بالأمس كنا و اليوم فقدنا الريادة

شادي طلعت في السبت ١٥ - يناير - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

ماذا كانت تعني كلمة مصر ؟

كانت تعني الكثير .. الأرض الطيبة و أم ادنيا و أطيب شعب ، و أرض الكنانة و معاني أخرى كثيرة كانت تنعت بها مصر ، و لكنها الآن بعيدة عن الواقع و الحقيقة ، فبالأمس كنا نحن منبع الثورات و مصدر الحريات ، بالأمس قادت مصر أفريقيا و العالم العربي نحو التحرر من الإستعمار ، بالأمس كنا مدرسة في التسامح بين الأديان ، بالأمس كانت القاهرة من أجمل خمس مدن على مستوى العالم ، بالأمس كنا دولة ليبرالية ، بالأمس كنا قلعة النور للعرب ، بالأمس كنا أشياء كثيرة .

و اليوم لا يوجد مكان لنا فلا نحن في مصاف الدول المتقدمة و لا نحن في مصاف الدول النامية ، و أصبحنا في مصاف الدول الغير شفافة ، مصاف الدول الفاسدة ، مصاف الدول المحزن حالها .

فقدنا أكثر من 1100 قتيل في العبارة السلام 98 ، فقدنا 8 مصرين في عيد الميلاد المجيد 2010 ، فقدنا ما يزيد عن 20 مصرياً في ليلة رأس السنة 2011 ، فقدنا شهيد يدعى خالد سعيد ، فقدنا الكثير و لا زلنا نفتقد ! يموت منا في اليوم الواحد العشرات من جوع و فقر و تعذيب !

نعيش في غلاء دائم و ما من مستجيب أو مستمع لمطالب المصريين ، لقد أصبح منا كثيرين يعيشون على القمامة ! بل و يتنازعون على طعام القمامة ! بل و يتقاتلون على طعام القمامة !

نعيش في ظل ظروف معيشية صعبة في ظل أزمة المساكن ، و أصبح منا من يسكن في القبور و أصبح منا من يسكن على الأرصفة و يبيتون في الشوارع ، أصبحت المساكن للميسورين و العشش و الأرصفة للأغلبية من المصريين .

نشرب من مياه لا تصلح للإستخدام الحيواني ، مياه لو شرب منها الأجانب لنقلوا إلى المستشفيات من جراء ما سيتعرضون إليه من تسمم و إصابات لا متناهية من الفيروسات .

نأكل أطعمة مسرطنة مليئة بالفطريات و الفيروسات ، و أصبح منا من لا يأكل اللحوم إلا إذا كانت من أموال الزكاة ، و يأكلها من العيد إلى العيد هذا إن إستطاع أن يحصل عليها من أموال الزكاة !

إذا مرض أحدنا لا يجد الدواء و لا يجد الأطباء ، حنى و إن وجد أحدهما فإنه قد لا يسلم من أن يكون الدواء منتهياً صلاحيته و لا يضمن ولاء الأطباء للقسم الذي أقسموا عليه ، بسبب ضغوط نفسية ولدت لدى الأطباء إحباط و عدم الشعور الإنساني تجاه أي إنسان .

أصبحت إحتياجات المصريين لا تقضى في المصالح الحكومية إلا بعد دفع الرشاوى ، و من لا يدفع الرشاوى لا تقضى مصالحه و من يعترض و يشكو للمسؤلين يجد اللوم يقع عليه و يطالبه المسؤلين بدفع الرشاوى !

أصبحنا لا نقدر على شراء الملابس الجميلة إذ أن أسعارها لم تعد في متناول الفرد العادي ، أصبحت ملابس المصريين رديئة الصنع و المنظر .

أصبحت وجوه المصريين مليئة بالكآبة و الحزن العميق ، بعد أن كنا شعب الفكاهة ! أصبحنا نقول "اللهم إجعله خيراً" إذا ما ضحكنا ليقين لدينا بأن المستقبل مظلم و عاتم الظلمة !

أصبحنا نستخدم وسائل مواصلات لا تصلح لنقل الحيوانات ، في ظل غياب إدارة لا تهتم بأبسط الأشياء ! أصبحنا نتزاحم على آلات من صنع الخمسينات و الستينات يسميها المسؤلين سيارات للمواصلات !

أصبحت نساؤنا تتعرض للتحرش الجنسي كل يوم مرات و مرات في ظل زحام  غير آدمي و غير منظم ، و كبت جنسي لدى الرجال نتيجة عدم القدرة على الزواج !

إنتشرت بيننا مظاهر لا أخلاقية و سرقة و فساد و إنحلال ، بينما بيننا عائلات مقربة من الرئيس تنعم بما لا ينعم به أثرى أثرياء العالم !

مع كل ما ذكرت لا زلنا نحمد بإسم الرئيس ، و شعب تونس ثار ثورة عارمة من أجل فرد قرر الإنتحار .

في النهاية .. لا أدري ماذا أقول فـ لله الأمر من قبل و من بعد .

شادي طلعت

اجمالي القراءات 8695