آيات متشابهات
تعليق على تعليق الأخ فوزي فراج على تعليقات الأخوه وعلى تعليقاتهم

شريف هادي في الأحد ٢٢ - أكتوبر - ٢٠٠٦ ١٢:٠٠ صباحاً

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ فوزي فراج والأخوة الكرام مهيب الأرنؤوطي وحسن عمر وعثمان محمد علي أما بعد أحيكم بخير تحية تحية الاسلام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد إسمحوا لي أن أدلي بدلوي في الموضوع الذي تتحاورون فيه وهو فواتح السور (ألم، ألمص، كهيعص، حم، طه، يس وغيرها
الأخ فوزي إجتهد كثيرا وأجهد نفسه في نقل ما هو مدون بكتب التراث عن هذه الفواتح ثم أنه أقر بحذف الكثير مما قرأه رحمة بنا ونشكره على ذلك كما نشكره على ملحوظته الأخيره في هذا الباب عندما قال بالحرف الواحد (ولكن لاحظ ان كل ذلك التفسير لم يرجع اى منه الى الرسول (ص) اى لم يقل اى واحد منهم ان ذلك عن الرسول او ذلك ما قاله الرسول) لما كان ذلك كذلك ولم يصل لنا خبر نطمئن إليه منسوبا إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم في شرح فواتح السور نعود إلي القرآن لنبحث فيه عن ما خفي من هذه المعاني وهنا نقف أمام أمرين لا ثالث لهما.
أولا: قال تعالى"وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ" البقرة 23 وقال تعالى" أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ، بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ " يونس 38: 40
في هذين الآيتين تحدٍ واضح وصريح من رب العالمين للكفار خاصةً وكل البشر في كل العصور والأزمان أن يأتو بسورة من مثل القرآن وفي مواضع أخرى من القرآن أن يأتو بعشر سور أو يأتو بآية منه ولكنهم لن يستطيعون ذلك حتى لو كان الجن والأنس بعضهم لبعض ظهيرا ، ولما كان الحق اليقيني الذي لا مراء فيه ولا جدال أن مادة القرآن هي أحرف اللغة العربية والتي منها تلك الأحرف التي في فواتح السور فإن الله وضعها في هذه الفواتح تأكيدا للتحدي الذي فرضه على المكذبين بأن ذكر لهم مادة القرآن في فواتح السور وكأنه سبحانه يقول لهم لقد أنزلت إليكم القرآن وهو من مادة تلك الأحرف وهي ليست عزيزة عليكم فإن كذبتم أو قلتم أن عبدنا ورسولنا محمد إفتراه فلتصنعوا مثله ولديكم المادة إن كنتم صادقين في تحديكم لنا ولكم أيضا أن تدعوا شهداءكم من دون الله أو تدعوا من إستطعتم فكان في ذكر تلك الأحرف في فواتح السور تأكيد على إعجاز القرآن والله أعلم
ثانيا: هذا على وجه ومن وجه أخر نقرأ قوله تعالى " هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ" آل عمران7
وهنا إقرار من رب العالمين أن القرآن به المحكم والمتشابه ، وهنا لنا سؤال ما هو المتشابه؟ وحيث أن الاختلاف في تفسير معنى المتشابه يقودنا لا محالة إلا متاهة فإن الأسهل أن نعرف الشئ بضده فنبحث في معنى المحكم فيكون المتشابه هو من أفتقد عنصر من عناصر المحكم ولما كان المحكم هو المفهوم لغة والمعروف حكما والواضح دلالة واليقيناليقيني ثبوتا وحكما وعن أبن عباس رضي الله عنهما قال (الْمُحْكَمَات نَاسِخَةٌ وَحَلَاله وَحَرَامه وَأَحْكَامه مَا يُؤْمَر بِهِ وَيُعْمَل بِه) ووفقا لذلكِ فإن المتشابه من إفتقر إلي أحد هذه العناصر وبتطبيق هذه القاعدة على فواتح السور فهي حتما لا محالة من المتشابه فإن ثبت لنا ذلك بالدليل القاطع فما حكمها ؟ والحكم فيها من القرآن ومن نفس الآية أن لا أحد يعلم تأويل المتشابه إلا الله أما الراسخون في العلم فإنهم يقولون أمنا به كل من عند ربنا محكمه ومتشابهه
وهنا نعود لتلك القاعدة الأصولية التي وضعها شيخنا أحمد منصور قاعدة الأحكام والمقاصد فإن الله سبحانه وتعالى جعل هذه الفواتح المتشابهة ليميز الخبيث من الطيب وليمحص الله الذين أمنوا ويمحق الكافرين فالذين في قلوبهم زيغ ومرض سيتبعون المتشابه إبتغاء الفتنة وإبتغاء تأويله
فيا أخ فوزي ويا أخ مهيب أنصحكما بالإيمان بها وهي آيات متشابهات والإيمان بأن الله وحده عنده علمها وليس ذلك لأحد من البشر .
أما عن موضوع الرقم 19 والإعجاز العددي في القرآن فإن القرآن حقيقة كله معجز ولكن أنا أميل إلي رأي الأخ حسن ورأي الأخ فوزي في تعقيبه وكذل ما جاء في كلام الأخ عثمان والحقيقة أنهم إستوفوا الرد على الأخ مهيب وموضوع الإعجاز العددي الأولى تركه لا طرقه والله أعلم
وأخيرا فلي تعقيب على ما جاء بتعقيب الأخ عثمان محمد على الحقيقة يا أخ عثمان أن الاسلام ليس بضاعة والعالم ليسوا زبائن ونحن لسنا بسوق فالبضاعة تبور وتكسد بل وتفسد والاسلام لا يجري عليه شيئا من هذا أبدا فقد خانك التعبير وأنا أتفق معك أنك عندما ذهبت إلي كندا وجدتهم يطبقون جل ما في القرآن والاسلام من معاني الحرية والعدل والمساواة ولا أتفق معك أنهم يطبقونها أفضل من تطبيقها في عصر أبي بكر لأنك لم تكون في عصر أبو بكر لتعرف كيف كان يطبقها ولم تقم بالبحث لتضع دراسة مقارنة بما كان في عصر أبو بكر وما هو عندهم ولم تختر عناصر هذا البحث فكلامك إفتئات على عصر أبو بكر دون علم ودراسة
ولنكون منصفين فيجب علينا أن نقول نعم الغرب يطبق بعض قواعد الاسلام من حرية ومساواة وعدالة إجتماعية وكذلك بعض دول الشرق وعلى رأسها الصين التي أقيم فيها تطبق بعض قواعد الاسلام من حيث ضمان التكافل الاجتماعي والحد الأدنى للمعيشة وضمان حق الفرد على المجتمع وحق المجتمع على الفرد أما الدول العربية فهي أهدرت جميع القواعد التي يطبقها الشرق والغرب من الاسلام وتطبق فقط الشكل والرسم دون المضمون والجوهر.
إذا فالعالم كله يطبق ولايطبق الاسلام في آنٍ واحد كل إستفاد بجزء وترك الباقي وكل أخذ من الاسلام ما يتفق والمبادئ التي قامت عليها دولته والنظريات التي إرتضاها لتكون دستور له وترك الباقي أما العرب والمسلمين فقد تركوا كل شيء وأخذوا فقط بالمظهر ومجموعة الحركات التعبدية ولذلك هم في أسوأ حال الأن من كل من الشرق والغرب لأنهم أخذوا بالعبادة بعد أن أفرغوها من مضمونها فأصبحت كالحركات الرياضية لا تسمن ولا تغني من جوع، والحقيقة أن الاسلام هو جماع ذلك كله فيا أخ عثمان لو قدمنا للغرب والشرق والعالم كله الاسلام ككل لا يتجزأ فلا تخاف عليه ولن يكون بضاعة كاسدة ولن نبيع الميه في حارة السقايين كما يقول المثل المصري لأن ما عندنا متميز عن ما عند الباقين المهم أن نقدمه كله دون إقتطاع
وأخيرا أقدم لكم أسفي وإعتذاري لتطفلي عليكم وأرجوا قبولهما والختام يكون بدرة الافتتاح السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شريف هادي 22/10/2006
اجمالي القراءات 13867