حُكم إعدام سياسي

مدحت قلادة في الإثنين ٠٨ - فبراير - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

 

عندما نضع شعاراً للعدالة وهوامرأة معصوبة العينيين وتحمل ميزاناً للعدل فهذا ليس  لغواً!! فالمقصود أن العدالة بقدر ما هي رحيمة فهي ناجزه وباترة لا تفحص في وجوه البشر هذا أبيض وذاك أسود هذا جميل وآخر قبيح فاستقلالية القضاء  عامل رئيس لضمان العدالة (بمعنى أن  القرارات والأحكام  القضائية لا بد &atilaacute;ا بد من أن تصدر بحيادية كاملة وهي غير خاضعة لنفوذ السلطات الأخرى) "التنفيذية والتشريعية" أو لنفوذ المصالح الخاصة من رجال السياسة والأحزاب... ففى بعض الدول مثل المملكة المتحدة يشغل القاضي عمله مدى الحياة ضماناً لاستقلالية  القضاء من خلال إبقاء القضاة لمدد طويلة وأحياناً مدى الحياة في مناصبهم وجعل إزاحتهم من مناصبهم أمراً صعباً.

وفي نفس السياق

ففى مقال للدكتور سليم نجيب القاضى المصرى بمدينة تورنتو كيف كان القضاء المصري الشامخ في العصر الليبرالي. فقد وقعت واقعة مع شيخ قضاة مصر آنذاك المرحوم سيد باشا مصطفى حينما كان رئيساً لمحكمة النقض فلقد إمتدح وزير العدل آنذاك القضاة في مصر. فما كان من شيخ القضاة إلا أن إنتقد وزير العدل بشدة قائلاً له:- "من يمتدح القضاء يستطيع أيضاً أن يذمه وينتقده مما يعد تدخلاً سافراً من السلطة التنفيذية في السلطة القضائية وهدد بالاستقالة إن لم يعتذر وزير العدل على ما قاله وفعلاً إعتذر فوراً وزير العدل. أليس هذا هو قمة القضاء النزية الشامخ؟؟ تُرى ماذا كان سيحدث الآن في هذا العصر؟! رحم الله هذا العهد الليبرالي العظيم الذي أنجب لمصر قضاة عظام سيذكرهم التاريخ دائماً أبداً أمثال المرحومين عبد العزيز باشا فهمي، سيد باشا مصطفى، كامل بك لطف الله، كامل باشا مرسي والفقيه العلامة الدكتور عبد الرزاق باشا السنهوري رئيس مجلس الدولة الذي أصدر العديد من الأحكام لتصحيح مواقف الحكومة الخاطئة والسراي الملكية.

ومن ناحية أخرى في السبعينيات من القرن الماضي كان أحد القضاة الكنديين ينظر في قضية معروضة أمامه وأثناء سير القضية تلقى مكالمة تليفونية من مكتب أحد الوزراء "يستعلم" فقط في أمر هذه القضية. فما كان من هذا القاضي إلا أن فجر أزمة دستورية يتهم هذا الوزير بتدخل السلطة التنفيذية في أعمال السلطة القضائية وأثير هذا الموضوع في البرلمان الكندي والصحافة الكندية مما أدى إلى إرغام هذا الوزير على الاستقالة من الوزارة.

. ولكن العدالة فوق الجميع.

أما في دول العالم الثالث فهناك تداخل واضح بين السلطات بعضها البعض بل هناك أحكام تصدر بقرار سياسي ومثال واضح  لتداخل السلطات بعضها البعض حديث الدكتور فتحي سرور مع إذاعة البي بي سي يوم الأول من فبراير وهو تصريح في غاية الخطورة للأسباب الآتية:

أولاً: قوله بأن الجريمة ضد أقباط مصر ليست طائفية مناقضاً بذلك  حديث السيد رئيس الجمهورية حسني مبارك في خطابه يوم الخامس والعشرون من يناير أنه سيضرب بيد من حديد ضد مسببي أحداث الفتنة الطائفية.

ثانياً:  بأن فتاة فشوط قتلت جراء الاعتداء عليها وهو  ينافي الواقع إذ أن الفتاة ما زالت حية ترزق حتى الآن.

ثالثاً: قوله بأن ليست هناك فتنة  طائفية وإن ما حدث نتيجة لحوادث الاعتداء على فتاة مسلمة يؤدي إلى تدهور الأمور أكثر وأكثر وإعطاء ضوء لتكرار تلك الجرائم في مناحي المحروسة.

رابعاً: قوله  بأن فتاة فرشوط ماتت نتيجة الاعتداء ليس فقط مخالف للواقع بل يؤدي للتأثير على القضاء المصري ويخالف  أيضاً تقرير الطبيب الشرعي وأقوال المجني عليها فتقرير الطبيب الشرعى يؤكد أن الفتاة لم تجبر بالقوة ولم تخطف فقد ذكرت في التحقيق أن المتهم (حاول) الاعتداء عليها ولم تذكر أنه (اعتدى عليها)!!

إن حديث الدكتور فتحي سرور يصيب العدالة في مقتل لأنه ألصق تهمة القتل والاعتداء للشاب جرجس روماني جرجس رغم أن التحقيقات لم تنته بعد.

محاولة الدكتور فتحي سرور إثبات للعالم أجمع أن الأحداث فردية جنائية بحتة وليست طائفية جعله يحيد عن الحقيقة والنتيجة حكم بالإعدام على شاب من الممكن إثبات براءته من واقع الأدلة وتقرير الطبيب الشرعي واعترافات المجني عليها وهي لم تمت بعد.

أخيراً: تتميز دول العالم الثالث بعدم الفصل بين السلطات الثلاثة بل من الممكن جداً أن تتواجد السلطات السالف ذكرها في شخص واحد!! حيث ترى  رجل في ثقل الدكتور فتحي سرور أستاذ القانون الجنائي  ووزير التعليم السابق  ورئيس مجلس الشعب المزمن يتحدث بلهجة رجل القبيلة وليس رجل القانون وهو ما يضعه تحت طائلة القانون ويجوز لأي مواطن أو محام  رفع دعوى ضده طبقاً لقانون العقوبات المصري لتدخله في قضية ما زالت رهن التحقيق والمحاكمة.. مما  يوثر على حسن سير العدالة

أخيراً: ألا يكفي الظلم الذي يعانيه أقباط مصر فيجب أن يقدموا على مذابح العدالة ليحاسبوا على جرائم لم يرتكبوها قط.

 

 

"ملك صالح خير من شرائع عادلة" مثل دنمركي

لا أعرف خطيئة أعظم من اضطهاد برىء باسم الله؟ من اقوال غاندى

 

اجمالي القراءات 9825