بين الند الفكري والند المادي

رمضان عبد الرحمن في الإثنين ٢٠ - يوليو - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً

بين الند الفكري والند المادي

من المتعارف عليه بين المسلمين باختلاف معتقداتهم حين توجه سؤال إلى أي مسلم عن مدى إيمانه بالله جميع المسلمين يقولون أننا نؤمن أن الله هو الواحد الأحد، وهذا بحد ذاته شيء جميل، من أي مسلم أن يكون إيمانه بالله إيمان جاد ويقيني وتمسكه بأن الله هو الواحد الأحد وهذا ما جاءت به جميع الرسالات السماوية، لكي لا يشرك الناس مع الله إلاهاً آخر فيصبحوا من الخاسرين، كما قال الله تعالى إلى الرسول، يقول تعالى:
((وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)) سورة الزمر آية 65.


ونلاحظ مثل هذه الآية حين يخاطب بها الرسول حتى تتعلم الناس أن الرسول نفسه لو أشرك بالله سوف يكون من الخاسرين، وبالرغم من هذا التحذير من الله إلى الناس ألا يتخذوا إله غير الله، يصمم البعض من الناس أن يكون له صنم فكري لا يريد أن يناقشه فيه أحد، أو يكون له صنم مادي يقدسه أو يعد بمثابة إله لا يريد أن ينتقده أحد أو يذكره بسوء، وأنا هنا لا اتهم أي أحد من المسلمين ولكن أذكر فقط أن يراجع كل مسلم نفسه عن مدى إيمانه بالله حتى لا يتخذ ند مع الله، كما يقول المولى عز وجل، يقول تعالى:
((وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لِّلّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ)) سورة البقرة آية 165.


والند من الممكن أن يتمثل في أشياء كثيرة، وعلى سبيل المثال هناك من البشر من يتخذ المال ند لله، ومن يتخذ الأرض ند لله، يقول تعالى:
((وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ{1} الَّذِي جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ{2} يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ{3} كَلَّا لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ{4} وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ{5} نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ{6} الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ{7} إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ{8} فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍ{9})) سورة الهمزة.


أي يتخيل من أتاه الله هذا المال أنه سوف يخلده فاتخذه ند مباشر إلى الله، سوف يؤدي بصاحبه إلى جهنم، نفس الشيء كما ذكر الله تعال لنا عن أحد الأشخاص من الأمم السابقة يقول تعالى:
((َاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً{32} كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَراً{33} وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً{34} وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَداً{35})) سورة الكهف.

أي تخيل هذا الشخص أن هذه الجنة التي رزقه الله بها لكي يختبره ولكن غباء هذا الإنسان أنه ظلم نفسه وأشرك بالله وكانت هذه الجنة سبباً في هلاكه، حين قال ما أظن أن تباد، أي جعل ما أتاه الله ند لله تعالى، وقارون حين تعالى على قومه بالجاه والمال أن خسف به الله الأرض وكأنه لم يكن، وإن ذكر مثل هؤلاء الأشخاص في القرآن أشركوا بالله وجعلوا له ند حتى نتعلم نحن المسلمين أن لا نشرك مع الله أي شيء ولا نجعل له ند من أي شيء.

رمضان عبد الرحمن علي

اجمالي القراءات 9071