الزكاة لصغار الموظفين والعاطلين

حمدى البصير في الأربعاء ٠٨ - سبتمبر - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

 

 

الزكاة للعاطلين و صغار الموظفين

حمدى البصير

مصارف الزكاة الثمانية لو طبقت حرفيا قد لا تناسب العصر الحالي ، وقد لا تحقق الغرض الديني المرجو منها في تحقيق العدالة الاجتماعية ورعاية الفقراء والمساكين.

فمصارف الزكاة الثمانية هي وفقا لقول الله تعالي »إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم« صدق الله العظيم.

لا خلاف إذا فرضت الزكاة للفقراء والمساكين والعاملين عليها الغارمين.. أما الخلاف فيأتي في التفسير العصري للمستحقين الأربعة الباقين الذين قد لا يوجدون علي أرض الواقع ، وهم المؤلفة قلوبهم وفي الرقاب وفي سبيل الله وابن السبيل.

ومن هنا لابد من إعادة توصيف مصارف الزكاة دون الخروج عن جوهر النص بل تطبيق روح الشريعة، حتي يتحقق العدل وتذهب أموال الزكاة لمستحقيها دون تعطيل مصرف من مصارفها، بل إن الفقراء والمساكين الآن اتسعت دائرتهم في الوقت الحالي ولم تعد مقصورة علي من يعيشون تحت خط الفقر، أو الذين لا يجدون قوت يومهم، بل امتدت إلي فئات من المجتمع، قد يبدو في الظاهر أنهم مستورون ويعملون ويتقاضون مرتبات شهرية، لكنهم في الحقيقة يستحقون أموال الزكاة وينطبق عليهم وصف المساكين بل الفقراء فقرا مدقعاً، وقد يمنع هؤلاء حياؤهم وعفافهم أن يظهروا فقرهم .

وأقرب الناس إلي هذه الفئة هم بعض الموظفين الصغار العاملين في الدولة، الذين تتراوح مرتباتهم الشهرية ما بين 150 و200 جنيه وليس لهم مصدر دخل آخر، لأنهم وفقا للقانون محظور عليهم العمل بعد الظهر لأنهم من العاملين في الجهاز الحكومي للدولة ، بل إن أغلب الإعتصامات والإضرابات التى نظمت هذا العام كان أغلبها من موظفين يحصلون على أجور متدنية ،فى وقت إشتعلت فيه أسعار السلع والخدمات بشكل جنونى ،واصبح هؤلاء الموظفين تحت خط الفقر بمراحل .

وقد كان الموظف في الماضي، له »شنة ورنة« ومن كبار الشخصيات وعصب الطبقة الوسطي، لأن الموظف الحكومي يعني مرتبا مضمونا ثابتا ،وتأمينا شاملا علي الحياة ومعاش محترما ومنصبا مرموقا.. أما الموظف الآن ـ غير المرتشي ـ فهو في حالة يرِثي لها ويعيش علي »الكفاف« وأيضا المدرس الذي لا يعطي دروسا خصوصية أو السائق في هيئة النقل العام والخبير في وزارة العدل، وكل هؤلاء يتقاضون مرتبات هزيلة رغم الخدمات الجليلة التي يقدمونها للمواطنين مما جعل بعض هذه الفئات التي انخدعت في الوظيفة الميري يحتجون ويعتصمون ويضربون في الفترة الأخيرة أملا في إصلاح حالهم. وأيضا يدخل ضمن الفئات المستحقة للزكاة خريجو المدارس الفنية والجامعات والعاطلون عن العمل منذ سنوات ويتقاضون مصروفهم اليومي من آبائهم، وأيضا ضحايا الخصخصة ولاسيما من خرجوا علي المعاش المبكر وأيضا من قام الملاك الجدد للمؤسسات والمصانع والشركات بتسريحهم عن العمل لأنهم كانوا يعملون بلا مظلة تأمينية أو حماية عمالية. وقبل كل هؤلاء أبناء الشوارع والمتسولون أصحاب العاهات وليس محترفى التسول الأصحاء .

ومن الفقراء والمساكين وأبناء السبيل والغارمين أيضا من تأثروا بطريق غير مباشر من الظروف الاقتصادية الصعبة في الداخل، خاصة أصحاب المصانع الذين توقفوا عن العمل وأصبحوا محملين بالديون وأيضا التجار الذين أفلسوا.

وأيضا لابد أن تمتد مظلة الزكاة إذا تم تطبيق المصارف الثمانية بشكل عصري، إلي المتعففين لا المتسولين مثل الأرامل والمطلقات والمرأة المعيلة والمتسربين من التعليم وطلاب العلم الذين لا يجدون ثمن كتاب يذاكرون فيه، وأصحاب الأمراض المزمنة وملاجئ الأيتام والجمعيات التي تهتم بأطفال الشوارع، وذلك بدلا من أن نعطي الزكاة لمحترفي التسول والشحاتين بالوراثة وجمعيات النصب باسم الفقراء والمرضي.

Elbasser2@yahoo.com

 

اجمالي القراءات 12772