مفهوم الجن في القرآن

سامر إسلامبولي في الجمعة ٣٠ - أبريل - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

مفهوم الجن في القرآن

   إن القرءان هو كتاب الله المسطور، والكون كتاب الله المنشور، والتطابق بينهما ضرورة علمية وإيمانية،{أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً }النساء82، وهذا الاختلاف هو بين النص القرآني، ومحله من الخطاب في الواقع، ولو حصل ذلك؛ يخبرنا الله أن النص  ليس من عند الله، وبما أن النص القرآني ثابت لدينا - نحن المسلمين- أنه من عند الله؛ فلا شك أن التطابق والتلاؤم والانسجام مع الفطرة والواقع شيء لابد منه.

  هذه مسألة ثابتة ليست هي محل نقاش أو اختلاف، ولكن المشكلة تكمن بفهم المسلمين للقرآن، وطريقة التعامل معه، وإذا نظرنا إلى طريقة تعامل معظم المسلمين مع القرءان نجدهم يتعاملون معه بشكل جزئي وتقطيعي، بمعنى العضوضة للنص القرآني، اقرؤوا قوله تعالى: {الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ }الحجر91، فدراسة مفهوم مُعين بالقرآن ينبغي أن يتم وَفق منهج خاص به، وذلك من خلال ترتيل الآيات المتعلقة بالموضوع، ومن ثم ترتيبها حسب الأولوية والأسبقية، واستحضار المفهوم اللساني لها، وتشكيل مفهوم عام يحكم دلالة الكلمة في كل الآيات، وملاحظة المعاني من خلال السياق، لأن إذا اختلف المبنى ومكان الكلمة اختلف المعنى والمقصد مع ثبات المفهوم اللساني، والأمر أشبه باللوحة التركيبية المؤلفة من آلاف القطع، فنزع قطعة واحدة من المجموع، ومحاولة فهمها وحدها ضرب من الجنون والوهم، لأنها جزء من منظومة عامة، ولا يمكن فهمها إلاّ بإرجاعها إلا محلها من اللوحة، ووضعها بين القطع الأخرى حتى يتم ظهور المنظر العام، وكذلك النص القرآني؛ لا يمكن  تشكيل فهم من نص واحد أبداً، ولو فعل أحدكم ذلك لوصل إلى مفاهيم باطلة، ووهمية مضحكة، مثل الذي يأخذ جملة       (فويل للمصلين) أو ( لا تقربوا الصلاة) أو (فانكحوا ما طاب لكم)....الخ، فهذه المقتطعات لو أُخذت وحدها لوصل الإنسان لمفاهيم مخالفة للقرآن ذاته!!.

   وهذا العرض يوصلنا إلى أهمية عدم عَضوضة النص القرآني ، وعدم تشكيل فهم من نص واحد، وعدم فصل دراسة النص عن لوحته الخاصة به المتمثلة بالواقع، لأن الواقع هو المصداقية الحقيقية الذي يحكم على الأفهام في حال اختلف الدارسون له، كون الواقع هو كتاب الله المنشور، وهو فعل الله الظاهر لكتاب الله المسطور، والفعل أوضح من الكلام وضابط له، والطرفان المختلفان يرجعان إلى القرآن، فهذا ليس محل اختلاف، وبالتالي من الخطأ أن يتَّهم أحدهما الآخر بإنكار النص القرآني، والصواب هو اختلاف في الفهم، ورأي يقابل رأي الآخر، والصواب بينهما للذي يستطيع أن ينزل فهمه على الواقع، وَفق المفهوم اللساني، والمنظومة القرآنية كلها.

   وينبغي على الباحث أن لا يتأثر بمفهوم الأكثرية، أو الآبائية، أو مُضي الزمن الطويل على هذا المفهوم ...، فهذه كلها آفات اجتماعية تمنع الباحث من الوصول إلى الحقيقة، وحذَّر القرآن منها.

   وما أجمل كلمة الإمام علي - كرَّم الله وجهه- إذ قال لرجل يزن صواب الأفكار بمكانة الرجال: ويحك؛ الرجال ليس ميزاناً للأفكار، والحق  لايُعرف بالرجال، اعرف الحق تعرف أهله، والحق أحق أن يُتبع، ولو لم يقل به أحد، لأن الحق قوي بذاته. يالها من كلمة عظيمة صارت قاعدة فكرية ومنهج علمي.

   وبعد هذا المدخل نأتي لتسليط الضوء على مفهوم الجن في القرآن مستخدمين ما تم عرضه من منهج أو ضوابط، متجنبين الاتهامات أوالشك في النوايا، والطعن بالشخصية، وحصر الدراسة بالأفكار فقط، وهذه الدراسة ليست كاملة ولا تُغطي كل البحث، لأن مهمة المحاضرة هي عرض أهم الأفكار إضافة لرأي المحاضر، وهي غير مُلزمة لأحد، وإنما مهمتها إثارة الأفكار، وإعادتها إلى طاولة البحث والدراسة، ومن الطبيعي أن يكون هناك موافقين، أو مخالفين، أو متوقفين.

    ولدراسة مفهوم دلالة الجن، لابد من أمرين: أحدهما: دلالة الكلمة لسانياً، والآخر صور استخدامها في القرآن.

   أولاً : دلالتها اللسانية: كلمة (جن): الجيم والنون أصل واحد يدل على  الجهد أو الطاقة المستورة أو المختبئة. ومن هذا الوجه تم استخدامها على كل من يتصف بهذه الصفة، الستر والاختباء. نحو المجنون، والجنة، والجنين...الخ.

  ثانياً: صور استخدامها في القرآن:

1 ـ أتت كلمة (الجن) تدل على نوع من الأفاعي السريعة في حركتها.

{وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ }النمل10

   2ـ أتت كلمة (الجن) تدل على الكائن البشري في بطن أمه، كونه غائباً عن الأعين. { هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى }النجم32 .

3 ـ أتت كلمة ( الجن) تدل على الملائكة؛ كونها مخلوقات غائبة عن الأعين. {وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ }الصافات158،وذلك عندما قال الكافرون: إن الملائكة هي إناث، وهي بنات الله، راجع سياق الآية.

4 ـ أتت كلمة (الجن ) تدل على شدة اسوداد اللّيل، وحجبه للأشياء.

قال تعالى: {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَباً قَالَ هَـذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ }الأنعام76

5 ـ أتت كلمة (الجن) تدل على غياب العقل والإدراك.

{إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ }المؤمنون25

6ـ أتت كلمة (الجن ) تدل على المكان المليء بالأشجار الكبيرة، التي تظلل الأرض وتخفيها{فَأَنشَأْنَا لَكُم بِهِ جَنَّاتٍ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ }المؤمنون19

7ـ أتت كلمة (الجن ) تدل على مكان الثواب؛ الذي أعده الله  U في اليوم الآخر للمؤمنين{ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }الحديد12.

8 ـ أتت كلمة (الجن ) تدل على الاحتجاب، والاختباء، و التّحصن  وراء الشّيء( {اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }المنافقون2  

9 ـ أتت كلمة ( الجن) تدل على القوم الغرباء المجهولي الهوية، أو سادة الناس.

{قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً }الجن1 .

   إذاً؛ كلمة الجن في اللسان العربي تدل على صفة الستر والاختباء، وليست هي اسماً لجنس بعينه، والقرآن نزل بلسان عربي مبين، واستخدم معاني كلمة الجن حسب دلالتها اللسانية.

والسؤال الذي يفرض ذاته هو: هل يوجد كائن جني شبحي يعيش بين الناس، ويسيطر عليهم أو يؤذيهم، كما هو سائد في الموروث الإنساني قاطبة؟

  والجواب عن هذا السؤال لابد له من أمرين أو أحدهما:

  الأول: برهان علمي، وهذا يعني قابلية هذا الأمر للدراسة العلمية.

  الثاني: برهان نقلي من القرءان يخبر بوجوده بشكل صريح وقطعي الدلالة.

والمشاهد أن هذا الكائن الجني الشبحي لا يخضع للعلم والدراسة،وبالتالي انتفى عنه البرهان العلمي.وانحصر الأمر بالبرهان النقلي من القرءان فقط.

     لننظر في مفهوم الجن الشبحي هل هو من ولادة القرآن، أو ولادة الموروث الإنساني في قديم الزمان من قبل نزول القرآن نتيجة التخلف والبدائية في الحياة؟

نجد أن مفهوم الكائن الجني الشبحي من المفاهيم الوافدة، التي دخلت إلى الثّقافة الإسلامية، واندرجت تحت نُصُوص قرآنية، مستغلين دلالات لسانية قاموا بتعبئتها حسب احتمالها اللساني، ومرروا هذه الخرافة التّاريخية التي نُسجت في الخيال الشّعبي منذ آلاف السّنين؛ نتيجة غياب العلم والوعي،  وعدم استطاعة الإنسان حينئذ من معرفة أسباب الظّواهر التي تحدث له أو لغيره، أو من حوله، مع وُجُود طبقة من النّاس  لها غرض في تكريس مثل هذه المفاهيم، فقاموا بتعزيزها في أذهان النّاس؛ حتَّى صارت عقيدة يتوارثها الأجيال، ولم تَسلم منها الرّسالات الإلهية؛ وذلك لاستمرار وُجُود هذه الطّبقة النّفعية المستغلة، فأدخلوا هذا التصور الجني، إلى مضمون الرّسالات الإلهية،  من خلال استخدام دلالات الكلمة وسلطة النّص الإلهي؛ فقاموا ببناء مفهومهم من أهداب الكلمات، وجعلوها تنطق بما يريدون إيجاده  في أذهان النّاس، مستغلين قابلية المخيال الاجتماعي المتوارث بين مجتمعات أهل الأرض قاطبة لهذه المفاهيم !، ويعترضنا سؤال مهم جداً ، لماذا لا تتعامل هذه الكائنات الشبحية إلا مع النصابين والمخادعين!؟ ولماذا لا يخاف منها أو يحسب حسابها إلا البسطاء من الناس !؟

لذا؛ ينبغي استبعاد تأثير هذه الطّبقة الهامانية من الثّقافة الإسلامية، واستبعاد الخرافات الشّعبية من الأذهان، وتغيير طريقة دراستنا للمفاهيم التي كانت من الكلمات إلى الواقع، وجعلها من الواقع إلى الكلمات، فالواقع هو محل الخطاب، ومن ثم، هو الذي يوجه دلالات النّص دون الخروج عن مفهومه اللساني الثابت؛ لأنَّ المُسَمَّيات توجد قبل أسمائها(1).

والقرآن كتاب مُبين بذاته لا يحتاج إلى بيان، لأن كلمة (مبين) اسم فاعل، وتدل على صدور فعل التبيين، وكذلك هو نوريضيء للآخرين طريق المعرفةوالإيمان، انظروا إلى قوله تعالى: {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ }يوسف1، وقوله: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُّبِيناً }النساء174، فالقرآن مبين ونور بذاته، {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ }فصلت42، وقد حفظ الرب النص القرآني من أن يتلاعب فيه أحد {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }الحجر9، وهذا يقتضي أن نحصر الدراسة والاستدلال به فقط، فالصواب ما أقره القرآن، والباطل ما حكم عليه القرآن بالوهم، فكلام الله يعلو ولا يعلى عليه.

   لنرى هل القرآن أخبر بوجود مثل هذا الكائن الشبحي الذي حيكت حوله القصص والعجائب!.

- الأمر الأول: النّص القرآني، لم يوجه الخطاب التّشريعي لغير الإنسان، فلا يُوجد تشريع لجنس آخر في القرآن، ومن المعلوم أنَّ القرآن خطاب للإنس والجن، بدليل تكليفهم وحسابهم. اقرؤوا قوله تعالى:

{وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ }إبراهيم34

{وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَؤُوساً }الإسراء83

{وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }العنكبوت8

{إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً }الأحزاب72

{يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ }الانفطار6

{يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلَاقِيهِ }الانشقاق6

{وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً }البقرة30

أين الجن في الخطاب الإلهي هذا ؟ ألا تلاحظون أن الخطاب كله للإنسان فقط؟ أليس الإنسان وحده الذي حمل الأمانة !؟

- الأمر الثّاني: إنَّ بين الجن والإنس تداخُلاً في العلاقات الاجتماعية، والثّقافية، ويؤثرون في بعضهم بعضاً؛ أي أنهم يعيشون في عالم واحد، وهذا دلالة كلمة ( يا معشر) التي أتت مرة واحدة في النص، ولم تتكرر، ولو كان الجن ليس من الناس لأتت كلمة (يا معشر) مرة ثانية خاصة لهم.

{يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ }الرحمن33

{وَيَوْمَ يِحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَآؤُهُم مِّنَ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِيَ أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَليمٌ }الأنعام128

-الأمر الثّالث: إنَّ الرّسل، لا يبعثها الله إلا من جنس قومها، والرّسل للبشر هم من البشر،  ولا يُوجد رسل من الجن إلى الجن.

قال تعالى: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَـذَا }الأنعام130

قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قومه} (إبراهيم 4).

انتبهوا إلى كلمة ( معشر) أتت مرة واحدة فقط، ولم تتكرر في النص قبل كلمة (الإنس) وهذا يدل على أن كليهما معشر واحد من العشرة والاختلاط.

-الأمر الرّابع: إن رسالة الإسلام موجهة إلى النّاس فقط، وكلمة الناس تشمل الإنس والجن .

قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ }سبأ28

وبناء على ما ذكرنا نلاحظ أن كلمة (الناس) عامة يدخل تحتها نوعين: الإنس والجن ذكوراً وإناثاً.

{قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً }الأعراف158

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }الحجرات13

{قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ }الحج49

{فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ }البقرة24

أين الجن في الخطاب الإلهي هذا؟

- وكلمة (ناس) من نوَس ينوس نَوَساناً، وهي تدل على الحركة المستورة المنضمة على بعضها بامتداد و منتهية بحركة حرة. وهذا الذي يحصل في العلاقات بين الناس من كونها تنوس نَوَساناً مثل حركة نوَّاس الساعة مع تعدد احتمالات التنوس، لاحظ وجود حرف النون في كل من كلمة (إنس) ، وكلمة (جن)، وترتيبه في الكلمة.

- وكلمة (إنس) من أَنِس يأنس إنساناً، وهي تدل على الألفة والاستلطاف، والراحة وقَبول الآخر، والتعايش معه، والظهور، وضدها التوحش التي تدل على الطباع الغليظة والمنفرة والقاسية، وعدم التعايش، و رفض الآخر.

- وكلمة (جن) تدل على الجهد أو الطاقة المستورة أو المختبئة، بمعنى حركة الكائن الإنساني بشكل مخفي في الحياة، ولا يُظهر نفسه للآخرين فهو مُقل بالظهور علناً حسب طبيعة عمله.

   وهذا يدل على أن الجن من الناس مثل الإنس ضرورة لدخولهم في معشر واحد، وخطاب واحد، وشرع واحد.

والإنس والجن صفتان لبني آدم من الناس، ويختلفون بطريقة حركتهم في الحياة المعيشية في عالم واحد متداخل بينهما، فهما صفات؛ لا أجناس.

وعلى ضوء ما مرَّ ذكره من نصوص قرآنية نفهم النصوص الأخرى مثل:

{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ }الذاريات56، فالله خلق الناس، وكلمة ( الناس) تشمل الجن والإنس، وقد خاطبهما الله معاً بخطاب واحد: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً }الأعراف158، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }البقرة21، وهذا يدل على أن الجن من الناس مثل أن الإنس من الناس، فَمَن هُم الناس الجن؟ إنهم الفئة التي تعيش في المجتمع بشكل خفي في حركاتهم وأعمالهم لايظهرون غالباً لبقية الناس، مثل رجال الأعمال، والقيادات، وغيرهم ممن يتحكم في شؤون الناس، وهذا ملاحظ في الواقع لمن يعيشه، فيخبرنا الله أن هؤلاء الجن، و الإنس كلاهما مخلوقان لممارسة العبادة التي تدل على الحرية في الاختيار، لأن كلمة (عبد) من كلمات التضاد في ظهورها، فيوجد عبد الرحمن، ويوجد عبد الشيطان، والكلمة أتت منفردة لم تُحَدد جهة العبادة، وهذا يدل على الصورتين معاً، {وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً }الكهف29.

   ونجد في القرآن كلمة (شيطان) وهي من شطن: التي تدل على انتشار ودفع منته بستر، ومن هذا الوجه يُقال لمن ابتعد عن منهج الله وشرعه؛ شيطان، وذلك لتحركه في الحياة بشكل همجي دون ضوابط تضبط سلوكه. ونقول عن الولد المؤذي في حركته: شيطان.

   إذاً؛ كلمة شيطان هي صفة مثل كلمة الجن، وليست اسم جنس، ويمكن أن تتحقق بالإنس ، ويمكن أن تتحقق بالجن، لأن ليس كل من اتصف بالجن هم شياطين، فيوجد جن صالحون، وآخرون كافرون،{وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَداً}الجن11.

   وكذلك كلمة إبليس فهي من بَلس التي تدل على جمع مستقر يتحرك ببطء لازم ينتهي بحركة حرة، وتظهر هذه الصورة من خلال الشيطان إذا وسوس، ومن ثم يجمع نفسه، ويفر متسللاً إذا ظهر الحق. انظر قوله تعالى:

{الذي يوسوس في صدور الناس ، من الجنة والناس}الناس5- 6. فهذا الشيطان الوسواسي يقوم بالوسوسة في صدور الناس، بمعنى أنه يقصد الذين يتصدرون قيادة الناس، ويحاول أن يقلب الحقائق وينشر الفتن، فإذا كُشف أمره أبلس، فكلمة إبليس صفة يمارسها الجني أو الإنسي من الناس، اقرأ قوله: {فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى }طه120، فالذي يوسوس هو الشيطان سواء أكان من الجن أم من الإنس، و الذي وسوس  لآدم هو من نوع الجن الشيطاني؛ أي من طبقة متسلطة من الناس ذات النفوذ اقرأ قوله: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً }الكهف50، فالصفات الثلاثة ( الجن والشيطان وإبليس) قد تحققت به.

ويقوم بالوسوسة أيضاً النفس الأمارة بالسوء اقرأ قوله:

{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ }ق16

{وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ }يوسف53

فالوسوسة الخارجية تكون من شيطان جني أو إنسي، والداخلية من نفس الإنسان الأمارة بالسوء.

   والنفس هي كائن منفوخ في الجسم من الروح تقود الجسم وتتفاعل من خلاله مع العالم الخارجي، وهي مخفية عن الأعين، وبالتالي هي كائن جني مختلفة في وجودها عن وجود الجسم، وكل منهما خُلق من مادة تتناسب مع طبيعته، لنقرأ قوله تعالى: {خَلَقَ الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ }{وَخَلَقَ الْجَانَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ }الرحمن 14- 15

فالإنسان كجسم خلقه الله من طينكما أخبر في نص آخر: {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ }السجدة7، فما هي المادة التي خُلقت منها النفس ؟ نجد ذلك في قوله: {وَخَلَقَ الْجَانَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ}كون النفس هي الكائن المخفي في الجسم ، وبالتالي هي الكائن الجني المخلوق من مارج من النار، أي من ألسنة النار المتصاعدة نحو الأعلى، ولذلك لا نجد للنفس وزناً أو لوناً أو حجماً!!، والله يتوفى الأنفس حين موتها، ولا يتوفى الأجساد!، اقرؤوا قوله تعالى:{اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }الزمر42،فالوفاة للنفس لا للجسم أو الروح، وبذلك صار الإنسان كائناً ترابياً ونارياً بوقت واحد، أي جسم ونفس، وروح تحكمه.

ونجد مصداق ذلك في قول إبليس عندما رفض أن يسجد لآدم: {قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ }الأعراف12، فماذا كان الجواب؟ ولماذا لم يستمر الحوار وتوقف فجأة!؟ اقرؤوا قوله: {قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ }ص77، لعنه الله لمعصيته،وطرده من الاستمرار في الحوار لأنه تغافل خلق النفس من النار عند آدم، وأثبت له صفة الطين فقط، وأغفل صفة الطين عنده وأظهر صفة النار، وهذا الفعل منه كان سبب عدم استمرار الحوار، لأن كليهما مخلوقان من نار وطين، ومثل ذلك كمثل من يقول متافخراً : إن جسمي فيه عظام بينما جسمك فيه لحم، أو دمي فيه كريات بيضاء ودمك فيه كريات حمراء، فهذه الأقوال لا تصدر إلا من غبي أو متكبر،  والحل هو؛ طرده وإيقاف الحوار ، وهذا ما حصل تماماً.

  أما قوله تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ }الأعراف27،فيجب أن لا نفهمها بشكل سطحي، فالنص يتكلم عن الرؤية الذهنية من الرأي، وليس عن الرؤية العينية، اقرؤوا قوله تعالى: { فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى }الصافات102، بمعنى أن رأي الشيطان وأتباعه فيكم غير رأيكم فيهم، وذلك راجع للمفاهيم التي يحملها كل منهما، فالمؤمنون يرون الناس بمنظار الحب والاحترام والإنسانية، بينما الشياطين وأتباعهم يرون الناس من منظار الكراهية والحقد والحسد والازدراء لهم، لذا؛ كان لكل منهما اتجاه في الرؤية يختلف عن الآخر، وهذا دافع لأن لا ينخدع المؤمنين بمظهر الشياطين، ويجب أن ينتبهوا لرؤيتهم الشريرة.

  وكلمة ( عفريت) تدل على قوة الإنسان بشيء وإتقانه له، نحو قولنا: إن زيداً عفريت في البناء، وهذه الصفة يمكن أن يتصف بها الإنسي أو الجني، اقرأ قوله : {قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ }النمل39، العفريت في النص كان من الجن، بمعنى أنه من السادة الغرباء الذين أسرهم النبي سليمان، وكلمة عفريت تدل على أنه كان من الماهرين في النجارة أو ما يلزم لصنع العرش، ولم يقصد العفريت أن يسرقه!.

لننظر أيضاً لصفة الجن الشياطين في المجتمع ماذا يفعلون؟ قال تعالى: {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً }الإسراء64،والنص واضح بتحديد الفئة التي تشارك الإنس في الأموال والأولاد، وتمارس عليهم الوعود الكاذبة، هل هم كائنات شبحية غير مرئية ؟ وغير موجودة إلا بالذهن فقط؟ هكذا يريد الشيطان أن يُقنعكم حتى تتوجه ممانعتكم باتجاه عدو شبحي، وتقاتلون طواحين الهواء.

   حذرنا الله من كيد الشيطان وتدليسه، وأخبرنا أن رأيه فينا يختلف عن رأينا فيه، فهو عدو مُبين يخطط لنشر الفساد والرذيلة والظلم والاستبداد، والاستعباد للناس: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ }فاطر6، هل يحذرنا الله من عدو شبحي غير ممكن معرفته، وغير قابل للمشاهدة العينية؟

   انتبهوا أيها الناس لأهمية هذه المفاهيم في القرآن، وتعاملوا معها بشكل علمي وواقعي، واعرفوا أعداءكم من شياطين الجن والإنس.

   وأخيراً أقول لكم: إن هذه المفاهيم ليست من أركان الإسلام أو الإيمان، وإنما هي مفاهيم اجتماعية على درجة من الخطورة، فمن فهمها بشكل سطحي، أو شبحي جعل نفسه هدفاً سهلاً للاستعباد من شياطين الإنس والجن، وعاش بوهم وخرافة، ويخاف من خياله، وينطبق عليه مقولة المصريين: الذي يخاف من الجن يخرج له. وذلك من كثرة التصور له في ذهنه، فيجسده أمامه ولا يراه إلا هو!!. ومَن فَهمها بشكل واعي حصَّن نفسه من شرور شياطين الإنس والجن، ومن الخرافة أن تعشش في ذهنه، وحافظ على أمواله وأولاده وعرضه.

   وهذه المحاضرة محاولة لتحرير الناس من المفاهيم الشبحية والخرافية، تعرضت فيها لشرح أهم الآيات، وحاولت أن أغطي معظم الشبهات، والموضوع مازال بحاجة للدراسة والتوسع، وتركت ذلك للناس الواعيين، وأنتم منهم حريصون على معرفة الحقيقة، فكملوا المشوار دراسة، وحواراً، ونقداً.

وفي نهاية المطاف أقول لكم:  أنا أقول، وغيري يقول، وللناس عقول!، والواقع مصداق لما نقول.

 وشكراً لحسن استماعكم

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

المركز الثقافي في درعا

مدينة الحراك

  الخميس 842010

سامر إسلامبولي

www.arabquran.net

islambouli@gmail.com

mob:oo963- 945990653

 

                                                         

 

 

 

 

 

 

 

 



(1)
راجع كتابي (القرآن بين اللُّغة والواقع)، فصل كيف نتعامل مع النّص القرآني.

اجمالي القراءات 58182