شيزوفرينيا بالمهلبية
شيزوفرينيا بالمهلبية

دينا عبد الحميد في الثلاثاء ١٢ - أكتوبر - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

هل كل ما نقوله هو دائما ما نفعله؟ اكييد لأ .. ما أراه اليوم على أرض الواقع اننا أصبحنا شعب مصاب بشيزوفرينيا شديدة وغير مبررة وفاجرة... نصرخ ليل نهارمطالبين بالحرية والديموقراطية و في ذات الوقت نحن ديكتاتوريين للنخاع مع أهل بيتنا مع مرؤوسينا في العمل مع تلاميذنا في المدارس في جامعتنا في الشارع نمارس اسوأ انواع الديكتاتورية بشكل واضح وصريح ...
عندما يتظاهر مئات المسلمين مطالبين بحرية السيدة كاميليا شحاتة زاخر العقائدية بحجة انها قد أسلمت وانهم أحق بها من الأخc;وة المسيحين وفي نفس الوقت هم من يرفضون ان يغير المسلم دينه ويتجه الى دين أخر بل انهم أنفسهم من يؤمنون بضرورة قتل المرتد عن دينه "الاسلام" وتكفير أى انسان يخالفهم في الرأى ... هم من حارب من أجل ألا يأخذ الدكتور سيد القمنى جائزة الدولة لكونه في رأيهم انه كافر ... هم من قتلوا دكتور فرج فودة ...هم من ارادوا قتل ألف ليلة وليلة بحجة انها روايات كافرة ... هم من يعتبرون المرأة انسان ناقص وعورة يجب حجبها وحجابها...
أما على الجانب الأخر تجد الأخوة المسيحين يصرخون ويهللون مطالبين بحقوق المواطنة وحرية العقيدة وتسهيل اجراءات التحويل الدينى للمتنصريين وكانوا هم ايضاً أول من تظاهروا من اجل إمرأة تحاول تغيير دينها .. هم أنفسهم من وجه الاتهامات والسباب للعلمانيين عندما اختلفوا معهم في الرأى... الحرية في نظرهم أن تدعهم وتدافع عن قضيتهم ولكن اذا اختلفت معهم سوف يتم تكفيرك ورميك بالاتهامات يميناً وشمالاً...
أما الكارثة الحقيقية في الجماهير التى خرجت وراء الدكتور البرادعى هاتفة "عايزيين تغيير عايزيين حرية عايزيين ديموقراطية" وفي أول اختبار سقطوا جميعا بالهجمة التى وجهها البعض للدكتور البرادعى ونشر صور ابنته ليلى على موقع الفيس بوك في الانترنت تحول هتاف هذه الجماهير مطالبين البرادعى بتبرير وتوضيح لما نشر عن ابنته وعن حقيقة زواجها وهل زوجها مسلم ام غير مسلم واين تم عقد قرانها! أى حرية كانوا يهللون من أجلها اى ديموقراطية وهم لا يؤمنون بالحرية الشخصية لبنت البرادعى وحريتها في اختيار شريك حياتها شيزوفرينيا بالمهلبية...
اما الاخوة المعارضين للنظام ويطالبون بالتغيير وبمقاطعة الانتخابات وعايزيين حرية ايضاً ولكن الحرية التى يعرفونها هى الحرية التى تتفق مع أرائهم أما إذا فكرت مجرد تفكير لمخالفتهم فكن مستعدا لكم الاتهامات التى سوف تصب عليك من الخيانة العظمى والعمالة وانك ممول (من مين ؟ مش مهم!)..... إلخ
أى حرية تنادون بها وانتم تقهرون المرأة وتعاملونها على انها عورة وانها انسان غير كامل وغير مؤهلة لشغل المناصب المهمة كالقضاء وانها يجب ان تكون تابع للرجل لا تملك حق الاختيار وإذا طالبت بحقوقها اصبحت عاهرة...
أى حرية تريدون وانتم أصبحتم عبيد لرجال الدين والكهنوت يتحكمون في مأكلكم وملبسكم وحياتكم ... اى حرية وانتم بارعيين في التصفيق لمن يتفق معكم وجلد من يختلف معكم ...
تحرروا اولا من موروثاتكم من قيودكم من الاغلال التى تلف أعناقكم ...اعشقوا الحرية لكى تعشقكم حاربوا من اجلها وادفعوا ثمنها الذي هو دائما ثمن غالى جدا حتى تحصلوا عليها ...
الحرية فعل وليست مجرد كلام وهتافات وشعارات من يطالب بالحرية يجب عليه من البداية ان يؤمن بحرية الأخر المخالف له في الرأى وكما قال فولتير " قد اختلف معك في الرأى ولكنى على استعداد ان اضحى بحياتى في سبيل ان تدافع انت عن رايك" فولتير أيقن تماما ان حريته تبدأ بحرية الأخر فهو على استعداد ان يضحى بحياته في سبيل حريته التى لن تتحقق إلا إذا اصبح الأخر المختلف معك حراً.

اجمالي القراءات 11541