في زمن يضطهد فيه (المخلصون) ويكرم فيه (الفاسدون)

رمضان عبد الرحمن في الأحد ٣٠ - أغسطس - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً

 

 
 في زمن يضطهد فيه (المخلصون) ويكرم فيه (الفاسدون)
 
في زمن يضطهد فيه (المخلصون) ويكرم فيه (الفاسدون) والسبب أن الكثير من الناس لا تعي لغة المنطق التي تبين ما بين الحق والباطل، فإذا فقدت أي أمة هذه اللغة يعني ضياعها في كل شيء، وقبل أن أتحدث عن ما أقصده بهذا المقال أذكر أن سيدنا إبراهيم عليه السلام هو أو ل من بحث عن لغة المنطق، حين اكتشف أن الأصنام لا تنفع ولا تضر، وما هي إلا حجارة صماء فذهب لكي يكتشف أكثر وأكثر عن عالم المنطق الحقيقي، وكما ذكر عن ذلك في القرآن حين تأمل في الشمس والقمر فتبين له أن الذي يسير هذا الكون إله واحد، لا شريك له، وعلى أثر ذلك أسلم إلى الله بالمنطق أي بالعقل الناضج المدرك، أما إذا توقف العقل يصبح الإنسان لا يدرك (شيئاً) عن الأحداث المحيطة به، وفي مجتمعه، وهذا ما سوف نشير إليه في هذا الموضوع.
 
حتى تعلم الأغلبية في المجتمع ما هي لغة المنطق والتي لا يعلم عنها إلا القليل، في مصر على سبيل المثال، دائماً وأبداً يتهم كل مصري خارج البلاد وخاصة الذين خرجوا من مصر عن طريق (إضطهاد) سياسي أو فكري أو ما شابه ذلك، إذا تحدثوا عن أي شيء له علاقة بمصر الأم بحكم أنهم هجروا بأجسادهم وليس بأفكارهم، يتهموا بالخيانة على أنهم يطالبون بالإصلاح من أجل الأغلبية المطحونة، ولنا هنا أن نتوقف لكي نوضح لمن لا يفهم ما هي لغة المنطق، لو كان هؤلاء الذين فقدوا أهاليهم خونة لماذا يشغلون أنفسهم بقضايا ومصير مصر؟!.. فهل من يدافع عن طريق القلم يعد خائن؟!.. وهم خارج الوطن الأم؟!.. أم من يعيشون داخل الوطن يرون الظلم والفساد و (الإستبداد) وهم بالآلاف؟!.. ولكن من أجل مصالحهم الشخصية والمادية لا يجرؤ أحد أن يتكلم أو ينتقد لمجرد النقد طالما أنهم يعيشون في نعيم ورغد مع أبناءهم وأقاربهم فلا حاجة لديهم أن يسألوا عن الشعب حتى لو عاش في جحيم، فبالتالي يؤرقهم أي فرد يتكلم عن الصالح العام إلى الدولة، وخاصة إذا كان هذا الكلام من خارج البلاد، فتكون فرصةللذين) أكلوا الأخضر واليابس من الداخل، بأن هؤلاء المصريين الشرفاء الذين ضحوا بمراكزهم ووظائفهم من أجل إنقاذ مصر وعلى حساب أنفسهم، وأقاربهم (المتواجدين) في مصر لا يسلمون من اضطهاد الدولة، ومع ذلك لم يتوقفوا يوماً عن المطالبة بالإصلاح من أجل الشعب المصري.
 
وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على صدق أبناء المهجر تجاه مصر أكثر من غيرهم في الداخل الذين يمتلكون جميع وسائل الإعلام وغيرها من الوسائل لتشويه صورة كل من يتكلم كلمة حق سواء كان في داخل مصر أو خارجها، ليبقى الوضع على ما هو عليه، الظالم ظالم والمظلوم مظلوم، فباعتقادي من مستحيل المستحيل أن تتحرك مسيرة الإصلاح في مسارها الطبيعي إلا إذا عرف الشعب من هم دعاة الإصلاح الحقيقيين، حتى تتظافر جهود الشعب معهم وليس ضدهم، ليأخذ كل (ذي) حق حقه، أي على الشعب أن يميز من هو الصادق ومن هو الكاذب، دون (الإستماع)لما يقال (لهم) في وسائل الإعلام المصري، أن المصريين الذين يعيشون في المهجر أعداء البلاد، وهذا خطأ وعار على كل من يردد هذا الكلام، سواء كان (مسؤولاً) أو غير ذلك ولو كان هؤلاء أعداء البلاد كما يقولون ذلك كذباً لعاشوا حياتهم الطبيعية دون أن يذكروا اسم(إسم) مصر في مقالاتهم وأبحاثهم ومؤتمراتهم، وأن مصر هي الشغل الشاغل لهم دون أهداف سياسية أو مادية، فهل من يفعل ذلك عدو أم مخلص؟!.. في زمن قل فيه الإخلاص.
 
لو أدرك الناس لغة المنطق ما وصلنا إلى ما نحن فيه،( -المخلصون ل) مصر والنبلاء يتهمون بالباطل (الفاسدون الناهبون) لقوت الشعب المصري على مدى التاريخ عياناً (بياتاً) يأخذون الأوسمة والجوائز من دم المصريين، يا للعجب!.. أفقروها ونهبوها ولا قدر الله عند حدوث أي مكروه يهربون ويتركوها، والأمثلة حية أمام الجميع من الشعب، (تهرب) المليارات خارج مصر ويتستر البعض من النظام حتى لا يتهموا بأنهم (متواطؤون) مع هؤلاء، ثم من ينتقد هذه الأفعال يتهم بالعمالة، من يدافع عنهم دون مقابل يصبح متهم ومن ينهبهم يحترم؟!..
 
الأغرب من كل هذا الكلام أن الدول الإسلامية هي أكثر الدول التي تنتهك حقوق الإنسان بما تعنيه هذه الكلمة من ظلم واستبداد، بعكس ما نصت عليه رسالة الإسلام، فباعتقادي(أن) أكثر الناس الذين أساءوا إلى الإسلام(هم) (المسلمون) أنفسهم، ونتج عن ذلك أن العالم المتحضر عما قريب سوف يقومون بالبناء على سطح القمر والمريخ وما زال المسلمون يستبدون في بعضهم البعض، وأن آفة (الإستبداد) هي الأخطر على أي دولة بمعنى كيف (يتقدم) أي بلد من هذه الدول ويحجر على فكر الناس وكيف تتقدم هذه الدول وثرواتها في أيدي أشخاص، فهل ننتظر الإصلاح في مصر أو غير مصر من الدول العربية أو الإسلامية، ويوجد أفراد( لم تأبى أن-لم يأبوا إلا أن) يأكلوا مبادئ الأديان، هل (يجب) عليهم أن يأكلوا أموال الشعوب؟!.. فحلم الإصلاح في هذه الدول صعب المنال، إلا في حالة واحدة، -عندما) يرسل الله لكل فرد من أبناء هذه البلاد (رسولاً)، حينئذ سوف يعلمون أنهم وضعوا رسالة الإسلام ورسول الإسلام في تابوت، ثم ألا يعد ذلك عار على المسلمين أن يأتيهم الإصلاح من الخارج؟!.. على سبيل المثال (إن) أمريكا تسعى إلى إصلاح بعض الدول سواء كان ذلك في الشرق أو الغرب ليس من أجل هذه الدول ولكن من أجل المصالح الأمريكية وهذا ما تحدث عنه الرئيس باراك أوباما منذ توليه الحكم وفي خطاباته إلى العالم أي المصالح المتبادلة و (الإحترام) بين الدول التي لا تريد الإصلاح من الداخل أو الخارج، هذا شيء داخلي وتفضل هذه الدول أن (تبقى) تعيش بالفساد و (الإستبداد) وحتى يستمروا بذلك لا بد أن يتهموا دعاة الإصلاح بالخيانة والعمالة، أتمنى من الله وهو قادر على كل شيء أن تنفذ ثروات هذه الدول لنرى كيف سيعيش (الفاسدون و المستبدون).
 
وقد يعترض البعض على أنني أدعوا الله أن تنفذ ثروات هذه البلاد ولكن أذكر كل من يعترض أن موسى عليه السلام قد دعا ربه أن يهلك فرعون وقومه حين استبد الناس بغير الحق فأهلكهم الله بأموالهم وسلطانهم ونحن لسنا أنبياء ولا نملك غير أن (ندعوا) على الفاسدين والمستبدين أن يهلكهم الله وهو قادر على أن ينجي المخلصين.
 
رمضان عبد الرحمن علي
اجمالي القراءات 14034