مجرمين في نعيم ومجرمين في الجحيم

رمضان عبد الرحمن في السبت ١٥ - أغسطس - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً

 

 

في عصور ما قبل الميلاد، كان الظلم أو انتهاك حقوق الضعفاء من الناس على شكل الرق وما شابه ذلك، في ظلم الإنسان لأخيه الإنسان، دون أسباب لتلك الأفعال الإجرامية. وهذا يعني أن النفس البشرية تميل إلى فعل الشر والظلم أكثر من فعل الخير، وقد أشار القرآن عن هذه الحقبة من الزمن فقال تعالى
((مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً)) سورة الإسراء آية 15.
 
ونلاحظ هنا من هذه الآية الكريمة، أن الله الرحمن الرحيم الغفور، سوف يتجاوز عن ذنوب هؤلاء الذين أجرموا وظلموا غيرهم من البشر دون أي ذنب، لأن هؤلاء لم يأت إليهم رسل أو ربما لتباعد فترات الزمن بين الأنبياء، فكانوا يتحولون إلى مجرمين في حق الآخرين، وخاصة الضعفاء من الناس، وما كنا ندري عن هذه الأمم شيئاً لولا أن أخبرنا الله عن ذلك في القرآن، يقول تعالى
((لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)) سورة يوسف 111.
 
والذي يعتبر من قصص القرآن عن الأمم السابقة حتى لا يظلم غيره، فيصبح من الظالمين والمجرمين. ولكن هناك فرق شاسع بين الذين كفروا وظلموا غيرهم من الناس، في وقت لم يكن فيه أنبياء أو رسل، وبين الذين كفروا وظلموا في زمن الرسل، وربما لم يدرك الكثير من الناس هذا الأمر، ونفهم من ذلك أن من يظلم ويجرم في حق غيره من الناس مصيره معروف، جهنم وبئس المصير، لسبب بسيط جداً، وهو أن الله أرسل الرسول بالقرآن وتعهد المولى عز وجل أن يحفظ هذا الكتاب العظيم ليكون حجة على الناس إلى يوم الدين، طالما أن بين أيديهم كتاب ينص على عدم الظلم والإجرام في حق الآخرين. وكما تعلمون أن كل ديانة تعتبر الأخرى أنها على خطأ في عصرنا هذا، وفي الحقيقة لو نظرنا بنظرة شمولية إلى أفعال الناس في جميع الأديان، وقارنا بين الظلم والإجرام في عصور ما قبل الميلاد أو عموم العصور التي لم تحظ بالرسل، سوف نجدها أنها أقل ظلماً وبطشاً، بدليل أنه لم يكتشف في أي مكان في العالم عن مقبرة جماعية، لم تكتشف أمم أبيدت بأكملها على يد بشر مثلما يحدث الآن، أو منذ أن عرف الإنسان التقدم في الصناعة، يقتل الملايين بسبب قرارات أحد المجانين -من كل الأديان، وقد حذر الله عن قتل أي نفس بغير حق، يقول تعالى
((مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ)) سورة المائدة آية 32.
 
فهذا عن قتل نفس واحدة، فما بالك حين يتسبب  فرد بقتل الملايين من الناس، والجميع يعلمون ذلك، مسلمين مسيحيين يهود وغيرهم. يحرمون القتال، ولكن يبدو أن التحريم عن تلك الأفعال كلام فقط، وما يحدث في جميع أنحاء العالم من ظلم وقتال، فهذا يعني أن الناس هي التي أساءت إلى الأديان، وأن الأديان لم توجد لتقاتل بعضها البعض، وإنما من يفعل ذلك الناس، باسم الأديان. فباعتقادي أن تقدم العالم في العلم، لم يقلل من الذين يُقتلون بدون أي ذنب أيضاً. وهذا يعني أن العالم تقدم في طريقة القتال والظلم وليس في العلم
 
خلاصة الكلام، من المفترض أن هذا العلم الذي وصل إليه الإنسان أن يفيد البشر، وليس القضاء عليهم بطريقة أو بأخرى
 
رمضان عبد الرحمن علي
 

 
اجمالي القراءات 9739