الحمل المستكن (٢)

خالد منتصر في الإثنين ٠٦ - يوليو - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً

العلم يعرف كلمة الجنين ولا يعرف أو يعترف بما يسمى الحمل المستكن أو مدة الحمل التى تتعدى عشرة شهور فما بالك بحمل السنتين والأربع! والمفروض بداهة أن يتبعه القانون ولا يحاول مجاملة الفقهاء على حساب العلم، فهذه اجتهادات زمانهم ولابد أن توضع فى إطار هذه الظروف ولا تصبح سيفاً على رقبة المشرع، ولا يعقل أن يضم القانون المصرى والسورى والخليجى نصوصاً تتحدث عن الحمل المستكن بمفاهيم القرن الرابع،

فعلى سبيل المثال القانون رقم ١٥ لسنة ١٩٢٩ «لا تسمع دعوى الute;نسب لولد زوجة أتت به بعد سنة من غيبة الزوج»، وفى القانون ١٣١ لسنة ١٩٤٨ فقرة تقول «حقوق الحمل المستكن يعينها القانون»، وفى مرسوم بالقانون رقم ٦٧ لسنة ١٩٨٠ «الحمل المستكن أهل لثبوت الحقوق».. وفى المادة ٢٩ من قانون الأحوال الشخصية «على الوصى على الحمل المستكن إبلاغ النيابة العامة بانقضاء مدة الحمل».. وكذلك فى المادة ١٢٨ من القانون السورى، وكذلك فى قانون الولاية على المال فى البحرين.

دائماً يأتى الرد من أنصار النقل وأعداء العقل بأن الفقهاء يحسبون حساب الأشياء الشاذة التى من الممكن أن تحدث ولو نادراً، والفرق كبير بين الشاذ والمستحيل، فالمرأة التى تنتمى لفصيلة الإنسان لا يمكن أن تتحول فجأة لفيل آسيوى ويتجاوز حملها السنتين! وحتى مدة السنة الشمسية التى جامل فيها القانون الفقهاء وأصابه الحرج منهم مدة مستحيلة، وبوادر انقباضات الولادة لها أسس ونظريات علمية مستقرة وواضحة، فالرحم ليس مخزناً صامتاً،

والقاعدة هى أنه مستعد للفظ الحمل كجسم غريب ولكن الحكمة الربانية تضبط الإيقاع الهورمونى فيحتفظ الرحم بالحمل حتى يحين موعد الولادة وشرارة الانقباض التى وضع لها العلماء نظريات منها أن عضلات الرحم عندما تصل لدرجة معينة من «السترتش» والتمدد تبدأ الولادة بدليل أن التوائم تولد مبكراً، لأن التمدد أكبر، ونظرية أخرى هى أنه عند نضوج الرئة تفرز مادة البروستاجلاندين التى تذهب لمستقبلات عضلات الرحم فينقبض استعداداً للولادة، وهناك نظرية تليف وضمور المشيمة التى لها عمر محدد لن تتخطاه ولن يصل إلى الجنين أى غذاء بعدها،

ولو ظل هذا الجنين أكثر من ٤٢ أسبوعاً فهو معرض للوفاة داخل الرحم، ولو أكثر من ٤٣ فسيتوفى حتماً، ولابد من تدخل الطبيب بحسم عندما تتجاوز الأم الحامل الـ ٤٢ أسبوعاً، فما بالكم بجنين الخمسين أسبوعاً، الذى يتحدثون عنه، من المؤكد أنه سيتعفن داخل الرحم، وحتى هذا الطفل المتوفى داخل الرحم لن يستطيع الطبيب تركه لمزاجه وللظروف لسبب بسيط هو أن هذا الجنين المتروك ميتاً داخل الرحم سيتسبب فى تغيرات فى تجلط دم الأم التى ستصبح معرضة للموت، ومعرضة أيضاً لجلطات السائل الأمنيوسى التى ستودى بحياتها.

إذن مدة الحمل غير متروكة للصدف والاحتمالات وتغير الأمزجة والأزمنة، ومن يقل الآن إن الإمام مالك ظل ثلاث سنوات فى رحم أمه يهزل فى موضع الجد، والذنب ليس ذنب من قال قديماً، ولكن الذنب ذنب من تبنى هذا الرأى حديثاً!!

فالقدماء وقعوا فى هذا الفخ نتيجة تفسيرات معينة سنتعرف عليها الأربعاء القادم إن شاء الله.

اجمالي القراءات 19977