الحذاء الطائر والملوك والرؤساء بالشرق
الحذاء الطائر والملوك والرؤساء بالشرق

مدحت قلادة في الجمعة ١٩ - ديسمبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

زيورخ في 18/12/2008

 

الحذاء الطائر والملوك والرؤساء بالشرق

 

على قلب رجلِ واحد في سابقة تعد الأولى من نوعها اجتمع الرؤساء والملوك العرب بشكل سري ومغلق لدراسة ظاهرة جديدة تسمى "الحذاء الطائر"، وكعادة العرب اتخذوا اسم للمؤتمر مغايراً لحقيقة اجتماعهم السري فقد اسموه ظاهرياً " بحث القضية الفلسطينية والمصير المشترك " للتمويه عن السبب الحقيقي وهو دراسة ظاهرة "الأحذية الطائرة" وعما إذا كانت معدية أم لا.. وإمكانيات تكرارها وتأثيرها على مستقبل الرؤساء والشعوب!.

وبالطبع طُلِبَ قبل المؤتمر من كل وزير خارجية عمل ملف خاص عن مقاس قدم منتصر الزيدي ونوع النعل ومواصفات الحذاء في دولهم ودول  الجوار ... إلخ، وافتتح المؤتمر أكبر الرؤساء حكماً وبدأت الجلسة بنوع من الود وتحدث الرئيس المعمَّر "أكبر الرؤساء حكماً"!!

أحييكم تحية أخوية خالصة..

أحييكم وأنتم في بلدكم الثاني ويجب علينا أن نسموا فوق مشاكلنا المزمنة لأننا نواجه مصير مشترك ربما يطيح بنا جميعاً فظاهرة "الحذاء الطائر" من الممكن أن تؤدي برؤوسنا جميعاً، وننل ما ناله الرئيس صدام بعد سقوط حكمه ونحن في سدرة الحكم .. رفعت الجلسة.

بعد مقدمة الرئيس المعمَّر بدأت الجلسة الودية بالمشاورات للخروج بتوصيات سرية وتوصيات علنية للشعوب المقهورة وإليك بعض تلك المشاورات.

رئيس: هل يستحق بوش الضرب بالحذاء حقاً؟!! وهل من عاداتنا نحن العرب الضرب بالحذاء؟!!

ملك: نعم يستحق هذا الملعون الضرب بالحذاء فقد دمَّر العراق وقتل مئات الآلاف من العراقيين الأبرياء.

رئيس آخر: أي نعم لقد قتل الأخوة بعضهم البعض فصراع الزرقاوي السني.. والزرقاوي الشيعي كان السبب فيه هو الأمريكان الكفرة الملحدين، ولكن السؤال هنا.. هل من عاداتنا الضرب بالأحذية؟!! والإجابة هي أنه بكل أسف! ليست هذه شيمة من شيم العرب فشيم العرب الضرب بالسيف فقط...

قال الشاعر "السيف بتاراً إذا بتر" وظاهرة ارتداء الأحذية لدى العرب بدأت في وقت متأخر مع دخول الاستعمار الأوروبي للمنطقة.

هنا تدخل أحد الرؤساء في الحديث متسائلاً!!.. هل يأتي اليوم ننال فيه نفس الجزاء من شعوبنا؟

ملك: لا بالطبع لا.. نحن أشرف من أن نٌهان من شعوبنا لعدة أسباب هامة...

شعوبنا مدجنة دينياً.. "أطيعوا الله ورسوله وأولوا الأمر منكم" فنحن أولوا الأمر.

شعوبنا مقهورة أمنياً.. فلدينا ما يكفي من الأجهزة الأمنية بقدر مخبرين لكل مواطن ومن اليوم سنوجد  عشرة مخبرون لكل مواطن.

شعوبنا مقهورة اقتصادياً.. فالمواطن يعمل لدينا ما لايقل عن ثمانية عشر ساعة يومياً لتوفير العيش الحاف الجاف...

شعوبنا مقهورة اجتماعياً.. فالمواطن لديه كم من المشاكل الاجتماعية تعجز الجبال عن حملها كمثل تربية الأبناء، والنقل، والمواصلات، والتغذية... إلخ.

هنا تدخل أحد الملوك: ولكن المواطن لدينا لا يعاني من مشاكل اقتصادية أو اجتماعية... إلخ

إذاً! فلم ننل نفس المصير؟ "الضرب بالحذاء الطائر"!!.

تدخل ملك آخر: أعمل لك زي عادل إمام في مدرسة المشاغبين!! إنت ملك أونطة بقى ده اللي يفكر نجيبه ونجيب أهله ونجيب جيرانه وندوبهم أمام أعيننا.

تدخل رئيس آخر في الحديث: إن ظاهرة الأحذية الطائرة لم ولن تصيبنا وأعطيكم مثالاً حياً ففي بلدي تفشَّت الرشوة والمحسوبية والعنصرية واضطهاد الأقليات وتم حرمانهم من العيش الكريم، كما أن الأجهزة الأمنية لها السيادة والريادة في مسح كرامة المواطن حتى الاعتداء عليه جنسياً وعلى ذويه أيضاً، ولا توجد فئة من فئات الشعب إلا ونالت ذلك الجزاء "العادل" من الأجهزة القمعية، ولنا الفخر بأن الآف المواطنين يلقون حتفهم في كوارث طبيعية وتمتهن آدميتهم، كما يحيا أكثر من ستين بالمائة منهم تحت خط الفقر في مأساة إنسانية عظمى، وبرغم ذلك كله لن تصل إلينا ظاهرة "الحذاء الطائر" لأننا نسَّخر عجلة إعلامية 24 ساعة يومياً "ليس في الإمكان أبدع مما كان" والمخالفون هم خونة ومرتزقة ومأجورين ...

 

أخيراً بعد عدد من جلسات النقاش خرج المؤتمر بالتقرير السري الآتي "نحن رؤساء وملوك المنطقة وجب علينا قهر شعوبنا، وعدم التمسك ببدع أهل الغرب من حرية التعبير، والاعتقاد، والديمقراطية، لتجنب هذه الظاهرة.. ويجب علينا زيادة الجرعات الدينية لتسكين الشعوب ويجب التنسيق التام بين جميع الأجهزة الأمنية، والمخابراتية لحماية ممتلكاتنا".

أما التقرير العلني فقد جاء على ذاك النحو: "في سابقة هي الأولى من نوعها اجتمعنا نحن الرؤساء والملوك العرب وقررنا تحرير فلسطين بكافة الوسائل والطرق السلمية والإسلامية ولا سلام عادل شامل إلا بتحرير فلسطين المحتلة".

 

هذا جزء بسيط مما دار في المؤتمر... تٌرى من يستحق الحذاء الطائر الرؤساء أم الشعوب؟!! .

 

مدحت قلادة

Medhat00_klada@hotmail.com

اجمالي القراءات 9328