إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنْ الْكِتَابِ وَيَشْ

Brahim إبراهيم Daddi دادي في الثلاثاء ١٤ - سبتمبر - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

عزمت بسم الله،

 من الناس من يجادل محبة في الجدال، إما لأنه من المتحذلقينليظهر للناس أنه من العارفين العالمين، وإما ليرضي نفسه وغرورها، ولو كلّفه ذلك الصد عن سبيل الله غضب الرحمان سبحانه، إما عن جهل أو غفلة عن الآخرة التي هي الحيوان لو كان يعلم، وهدفه من ذلك الجدال إما انتصارا لمذهبه وشيوخه الذين نقل عنهم وقلبه مقفل، فتكاسل عقله وسلم لما نقل منهم، ومنهم من يعتدُّ برأيه ويصرُّ عليه إصرارا، حتى لو كان يعلم أنه مخطئ، أو ظهر له خطأه فيكتم الشهادة عنده ولا يقول الحق، إring;ما خوفا من العباد، وإما خوفا على متاع الحياة الدنيا من الضياع، وينسى ما عند الله من الجزاء. يحذرنا الله نفسه الرءوف بعباده، قال رسول الله عن جبريل عن ربه: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنْ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُوْلَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ(174). البقرة.

نلاحظ في الآية الكريمة تحذير المولى تعالى واضح مبين حيث يحذر الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ـ فهل ما بين دفتي البخاري وغيره من كتب البشر يعتبر مما أنزل الله من الكتاب أو كان تبيانا لما أنزل الله في الكتاب؟؟؟ ـ ليشتروا به ثمنا قليلا عبر المولى تعالى عنه ب (قليلا) مهما كثر في نظر الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب، بالنسبة لما عند الله من الجزاء، والوصف الذي يجعل الكيس من الناس يعيد النظر في اختياره لمقعده الأبدي، إما أن يكون (فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ)(55) القمر. وإما أن يكون كما بلَّغ الرسول عن جبريل عن رب العالمين: إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ(10). البروج.

يحذرنا الملك القدوس من كتمان ما أنزل من البيِّنات والهدى في الكتاب، ( القرآن) ـ لأنه أخر الرسائل ولأنه للناس كافة ـ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِوَالْهُدَىمِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِأُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمْ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمْ اللَّاعِنُونَ(159). البقرة. إن الذين يتبعون ما كتبت أيدي الناس، ويتركون وراء ظهورهم ما أنزل الله تعالى من البينات، ويصدون عن سبيل الله من آمن بالله وما أنزل من الحق، فإن العليم الحكيم أخبرنا في الكتاب أنهم: (يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْوَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ)(167). آل عمران. وأخبرنا سبحانه عن مصيرهم يوم الدين: يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوْا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمْ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا(42). النساء. الذين عصوا الرسول، هم الذين عصوا أمر الرسول يوم كان إمامهم في السلم وقائدهم في الحرب، أما بعد موته فالرسول هو الرسالة الخاتمة للرسائل السماوية والتي جعلها الله المهيمنة على الرسائل السابقة كما جعل النبي خاتم الأنبياء.

لا يمكن أن يصد عن سبيل الله إلا الذين هم بالآخرة كافرون غير مصدقين بيوم النشور والحساب والجزاء بالقسط، قال رسول الله عن جبريل عن ربه: الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كَافِرُونَ(45). الأعراف.

ثم يذكرنا المولى تعالى وينهانا لتقوم علينا الحجة يوم الحساب فيقول سبحانه: وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِوَتَبْغُونَهَا عِوَجًا وَاذْكُرُوا إِذْ كُنتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ وَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ(86). الأعراف. إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلَالًا بَعِيدًا(167). النساء.

  إن الله تعالى أخبرنا في الكتاب المبين أن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله من آمن بالله وما نزّل من الحق ويبغونها عوجا أولائك  ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله ثم تكون عليهم حسرة يوم الدين يوم يغلبون فلا تنفعهم أموالهم ولا أولادهم. (  إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِفَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ)(36). الأنفال.

 كيف يكون الصد عن سبيل الله؟ ما هي وسائل الصد عن سبيل الله ؟

يبين ملك يوم الدين كيف يصد الذين كفروا عن سبيل الله تعالى ويقول:

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا(60)وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِرَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا(61). النساء. 

فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِوَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُوَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا(55)إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَاسَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا(56). النساء.

من أهم وسائل الصد عن سبيل الله الافتراء على الله ورسوله، وإلهاء الناس بلهو الحديث وبالكتب التي كتبتها أيدي البشر، ويوهمون الناس أنها من الوحي من عند الله وما هي من عند الله لأن فيها الاختلاف الكثير. (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا)(82) النساء. نلاحظ أن الله تعالى قال: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ) لقد وجه المولى تعالى عناية المؤمنين إلى القرآن ليدَّبروا آياته، لأنهم لن يجدوا الاختلاف الكثير إلا في غيره من الكتب، (  وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا) صدق الله العظيم حيث نجد الاختلاف الكثير في البخاري وغيره من الكتب البشرية التي تعتبر عندنا من لهو الحديث الذي يضل عن الذكر وعن سبيل الله تعالى.

 لي عودة بعون الله تعالى للموضع بعد قراءة رأيكم وأفكاركم النيرة. لكم مني أعزائي السلام ومن الله تعالى التحية.   

اجمالي القراءات 19572