لكل نفس بشرية جسدان (10 ) العهد الأزلى والفطرة ولقاء الله عز وجلّ

آحمد صبحي منصور في الأحد ٢٨ - نوفمبر - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

 أولا : العهد الأزلى  

 1ـ خلق الله سبحانه وتعالى النفوس البشرية جميعاً في وقت واحد، ومن نفس واحدة ، انبثقت عنها النفس التالية ( حواء ) ثم أنفس كل ابناء آدم وحواء ،: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا) . هذا قبل خلق الجسد ، ثم بعدها خلق الله جل وعلا أدم فحواء ، ثم حدث تناسل أبناء آدم :( وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء )( النساء 1) .

بخلق الأنفس أخذ الله جل وعلا علي&arinte;ها الع&arte;هد والميثاق أن تعبده وحده لا شريك له، وأشهدهم على أنفسهم بهذا العهد والميثاق، وحذرهم مقدماً من يوم القيامة من أن يقابلوه في "لقاء الله" وقد نسوا وخانوا ذلك العهد، ويعتذرون له تعالى بأنهم كانوا غافلين، أو أنهم اتبعوا الثوابت وما وجدوا عليه آباءهم. وفي ذلك يقول تعالى (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ ) الأعراف : 172، 173 ".

2 ـ وبعد ذلك العهد والميثاق للأنفس جميعاً يأتي موعد كل نفس لتدخل الجسد الإنساني حين ينتفض الجنين داخل الرحم ويصبح ذاتاً إنسانية. لا تلبث أن تخرج طفلاً يسير في المنحنى المقدر له من ضعف ثم قوة ثم ضعف ثم موت، أو قد يموت قبل أو أثناء ذلك. ولكن في كل الأحوال يتحتم عليه أن يعيش عمره المحدد ويأكل رزقه المحدد وينال المصائب المكتوبة له سلفاً من قبل خلق الأرض ، ثم يموت في الوقت المحدد والمكان المحدد. وخلال تلك الحتميات الأربع يكون حراً في شيء واحد هو تمسكه أو عدم تمسكه بالعهد والميثاق. هل أخلص لله تعالى إيمانه وعبادته أم أشرك بالله تعالى وغفل عن ذلك كله وعصى الخالق جل وعلا؟ وعلى هذا الأساس يحدد الإنسان بنفسه مستقبله في الآخرة.؛ بإرادته يدخل الجنة حيث لا يضيع الله تعالى أجر من أحسن عملاً، وبإرادته يدخل النار حيث قرر رب العزة أن من يعمل سوءاً يلق الجزاء سوءاً.

ثانيا : الفطرة

1ـ ولكن مهما بلغ طغيان الانسان وكفره فلا يمكن أن يلغى أويبدل الفطرة التى فطره عليها ، أو ( الخلق ) الذى على أساسه أوجد الله جل وعلا النفس البشرية ، أى ذلك العهد الأزلى الكامن داخل كل نفس .

يولد الانسان ومعه أسئلة جوهرية عن أسباب وجوده يتوجه بها فى طفولته الى والديه ومن حوله ، فالنفس لا تزال نقية برئية طازجة لم يطغ عليها جسدها بعد ولم يرهقها بنزواته وغرائزه . ثم لا يلبث الجسد أن ينمو ويتطور وتلتهب غرائزه وتتعقد مطالبه وشهواته وتتعدد صراعاته فينسى تلك الأسئلة عن الخلق والخالق والعالم و ما بعده ويغفل عن الحكمة من خلقه ووجوده فى هذا العالم.

تظل تلك الأسئلة مجال بحث الفلاسفة والحكماء يختلفون فيها ، أما الانسان العادى فقد غفل عن أسباب وجوده والحكمة من خلقه وخلق العالم ، ويظل ناسيا ذلك العهد الأول الأزلى ، أو الفطرة ، إلى أن تنبهه مصيبة تهدد جسده بالغرق او المرض او الموت ، وبضعف الجسد وتعرضه للهلاك تضعف سيطرته على النفس فتسرع النفس تتذكر عهدها الأول والأزلى مع الله جل وعلا ، فيصرخ صاحبها عند المصيبة وتوقع الهلاك تائبا مستغفرا طالبا من ربه النجاة ، وبعد أن ينجو ويستعيد جسده قوته وسيطرته ينسى ما كان ويعود الى غفلته .

عن موقف الانسان عند المرض يقول جل وعلا : (  وَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِن قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَادًا لِّيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ) ( الزمر 8 )، ( فَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِّنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ )( الزمر 49 )

وعن موقفه عند التعرض للغرق يقول جل وعلا :(وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الإِنسَانُ كَفُورًا أَفَأَمِنتُمْ أَن يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ وَكِيلاً أَمْ أَمِنتُمْ أَن يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفاً مِّنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُم بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا ) ( الاسراء 67 : 69 )

وعن الموقفين معا يقول جل وعلا :( وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِّن بَعْدِ ضَرَّاء مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُم مَّكْرٌ فِي آيَاتِنَا قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُواْ بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُاْ اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنِّ مِنَ الشَّاكِرِينَ فَلَمَّا أَنجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُم مَّتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) ( يونس 21 : 23 )

وأفظع الناس كفرا وبغيا وطغيانا ـ فيما نعلم ـ هو فرعون موسى الذى أعلن الربوبية وسخر من رب العزة ، ومع ذلك فحينما أدركه الغرق تذكر فطرته ، وأعلن اسلامه فى الوقت الضائع حيث لا تجدى التوبة ولا تنفع :(وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ ) ( يونس 90 : 92).

2ـ  فرعون لم يستطع محو الفطرة التى فى داخله ، أو لم يستطع تبديلها . هو استطاع فقط تغييرها ، فتحولت عقيدته من الايمان الخالص بالله جل وعلا الى اتخاذ آلهة مع الله ووسائط تقربه الى الله ، إذ كان فرعون يؤمن بالله بالرغم من جحوده : (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا  ) ( النمل  14)، ويؤمن أن لله جل وعلا ملائكة ، ففرعون يقول مستهزئا بموسى : (  فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ )( الزخرف 53 ).

وعند المصائب التى عاقبهم الله جل وعلا بها كان فرعون وقومه يفزعون الى موسى تائبين ، وبعد أن ينجيهم الله منها يعودون للعناد والجحود ، وهكذا ،الى أن جاءهم الغرق الذى لا فرار منه ولا توبة فيه : (وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّن الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُواْ لَنَا هَذِهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُواْ بِمُوسَى وَمَن مَّعَهُ أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ وَقَالُواْ مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِن آيَةٍ لِّتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلاتٍ فَاسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْمًا مُّجْرِمِينَ وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُواْ يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ لَئِن كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُم بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ ) ( الأعراف 130 : 136 ).

3 ـ كان لدى فرعون إيمان ضئيل لا يجدى ولا ينفع ، والكفر مهما بلغ ضلاله فلا يخلو من إيمان قليل يستحق صاحبه اللعنة (وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً ) (بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً )( النساء46 ،  155 )، وهذا الايمان القليل لا يجدى يوم القيامة ولا يمكن ان يصلح به صاحبه دخول الجنة : ( قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلا هُمْ يُنظَرُونَ) (السجدة 29  ).

إن الكفر فى اللغة العربية يعنى التغطية, أى كفر بمعنى غطى , ومثلها أيضا " غفر" ومنه المغفر الذى يغطى الوجه فى الحرب. وكلمة "كفر" أى غطى انتقلت الى لغات أخرى منها الأنجليزية : [Cover]. والله تعالى وصف المزارعين بالكفار, فالزارع كان يطلق عليه فى اللغة العربية "كافر" لأنه " يكفر الزرع " اى يغطيه بالتراب والماء لينمو. وجاء هذا المعنى فى القرآن الكريم ( 57 / 20 ).
لقد خلق الله تعالى البشر بفطرة نقية لا تعرف تقديسا الا لله تعالى ولا تعرف غيره جل وعلا ربا والاها و معبودا ووليا وشفيعا ونصيرا  ، ثم تأتى البيئة الأجتماعية وموروثاتها الدينية فتغطى تلك الفطرة النقية بالاعتقاد فى آلهة وأولياء و شفعاء ينسبونهم الى الله تعالى زورا ، ويزعمون أنها تقربهم الى الله تعالي زلفا أو أنها واسطة تشفع لديه. ذلك الغطاء او تلك التغطية هى الكفر بالمعنى الدينى . و فى نفس الوقت فان ذلك هو أيضا شرك لأنه حول الألوهية الى شركة وجعل لله تعالى شركاء فى ملكه ودينه.
 والله تعالى لا يأبه بذلك الايمان القليل لأنه " كفر" أى غطى الفطرة بتقديس غير الله . والفطرة كما جاء فى القرآن الكريم تجعل الالوهية لله وحده . يقول جل وعلا :(فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ)   ( الروم 30 : 34 )

4 ـ وقوله جل وعلا:(فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ) يعنى ان الفطرة التى فطر الناس عليها هى الحنيفية أى ( لا اله إلا الله )، وأنه جل وعلا حكم أنه (لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ )، أى لا يمكن تبديل فطرة الله اى تغييرها بنسبة مائة فى المائة ، أى لا يمكن تبديل تلك الفطرة التوحيدية الى إنكار لوجود الله جل وعلا ، وفرعون نفسه لم يستطع إنكار الالوهية ، ولا يستطيع ذلك أى بشر مهما بلغ كفره وعتوه ، كل ما هناك أنه يقوم بتغيير جزئى فى الفطرة بأن يؤمن بالله ولكن يجعل شركاء لله جل وعلا فى الالوهية. وسبق أن الكفر يعنى التغطية على الفطرة ، ويحوّل الايمان الكامل الخالص بالله جل وعلا الى ايمان قليل بالله جل وعلا وايمان كثير بغيره من الأولياء والآلهة المزعومة .

والمستفاد أنه ( لا تبديل للفطرة أو لخلق الله )، ولكن يوجد (تغيير ) لها يتحول به الايمان الخالص بالله وحده الى ايمان قليل ضئيل لا يقبله رب العزة.

5 ـ والفاعل الحقيقى للضلال هو الشيطان ، ولكنه لا يستطيع تبديل الفطرة أو تبديل خلق الله ، ولهذا فإنه ـ إبليس ـ أعلن من البداية حدود إمكاناته فى الاضلال ، وقد قال ابليس لربه جل وعلا بعد صدور الأمر الالهى بطرده :(لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ) ( النساء 118 : 119 )،أى إن تغيير الفطرة ( فطرة الله ) أو (خلق الله ) هو أقصى ما يستطيعه ابليس فى الاضلال .

وهو ينجح فى ذلك عن طريقين :

ـ الوحى الشيطانى (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً) (الأنعام 112 ـ )،

ـ وتقديس البشر والحجر (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )( المائدة 90 )، وبهما معا تتسع دائرة الالوهية فيعبد الناس الأنبياء والصالحين والمجرمين والطغاة والمستبدين والعلماء والبقر والشجر والحجر، ويجعلونهم شركاء لله جل وعلا فى الالوهية.

ومع ذلك تظل بذرة الفطرة كامنة داخل النفس حجة على صاحبها ، يتذكرها إذا حاقت به كارثة ، ثم يعود ينساها بعد نجاته،ثم يتذكرها للمرة الأخيرة عند الاحتضار فيصرخ مستغيثا بربه يرجو الرجوع للحياة ليصلح ما فات ، ولكن بعد فوات الأوان : (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) ( المؤمنون 99 : 100).

ثالثا : لقاء الله يوم القيامة

1ـ فى هذه الحياة ترتدى كل نفس جسدها المادى ، وتنطلق به تسعى فى الأرض بالخير أو بالشر الى أن تموت تاركة ذلك الجسد يتحلل فى الأرض ، وتعود النفس الى البرزخ الذى أتت منه . ويوم القيامة ترتدى كل نفس عملها ليصبح جسدها الجديد بعد فناء الجسد الذى كان فى الدنيا . وبالجسد الجديد يكون نعيم صاحبه او عذابه حيث ينقسم البشر قسمين : قسم يرجو لقاء الله ، وقسم لا يرجو لقاء الله.

الذي يرجو لقاء الله يكون مثل الطالب المجتهد الذي استعد للامتحان وأجهد نفسه في المذاكرة، ويتشوق ليوم الامتحان. وكذلك المؤمن، الذي عاش وقد وهب حياته لله تعالى مؤمناً مخلصاً صابراً على أذى الخلق، مظلوماً يرجو يوم الدين أو يوم الحساب أو يوم التغابن أي يوم رفع الغبن والظلم، حيث المحكمة الكبرى الإلهية التي لا ظلم فيها مطلقاً. يرجو مجيء هذا اليوم لينعم فيه بالعدل الذي افتقده في الدنيا، حيث عاش وفقاً لقوله تعالى(َفمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) الكهف : 110 ـ وحيث عاش في الدنيا يقول كلمة الحق. لا يفرضها على أحد، وإذا أوذي في سبيلها صبر وصابر وأعرض عمن يؤذيه   منتظراً الحكم الإلهي يوم القيامة (وَقُل لِّلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ ـ وَانتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ ) هود :121 ، 122 ـ بل يعفو عنهم ويصفح انتظاراً ليوم لقاء الله تعالى (وَقِيلِهِ يَارَبِّ إِنَّ هَؤُلَاء قَوْمٌ لَّا يُؤْمِنُونَ ـ فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ) الزخرف :88 ،89 ـ

ـ أما الذي لا يرجو لقاء الله فهو الذي يعيش في الدنيا غافلاً عن الدين وعن التدين إذا كان صحيحاً أو كان فاسداً، أو هو الذي يتدين تديناً فاسداً يهب حياته لتقديس البشر الأحياء والموتى، سواء في الأضرحة أو في المؤلفات المقدسة التي يعلو بها فوق كتاب الله، ويعتبر ما وجد عليه آباءه هو الثوابت في الدين التي يجب أن نخضع لها كتاب الله تعالى. فإذا دعيَ إلى الاحتكام إلى كتاب الله ،طبقاً لقوله تعالى (وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ) الشورى :10، أو قوله تعالى (أَفَغَيْرَ اللّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً ) الأنعام : 114 ـ إذا دعيَ إلى الرجوع إلى كتاب الله أخذته العزة بالإثم، وثار وحكم بتكفير خصومه ودخولهم النار كأنه يملك الجنة والنار... هذا الصنف من الطبيعي ألا يرجو لقاء الله قبيل موته ... لأن ما سلف من حياته الدنيا لا يجعل له أملاً في الفوز.

2 ـ الذين لا يرجون لقاء الله يكرهون القرآن الكريم ، وقد بدأ وجودهم الفعلى مع نزول القرآن الكريم فطالبوا خاتم المرسلين بتغيير القرآن ، وبعدهم جاء جيل من أعداء القرآن يقولون بنسخ القرآن بمعنى تغيير أحكامه ، ويخترعون وحيا جديدا نسبوه للنبى بأثر رجعى بعد وفاته بقرنين وأكثر أسموه السّنة . وأولئك وصفهم رب العزة بأنهم لا يرجون لقاء الله ، وقال عنهم رب العزة :( وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاء نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ) (يونس 15 )

3 ـ وسيظل أولئك المكذبون بلقاء الله موجودين حتى قيام الساعة ، وعندما تقوم الساعة بغتة  سيشعرون بالحسرة ، ثم يأتون يوم القيامة يحملون أوزارهم على ظهورهم ،أى يأتون بالجسد الآخر المحمل بأعمالهم السيئة الشريرة ،إذ لم يستعدوا للقاء الله ونسوه وكذبوا به وتعين عليهم أن يواجهوا نتيجة أعمالهم ، نرى هذا فى قوله جل وعلا :( قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَاء اللَّهِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُواْ يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ ) ( الأنعام 31 ).

4 ـ وعند الحشر يتذكرون الدنيا التى كانت ومرت وانتهت ، وكأنها كانت بالأمس القريب ، ويرون أقرانهم الذين عايشوهم فى الدنيا وكأنهم لم يفارقوهم سوى ساعة من النهار، ويعايشون خسارتهم التى لا تعدلها خسارة وهم ينتظرون بعد الحشر الحساب ثم الخلود فى العذاب ، يقول جل وعلا : ( وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَن لَّمْ يَلْبَثُواْ إِلاَّ سَاعَةً مِّنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَاء اللَّهِ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ )( يونس 45 ).

5 ـ ثم يساقون الى جهنم .!!

وفى هذه الحالة يتعرضون للتوبيخ والتأنيب ، حيث يسألهم خزنة جهنم عن القرآن الكريم والكتب السماوية التى كانت تنذرهم ليستعدوا ليوم اللقاء مع الله ، فيعترفون نادمين بأن قد جاءهم الحق ولكن كانوا للحق كارهين فحقت عليهم كلمة العذاب :( وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ ) (الزمر 71 ).

الخلاصة :

1 ـ خلقنا الله جل وعلا أنفسا أخذ عليها العهد والميثاق ، وحذرها مقدما من النسيان وحتى لا تأتى الأنفس يوم اللقاء التالى وقد نسيت وعصيت .

2 ـ ثم تلبس كل نفس جسدها وهى تحمل فى داخلها ذلك العهد الذى خلقها الله جل وعلا عليه فيكون لها (فطرة الله ) و (خلق الله ). ومستحيل إلغاء تلك الفطرة وتبديلها فتكون انكارا للخالق ، ولكن يفلح الشيطان فى تغييرها جزئيا لتكون كفرا بالله ، يجعل الايمان بالله قليلا والايمان بشركاء معه كثيرا ، وهنا يوصف الكافرون المشركون العصاة بأنهم ( لا يرجون لقاء الله ) مقابل الذين ( يرجون لقاء الله ) ويستعدون له بالايمان الخالص والعمل الصالح .

3 ـ ويكون لقاء الله هو يوم القيامة حين يقوم الناس لرب العالمين ، يأتى رب العزة والملك صفا صفا، ومعهم جهنم (كَلاَّ إِذَا دُكَّتِ الأَرْضُ دَكًّا دَكًّا وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ  ) (الفجر 21 ـ ) ويبرز الخلق للقاء الرحمن (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُواْ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ) ( ابراهيم 48 )

ويقف الناس أمام الرحمن صفا (وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا ) ( الكهف 48)، يقفون فى وجل ورهبة ( يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَت الأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلا تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْسًا ) ( طه 108 )

ويكون الحساب فلا يتكلمون مع الرحمن إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا (رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لّا يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَن شَاء اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا)( النبأ 37 ـ ) وتأتى كل نفس تجادل عن نفسها (يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ  ) ( النحل 111).

ولن ينجو أحد من ملاقاة الله جل وعلا يوم الحساب : (إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا) ( مريم  93 ـ )

ثم يدخل الجنة من استعد للقاء الله ويخسر من نسى لقاء الله .

آخر السطر :

هل أعددت نفسك لهذا  اليوم ؟

هذه المقالة تمت قرائتها 1236 مرة

 

   

التعليقات (7)
[52710]   تعليق بواسطة  غريب غريب     - 2010-11-12
ما أجمل كلام الانسان عندما يتلاحم مع نور الله
 
 

اهنيك على هذه المقالة وان كان كل كلامك حكم. .عجبا كيف مازال العمى مازال منتشرا

 

[52766]   تعليق بواسطة  نورا الحسيني     - 2010-11-13
فمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ
 
 

الدكتور الفاضل / أحمد صبحي منصور السلام عليكم ورحمة الله ، نحتاج بين الحين والآخر لمثل هذه المقالات التي تأخذنا من دنيانا وتغوص بنا في أجواء خاصة محببة للنفس المؤمنة بربها والتي تترقب وترجو لقاءه .


وهذا المثل الذي شبهت به حال المؤمن الذي يرجو لقاء ربه مثل قوي ومناسب لهذا يكون


"مثل الطالب المجتهد الذي استعد للامتحان وأجهد نفسه في المذاكرة، ويتشوق ليوم الامتحان. وكذلك المؤمن، الذي عاش وقد وهب حياته لله تعالى مؤمناً مخلصاً صابراً على أذى الخلق، مظلوماً يرجو يوم الدين أو يوم الحساب أو يوم التغابن أي يوم رفع الغبن والظلم، حيث المحكمة الكبرى الإلهية التي لا ظلم فيها مطلقاً. يرجو مجيء هذا اليوم لينعم فيه بالعدل الذي افتقده في الدنيا، حيث عاش وفقاً لقوله تعالى(َفمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) الكهف : 110 ـ وحيث عاش في الدنيا يقول كلمة الحق. لا يفرضها على أحد، وإذا أوذي في سبيلها صبر وصابر وأعرض عمن يؤذيه منتظراً الحكم الإلهي يوم القيامة (وَقُل لِّلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ ـ وَانتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ ) هود :121 ، 122.


نرجوا أن نكون ممن ينتظر لقاء ربه ولا يخاف في الله لومة لائم

 

 

[52780]   تعليق بواسطة  عائشة حسين     - 2010-11-14
هل الفطرة هي الضمير السليم
 
 

نعرف إن الفطرة السليمة  تبقى في الإنسان بشرط ألا يطيع أمر الشيطان ، وإذا سمع ولبى أمر الشيطان ،  فالنفس هي المسئولة عن هذا العصيان وهي من تعاقب لأن الجسد يبدل،  ويصبح هناك جسد آخر من أعمال ل هو أنثى ولا ذكر كما فهمنا من الموضوعات السابقة .. ولكن ما مصير الفطرة هل هي بذرة الخير في الإنسان ؟   وجسده هو ما يصدر عنه الشر  ؟ والنفس تعاقب على المجموع ؟ وتظل الفطرة تصرخ عند ارتكاب المعاصي إلا ان يتغلب عليها الشيطان ويبدلها أنستطيع أن نسمي الفطرة الضمير


 

 

[52851]   تعليق بواسطة  ميرفت عبدالله     - 2010-11-16
كل عام والجميع بخير .
 
 

الدكتور الفاضل/ أحمد صبحي منصور كل عام وانتم والجميع بخير وصحة بمناسبة عيد الأضحى أعاده الله عليكم جميعا بالخير واليمن والبركات.


بناءا على ما تقدم من مقالكم نفهم أن هناك نوعان لا ثالث لهما من البشر  ولا يوجد وسط بينهما فالجنة تقابلها النار والحق يقابله باطل والصدق يقابله كذب (فالذين لا يرجون لقاء الله) وهم الكفار( مقابل الذين يرجون لقاء الله) وهم المؤمنون الذين يستعدون لهذا اليوم العظيم ولا يخشون أحدا إلا الله ولا يتمنون عدم حدوث يوم القيامة ، مثلما نرى موقف الذين لا يرجون لقاء الله فعلى العكس منهم خشيتهم من خالقهم قليلة لأنهم يخشون غيره إذن هى مغطاة بالخشية والخوف من البشر المخلوقين أمثالهم




 

 

[52852]   تعليق بواسطة  رضا عبد الرحمن على     - 2010-11-16
هذه هي ثنائية المخلوقات التي يأبى أن يؤمن بها معظم المسلمين

إن المولى عز وجل وضع قاعدة وقانون لمخلوقاته جميعا من نبات أو جماد او إنسان أو حيوان وهذه القاعدة هي أن جميع هذه المخلوقات بنيت على أساس من التضاد لكل مخلوق شيء مضاد له ، ولكل شيء شيء مضاد له ، ولكل فعل رد فعل مضاد له ، خلق الذكر والانثى ، خلق الحي والميت أو الموت والحياة الثواب والعقاب والسموات والارض الجن والانس والملائكة والشياطين الحب والكره الرحمة والقسوة الكفر والايمان كل شيء فى هذا الكون وكل شيء خلقه الله جل وعلا ينطبق عليه قاعدة الثنائيات حتى يوم الحساب كذلك الأمر هناك فائز وخاسر لأن هناك جنة ونار يوم القيامة ينقسم نصفين حسب أعمال العباد مجموعة نجحوا فى الاختبار الدنيوى واستحقوا دخول الجنة بدرجات متفاوتة حسن أعمالهم ، ومجموعة استحقوا النار حسب ذنوبهم أيضا ، وهؤلاء وهؤلاء يكونون ثنائية أخرى يوم القيامة ، والواحد الأحد هو الله جل وعلا الذي ليس كمثله شيء ، لكن رغم كل هذه الآيات والعبر الموجودة فى القرآن والتي نلمسها فى الدنيا والآخرة لا تكفي لاقناع معظم المسلمين أن الآخرة إما جنة لمن كان يرجو لقاء الله ، وإما نار والعياذ بالله وهم الذين لا يرجون لقاء الله ، ولا ثالث لهذين القسمين ...
 

 

[52920]   تعليق بواسطة  سفيان بالروين     - 2010-11-18
مقال رائع وأستوقفتنى نقطة مهمة فيه
 
 

بخلق الأنفس أخذ الله جل وعلا علي&arinte;ها العهد والميثاق أن تعبده وحده لا شريك له، وأشهدهم على أنفسهم بهذا العهد والميثاق، وحذرهم مقدماً من يوم القيامة من أن يقابلوه في "لقاء الله" وقد نسوا وخانوا ذلك العهد، ويعتذرون له تعالى بأنهم كانوا غافلين، أو أنهم اتبعوا الثوابت وما


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


معنى الكلام أن جميع الأنفس أخذت ميثاق عند الله ان لاتعبد إلا إياه


سؤالى دكتور احمد


لو أخذت منى ميثاق وأنا فى عمر الـثالثة والثلاثين أن اقوم بفعل كذا وكذا ثم لم احافظ على هذا  الميثاق  عند ذلك من حقك أن تلومنى


لكن إذا أخذت منى ميثاق وأنا فى عمر الرابعة ثم جئت إلى بعد عشرين سنة تلومنى بأنى لم أحافظ


على هذا الميثاق فبطبع سوف يكون ردى عليك والله أنى لا أتذكر ذلك ولو كنت أتذكر لوفيت بالعهود والمواثيق


الخلاصة ..لو كل نفس تتذكر أن الله أخذ عليها ميثاق لما خانت هذا الميثاق


بل حرصت على الحفاظ عليه لأن ربها هو من أخذ منها هذا الميثاق


لهذا أعتقد أن تفسير الاية مازال يحتاج منا الى بحث اكبر وأشمل


وكل الشكر لك على هذه المقالات التنويرية

 

[53040]   تعليق بواسطة  فتحي مرزوق     - 2010-11-22
العهد الأزلي هو الفطرة ..!!
 
 

 العهد الأزلي هو الفطرة التي فطر الله الناس عليها  (  فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ).. . أي ان الفطرة التي فطر الله الناس لا تبديل لها كما قال رب العزة جلا وعلا ولا يمكن لأحدنا أن يدعي أنه نسي هذه الفطرة .. .. 


وعن العهد والميثاق يقول الله سبحانه وتعالى (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ ) الأعراف : 172، 173 "...


نفهم من الآية أن هذا العهد ( الفطرة ) اخذه الله سبحانه وتعالى على بني آدم وهذا العهد هو ( لا إله إلا الله ) وعدم الإشراك به سبحانه وتعالى .. وكان رد جميع بني آدم ان( قالوا بلى شهدنا ) ..  كما أخبر بذلك الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم .. إذن لا مجال للنسيان 

 


ولتساؤلات الأستاذ سفيان أحب أن ألفت نظره أن المقال فيه إجابة على تساؤلك الكريم على نسيان العهد ..لذلك أرجوا أن ترجع للمقال ففيه الإجابة عن تساؤلك الكريم ..


اجمالي القراءات 12586