هل اللغة العربية (لغة القرآن ) لغة إعتباطية كما يقول أحدهم؟؟

عثمان محمد علي في السبت ١٧ - يناير - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً

هل اللغة العربية (لغة القرآن ) &aaacute; القرآن ) لغة إعتباطية كما يقول أحدهم؟؟

طُرح على الموقع فى الفترة الأخيرة مجموعة من المقالات، والمقالات المضادة عن اللغة العربية ولسانها ،وهل هى لغة القرآن (الواضح المبين )؟؟ أم أنها لغة أعجمية عشوائية إعتباطية ؟؟

 وتباينت المقالات وردودها (طبيعيا) فى مناقشة الموضوع والإجابة على السؤال الآتى  ،هل لغة القرآن تتبع جذور اللغة العربية أم لا؟؟ وهل تسمية اللغة العربية تحت هذا المسمى تعتبر تسمية صحيحة أم لا؟؟ وإذا كانت خاطئة فهل تسميتها باللغة الإعتباطية هى التسمية الصحيحة؟؟  ولم يستطع الفريق الأول (القائل بإعتباطية اللغة) بإقناع القراء بدفوعه فى وصف اللغة العربية (بالإعتباطية) .

وفى الحقيقة أردت أن أناقش الموضوع من زاوية أخرى لم يتطرق إليها الفريقين ،وعلى أمل ان ننتهى من مناقشة مثل هذه الموضوعات ،ونلتفت إلى طرح مدلولات الكلمات القرآنية مباشرة وما فيها من مقاصد تشريعية لإصلاحنا وإصلاح الناس ،لنرقى وترقى بها البشرية .ونقدم الإسلام بصورة قريبة من حقيقته الملخصة فى قوله تعالى (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) .

وقبل المناقشة لابد أن نكرر ونؤكد على أن القرآن الكريم (يحكم ولا يُحكم عليه) ،وانه أحسن الحديث ، وأنه فوق المقارنات بكل ما فيه من إعجازات وحقائق سارية إلى يوم القيامة ، وأن حديثنا عن (اللغة العربية ) ومحاولة إنصافها لا يقلل من قيمة (لغة القرآن ولسانه ) .لكى لا يتصور أحد أننا ننصف (اللغة العربية ) على حساب (لغة القرآن ) .

 

ولنبدأ فى مناقشة الموضوع وصياغته فى نقاط واسئلة  نحاول الإجابة عليها ..

1-هل جذور لغة القرآن هى نفس جذور كلمات (اللغة العربية الآخرى ) أم لا؟؟ أو هل الحروف الأبجدية للغة القرآن هى نفس حروف وأبجديات اللغة العربية أم لا؟؟

وبقراءتى للقرآن الكريم ،وبعض ما نشر قبل نزوله من أشعار ما قبل الإسلام ،وجدت أن الجذر اللغوى للكلمة وحروفها الأبجدية (واحداً) فى كلمات القرآن وكلمات الأشعار العربية لمن هم من  قبل نزول  القرآن. بمعنى أن كلمة الحق مثلا تتكون فى الإثنين من (ا ل ح ق) ولم تتغير فى كتابتها وجذورها الأبجدية فى واحدة  منهما .. فسألت نفسى ربما يكون الوضع قد تغير بعد نزول القرآن؟؟ فذهبت إلى الشعر والنثر بعد نزول القرآن وبحثت ما تيسر لى منهما ،فوجدت أن القاعدة لم تتغير ،وأن الجذر الحرفى الأبجدى لكليهما متفق مع كلمات القرآن الكريم ولم تتغير الحروف والأبجديات عن أبجديات كلمات القرآن الكريم .

 وقد يقول قائل ،ولكن بعض كلمات القرآن تكتب بطريقة (مقصورة )فى بعض الأحيان عن مثيلتها فى الكتابة العادية مثل كلمة (السموات ،والصلوة  ). نعم – هذا صحيح – ولكن هذا يرجع لإحدى إعجازات القرآن الكريم ،ولكنها فى كل الأوضاع لم تخرج عن أبجديات وحروف اللغة العربية العادية .

2-هل عدد حروف أبجدية القرآن الكريم  إختلف  عن عدد حروف اللغة العربية؟؟

بالتأكيد لا،   فعدد الحروف فى الإثنين واحد وهو (ثمانية وعشرون حرفاً).

3- هل تم إستنكار إحدى كلمات القرآن الكريم (من المسلمين الأوائل أو الكافرين ) على أساس عدم تبيانها أو وضوحها أو إختلافها عما يعلمونه عن مدلولها لديهم ؟؟؟

بالبحث فى القرآن الكريم وجدت أن جُل إستنكار الكافرين للقرآن الكريم يتركز فى رفضهم للقضايا الآتية على سبيل المثال  :: إنكار أو إستفسارات عن (الوهية الواحد القهار) أو وحدانيته سبحانه . أو عن رفض او الإيمان باليوم الآخر.. أو عن رفض أو الإيمان بالقرآن الكريم (جملة وتفصيلاً) .. أو رفضهم لنزول الرسالة الخاتمة على (محمد بن عبدالله – عليه السلام ) دون غيره من القريتين !!

أو إستفسارات وإستفتاءات المسلمين الأوائل عن بعض أمور العقيدة ،والمستحدثات من الأمور فى  أمور التشريعات القرآنية ، أو عن بعض غيبيات الماضى والمستقبل ،أو ما شابه ذلك .

ولم نجد سؤالاً او إستفساراً قرآنياً  واحداً عن توضيح معنى  ( كلمة ما ) إختلف معناها فى القرآن (عما يعرفونه عنها) .فمثلا لم يقل القرآن لهم أن كلمة الحق تعنى (سوق عكاظ –مثلا) فسألوه عن  السبب فى تغيير معناها عما يعرفونه عنها ،وإنما فهموا (كلمة الحق فى سياقها القرآنى ) بمعنى الحق الذى يعرفونه عندهم  فى لغتهم العربية .

أما عن إختلاف  معنى بعض الكلمات لدى الناس (الآن) عما هى عليه فى القرآن الكريم ، فهذا يرجع إلى تدخل شياطين الإنس والجن فى اللعب بعقول الناس وإختلاق أديان جديدة  لهم آخرى غير دين الله، بعدما وقعوا فى الفتن منذ وفاة النبى عليه الصلاة والسلام ،ولا دخل للغة العربية الأصيلة فيما حدث من تشوهات وتحريفات لمعنى تلك الكلمات الحقيقى .

4-تبقى بعض النقاط التوضيحية منعاً لتداخلها فى الموضوع (وخلطها فى خلاط التشويه ) وبذلك نظلم أنفسنا بين القرآن واللغة العربية .

أ—إن إحدى إعجازات القرآن الكريم (رغم أنه مكون من نفس الحروف العربية للغة العربية) تتجلى فى  تحديه للثقلين (الإنس والجن) أن يأتوا بمثله أو بسورةمن مثله ،او بآية من مثله ،حتى فى صياغته الأدبية .

ب-القرآن الكريم يمتاز ضمن ما يمتاز به بحيوية نابضة مستمرة داخل كلماته وآياته إلى يوم الدين ،فكلما قرأت آية من آياته إكتشفت فيها الجديد والجديد من المعانى التى كانت غائبة عنك .وأن هذه المعانى الجديدة قابلة للتكامل المعرفى بين المجتهدين (بمعنى انك تستطيع أن ترى معلومة جديدة ما ، وآخر يرى معلومة أخرى ،وهكذا) تزيد من فهم الجميع لمقاصدة التشريعية .

عكس الكتابات النثرية البشرية ،فهى على أكثر الإحتمالات تستطيع أن تتعرف على كل ما يريد (المؤلف) بمجرد قراءتها مرة واحدة ،أو مرتين ،أو ثلاثة على الأكثر .

وأن كلمات  القرآن الكريم سارية المفعول حتى يوم الدين ،عكس كلمات النثر العربى الآخرى التى تذبل وتنتهى من جيل لجيل ومن عصر لعصر ،فنحن لا نستطع صبرا على قراءة مخطوطة من مخطوطات  ما قبل الإسلام ،ولا كتابات ما بعد نزوله من  عصور لاحقة  ،وذلك  لتغير الكلمات المستخدمة من عصر لعصر و عن كلمات عصرنا الحالى .

ولكن كلمات القرآن لا تزال وستظل نابضة بالحيوية إلى يوم الدين .

ج—نحن نعترف أن هناك قصورا  ما  فى تقعيد قواعد اللغة العربية ،وعدم موافقتها لبعض قواعد لغة القرآن ، ويعود ذلك للبعد الزمنى  بين فترة تقعيد اللغة وتمام نزول القرآن  ،ولتأخر بحثها وتدوينها عن تدوين القرآن بثلاثة قرون على الأقل.(ومن هنا يجب الا نحكم بها على القرآن ،وإنما علينا أن نراجعها طبقاً لما ورد فى القرآن من قواعد نحوية ، ونحكم به عليها  ) .

فهذا  القصور يتمشى طبيعياًمع بشرية   أولئك النحاة .ويُلزم النُحاة المعاصرين إلى مراجعة ما إنتهى إليه الأقدمين من قواعد نحوية وصرفية وبلاغية ومعاجم لغوية ،لتصحيح ما يستحق التصحيح ،وإضافة ما غاب عنهم .ليكتمل البناء النحوى لقواعد اللغة العربية .

4- هل ستندثر اللغة العربية مثلما إندثر ما قبلها من لغات ؟؟

فى الحقيقة إن اساسيات اللغة وحروفها الأبجدية لن تندثر ،ولكن ربما تندثر بعض الكلمات ويقف إستعمالها من عصر لعصر ،ومن جيل لجيل.مثلما حدث مع بعض الأشعار وبعض الكتابات والمخطوطات القديمة .مثل لغة أشعار( عنترة العبسى)  ،ومؤلفات( الجاحظ )  وهكذا .

 ويكمن السر فى بقاء اللغة العربية، لبقاء القرآن الكريم ،وحفظه الله العلى الكبير له ،ولبقاء الصلاة إلى يوم الدين .وذلك ما سيحفظ  اللغة العربية بلسانيها (القرآنى والعادى) إلى يوم الدين .

5- فهل ما زالت اللغة العربية (لغة أعجمية ، ولغة إعتباطية ) على حد زعم بعض المحترمين؟؟؟

6—أكرر أرجو أن ننتهى من محاولة الدوران فى دوائر فكريةمفرغة ،والبدأ فى عرض نتائج الإجتهادات والأبحاث على الناس ،بدلا من تضييع الوقت فى محاولات يائسة فى تشويه اللغة العربية وإثبات انها لغة أعجمية أو إعتباطية ، تحت حجة أننا ننصر القرآن ولغته .فهذا غير صحيح فإنصافنا للغة العربية هو من داخل إيماننا بلغة القرآن العربية التى نزل بها على خاتم المرسلين فى بيئة عربية خالصة وبلغها بلغته العربية .

7- هل إقتنعتم بأن  الحامض النووى(د ن –أ )  للغة القرآن ينتمى فى جذوره إلى الحامض النووى للغة العربية ؟؟ أم ما زلنا فى حاجة إلى  إرساله  للمعامل المركزية لوزارة الصحة لعمل التحاليل اللازمة لذلك (هههههههه) ؟؟

...وشكراً لكم .

اجمالي القراءات 36382