الحل الباكستاني البنجلاديشي ..

عمرو اسماعيل في السبت ٣١ - يناير - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً

لكي تكون أي دولة فابلة للإستمرار والحياة لابد أن تكون أقاليم هذه الدولة ملتصقة جغرافيا .. لا تفصل بين هذه الأقاليم أراضي دولة دولة أخري .. خصوصا إن كانت هذه الدولة ذات إمكانيات ضعيفة وليست مثل الولايات المتحدة وألاسكا .. إلا إن كان يملك سكان هذه الدولة إرادة الوحدة والبقاء دولة واحدة ..
فهل هذا هو الحال مع غزة والضفة الغربية ؟ في حالة قبول حل الدولتين .. دولة فلسطينية وأخري اسرائيلية .. كما تطالب المبادرة العربية .. لقد أثبتت الأحداث في غزة خلال الثلاث أعوام الماضية أنه من السهل انفصال غزة عن الضفة عندما حدث صراع بين الحزبين المتنافسين فتح وحماس .. فقد استطاع كل حزب أن يسيطر علي القطاع الذي يملك أغلبية بين سكانه .. كما أثبتت أحداث غزة الأخيرة أنه رغم تعاطف أهل الضفة مع ابرياء غزة نتيجة العدوان الاسرائيلي الغاشم .. فلم يتطور هذا التعاطف الي تعاطف مع حماس .. أو تأييد عملي يضعف سيطرة فتح علي الضفة كما كانت تخطط حماس أو تتمني ..
هذا هو الهدف طويل المدي لاسرائيل والهدف الغير معلن لاسرائيل في عدوانها الأخير علي غزة .. الحل الباكستاني البنجلاديشي .. وحماس كجماعة اسلام سياسي تشارك كل جماعات الاسلام السياسي في عالمنا الغباء السياسي الذي يضر الاسلام والسياسة معا .. تساعد اسرائيل في حالة نادرة من الغباء الوصول الي هذا الحل النهائي للقضية الفلسطينية .. عندما قامت بانقلابها العسكري و كرست عمليا انفصال غزة عن الضفة ..
لقد ساعدت حماس اسرائيل أن تتحول القضية الفلسطينية الي صراع فلسطيني فلسطيني .. وصراع عربي عربي .. وصراع مصري ايراني وسعودي سوري ..
وإذا استمرت محاولات حماس في محاولة فرض سيطرتها علي غزة علي حساب الأبرياء وإقامة إمارة اسلامية فيها لتحقيق اهداف الجماعة الأم في مصر لتصبح قضية غزة وسيلة لتأليب الرأي العام في مصر ضد النظام عبر تقديم المزيد من الضحايا المدنيين الأبرياء .. فستكون النتيجة النهائية ليست في صالح القضية الفلسطينية .. فتكريس الحل الياكستاني البنجلاديشي عبر فصل غزة عن الضفة بحكومتين وسلطتين منفصلتين .. سيجبر مصر في النهاية الي التدخل بنفسها في غزة للقضاء علي حماس كجزء من صراعها مع جماعة الإخوان وحفاظا علي المدنيين .. لتبقي الضفة وحدها في النهاية لتجد نفسها مضطرة للعودة الي ماقبل 67 .. أي أن تصبح جزءا من الاردن .. هذا هو الهدف الحقيقي من العدوان الاسرائيلي علي غزة .. وهو ما تساعد فيه حماس عبر انتصاراتها الإلهية الوهمية الحمقاء ..
حتي الآن المنتصر الحقيقي هما اسرائيل وايران .. اسرائيل عبر تحقيق أهدافها الغير معلنة وهي زيادة الانقسام العربي والفلسطيني وإيران التي تسعي أن تصبح هي القوة الوحيدة في المنطقة في مواجهة اسرائيل علي اشلاء الابرياء في غزة .. ليس لتحرير فلسطين ولكن لتصبح غزة وحماس مثل حزب الله أوراق في يدها تفاوض بها امريكا .. لتعترف بها في النهاية قوة اقليمية موازية لاسرائيل وليس معارضة لها ..
كل مايحدث الآن وخاصة علي يد القيادة الدمشقية لحماس والجهاد يصب في مصلحة الحل الباكستاني البنجلاديشي الذي يصب في نهاية الأمر الي تصفية القضية الفلسطينية .. وبروز ايران كقوة اقليمية جديدة في الشرق الاوسط علي اشلاء نساء واطفال غزة .. القوة الوحيدة القادرة علي الوقوف في وجه هذا المخطط هي مصر .. بمنع حماس أن تكون ورقة في يد المخططين الاسرائيلي الايراني ..
فهل ستترك مصر حكومة وشعبا تكريس الحل الباكستاني البنجلاديشي الذي تسعي اليه حماس وجماعة الإخوان المحظورة .. علي حساب القضية الفلسطينية نفسها؟ .. هذا هو السؤال الذي يفرض نفسه في هذه المرحلة

عمرو اسماعيل

اجمالي القراءات 8874