ماذا لو أتى شخص من خارج هذا الكوكب؟!..
ماذا لو أتى شخص من خارج هذا الكوكب؟!..

رمضان عبد الرحمن في الإثنين ١٠ - يناير - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

ماذا لو أتى شخص من خارج هذا الكوكب؟!..

 

 

 

 

 

اعتقد لو أتى شخص من خارج هذا الكوكب وشاهد ما يحدث في العالم سيحكم على سكان العالم أجمعهم بالجنون ويقر أن فيهم جميع الأمراض المستعصية والتي يصعب العلاج منها، لسبب بسيط جدا وهو أنه بينما يمر العالم بالأزمة الاقتصادية الطاحنة لم تتهاون معظم دول العالم بالإنفاق المفرط ودون حساب على الرياضة والفن وتقيم لها مهرجانات ومنشآت تكلف العالم مليارات المليارات.

هنا بداية الجنون، أما أجور الرياضيين والفنانين في معظم دول العالم بما يحصلوا عليه من أرقام فلكية من الأموال، وعلى النقيض في هذه الدول يوجد بها أفراد لا يمتلكون ثمن رغيف الخبز، ونحن لسنا ضد الرياضة ولا ضد الفن ولكن ماذا لو أصبح الفنان أو الرياضي يعمل بأجر محترم ويؤمن له معيشة تكفيه وتكفي أولاده؟!.. وتتكفل الدولة بذلك، مثل ما تتكفل الدولة بملايين الأشخاص الذين يعملون في وظائف مختلفة، وقد يقول قائل ربما يرفض الفنانين والرياضيين العمل بهذا الشكل، أقول أذن الموضوع ليس موضوع فن أو رياضة، ولكن موضوع تجارة واستغلال ونهب ثروات الشعوب، وقد يقول قائل آخر أن معظم الرياضة والفن هم قطاع خاص، أقول هل القطاع الخاص هذا هو من كوكب آخر أم من نفس الدولة؟!.. ومن أين يأتي القطاع الخاص بهذه الملايين والمليارات إلا من الشعوب؟!.. أو بمعنى أدق من دم الشعوب، وأن نهب الأموال ليس به قطاع خاص أو عام ففي النهاية سوف يصبح من الدولة، ومن غير المقبول والمعقول بل من الغباء من معظم دول العالم أن تنفق الدول الملايين والمليارات على قطاعين في الدولة ولا تستفيد من ذلك إلا قلة قليلة من الناس في كل دولة من هذا، أما الأمراض المستعصية والتي نبحث لها عن علاج لكي نعالج بها الإمراض المنتشرة في معظم دول العالم أيضا؛ مرض التسلح وسباق التسلح بين الدول، وذلك أيضاً على حساب الشعوب ومن دم الشعوب، إذ ينفق على التسلح مئات المليارات سنوياً، ويوجد في تلك الدول ملايين من البشر أيضا يعيشون على الهامش، إذا تعرفوا على الهامش أصلاً، علماً أن الدولة التي تصبح من أقوى دول العالم من ناحية التقدم والتسلح وتتجاهل حقوق الشعب لديها من السهل أن تهزم وأن التاريخ القديم والحديث اثبت ذلك، بمعنى أنه بسبب ضياع حقوق الأغلبية في أي دولة انتهت دول وحضارات وإمبراطوريات بلا رجعة، وان القوة الحقيقية وبقاء أي دولة لا يمكن أن يستمر إلا بأبناء هذه الدولة، بمعنى أن يشعر الفرد أنه ليس مستغل من أجل فرد آخر، أما إذا كان الواقع غير ذلك وتستغل الأغلبية من أجل الأقلية تكون هذه الدولة قد دخلت في مرحلة نهايتها بسب الهبل والجنون والإمراض النفسية والمستعصية، وبسبب الأقلية المريضة في هذه الدولة، وبدون الأغلبية لا وجود لأي دولة ولا وجود للأقلية أيضاً.

الأغرب من كل ذلك أن أغلب الرياضيين والفنانين والسياسيين ورجال الأعمال والذين يمتصون دماء الشعوب ويصعدون على جثث الناس ويحققون ثروات طائلة لم يخجلوا من أنفسهم حين يتبرع أي شخص ما من هؤلاء ويقولون (سوف أتبرع من مالي الخاص إلى الفقراء) وينسون جميعاً أنهم هم من أكلوا حقوق الفقراء، ولا ننسى أن انتشار الإرهاب والقتل في العالم في العقود الأربعة الماضية كان السبب الرئيسي بذلك هو الفقر والبطالة وقلة فرص العمل، وهذا ما يسهل تجنيد الشباب البائس في صفوف الإرهاب، هؤلاء الشباب الذين فقدوا الأمل في الوظيفة وفي المستقبل فيسعون إلى الموت وقتل الآخرين، أفضل من أن يعيش في الفقر والاستبداد، ولو أحصينا الذين يقومون بأعمال قتل وإرهاب في العالم والذين قد تم تغير عقولهم بعقول أخرى سوف نجد أن الأغلبية منهم خرجوا من بيئة من قاع المحيط، وهذا ما يسهل تجنيدهم من قبل الإرهابيين الكبار الذين يستقطبون الفقراء في هذه المهمات الحقيرة، والسبب معروف وهو الفقر، أي أن الفقراء هم من يدفعون الثمن في كل شيء.

الخلاصة، لا يمكن أن تتخلص دول العالم من الإرهاب وفكر الإرهاب إلا بالقضاء على الجوع والفقر، هذا هو اقرب شيء إلى أمن الدول والناس معاً، وعلى مر التاريخ لم يتحقق الأمن إلا بالعدل والأخلاق، أما الظلم والاستبداد لم يحقق غير الخوف وعدم الأمان في كل مكان.

اجمالي القراءات 10559