الحريه الدينية والحرب الفكرية

آحمد صبحي منصور في الأربعاء ١٤ - يوليو - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً


اولا : ماهية الحرب الفكرية فى إيجاز

1 ـ استعمال كلمة ( الحرب ) هنا قد يسبب مشكلة لأننا نتحدث عن حربنا الفكرية على أنها ( حرب سلمية ) تكون بديلا للحرب العسكرية أو عامل تهدئة لها ، يحدّ من استعمال القوة العسكرية إلا فى الضرورة .
إنها ثقافة عصرنا الحالى الذى وصلت فيه البشرية الى درجة من التحضر وممارسة الديمقراطية وحقوق الانسان والسلام تعين معها إدراك أن الحرب ليست حلا للمشاكل فى كل الأحوال ، بل قد تكون الحرب أسوأ حل ـ أو تكون مشكلة فى حد ذاتها. والبشرية فى عصرنا لا تزال تتوجع من ذكريات الحربين العالميتين وما نتج عنهما من قتل عشرات الملايين من الجند والمدنيين ، ثم ما تلاها من حروب محلية واقليمية فى كوريا وفيتنام والشرق الأوسط ، لم تنجح فى تحقيق الهدف المراد ، وهو السلام والطمأنينة والتناغم والانسجام بين البشر ، ونزع فتيل حروب تالية .
2 ـ وهكذا فاستعمال كلمة ( حرب ) فى مصطلح ( الحرب الفكرية ) يعد كريها تبعا للسمعة السيئة التى توحى بها كلمة ( حرب ) ، ولكننا نضطر لاستعمالها لسببين :
الأول : إن حربنا الفكرية ضد الارهابيين هى وحدها الحرب السلمية والتى تمنع أو تحدّ من استعمال القوة العسكرية ، وتوقف أو تحد من عمليات الارهاب وقتل المدنيين عشوائيا . بينما الطرف الآخر الذى يقتل الأبرياء فهو يستعمل الحرب الفكرية فى غسيل مخ السّذج من المسلمين ويقنعهم بأن يكونوا انتحاريين يقتلون أنفسهم ويقتلون غيرهم بلا تمييز . أى ان حربنا الفكرية هى لاحلال السلام ولانقاذ الضحايا ومنهم الانتحاريون أنفسهم ، بينما تكون الحرب الفكرية للارهابيين بغرض القتل العشوائى للابرياء.
السبب الثانى إنها حرب فعلية وحقيقية ولكن من نوع آخر . حرب فكرية عقلية ، تصطدم فيها الأفكار وتتصارع فيها الأدلة الدينية والتاريخية والتراثية والفتاوى . وليس هناك من وصف مناسب لهذا الصراع الفكرى سوى ( الحرب ).
هذا ، بالاضافة الى مناسبة الحال ، فهى ( حرب فكرية ) فى إطار معايشة لحرب عسكرية فعلية ، ولكن تحاول الحرب الفكرية إستئصال أو الحدّ من الحرب العسكرية إنقاذا لحياة الجنود من الطرفين والأفراد المدنيين من الطرفين أيضا .
3 ـ وبالتالى فإن الحرب الفكرية ضد الارهاب تختلف مع الحرب العسكرية . الحرب العسكرية تعتبر الطرف الآخر عدوا يجب قتله وتدمير بنيته التحتية واسئصاله ، أما حربنا الفكرية فلا تعتبر الانسان فى الجانب الآخر عدوا ، بل تعادى الأفكار الشريرة التى تسيطر عليه وتجعله يضحى بنفسه ليقتل الآخرين معتقدا أن ذلك جهادا يستحق الخلود فى الجنة . الحرب الفكرية ضد الارهابيين تستهدف إنقاذ الارهابيين من تلك الأفكار الخاطئة،وتحويلهم من أعداء الى أصدقاء . كما تستهدف حربنا الفكرية اصلاح المسلمين بالاسلام ليعتنقوا الديمقراطية والحرية الدينية وقيم العدل والمساواة وحقوق الانسان والتسامح أو الاحسان والسلام على أنها جوهر الاسلام فى التعامل بين البشر ، كما تستهدف تفعيل الأغلبية المسلمة وهم نحو بليون ونصف البليون لتعى حقوقها المسلوبة منها بفعل المستبدين ولتكون قوة فاعلة فى الخير طبقا لما أمر به الاسلام ، وليس لأن تظل مطية خاضعة للمستبد الفاسد المفسد .
أسلحة الحرب الفكرية تختلف عن الأسلحة العسكرية ، الحرب الفكرية ذخيرتها العلم المتعمق بالاسلام والمسلمين ، واستعمال تلك الذخيرة فى اسلحة من نوع جديد يستخدم الكلمة و الصورة من خلال وسائط النشر للكتب والمقالات والأبحاث والانترنت ، ومن خلال الاذاعة باستخدام القنوات التليفزيونية والدراما . وجنود هذه الحرب الفكرية هم العلماء بالاسلام ، سواء كانوا متطرفين دعاة ارهاب كما فى الجانب الآخر ، أو كانوا دعاة سلم واصلاح كما هو الحال فى معسكرنا .
وميدان المعركة واحد وهو عقل الانسان المسلم وقلبه . نحن نحاول تعليم وتوعية المسلم بحقائق الاسلام المنسية ، ونحاول كسب عقله وقلبه واصلاحه سلميا ومن داخل الاسلام ، وهم يفرضون على المسلم شريعتهم الوهابية وثقافة الاستعباد والجهاد بمعنى قتل الآخر المخالف للدين أو المذهب.
ويتجلى هذا فى الشاب الذى يجهزونه بحربهم الفكرية ليكون انتحاريا ، يملأون قلبه بالكراهية للآخر ووجوب قتله ، ويقنعونه من خلال تراثهم الوهابى والشيعى المتطرف بأن يفجر نفسه ليقتل الآخرين ظلما وعدوانا . أما حربنا الفكرية فهى تحاول إنقاذه باقناعه بالقرآن بأن قتله لنفسه وللآخرين ليس سوى العداء الكامل لله جل وعلا ولرسوله وللاسلام ، وهو أن فعل ذلك سيكون مصيره اللعنة والخلود فى النار يوم القيامة .

ثانيا :عوائق تطبيق الحرية الدينية فى مصر والعالم الاسلامى

تطبيق الحريه الدنييه فى الدول العربيه والمسلمه يقف دونه عائقان : ثقافة التعصب الدينى والحكم الاستبداى ، وهما مترابطان .
التيار الدينى المتعصب بشقيه ( الخاضع للسلطه ممثلا فى الاجهزة الدينيه ، والطامح للوصول للحكم :مثلا : الاخوان المسلمون وتنظيماتهم السرية والعلنية ) يضطهد خصومه فى الدين ( الاقباط مثلا ) وخصومه فى المذهب ( الشيعه والقرآنيون والبهائيون فى مصر والسعوديه ) . ( والسنه فى ايران ).
والحكم الاستبدادى يزايد على المتطرفين فى الدين بأن يجعل نفسه اكثر منهم تدينا وبالتالى اكثر منهم تعصبا وفق التدين السائد .
على ان من مصلحة المستبد العربى الصديق للغرب أن ينتشر ثقافة التطرف الدينى لعدة اسباب :
1- تخويف الغرب فى الخارج وتخويف الحركات العلمانيه المدنيه فى الداخل بالخطر الذى يمثله التطرف وبزعمه انه القادر على سحق التطرف .، فطالما يوجد التطرف فهو المتخصص فى التصدى له ، أى يحتاج الى وجود التطرف وثقافته الدينية كمبرر لوجوده فى السلطة ، ولذلك فأنه يرعى ثقافه التطرف وينشرها فى نفس الوقت الذى يطارد فيه اى تحرك عسكرى للمتطرفين يهدد سلطانه، كما يضطهد أى نقاش حرّ لفكر التطرف الدينى من داخل الاسلام يثبت تناقضه مع الاسلام ، وهذا هو السبب الأهم فى اضطهاد القرآنيين .
2- التيار الدينى المتطرف لا يمكن ان يتصالح مع الديمقراطيه .اذ تنبع عقيدته السياسية من عقيدته الدينيه القائمة على حق الحاكم باسم الدين فى التحكم فى الناس. ومن هنا يكون اسهل للحاكم المستبد ان يتعامل مع نفس العقليه المستبده من ان يتعامل مع عقليه ديمقراطيه لا ترى فى الحاكم الا خادما للشعب .
كما لا يمكن أن يتصالح مع الشفافية لأن ثقافة المستبد الشرقى وثقافة التطرف الدينى التراثية ترى أن الحاكم يملك الثروة والسلطة ،أو بالتعبير التراثى ( يملك الأرض ومن عليها )، وليس عليه رقيب ، وليس مسئولا عما أنفق وعما يجبى من أموال . وفى اضطراره لعمل ديكور ديمقراطى فان ذلك المستبد الشرقى حريص على أن تظل المجالس النيابية سكرتارية له ، يؤتى بها بانتخابات مزورة لتصفق وتهلل وترقص فى مواكبه . ويتمنى المتطرفون المنافسون للحاكم المستبد أنهم أحق منه بتملك الثروة والسلطة وركوب الشعب باسم الدين. وطبقا لها الاتفاق فى الاستبداد والفساد لا يمكن لهما التصالح مع الديمقراطية والشفافية التى ندعو نحن ـ اهل القرآن لها ـ لأنها من جوهر الاسلام وفرائضه المنسية.
3- يتيح التطرف الدينى للديكتاتور ان يمارس لعبته فى التفرقه بين ابناء الوطن الواحد حسب الدين والمذهب. ولذا يعمل المستبد على تحويل التعصب الدينى الى نزاع دينى وحركات عنف تقع الأقليات الدينية والمذهبية ضحية لها ، وتضطر للاستنجاد بالمستبد ليحميها من اعتداءات الأغلبية ، وعادة ما يلجأ المستبد الى الحلول السطحية التى تؤدى الى تفاقم العنف و استمراره حيث يظل الخطاب الدينى للمتعصبين سائدا فى الاعلام و الثقافة وأجهزة التعليم . وطالما يستمر الشحن الدينى المتعصب وطالما ينتج حركات عنف طائفى فإن المستبد يطمئن الى انشغالهم عن مقاومة استبداده بحروبهم ونزاعاتهم الطائفية .
ومن هنا فبالرغم من الصراع السياسى واحيانا العسكرى بين المستبد والتيار الدينى المتعصب الطامح للوصول للسلطة فأنهما معا يقفان متحدين ضد الاصلاح الدينى والسياسى، وضد المصلحين الدينيين والسياسيين .
ولأن الحرية الدينية هى الركن الاساس فى الاصلاح الدينى فهى تقع على رأس قائمه المحظورات لدى الحاكم المستبد والتيار الدينى المتعصب. ولأن الحاكم المستبد يحتكر السلطة والثروة ويخنق حركه الاصلاح فى الداخل فأن المتنفس الوحيد للاصلاح والاصلاحيين هو فى المجتمع الدولى والامم المتحدة و الولايات المتحدة الامريكية خصوصا مع المنظمات المتخصصة ، وعلى رأسها المفوضية الامريكيه للحريه الدينيه فى العالم .

ثالثا : الحرب الفكرية هى الحلّ

1 ـ وحيث لا تجدى الحروب العسكرية فى تغيير الثقافات الدينية المتطرفة وفى ارساء الافكار الاصلاحيه فـأن البديل الوحيد المتاح هو الحرب الفكرية ، والتى استفادت من تحول العالم الى قرية كونية واحدة تنعدم فيها المسافات ويمكن فيها الوصول المباشر للعقول عن طريق القنوات الفضائية والاذاعيه ومواقع الانترنت .
2 ـ ومن أسف ان المتطرفين الوهابيين بدأوا استعمال الحرب الفكرية ضد أمريكا والغرب منذ الخمسينيات من القرن الماضى ، ثم لحق بهم المتطرفون الشيعة منذ عام 1979 ، وهم معا يجيدون استعمال الحرب الفكرية فى نشر كراهية الآخر فى الدين ونشر التعصب والتطرف الدينى. وبالحرب الفكرية اخترقوا الغرب وأمريكا ، حيث يقومون بغسيل مخ الجاليات المسلمة فى أمريكا والغرب لاستخدامهم طابورا خامسا ، وقد أصبح انتشار التطرف الدينى بين مسلمى الغرب ظاهرة محسوسة ، ينتج عنها حركات ارهابية يرتكبها مدنيون وعسكريون مسلمون أمريكيون ، مما يعد دليلا حاسما على نجاح المتطرفين الوهابيين بشن تلك الحرب الفكرية ضد الغرب من أوائل الخمسينيات .
3 ـ لذا فالمنتظر من الغرب ـ وأمريكا بالذات ـ أن تشن حربا فكرية مضادة ،يقوم بها مسلمون مخلصون لدينهم وللقيم العليا التى تجمع الاسلام بالثقافة الأمريكية والغربية من الحرية الدينية والعدل وحقوق الانسان والديمقراطية والتسامح الدينى ، ولديهم الخبرة والأهلية لهزيمة المتطرفين فكريا واسلاميا وإثبات تناقض التطرف والارهاب مع دين الاسلام فى عقيدته وشريعته وأخلاقياته . وهذا ما يتوفر فى القرآنيين الذين يشنون الحرب الفكرية بلا هوادة ضد الوهابية منذ الثمانينيات من القرن الماضى ، وهم ينجحون فيها بحيث لا يجد المتطرفون و المستبدون سبيلا للرد عليهم إلا بالاضطهاد والسجن و التعذيب وفتاوى القتل والتكفير . أى يتحد المتطرفون والمستبدون معا عندما يتعلق الأمر بمواجهة القرآنيين ، ولأنهم معا لا يجدون الحجة فى مواجهة القرآنيين فيلجأون للعنف واستعمال القوة . أى يستخدم كل فريق ما لديه من امكانات ، القرآنيون يستخدمون العلم بالاسلام وخبرتهم فى الاستعانة بالاسلام ضد خصومه ، والمتطرفون يستخدمون قوتهم ونفوذهم وامكاناتهم غير المحدودة فى اضطهاد القرآنيين المجردين من الحماية ومن الامكانات المادية .
وهذا يوجب التعاون بين أمريكا والقرآنيين ضد العدو المشترك ؛ بأن تعطى أمريكا القرآنيين الحماية والتسهيلات المطلوبة، والقرآنيون يعطون حياتهم تفرغا لحرب التطرف فكريا عبر الانترنت و القنوات الفضائية والدراما والبرامج التليفزيونية ، وبكل اللغات التى ينطقها المسلمون داخل وخارج أمريكا .
4 ـ التكلفة المطلوبة فى شنّ الحرب الفكرية فى سنة واحدة أقل مما تتكلفه الحرب فى افغانستان والعراق فى ساعة واحدة !.. وبينما لا يوجد نصر على المدى المنظور لأمريكا فى العراق وأفغانستان مع كل تكلفة تلك الحروب العسكرية هناك فإن النصر مؤكد باستعمال الحرب الفكرية بدون الحرب العسكرية .
5 ـ الواقع فأن الحرب الفكرية هى الحل الامثل ، ليس فقط فى نشر الحرية الدينية فى مواجهة المتطرفين بل ايضا فى مواجهة الاستبداد ، بتعليم الديمقراطيه ووثقافتها . اذ لابد من تعليم الديمقراطيه قبل فرضها على الناس .
والواقع ايضا ان الولايات المتحده الامريكيه اخطأت باستعمال الحرب المسلحة فى التعامل مع المسلمين فى العراق وافغانستان وقبلها فى الصومال ولبنان ...
لان الحرب الوحيده التى تصلح هنا هى الحرب الفكريه التى تدار فى حماية القوة الحربية الامريكية والتخويف باستعمالها دون اللجوء اليها .
وسبق القول بأن الحرب الفكريه تحتاج الى قوة عسكريه تساندها وتدافع عن القائمين بها . وأن نقطة الضعف لدى القرآنيين ـ خبراء الحرب الفكرية ضد التطرف ـ أنهم مجردون من الحماية ومن الامكانات المادية.

6 ـ ومن المؤسف أن أمريكا تتجاهل تماما نضال القرآنيين فى حربهم الفكرية ضد التطرف.
ومن المؤسف أيضا أن أمريكا بكل إمكاناتها ليس لها موقع واحد على الانترنت يواجه عشرات الألوف من المواقع المتطرفة التى تنشر فكر القاعدة وتساعد بن لادن فى تجنيد العملاء وفى تدبير الأموال والمساعدات وفى تدريب الارهابيين واعداد الانتحاريين .
ومن المؤسف أن الموقع الوحيد على الانترنت الذى يدافع عن أمريكا ضد المتطرفين هو موقع أهل القرآن.
ومن المؤسف أن المركز الاسلامى الوحيد الذى يتفرغ لتنظيم الحرب الفكرية ضد المتطرفين دفاعا عن قيم الاسلام ـ التى هى نفس القيم الأمريكية ـ هو المركز العالمى للقرآن الكريم ، وهو مركز أمريكى فى ولاية فرجينيا غير قابل للربح له حق تلقى المعونات التى تخصم من الضرائب . ومع السمعة الهائلة لهذا المركز باعتباره يمثّل الحركة القرآنية فى العالم الاسلامى والذى يصدر موقع (أهل القرآن ) فإن المركز والموقع لا ينالان من راسمى السياسة الأمريكية وأجهزتها الرسمية سوى التجاهل التام .
هذا بالرغم من كل الاتصالات والمساعى التى قمنا بها فى واشنطن منذ عام 2002
كل ما حظى به القرآنيون من أمريكا والغرب هو بضعة أسطر فى تقارير الحرية الدينية وحقوق الانسان ، تتحدث عن اضطهادهم ، دون الاهتمام بذكر سبب الاضطهاد ، وأنه نضالهم فى الدفاع عن الحريات والقيم العليا ووقوفهم ضد التطرف والاستبداد.
7 ـ هذا الموقف الأمريكى المتجاهل للقرآنيين ونضالهم والمتجاهل للحرب الفكرية منذ يونية 2002 وحتى الآن ( يونية 2010 ) يستحق تحليلا . موعدنا معه بعد عام من الآن ـ لو بقينا على قيد الحياة .
فى إدارة الرئيس بوش أوصلت مشاريع الحرب الفكرية الى الدائرة الضيقة من المستشارين المحيطين بأكبر صناع القرار الأمريكى فى البيت الأبيض. وفقدت الأمل .
والآن وقت كتابة هذا المقال الأربعاء 14 يولية 2010 وصل العلم بمشروعاتى للحرب الفكرية الى الدائرة المحيطة بالرئيس اوباما. وكما حدث فى إدارة بوش لم أتلق استجابة. وبعض المستشارين فى ادارة بوش قد اجتمع بى واستمع وأنصت ، وهذا لم يحدث حتى الآن مع أى من مستشارى أوباما .
ولكن لا زلت أحتفظ بالأمل اعتمادا على إنفتاح الرئيس اوباما نفسه وتقبله للأفكار الجديدة ،أى إنه مهما بلغت صعوبات الوصول للرئيس شخصيا فهناك أمل . وحتى لا يكون أملا فى الهواء فسأنتظر عاما آخر ، مهلة لادارة الرئيس اوباما ، ثم بعدها أكتب تقييما لادارته وتحليلا للرفض الأمريكى للحرب الفكرية بعد نضال عديم الجدوى استمرعشر سنوات.
فى أحدى رسائلى للرئيس اوباما والتى لم أتلق ردا عليها قلت :
• How long will it take to convince America to help us in defeating Al-Qaida and other terrorists in the war of ideas?
• How many thousands of lives and thousand of billions America will lose until the American policy makers will be convinced to wage war of ideas?
• Who will be responsible for this wasting of money and lives?
بعد عام سأكتب شهادتى للتاريخ إن لم أتلق إلاستجابة المرجوة .

ختاما :
على أية حال تبقى التوصية لصناع السياسة الأمريكية بالآتى :
1 ـ لا يمكن الدعوة للحرية الدينية بين المسلمين منفصلة عن الدعوة للديمقراطية والحرية والعدل ، وبدون الوقوف ضد التطرف الدينى والاستبداد السياسى . كلها منظومة اصلاحية واحدة لا تستقل واحدة منها عن الأخرى .
2 ـ وهذا يستدعى استعمال الحرب الفكرية بديلا عن التدخل العسكرى وحده.
3 ـ إستعمال الحرب الفكرية يستلزم تغييرا فى ذهنية صناع القرار الأمريكى ، كما يستلزم تغييرا أساسيا فى السياسة الأمريكية يكون محوره أن تصادق أمريكا الشعوب العربية ، وليس أن تتحالف مع المستبدين العرب المكروهين من شعوبهم فتقف موقف العداء من الشعوب لارضاء بضعة أفراد من الحكام المجرمين .
هؤلاء يجب جلبهم الى المحاكمة ومعاملتهم كمجرمي حرب ومرتكبى جرائم ضد الانسانية ، وتقارير منظمات حقوق الانسان الدولية والأمريكية والأمم المتحدة هى الدليل على ذلك ، فكيف تتعامل معهم أمريكا كرؤساء وملوك حقيقيين ؟. كيف تتعامل مبارك كتعاملها مع الرئيس الفرنسى ؟ وكيف تتعامل مع عبد الله الاردنى أو السعودى كتعاملها مع ملوك اوربا الدستوريين؟ هناك فارق بين رئيس انتخبه شعبه ليقوم بخدمة شعبة وبين حاكم يستعبد شعبه ويقهر شعبه ويستعمل التعذيب فى ارهاب شعبه ، ويحول الوطن الى سجن كبير ويملأ أرجاء الوطن بحدائق خفية من القبور الجماعية .
تحالف أمريكا مع هؤلاء المجرمين ليس فقط ضد مصالح أمريكا العاجلة والآجلة ( ويمكن أن نكتب فى هذا بتفصيل أشمل فيما بعد ) وليس فقط ضد القيم الأمريكية وروح الدستور الأمريكى بل أيضا ضد الشعار الأمريكى الذى يتعلمه كل طفل أمريكى ويهتف به كل صباح فى المدرسة مع تحية العلم قائلا :( والعدالة للجميع ).

الواقع المؤلم أنه مع تغير الظروف فإن أمريكا لم تغير سياستها العتيقة مع العرب والمسلمين منذ الحرب الباردة . ولهذا تعانى السياسة الأمريكية الفشل فى الخارج ( العراق ـ افغانستان ـ الصومال ـ فلسطين ..الخ ) وحتى فى الداخل ، فقناة (الحرة ) الأمريكية الناطقة بالعربية للدعوة للحرية والديمقراطية فى العالم العربى ـ هى فاشلة بكل جدارة لأنها تراعى الحكومات العربية ولا تهتم بالانسان العربى ولا بأى شعب عربى ، وهذا لأنها تخضع للسياسة الأمريكية ، وليست قناة (حرة ) كما يقول اسمها .
ومن ملامح الفشل المزمن للسياسة الأمريكية أنها أعطت معونات بلغت حوالى مائة بليون دولار لمبارك فى مصر، واستخدمها مبارك فى توجيه الاحباط المصرى والغضب المصرى نحو أمريكا بدلا من ان يتوجه الغضب ضده شخصيا، فاتسعت الكراهية لأمريكا فى مصر بما يعادل ما أنفقته أمريكا من أموال ضاعت فى جيوب مبارك وأعوانه المفسدين ، وهى جيوب لا قاع لها ..
ثم يتساءل الأمريكيون فى بلاهة : لماذا يكرهوننا ؟
الاجابة فى سببين ، نعيد التأكيد عليهما:
1 ـ انكم تحاربون الحرب العسكرية فى ميادين لا تجدى فيها سوى الحرب الفكرية .
2 ـ إنكم تتحالفون مع العدو الأكبر للشعوب العربية ، وهو المستبد العربى ، وهو حيوان مفترس يعتمد فى بقائه على أربعة أرجل :
*إستمرار إحتكاره القوة العسكرية والبوليسية بلا حدود وتوجيهها بكل قسوة وبلا حدود لارهاب الشعوب العزّل من السلاح
• إستمرارالصراع العربى الاسرائيلى ، والصراع الفلسطينى الاسرائيلى بلا حلّ.
• نمو وتعاظم المد الارهابى بلا قيود .
• إستمرار التأييد الأمريكى للمستبدين بلا حدود .

آخر السطر
أعرف أن ما أكتبه لن يعجب الأمريكيين ولن يعجب حلفاء أمريكا ولن يعجب الكارهين لأمريكا . وعزائى أننى أكتب شهادتى للتاريخ ليعيها ابناؤنا فى منتصف القرن الحادى و العشرين .

اجمالي القراءات 14089