سبوبة الخلية الجذعية وجريمة الجريدة القومية!

خالد منتصر في الإثنين ٢٣ - مارس - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً

نحن أمهر وأشطر شعوب الأرض فى تحويل الإنجازات العلمية إلى سبوبة تهليبية!، يشقى العلماء ويكدون فى معاملهم فى أوروبا وأمريكا، ثم نأتى نحن لنسطو على مجهودهم ونحوله إلى مسخ ومسخرة، آخر هذه الإنجازات «الخلية الجذعية» التى ستقفز بالطب إلى شاطئ آخر كله أمل فى حياة أكثر صحة وأقل مرضًا، ولكن أبحاث الخلايا الجذعية مازالت تحبو، مازال الباحث الجاد فى معمله يدرس على الحيوانات ويدون ملاحظاته ويحاول فك شفرة هذه الخلايا والتغلب على خطوات انقسامها اللانهائى، وكÈrave;ح جماح تغيراتها المنفلتة أحيانًا، الخطوات تتم طبقًا لبروتوكول علمى منضبط، وتحت مظلة مالية مرعبة تقدر بمئات المليارات.

 يعنى باختصار.. لكى نجد نتيجة ملموسة من الخلايا الجذعية أمامنا عشرون سنة على الأقل، لكن الفهلوة المصرية مستعجلة ومتسربعة، بروتوكول مين يا عم ومعامل مين ياسطى، إحنا بتوع الجذعية، وسع يا جدع!، تخيلوا أكبر جريدة قومية تنشر على صفحتها الأولى خبرًا عن طبيب مصرى فى مستشفى خاص بالمنصورة يشفى الشلل بالخلايا الجذعية!، ثم بعد أسبوعين تنشر تحقيقًا موسعًا مع هذا الطبيب على نصف صفحة ليحكى عن إنجازاته فى شفاء الشلل، جريمة مهنية بكل المقاييس أن تبيع أكبر جريدة مصرية الوهم للناس.

 والكارثة أن هذا الطبيب عندما ادعى نه حصل على موافقة وزارة الصحة، أرسلت الوزارة تكذيبًا لم تنشره الجريدة، والكارثة الأكبر أن الوزارة اكتفت بهذا التكذيب الذى ألقى فى صندوق القمامة، وقد تنبهت لحجم الكارثة عندما اتصل على هاتفى المئات بعد نشر التحقيق الصحفى، يطلبون عنوان هذا الطبيب لعلاج أقاربهم من الشلل، ومن بينهم من هم على أعلى قدر من التعليم والثقافة، وهم بالطبع معذورون، فالجريدة القومية لها نفوذ قادر على تزييف وعى أعظم الفلاسفة!

معامل أمريكا بكل إمكانياتها، انتظرت قرار أوباما الأخير بفك الحظر المالى الذى فرضه بوش على أبحاث الخلايا الجذعية، انتظرت المعامل والجامعات والعلماء كل هذا الوقت لأن الأبحاث تحتاج إلى مليارات، ونحن هنا كما خرمنا التعريفة وسرقنا الونش، اكتشفنا علاج الشلل بالخلايا الجذعية بملاليم على يد طبيب المخ والأعصاب فى أحد مستوصفات المنصورة، والمصريين أهمه.

سبحان الله لا يوجد شعب مثل شعبنا فى مجرة درب التبانة أدمن الخرافة والدجل والنصب، بداية من العلاج بالحمام وبول الإبل حتى علاج الشلل بخلايا المنصورة، مرورًا بأعشاب المدلكاتى ولحاء الشجرة المبروكة على طريق الإسماعيلية!، وأخيرًا تأتى احدى الجرائد القومية لترسيخ هذا الدجل الطبى، بل وترفض حتى نشر التصحيح ولو فى صفحة الوفيات من باب ذر الرماد فى العيون ومنع الزيف وتحجيم الإعلانات التى تستتر فى ثوب تحقيقات أو موضوعات تسجيلية، أبانا الذى فى الوزارة أو فى دار الفؤاد أفدنا أفادكم الله بإجابة هل اشتريتم دماغكم وكبرتوا الجمجمة وقررتوا ترك ذئاب الخلايا الجذعية تلتهم الرعية وكفى الله المؤمنين شر القتال، واقتنعتوا بشعار الجريدة القومية ماتبصوش لطبيب المنصورة بعين رضية شوف اللى مدفوع ليا؟!، أنتظر الإجابة.

اجمالي القراءات 11057