاء الوطن والقوى السياسية لبحث كافة الطرق المؤدية لرحيل النظام وعدم المساس بمكاسب شباب مصر الواعي، وشارك الأخوان وخرجوا بعدد من البيانات أهمها أنهم غير مستعدين لحكم مصر؟! وأنهم يسعون للإصلاح الاجتماعي و... كلمات وبيانات عديدة تصدر من الجماعات الدينية ربما لتسكين شباب مصر أو من مبدأ التقية لحين تمكنهم من السيطرة على مصر والحق يقال أن عدد كبير جداً من المتابعين لحركات الإسلام السياسي في العالم سيجدون أن الدخول في نفق الدولة الدينية يهدم كل المكاسب الحقيقية ويرجع بمصر إلى القرون الوسطى بل والمنطقة كلها بحكم ريادة مصر في المنطقة.

والسؤال الآن هل يؤمن الأخوان بالدستور المدني وهل يشتركون في الحلبة السياسية وفق قواعد الدولة المدنية؟ وهل يتركون أحلامهم في إقامة الدولة الدينية الأكثر ديكتاتورية من حكم العسكر؟ وهل يحل الأخوان جهازهم السري؟ وهل يثبتوا للعالم ولمصر انفصالهم عن أعمال القتل والتصفية؟ أم أنها مرحلة من مراحل كفاحهم لإقامة الدولة الدينية؟ مثلما فعل حسن البنا عام 1948 ورشح نفسه في الإنتخابات التشريعية ولكنه انسحب بعد وعد من النحاس باشا بفتح فروع للأخوان في كل محافظات مصر ورشح نفسه بعد ذلك.. ولم ينجح وحاولوا العودة للسلطة بمحاولة اغتيال عبد الناصر عم 1954 بيد الأخواني محمود عبد اللطيف مما دفع عبد الناصر لإعدام قاداتهم وعلى رأسهم عبد القادر عودة وسيد قطب وآخرون.

إن الحل لإنقاذ مصر من تقية الجماعات الدينية أو أصحاب الإنتهازية الدينية لا يتوقف على ترقيع الدستور الحالي بل العمل على إعداد دستور جديد دستور ينص صراحة على مدنية الدولة وديموقراطيتها أيضاً شعار الديموقراطية شعار ناقص غير كامل الأهلية، ففرنسا ودول العالم الغربي ينص دستورها على مدنية الدولة وليست بالديموقراطية وحدها تحيا الشعوب الغربية بل بنصوص واضحة صريحة لإقامة دولة مدنية ونظام ديموقراطي.

فحماس وبحور الدماء التى اهدروها من اعضاء وقادة فتح وإلقاء طباخ عرفات من الدور السادس عشر تم بإسم الديموقراطية وصناديق الانتخابات الغير مبصره، لذا فتصفية أعضاء منظمة فتح بقطاع غزة أيضاً تم بإسم الديموقراطية وصناديق الانتخابات والدولة الدينية، وفرض الزي الإسلامي على كل سكان قطاع غزة في دولة حماس الإخوانية، وجلد الشابة السودانية في ميدان عام لإرتدائها الجينز أيضاً حدث في الدولة الدينية.

أخيراً إن شباب مصر وجيش مصر درع أمان لها للحد من خطورة الدولة الدينية المفرقة بين مواطنيها " مؤمن كافر ذمى ... " لذا ان وجود دستور قوي واضح المعالم خالي من التناقض مؤكداً على مدنية الدولة قادراً على حماية الديموقراطية من الشطط والإنحراف بمصر ومستقبلها بإسم الدين.

نداء لكل شباب مصر الصادق الواعد.. نداء لكل مصري محب لمصر.. نداء للجنة الحكماء.. هناك ضرورة ملحة لإعطاء أولوية لعمل دستور جديد يحقق أولويات المرحلة التاريخية ويحفظ مكاسب شباب مصر وقبل كل شيء فهو يحقق الأمان لمصر وشعبها الطيب المستحق حياة افضل ومستقبل مشرق.

اجمالي القراءات 10599