نحو الأسلام كدين وليس أيديولوجية سياسية

عمرو اسماعيل في الأربعاء ١٥ - نوفمبر - ٢٠٠٦ ١٢:٠٠ صباحاً

انزل الله الاسلام علي رجل واحد هو محمد صلي الله عليه وسلم من خلال كتاب واحد اوحاه اليه هو القرآن الكريم وتعهد فيه الله انه له لحافظ.."" انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون"والله قال في كتابه الحكيم انه اكمل الاسلام كدين في حياة محمد صلوات الله عليه وسلم،،"اليوم اتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا"..والرسول وكبار صحابته منعوا تدوين الحديث حتي لا يختلط بالقرآن وكان في حياتهم معني السنة هو ماتواتر تواترا مؤكدا من أفعال الرسول وعندما تم مبايعة سيدنا أبو بكر الصديق في اجتماع السقيفة لم يحاجج الانصار والمهاجرون بعضهم البعض لا بآية قرآنية ولا بحديث عن الرسول صلي الله عليه وسلم بل تحاججوا بالعقل والمنطق..وكان عمر ابن الخطاب رضي الله عنه يضرب بدرته من يتحدث عن الرسول.. والاحاديث المنسوبة لكبار الصحابة تعد علي أصابع اليد الواحدة في صحيح البخاري الذي اولاه المسلمون تعظيما كادوا ان يصلوا به الي مصاف القرآن وعده البعض أصح كتاب بعد كتاب الله وهي مقارنة لا تصح فلا يصح مقارنة ماهو من الله بعمل بشري.. رغم ان كبار الصحابة هم اكثر من تعايشوا ورافقوا الرسول صلي الله عليه وسلم..ورغم كل ذلك لم يكلف المسلمون انفسهم السؤال لماذا لم يتحدثوا عن الرسول؟


فالاسلام ليس من اصوله صحيح البخاري ولا مسلم ولا رأي مالك ولا ابو حنيفة او الشافعي او ابن حنبل..
الاسلام الحقيقي ليس فيه المذهب المالكي ولا الحنفي ولا الشافعي او الحنبلي... والاهم ليس فيه سنة ولا شيعة..وهما في الحقيقة مذهبين سياسين تكونا داخل الاسلام نتيجة الصراع السياسي بين سيدنا علي ابن ابي طالب وبين معاوية ابن ابي سفيان..الشيعة هم من أيدوا عليا والسنة وأهل الجماعة هم من استسلموا لمعاوية خوفا من سيفه او طمعا في عطاياه.


لقد حول الفقهاء و من أطلقنا عليهم لقب الأئمة.. الاسلام من دين عظمته في بساطته الموافقة للفطرة والعقل الي دين معقد مليء بالخلافات الفقهية .. ذلك الخلاف الذي يصل الي حد الاقتتال وسفك الدماء وخاصة بين السنة والشيعة امتدادا للإقتتال الذي حدث بين الصحابة انفسهم لاسباب سياسية وليست دينية وصراعا علي السلطة.


الله نفسه وفي محكم قرآنه في سورة آل عمران يقول :

هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ
فلماذا نتبع ما تشابه ونترك الآيات المحكمات اللاتي هن أم الكتاب.. ونختلف في تفسير من هم الراسخون في العلم حتي الآن
لماذا لا نتعبد بالقرآن ونعتبر سنة رسول الله ماتواتر عنه تواترا لا يقبل الشك ؟؟
لماذا لا نأخذ من الاسلام دعوته الي العدل والتسامح والمساواة والتعاون بين البشر جميعا؟

لما لانعتبر بما قاله الله عز وجل في وصف المتقين كما وصفهم في أول سورة البقرة " الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون والذين يؤمنون بما أنزل أليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون"

وصف يصلح ان يكون اساسا للتعامل بين كل من يؤمن بالله من اتباع جميع الاديان

وصف لكل من يوقن بالآخرة والثواب والعقاب ونترك لله عز وجل حسابنا علي نوايانا وعلاقتنا به ويكون الحساب الدنيوي علي ما نقترفه في حق المجتمع من جرائم ويكون بالقانون الذي نتراضي عليه ي عليه ولا يخالف أصول الاسلام
لماذا لا نعتبر بآية محكمة من أم الكتاب و هي الاية السابعة في سورة الممتحنة كأساس لعلاقتنا مع اتباع الاديان الأخري:
"لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ
ولنبحث معا هل يحاربنا أحد في الدين الآن.. هل تمنع اي دولة في العالم اي مسلم يعيش علي ارضها ان يمارس شعائر الاسلام ؟وهل تمنع المسلمين من بناء المساجد بل وحتي مراكز الدعوة الاسلامية؟ طالما تقوم هذه المراكز بالدعوة بطريقة سلمية ودون استخدام العنف او التحريض عليه.. وهل حتي نعاملهم بالمثل ؟.. الحقيقة أنه لا أحد يحاربنا في الدين الآن ولا أحد يمنعنا من الدعوة للأسلام بطريقة سلمية رغم اننا لا نتعامل مع الآخرين بالمثل وبالتالي لا ينهانا الله أن نبر هؤلاء ونقسط اليهم وهذا الامر ينطبق تقريبا علي كل شعوب العالم ولا اتكلم هنا عن الحكومات..


نأتي الي الجزء الآخر من الآية وهو من يعتدوا علينا ويخرجوننا من الارض.. وهؤلاء لابد ان نقاومهم ومقاومة المحتل هو أمر تقره كل المواثيق الدولية بل وكل الشرائع السماوية وليس الاسلام فقط..ولكن السؤال هو كيف تكون المقاومة.. تكون بمقاتلة العدو وليس قتل المدنيين من الشعوب التي لا تتحمل وزر حكامهم.. المقاومة تكون بمهاجمة القوات العسكرية وليس بقتل العزل من المدنيين وخاصة الاطفال والنساء.
أما اذا قررنا ان نستمر فيما نحن فيه من تحويل الاسلام من دين للتعبد و التأسي به في اكتساب مكارم الاخلاق وقيم العدل والتسامح والعمل والمساواة الي دين للتنابذ بسبب اراء الفقهاء الذين قدسناهم واعتبرنا ارائهم هي الاسلام نفسه.. والي دين يقتتل بسببه اتباعه انفسهم ويتبادلون تفجير المساجد والاقتتال فيما بينهم كما يحدث في باكستان بين السنة والشيعة وكما يحدث في العراق يوميا .. والي دين يضطهد فيه اتباعه اتباع الاديان الاخري ويحرمونهم من نفس الحق الذي يطالبون به لأنفسهم..


واذا قررنا ان نصر علي تحويل الدين الاسلامي الي دين النحر والذبح الذي يطالب به ويدعو اليه المحرضون علي العنف في مصر والذين أظهروا تأييدهم وفرحهم بما حدث في طابا وشرم الشيخ علنا..

وأذا قررنا ان نحول الاسلام الي أيديولوجيه سياسية فنعرضه للنقد والانتقاد كما يحدث مع اي أيديولوجية سياسية أخري سواء كانت يسارية ام يمينية.. شيوعية أو رأسمالية.. أذا قررنا ان نسير في هذا الطريق.. فاني احذر من يصر علي ذلك انه يحفر بيديه الطريق نحو الحاق الضرر بالاسلام كدين يدين به الملايين في هذا العالم ويلحق الضرر بكل المسلمين..


وسيتحمل هذا الوزر من هم علي شاكلة كل متطرفي العالم العربي والاسلامي و من معهم في حزب العمل وحزب التحرير والقاعدة وجماعات العنف والأرهاب وغيرهم في العالم العربي ممن يصرون علي تحويل الاسلام الي أيديولوجية سياسية تدعو الي العنف والتعصب والتطرف..
ان لم نرجع بالاسلام ليصبح دينا كما أراده الله لنا وأتم نعمته به علينا.. فسنتحمل جميعا وزر الضرر الذي نلحقه بهذا الدين العظيم..


الحقيقة المرة انه لا مكان في العالم الآن لاي امة تعتقد انها فقط علي حق والآخرون علي خطأ.. العالم كله اصبح يعتبر هذا المفهوم مفهوما فاشيا وسيتكاتف للقضاء علي من يدعي ذلك كما تكاتف للقضاء علي هتلر وموسوليني وميلوسوفيتش ووقف بجانب المسلمين في البوسنة وكوسوفو.

أن تحويل الاسلام الي أيديولوجية سياسية يضر به ويضعه في موضع المقارنة مع الايديولوجيات السياسية الاخري..فهل نريد ذلك.. هل نعي ما نفعله.. لنا الله

عمرو اسماعيل
اجمالي القراءات 9050