رشاوى انتخابية مصرية مشروعة !

حمدى البصير في الأحد ٢٩ - أغسطس - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

المرشحون لإنتخابات مجلس الشعب  التى ستجرى نهاية هذا العام  فى مصر،بدأوا دعايتهم مبكرا.

حيث إستغل هولاء المرشحون شهر رمضان المبارك ،وبدأوا حملاتهم الإنتخابية فى دوائرهم المختلفة على مستوى الجمهورية ،لافرق فى ذلك بين مرشحى الحزب الوطنى أو أى من الأحزاب ،وبين المستقلين والمعارضة، أو بين عمال أو فئا&Eciilde;و فئات .

ولكن للأسف لم تكن تلك الدعاية أو الحملات الإنتخابية المبكرة ،لقاءت جماهيرية مع أبناء الدائرة بعد الإفطار لعرض البرامج الإنتخابية المختلفة والتى تحمل جديدا لحل مشاكل المواطنين المزمنة،أومناظرات تجرى فى أماكن محددة بين المرشحين لعرض أفكارا مبتكرة لترسيخ العملية الديمقراطية ،وللإرتقاء بهذا الوطن ،وتحقيق الرفاهية لهذا الشعب.

ولكن التحرك النشط لمعظم المرشحين لإنتخابات مجلس الشعب،لم يكن لعرض برامج سياسية أو إقتصادية ،أو الحث على المشاركة السياسية ،بل كان لعرض المزيد من العطايا خاصة الطعام بإعتبارنا فى شهر الصيام ونلتهم أطنانا من الطعام ،ونستهلك بحوالى 30 مليار جنيه غذاء فى الشهر الفضيل .

وبإعتبار أن اللحوم هى الوجبة الام فى المائدة المصرية العامرة ،وهى الطعام الرئيسى الذى يحلم به الفقراء المصريين ، أصحاب الكتل الإنتخابية الضخمة،ولإن اللحمة إرتفع سعرها بشكل جنونى هذا العام خاصة فى رمضان وأصبحت بعيدا حتى عن متناول متوسطى الدخل ، فقد تركزت الدعاية الانتخابية فى معظم الأحياء الشعبية والقرى الفقيرة على توفير اللحوم بأسعار مناسبة ، لايتعدى خمسة وثلاثون جنيها ، وذلك من خلال عرضها فى شوادر خاصة كتب عليها أسم المرشح ،كما حدث فى مناطق عديدة فى القاهرة وحلوان والجيزة .

وبالطبع كتب أيضا على معظم شوادر اللحوم لافتات تؤكد أن أمانات الأحزاب التابعة للحزب الوطنى فى المحافظات المختلفة هى المنظمة لأقامة هذه الشوادر , وذلك فى إطار برنامج الرئيس مبارك لحل مشكلة الغلاء وتوفير اللحوم لمحدودى الدخل ، وهذا ليس إستغلالا فقط لجهود الحكومة فى إستيراد الحوم الحية وعرضها للجمهور بأسعار مناسبة ،ولكن أستغلالا أيضا للرئيس مبارك فى الدعاية الإنتخابية ،وان كانت الحكومة هى حكومة الحزب الوطنى ،والرئيس مبارك هو رئيس ذلك الحزب .

وأتوقع أن تستمر تلك الشوادر أيضا برعاية الحزب الوطنى وحكومته ومرشحيه الى عيد الأضحى المبارك أو عيد اللحمة ،وكلما توافرت تلك اللحوم خاصة الضأن كلما كانت حظوظ مرشحى "الوطنى" وفيرة فى الإنتخابات القادمة .

و لايمكن إعتبار الهدايا والحقائب الرمضانية وكسوة العيد والمصروفات المدرسية التى يقدمها حاليا الراغبون فى دخول إنتخابات مجلس الشعب القادمة لأبناء دوائرهم ،رشاوى إنتخابية من الناحية القانونية، لأنها تقدم بشكل مبكر وفى رمضان شهر الكرم والإحسان وفى وقت إشتعلت فيه الأسعار وزادت فيه معدلات الفقر بشدة ، فلايمكن أن نعتبر بعض المرشحين الأثرياء الذين يقيمون موائد للإفطار والتى يطلق عليها موائد الرحمن لفقراء الحى أو القرية التى سيترشحون عنها فى الانتخابات البرلمانية القادمة انه راشون  ، أو إن أبناء الدائرة الذين أكلوا على تلك الموائد أنهم مرتشين ،حتى ولو كان القصد دنيويا وليس دينيا أى طمع المرشح فى الحصول على أصوات الجوعى ،فهذا الأمر يمكن أن يطلق عليه مجازا رشاوى أنتخابية مشروعة. لإن القصد منهاإطعام الفقراء فى شهر رمضان  الذين لايجدون قوت يومهم ،ولايأكلون طعاما دسما إلا فى رمضان وفى موسم الإنتخابات.

 

 

أيضا قام مرشحون فى إنتخابات مجلس الشعب القادم بتوزيع حقائب رمضانية لأبناء دوائرهم من المحتاجين ،وتحتوى تلك الحقيبة أو شنطة رمضان على سكر وشاى ومكرونة وأرز وزيت وفول وسمن وياميش ودقيق وأشياء أخرى ، وبالطبع معظم محتويات الشنطة الرمضانية سلعا زاد سعرها إلى الضعف فى الفترة الأخيرة ،وبالتالى كلما كانت شنطة المرشح مليئة بالسلع كلما كانت فرصه كبيرة فى تلك الإنتخابات ،وبالطبع لم يفت على أمناء الأحزاب فى المحافظات خاصة الحزب الوطنى ،تنظيم توزيع تلك الحقائب والتى وجدت إقبالا شديدا من المواطنين الغلابة الذين تدافعوا للحصول على تلك الحقائب ،مما أدى إلى سفوط قتلى ومصابين فى بعض المحافظات من جراء التزاحم من أجل الحصول على شنطة رمضان ،وممكن أن أطلق عليهم اسم شهداء الشنط بعد شهداء العيش.

وأيضا هناك توزيع منظم للمساعات العينية والنقدية يلجأ إليه بعض المرشحين ،خاصة أعضاء جماعة الإخوان المسلمين "المحظورة"،وهى غالبا توزع بشكل إنتقائى وفى صورة مساعدات ومرتبات" شهرية "،تزداد فى رمضان والإعياد وقبل الإنتخابات ،وهذا مايفعله على سبيل المثال رامى لكح الذى يسعى لإسترداد مقعده فى الظاهروالأزبكية ،بل يقوم منافسيه أيضا على نفس المقعد ،هانى سرور وخالد الأسيوطى ،بتوزيع مساعدت عينيه وشنط رمضانية وهدايا وأمسيكيات على أبناء الدائرة،

وهذه المساعدات من أجل الله والوطن ومجلس الشعب أيضا .

وهناك دعوات سحور وإفطار إنتخابية ،ينظمها بعض المرشحين ، ويدعون فيها الشخصيات المؤثرة إنتخابيا فى الدائرة مثل أمناء الإحزاب ،وكبار العائلات ،وكلما كانت الموائد عامرة بما لذ وطاب كلما كان الثقل الإنتخابى للمرشح أكبر وحظوظه بالفوز أكثر .

وفى الأيام القادمة سيكون هناك عطاء أكبر للمرشحين فى دوائرهم الإنتخابية ، مثل إهداء كسوة العيد لأطفال الدائرة ، وإعطاء العيديات ،وتوفير ملابس المدارس ودفع المصروفات المدرسية ،ولكن يبقى الطعام هو الوسيلة المثلى لتعزيز ثقة المرشح بناخبيه ، فكما يقول المثل المصرى إن الطريق الى قلب الرجل معدته فأن ذلك ينطبق على أغلب الناخبين .

للأسف الشديد فقد أصبحت العملية الإنتخابية لاتجرى وفقا لمبادىء أو برامج أحزاب أو أفكار مرشحين ،ولكن فى معظمها أصبح يتم وفقا مايقدمه المرشح من عطايا خاصة الطعام ، ولاسيما فى ظل هذا الغلاء الفاحش فى أسعار الغذاء وزيادة معدلات الفقر،بل إن معظم الإنتخابات الأن تجرى الأن على طريقة من سيقدم أشياء مادية أكثر ،يستوى فى ذلك الانتخابات البرلمانية أو النقابية أو حتى فى الأندية الرياضية.

وقد قرأ المرشحون فى الأنتخابات القادمة الموقف جيدا الأن وإستغلوا شهر رمضان ،مثلما يستغل البعض المنابر الدينية للدعاية السياسية، وأدركوا حاجة معظم الناخبين الى الطعام ، وقاموا بتوزيع شنطا رمضانية ونظموا شوادر لبيع اللحوم بأسعار مخفضة.

ولكن إذا نجح هؤلاء النواب منظمى الشوادر بسبب جهودهم الرائعة فى توفير اللحمة ،فسوف أطلق عليهم اسم " نواب اللحوم" مثلما كان يوجد نواب القروض والكيف والعلاج على نفقة الدولة

اجمالي القراءات 9640