الأجماع
إجماع الأمة

زهير قوطرش في الإثنين ٢٤ - مايو - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

 

 

 

إجماع الأمة .

 

من أخطر المقولات التي ابتلت بها الأمة الإسلامية على مدى عصورها حتى اليوم ,ألا وهي مقولة

"لا يمكن الإجماع على خطأ" أو أجمعت الأمة على ........

هذا الوهم الذي ابتدعوه ,وأقصد القائمين على أمر هذه الأمة من علماء دين ورجال دين ,الغاية منه هو  قيادة الأمة كالقطيع . لأنه مجرد ذكر أن الأمة أجمعت ,فعلى أفراد الأمة تعطيل العقل ,وإتباع الإجماع ,بدون تفكير أو تدبر.

يقول الدكتور أحمد منصور في جوابه من على موقع أهل القرآن حول مفهوم الإجماع.

" ليس هناك ما يعرف بالإجماع ، ولم يحدث أن أجمعت هذه الأمة إلا على الاختلاف. وأحمد بن حنبل قالها فى القرن الثالث مبكرا : ( من إدعى الاجماع فى شىء فقد كذب ، وما أدراه أن الناس اختلفوا وهو لا يعلم )
ومعلوم أن ما تقوله الشيعة يخالفه السنة ، بل أن ما قاله أئمة السنة يعارض بعضه بعضا ، بل أن التلميذ يعارض شيخه، و أكثر من ذلك فالفقيه يتناقض مع نفسه فى الصفحة الواحدة حتى فى كتب الحديث "..

.

السؤال المحوري في هذا المقام ,ما هو تعريف الأمة ؟

الأمة ,بغض النظر عن التعريفات السياسية والاجتماعية لمفهوم الأمة ,فهي أولاً وأخيراً تتألف من أفراد ,بشر عادين ,لا وجود للملائكة بين صفوفهم .وهؤلاء البشر بحكم خلقهم يخضعون في أرائهم وتحليلاتهم للخطأ والصواب.والإجماع  على أمر ما لا يجعل منهم معصومين عن الخطأ. أي بمعني أخر لا نستطيع أن ننفي أن يكون إجماعاً على الخطأ.وهذا ما حدث ويحدث وسوف يحدث طالما تمسكنا بهذا الوهم.

التاريخ البشري هو الحكم على الأفكار  والمقولات والمعتقدات ,لأنه يمثل الواقع الذي مضى ,وترك لنا من بعده النتائج التي علينا دراستها وأخذ العبرة منها.

على سبيل المثال ,الناس بالإجماع كانوا يؤمنون بأن الأرض مسطحة ,تبين بعد ذلك أن إجماعهم كان على غلط.

المسلمون يعتقدون بفعل إجماع الأمة ,أن للرسول سنة خاصة به تختلف عن سنة الله الثابتة والتي لا تتحول ولا تتغير.مع أن الله عز وجل يؤكد في مواقع كثيرة في كتابه أن لا سنة لأحد غير سنته سبحانه وتعالى.

 من جهة أخرى ... فهل هذا الإجماع المزعوم فعلاً يمثل رأي الأمة بالكامل ,أبداً ....وهذا ظلم ,لأن هناك  مجموعة ليست بالقليلة تؤمن فقط بسنة الله عز وجل الوحيدة.

الإجماع في حقيقته  ,هو إجماع بعض علماء الدين أو رجال الدين ضمن مذهب ما..أو طائفة ما... أو رأي عالم وأو شيخ لمذهب أوطائفة أو طريقة, لا علاقة له بإجماع الأمة , لكن المجمعون أصحاب الرأي أو صاحب الرأي ,يتعبرون أن رأيهم هو المطلق الصحيح ,لهذا يقال عنه أنه رأي الأمة وإجماعها , من باب أن كل مذهب وكل طائفة تعتبر نفسها الفرقة الناجية وهي الممثلة للرأي مطلق الصحة.

المسلمون مثلاً, يصرون بالإجماع ,على أن للإنسان روح وجسد بناء على ما جاء في كتب التراث ,وينسجون حول مفهوم الروح روايات لا عد لها ولا حصر لها , مع أن القرآن الكريم يؤكد أن للإنسان جسداً ,ونفساً ...والروح في القرآن لها معان تختلف عن معنى النفس. ومع ذلك ومن منطلق مفهوم إجماع الأمة  فإن الغالبية تجمع أنه عند موت أحدهم  أن روحه خرجت من جسده.أليس هذا الإجماع يقوم على خطأ ,لأن القرآن الكريم كمرجعية مطلقة يقول ,يا أيتها النفس المطمئنة أرجعي....).أي الخروج للنفس.

 

في كتب التراث نقرأ مثلاً أن الأمة أجمعت على خلافة أبوبكر ,وأفراد الأمة مع كل أسف يرددون  ذلك بدون دراسة للوقائع التي حدثت بعد وفاة الرسول ,مع العلم أن تنصيب الخليفة الأول لم يكن بإجماع الأمة ,هناك من عارض ,وهذه حالة صحية  ..يجب الافتخار بها وتعميمها .

في الختام ,مقولة الإجماع ,تلغي العقل ,عقل الفرد المسلم وتجعله ينقاد إلى فكر المذهب والطائفة أو الأشخاص ,بدون تفكير وبدون تحكيم لهذا الإجماع إلى كتاب الله, مطلق المعرفة .الإجماع فتح باب التقليد الخطأ ,تقليد الآباء , وهذا ما نهى عنه كتاب الله

.القرآن الكريم دعا كل إنسان إلى استخدام عقله,ليناقش الموروث,ويناقش مقولات الإجماع الوهمية حتى لا يضل  ..

يقول الدكتور أحمد منصور .

"لو أجمع كل البشر من آلاسكا الى القارة القطبية الجنوبية وحتى النرويج واليابان و (بلاد تركب الأفيال ) من بدء الخليقة والى قيام الساعة على أمر يخالف كلام الله تعالى فى آية قرآنية واحدة فلا عبرة بكلامهم ،وليس كلامهم ملزما لأحد لسبب بسيط هو انهم لن يحاسبوك يوم القيامة ، ولأنهم لا يملكون لك موتا ولا حياة ولا نشورا."

اجمالي القراءات 23063