هلوسة النقاب وفكر القطيع

رمضان عبد الرحمن في الإثنين ١٢ - أكتوبر - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً

 

هلوسة النقاب وفكر القطيع
 
بعد أن أثار شيخ الأزهر قضية النقاب مؤخراً وتناولت هذا الموضوع بعض الصحف المصرية بين مؤيد ومعارض، وبعض القنوات التلفزيونية كقناة البي بي سي وقناة دريم في برنامج العاشرة مساءً، وكل من تكلم عن هذا الموضوع لم يجاوبوا بشكل قطعي من ناحية الشرع، هل النقاب من الدين أم لا؟!.. وعلى رأسهم شيخ الأزهر الذي ناقض نفسه بنفسه حين قال يحق للمرأة أو الطالبات في المعاهد أن ترتدي النقاب في البيت أت أو الشارع، ولا يحق لهن بالنقاب داخل الجامعات والمعاهد الأزهرية، ومع احترامي لكل من تحدث في هذا الموضوع جميعهم لم يأتوا بالحقيقة المنشودة التي يجب إظهارها للناس حتى يعلموا أن النقاب لا وجود له في الإسلام لسبب بسيط جداً، لماذا لم نسمع عن النقاب في الأمم السابقة؟!.. وباختصار شديد سوف أقدم الدليل القطعي من القرآن الكريم أن النقاب لا علاقة له بدين الله، وهو موروث ثقافي لا يدل إلا على ثقافة القطيع من النساء الذين ينكرون وجودهم في الحياة، على سبيل المثال حين خرج موسى عليه السلام من مصر بعد أن قتل فرد من الفراعنة يقول تعالى:
((وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ)) سورة القصص أية 23.
 
أي تكلم موسى مع اثنتين من النساء بكل احترام كما وضحت الآية ذلك في زمن موسى، أما في زمن الرسول عليه السلام، فقد جاءت سورة في القرآن سميت (المجادلة)، قال تعالى:
((قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ)) سورة المجادلة أية 1.
 
ثم إذا كان للنقاب وجود كما يدعي البعض، لماذا ذكر الله لنا في كتابه العزيز عن غض البصر؟!.. بما أن النساء سوف يكونوا كالقطيع، إلا أن الله يعلم أنه سوف يكون هناك حياة بين الناس من نساء ورجال ولذلك خاطب الجنسين بنفس الصيغة، يقول تعالى:
((قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ)) سورة النور آية 30.
 
وشيء آخر لا يعلم عنه كثير من المسلمين، يقول تعالى:
((زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ)) سورة آل عمران آية 14.
 
فكيف تكون المرأة زينة وهي خيمة تمشي على الأرض، وكيف نقوم بخطبة أي من النساء وهي داخل شوال؟!.. ثم أن الصديقة مريم حين ذهبت إلى قومها لم تكن منقبة، يقول تعالى:
((َأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً{27} يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً{28})) سورة مريم.
 
وهناك آيات كثيرة تدل على أن النقاب لم يفرض في جميع الأديان السماوية، وما هو إلا ثقافة من ثقافات الشعوب ليس إلا، والآية التالية سوف توضح أكثر، يقول تعالى:
((... كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا ...)) سورة آل عمران آية 37.
 
ثم الشيء المهم في هذا الموضوع من ترى في نفسها من نساء المسلمين أنها أطهر من مريم عليها السلام، لكي تتخفى وراء النقاب وعلى أثره أصبح الإسلام متهم بالإرهاب والخداع، ثم لماذا ذكر الله في القرآن عن الفتن التي يمر بها الإنسان في حياته، يقول تعالى:
((أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ)) سورة العنكبوت آية 2.
 
أي لا بد أن يعلم الإنسان أنه في اختبار ونتذكر جميعاً قول الله في قصة يوسف عليه السلام، يقول تعالى:
((وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ)) سورة يوسف آية 30.
 
أي أن امرأة العزيز فتنت بجمال يوسف والنساء بعد ذلك قطعن أيديهن وقد نجا الله يوسف من هذا السوء، فباعتقادي لا تختبئ بزي معين من النساء أو يأمر رجل زوجته بارتداء النقاب إلا أصحاب الأنفس الضعيفة ومن ثم يتمسحوا في الدين.
 
رمضان عبد الرحمن علي
اجمالي القراءات 11037