عُقبالك يا مصر

كاميل حليم في الثلاثاء ٢٣ - فبراير - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

فى طريق عودتى من العاصمة البريطانية لندن قرأت خبراً بانتخاب السيدة لورا تشنشلا كأول رئيس لجمهورية كوستاريكا بأمريكا الوسطى، حيث حصلت لورا بنجاح باهر على نسبة 47% من الأصوات مقابل 23% فقط حصل عليها أقوى منافسيها.

وكنت عائدا من مزاد دولى لبيع تمثال للفنان المصرى العظيم محمود مختار اسمه "الهانم" وهو تمثال لسيدة مصرية أنيقة فى بداية القرن الماضى ترتدى الحجاب "الياشمك التركى" والذى تم حفره قبل أيام قاسم أمين، وكان مزيج مشاعر الفرح بنجاح لورا فى كو&ig;ستاريكا وموضوع التمثال وراء كتابتى لهذا الموضوع دفاعاً عن حقوق ونصرة المرأة المصرية العظيمة.

فبعدما بدأ قاسم أمين حركته فى توعية المجتمع المصرى نحو حقوق المرأة المصرية، وبعدما خلعت هدى شعراوى حجابها فى محطة مصر ومنذ بداية العشرينات بدأت مرحلة تقدمية عظيمة للمرأة المصرية التى كبرت شيئاً فشيئاً فى مصر حتى وصلت ذروتها خلال الخمسينات والستينات حيث كنا معها فى مدرجات الجامعات وفى منازلنا ومنازل أصدقائنا وفى أماكن العمل وباقى مناحى المجتمع جنباً إلى جنب ويداً بيد وعلى قدم المساواه نحو بناء المجتمع والحضارة، وكان شعورنا نحوها بالغ الاحترام والحب والتقدير.

وخلال أيام السادات وبعدها انتشر الهوس الدينى وحلت نكسة خطيرة بحقوق المرأة المصرية، وباتت المرأة المصرية تسير فى خط والحركة التى بدأها قاسم أمين وهدى شعراوى تسير فى خط معاكس، وصارت كل منجزاتها فى خطر عظيم وحتى الآن لم يتدخل رجل مصرى واحد للدفاع عن المرأة المصرية وعن حقوقها.

ومنذ أسبوع قرأت مقالة لنائب مجلس الشعب السابق الأستاذ أنور عصمت السادات تحت عنوان " قبل أن يفوت الآوان " والتى جاء فيها أن زواج القاصرات المصريات من العرب صار يزيد عن 40 ألف حالة، ووصل عدد أبنائهن إلى 150 ألف طفل نتيجة لزواج السياح العرب لمدة تتراوح بين خمسة إلى عشرة أيام مقابل مبالغ مالية معينة لينتهى الزواج بعد تلك الفترة ويعود السائح العربى لبلده وزوجته تاركاً المرأة المصرية فى مشاكل عويصة لتبقى معلقه بين السماء والأرض هى ومن قد يكون بدأت تدب فيه الحياة فى أحشائها نتاج تلك العلاقة السياحية، وكذلك قرأت فى اليوم السابع خبرأً يؤكد أن الشرطة المصرية قامت بالاعتداء بالضرب على عدد من الممرضات لتظاهرهن السلمى أمام مجلس الشعب للاعتراض على ضعف أجورهن.

ودعونا نذهب للماضى القريب عندما كنا فى مراحل الشباب لندرس العلاقة بين شباب وبنات مصر فى الخمسينات والستينات، والسؤال الذى ينبغى الإجابة عليه.
هل كانت نظرة الرجل للمرأة فى تلك الفترة نظرة رومانسية راقية أم نظرة جنسية حسية ؟
وهل كان الرجل المصرى يتغزل فى جمال نفسها وروحها وذكائها وأهميتها بالنسبة له كشريكة للحياة أم كان يتغزل فى شعرها ومفاتن جسدها كما كان موجوداً فى فترة الجاهلية والتى ظهرت ملامحه كثيراً فى شعرهم الجاهلى ؟
ولعل مكتبة الموسيقى المصرية خلال فترة الخمسينات والستينات لأبلغ دليل للتعبير الصادق عن مشاعر الرقى والرومانسية المصرية الأصيلة التى كان يُكنها الرجل للمرأة فى تلك الحقبة؟ وأن النظرة الحسية فقط كانت تُترك لتكوين العائلة وإنجاب الأطفال. وتلك بعض النماذج من مكتبة الأغانى المصرية فى تلك الفترة :
فريد الأطرش :
- نورا نورا يانوره – يا ورده نادية فى بنورة – اسمك على رسمك صورة – يا قمرايه يا أمورة
- زينة زينة يازينة
- يا أبو ضحكة جنان مليانة حنان – أضحكها كمان وكمان وكمان – يا أبو ضحكة جنان
- ليه الدنيا جميلة وحلوة وانت معايا وانت معايا
عبد الحليم حافظ :
- بحلم بيك أنا بحلم بيك – وبأشواقى مستنيك
- أسمر يا أسمرانى مين أساك عليا – لو ترضى بهوانى برضه انت اللى ليه
- جانا الهوى جانا - ورمانا الهوى رمانا – ورمش الأسمرانى شبكنا فى الهوى
وفاق عبد الوهاب الجميع فى الرومانسية المصرية عندما غنى الحبيب المجهول وتغنى فى حبيبته التى لم يرها أو يقابلها
- فين أنت معرفشى – مين أنت معرفشى .
ولاننكر تحرك الكثيرات من رموز المجتمع للدفاع عن المرأة المصرية منهم سيدات مصر كجيهان السادات وسوزان مبارك ولكن للأسف لم يتدخل الرجال المصريين للدفاع عنها وعن نكستها، ويجب أن نعرف أن العظيم قاسم أمين هو الذى مهد الطريق لهدى شعراوى لتصل لهدفها الأخير بمحطة مصر.

ما أحوجنا اليوم لرجال شجعان لتبنى حركة حقيقية للدفاع عن حقوق وكرامة المرأة المصرية العظيمة ليطرحوا مشاكلها على بساط البحث من أجل مستقبل مصر ويبرأوا الأديان من زواج الأسبوع السياحى أو قمع عقل المرأة لإرغامها على فعل شئ لا تريده، ويغسلوا سمعة شرف الرجولة المصرية من عار السكوت عن ضرب بناتنا أمام مجلس الشعب.

اجمالي القراءات 10584