التقوى ودراسة القرآن
التقوى ودراسة القرآن

عابد اسير في الجمعة ٢٦ - يونيو - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً

القرآن كلام الله الذى أنزله سبحانه (( هدى ونورا وبشرى وإنذار ا ورحمة وبرهانا وحكمة وموعظة وعلما ..... الى ما شاء الله ))
وفيما أنزل الله من القرآن ما يرشدنا الى وسائل وسبل فهمه وتعقل معانيه  وأحكامه وشرائعه وتشريعاته
    ( ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للتقين ) البقرة 2

تلك الآية الكريمة تشترط التقوى لكى ينال المؤمن هداية القرآن
الم تلك ءايت الكتب الحكيم هدى ورحمة للمحسنين الذين يقيمون الصلوة ويؤتون الزكوة وهم بالآخرة هم يوقنون لقمان 1 - 4
وهنا تعلمنا الآيات الكريمة أن نحرص على أن نكون من المحسنين لكى ننال الهدى والرحمة من كتاب الله
نحن أعلم بما يقولون وما أنت عليهم بجبار فذكر بالقرآن من يخاف وعيد ق 45
وهنا يأمر الله خاتم الرسل عليهم جميعا السلام أن يذكر بالقرآن من يخاف الله وعذابه ووعيده أى أن الخوف من الله شرط من شروط الإهتداء والإنتفاع بذكر الله ( القرآن الكيم )
إنه لقرآن كريم فى كتب مكنون لا يمسه إلا المطهرون الواقعة 77 – 79
وتلك الآية تقرر أن القرآن الكريم مكنون أى محجوب عمن لم تتطهر عقائدهم وقلوبهم فلن يمسوه أى لن يجدوا هدايتة ونوره والرحمة التى أنزلها الله فيه إلا إذا تخلصوا من عقائدهم الفاسدة ومن أمراض قلوبهم
وإذا ما انزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا فأما الذين ءامنوا فزادتهم إيمنا وهم يستبشرون وأما الذين فى قلوبهم مرض فزادتهم رجسا الى رجسهم وماتوا وهم كافرون التوبة 124 - 125
وهذه الآية واضحة البيان بأن هداية ونور القرآن لمن إستحقه بإيمانه وطهارة قلبه ونقاء عقيدته
وفى المقابل تقرر الآية أيضا أن نفس السورة من القرآن التى تهدى المؤمن وتزيده إيمانا قد تكون على النقيض لمن فى قلبه مرض أى فساد فى عقيدته ونقص فى إخلاصه وإيمانه ونقاء قلبه

و مما تقدم نجد أن أدوات فهم القرآن أهمها إثنتان.


الأولى -وهى الأساس والأهم (( القلب السليم المؤمن المتقى المخلص المحب لخالقه سبحانه وتعالى )) وفوق هذا كله [ إجلال وتقدير كلام الله ( القرآن الكريم ) حق قدره بمعنى ألا يسعى للهداية أو يطلبها من غير القرآن ( أى كتب بشرية ) أو يضع القرآن فى مقارنة معها لأن حديث القرآن ليس كمثله حديث واليقين والإيمان بذلك كما نؤمن بأن الله ( ليس كمثله شىء ) سبحانه وتعالى وهو سبحانة الذى تحدى الإنس والجن أن يأتوا بحديث مثله أو عشر سور من مثله أو سورة واحدة
االثانية -(( اللغة )) وهى ليست بأهمية الأولى لأن الأولى يمكن أن تغنى عن الثانية .. فى حين أن الثانية لا تغنى عن الأولى
والدليل على ذلك أن غير الناطقين بلغة القرآن يمكن لهم فهم وتعقل معانى القرآن والإنتفاع بها والإهتداء الى صراط الله المستقيم من خلال ترجمات معانى القرآن إذا توفرت لديهم الآداة الأولى (( القلب السليم والإخلاص ))
ونحن نؤمن بأنه سبحانه وتعالى ليس كمثله لاشىء فلا بد أن نؤمن كذلك أن كلامه سبحانه وتعالى ليس كمثله كلام
فمن البديهى لمن يبتغى ويسعى الى فهم كلام الله والإهتداء به وينال نوره ورحمته سبحانه وتعالى فيه أن يمتثل لشروط وتوجيهات القرآن لمن يسعى لهداة ونوره
فكلام البشر نتناوله ونفهمه بأدوات اللغة التى يتكلم بها هؤلاء البشر ،ولكن كلام الله ليس كذلك فله سبيل آخر كما تقدم
فمن يظن أن هناك ( كتالوجا ) لفهم القرآن  ومن يتبع هذا الكتالوج يفهم ويهتدى بالقرآن أعتقد أن ظنه هذا خاطىء .
فسبحان من أنزله ووصفه ( كتاب لا ريب فيه هدى للمتقين )
ومن يقف أمام آية أو كلمة أو لفظ أو جملة أو حرف لم يفهمها ويحار عقله وفهمه المحدود أمامها فالأجدى له أن يراجع نقاء فلبه ويراجع تقواة وإخلاصه لخالقه سبحانه وتعالى الذى قال عن كتابه المبين ( ولقد يسرنا القر’آن للذكر فهل من مدكر ) وتكررت تلك الآية أكثر من مرة فى سورة القمر وحدها كما تكررت بنفس اللفظ فى سور ومواضع أخرى فى القرآن
فمن الأجدى لنا فى هذا الموقف أن تخشع قلوبنا لذكر الله فنجتهد أكثر فى تقوى الله وفى تنقية قلوبنا وعقائدنا مما يشوبها وألا نترك عقولنا لشطحات تساؤلات تتشعب وتتكاثر الى أن تصل بهذا العقل المحدود بما آتاه الله من إمكانيات الى التشويش الذى قد يصل الى ما يشبه الضباب ،وأن نعلم أن الله رؤوف رحيم بعباده فلنرأف بعقولنا -ويكون إجتهادنا فى تدارس كتاب الله فى إطار الإلتزام بهدى الله فى هذا السبيل
( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ) ( هو الذى أنزل عليك الكتب منه آيت محكمت هن أم الكتب وأخر متشبهت فأما الذين فى قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشبه منه إبتغاء الفتنة وإبتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والرسخون فى العلم يقولون ءامنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألبب ربنا لا تزع قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب ) آل عمران 7 - 8
وأعتقد أن الراسخين فى العلم هنا ليست مرتبة أو درجة علمية بالمفهوم الأكاديمى الذى نعلمه ولكنها درجة إيمانية أيضا ،والشاهد هنا قولهم ( كل من عند ربنا ) أى ما إشتبه على فهمهم المحدود من المتشابه وما فهموه من المحكم فيعلنون ويقرون بالإيمان بهذا وذاك فى إنتظار أن يفتح الله عليهم ويعلمهم ماشاء لهم من هدايته وعلمه ونوره سبحانه وتعالى حسب درجة تقواهم ونقاء قلوبهم وفى سبيل ذلك كان أمره سبحانه وتعالى الى خاتم الرسل عليهم السلام ( وقل رب زدنى علما )
ونعلم جيعا عشرات الآيات الكريمات التى تقر أن القرآن يسر ه الله وأن آياته بينات و مفصلات وتبيانا لكل شىء
فكلام الحكيم الخبير سبحانه وتعالى ليس بحاجة الى فلسفة أو فلاسفة أو تلك الحوارات اللا نهائية من الإفتراضات
والتساؤلات التى تخرج بنا بعيدا عن الهدف الذى من أجله أنزل الله كتابه الحكيم (( هدى ونور وبشرى وإنذار ورحمة وبرهان وحكمة وموعظة وعلم ..... الى ما شاء الله )) وكذلك (( ليميز الله الخبيث من الطيب)) فيزداد المؤمن به إيمانا فى حين يزداد الذى فى قلبه مرض بنفس القرآن رجسا الى رجسه-- التوبة 124 - 125
ولذلك نحن فى  حاجة الى تطهير قلوبنا بإلتزام تقوى الله لنكون من  المؤهلين المستحقين لهداية الله ونوره المبين ورحمتة
[ وقل رب زدنى علما ]
صدق الله العظيم

اجمالي القراءات 14607