التلفزيون الوطني وصناعة الديكتاتور

مدحت قلادة في الثلاثاء ٠٢ - نوفمبر - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

التلفزيون الوطني  وصناعة الديكتاتور

النظم الديكتاتورية لم تُخلق من العدم ولم تتواجد بين ليلة وضحاها، فالديكتاتورية طفل صغير يحتاج لرعاية مستمرة وأحضان دافئة وحراس دائمين ضد ثورة شعب جائع أو فقراء معدومين أو سجناء داخل وطنهم... والنظام الديكتاتوري قادر على التناقض فهو كريم مع أذنابه وبخيل مع الشعب، رحيم مع حراسه شديد البأس مع أقرانه، فليس من الغريب في النظم الديكتاتورية أن بقائها ليس مرتبط فقط بكينونة الديكcute;كتاتور بل بمدى تفاني ووفاء أتباعها المخلصين.

صناعة الديكتاتور تقوم على أكتاف مثقفين غير أمناء يمجدون الديكتاتور ليصبح إله متغاضين عن أخطاءه وسقطاته وكلما أخطأ أكثر كلما زاد مديحهم.. هؤلاء هم صناع الديكتاتور وحراس الديكتاتورية فليس غريب الانقلاب الجذرى فى ُامنية هتلر من فنان إلى ديكتاتور!! من فنان رقيق المشاعر والأحاسيس إلى أعظم ديكتاتور في التاريخ من عام 1934 إلى عام 1945 وإصداره قانون التمكين " قانون يمنح مجلس الوزراء سلطات تشريعية لمدة أربع سنوات "عام 1933 رغم رفض الحزب الشيوعي والديموقراطي لقانون التمكين... ولكن بواسطة الحراس الأوفياء تمكن من إلمانيا وحل الأحزاب بدءاً من ذلك الوقت، وتمكن من السيطرة على السلطة التشريعية والتنفيذية معاً وحُلت الأحزاب وفرضت الرقابة على الحياة السياسية في البلاد إلى أن مات رئيس المانيا بأول فون هيندنبورغفي الثاني من أغسطسفي عام 1934وبدلاً من إجراء إنتخابات جديدة قام هتلر بالسطو على صلاحيات رئيس الجمهورية أيضاً ليصبح الكل في واحد.

بالطبع صناعة هتلر لم تحتاج إلى جيش جرار بل أشخاص أوفياء يقدمون الشحن المعنوي والإعلامي فيصنع ديكتاتوراً، وحراس النظام برجماتيين يقدمون بثقة في عطاء النظام فبقائهم مرتبط ببقاء النظام وبقاءه في موقعه كرئيس منظومة إعلامية أو ثقافية أو إنتاجية أو تنفيذية أو تشريعية... كما أنه مرتبط بعطاء ووفاء للنظام فكلما أعطى أكثر كلما أخذ أكثر!! في عملية حسابية تخضع للمكسب والخسارة... وليس للوطنية أو مصلحة الوطن أي علاقة، فهي علاقة تخضع لضد كل ما هو وطني.

تذكرت كيف تُصنع الأنظمة الديكتاتورية وتأكدت أن الديكتاتور صناعة محلية مائة بالمائة تذكرت ذلك بعد قرائتي لبيان صدر من جمعية صحفيون متحدون برئاسة الأستاذ سعيد شعيب وإدانته الصريحة لمسؤول التلفزيون المصري بعدم بث إعلان مدفوع الأجر لحزب الوفد ففي البيان الصادر (أدان مركز صحفيون متحدون رفض اتحاد الإذاعة والتلفزيون بث إعلانات حزب الوفد بمناسبة خوضه إنتخابات مجلس الشعب القادمة معتبراً هذا الموقف مؤشراً خطيراً على انحياز المحطات التلفزيونية والإذاعية التي تهيمن عليها الحكومة لصالح الحزب الوطني الحاكم، وإخلالاً بالحياد الإعلامي.

وقال سعيد شعيب مدير المركز أن تصريحات رئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون أسامة الشيخ لموقع اليوم السابع الإلكتروني حول ضرورة الحصول على موافقة اللجنة العليا للإنتخابات، هو نوع من التعطيل لحق بديهي لكل الأحزاب، والحقوق لا تحتاج إلى إذن مسبق لممارستها، فهذا حق لكل المواطنين، فالمحطات الفضائية والإذاعية التابعة للاتحاد يملكهاالشعب المصري ويمولها من الضرائب التي يدفعها.

وأضاف: أن موقف اتحاد الإذاعة والتلفزيون ووزارة الإعلام يشير إلى وجود انحياز للحزب الوطني، فإذا كانوا يرفضون بث إعلانات مدفوعة، فمن المؤكد أنهم سينحازون في أدائهم الإعلامي لصالح الحزب الحاكم وضد الأحزاب والقوى السياسية المعارضة أثناء الانتخابات البرلمانية.

وطالب شعيب رئيس حزب الوفد الدكتور السيد البدوي وقيادات الحزب عدم مقاطعة الانتخابات، ولكن باللجوء إلى القضاء حفاظاً ليس على حق الوفد وحده ولكن على حق كل الأحزاب وكل المصريين في تغطية إعلامية محايدة تعبر عن الجميع)

بالطبع ادعاء الأستاذ أسامة الشيخ ينصب في خانة صناعة الديكتاتورية الحزبية ليصبح الكل وطني فمنذ الآن وصاعداً سوف يتبارى كل رؤساء الإعلام والإذاعة والتلفزيون ليصبغ نفسه إعلاماً وطنياً ليس وطني بمعنى ملك للجميع بل ملك الحزب الوطني فمصر ومن عليها تسير منذ الآن وإلى نهاية الانتخابات في فلك الحزب الحاكم "الوطني"!

بالطبع ليست كل الأنظمة الديكتاتورية سياسية بل هناك ديكتاتورية دينية وهي الأخطر فمن يعارض هو كافر وزنديق يستحل دماه وتزهق روحه بتعضيد من كلمات الله وبتصريح من نواب الله على الارض وهنا مكمن الخطورة مثلما سطت حماس على غزة، ومثلما يريد الأخوان السطو على مصر وإصدار وثيقة التمكين او فتح مصر بعد احتلالهم 88 مقعد بمجلس الشعب...

نحن ندعوا الأحزاب المصرية للوقوف أمام الديكتاتورية الحزبية والشعب للوقوف أمام الديكتاتورية الدينية لأنها ستكون بداية مظلمة لنهاية أكثر ظلمة.

"قد يجد الجبان 36 حلاً لمشكلته ولكن لا يعجبه سوى حل واحد منها وهو الفرار"

The coward will find 36 solutions to his problem but the one will like most fleeing

اجمالي القراءات 9341