فهل أنتم منتهون / لا يارب لن ننتهي

اسامة يس في الثلاثاء ١٨ - نوفمبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

تمهيد ضروري:‏
بداية أنا من الذين يؤمنون أن الحرام حرام في ذاته، لأن الله حرمه، وأنه لا يدور في فلك النفع ‏والضرر، إذ أن الحرام ما هو مقطوع بحرمته من الله، توصلنا للحكمة أو لم نصل، عرفنا مراد الله أو لم نعرف، ‏فليس الحرام عندي كون الشيء ضاراً  أو نافعاً.‏
‏ ومن اللازم أن أنوه أن التشريعات مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بظروفها الزمكانية إن صح التعبير، وتقبل ‏المجتمع، وفاعليته، ونموه ،ونضجه، وتطوره وو الخ. فما كان في المدينة لم يكن قط يصلح لمكة، فلم يكن حكم ‏االطلاق مرتان بمكة مثلاً، ولم تكن لأحكام المواريث شأن يعني مجتمع أفراده قلائل يسحقون بمكة، وهكذا .‏ أما عن حسم توقيت هذه الصلاحية، وهذا التقبل، وتلك الفعالية، وذاك النمو والنضج ، أي حسم ‏تلك التفاعلات جميعاً،في تشريع الهي(1)، أمر يرجع لله وحده، فهو الذي يعلم متى يصدر الحكم ، وأمره تعالى ‏ليس عبثاً.‏
‏ أما عن فهمي للآيات:‏
الآية الأولى قال تعالى:‏
‏(يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما اكبر من نفعهما ويسألونك ماذا ‏ينفقون قل العفو كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون) البقرة آية 219‏
هنا سألوا النبي محمداً صلى الله عليه وسلم عن الخمر والميسر وماذا ينفقون(2)، ولما كان محمد عليه ‏الصلاة والسلام لا يشرع من تلقاء نفسه، وكان ينتظر أمر السماء، وكانت الخمر مما يشرب ، إما حلالاً ‏بحسب أصل الأشياء، ولم يصدر بها حكماً بتحريم، أو كانت حراماً في ملة إبراهيم ابتداء، لكن طال على ‏الناس الأمد، فقست قلوبهم وبدلت، وهذا شأن آخر ، ولما كان القرآن تنزيلاً على مكث، ولم ينزل دفعة ‏واحدة، ، انتظر الرسول أمر الله تعالى في السؤال، فكان الجواب، أن الخمر والميسر فيهما إثم كبير ( وزر، ‏ذنب، ضرر، جرم) أياً كان،وفيهما أيضاً منافع للناس ( لذة الشرب، اللعب، التجارة، الربح وو ) هنا لم يكن ‏ثمة حكم ، الجواب هنا وصف للحال، ولفت للنظر، لم يغير شيئاً ، بل وجه التفكير فقط للنظر والمقارنة ‏‏(وختمت الآية لعلكم تتتفكرون ) .‏
لم يحن بعد معاد الحكم. ‏
الآية الثانية وبيان الحكم:‏
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ‎ ‎وَالأنْصَابُ وَالأزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ‏فَاجْتَنِبُوهُ‎ ‎لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ‎ ‎بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ‏وَيَصُدَّكُمْ‎ ‎عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) (91) المائدة
النقطة الأولى:‏
• الخطاب للمؤمنين.‏
• الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان/ وأياً كان معنى الرجس -كي لا ‏ندخل في خلاف معاني- فلا أخالك تقول أن الشيطان يأمر بخير وينهى عن منكر، فهو عمل ‏على أقل تقدير خبيث.‏

• ‏ فاجتنبوه أي فانتهوا عنه واتركوه ولا تفعلوه ، وإلا فما دلالة لعلكم تفلحون ... بمفهوم ‏المخالفة أن من يقع في عمل الشيطان هالك لا محالة..‏
• الشيطان يريد أن يوقع الضغينة والعداوة بيننا ويصدنا على الصلاة في ماذا في الخمر والميسر ‏‏... فهل ننتهي ... ؟؟!!!!!!!‏
الجواب لا يارب الآيات غير واضحة الدلالة على التحريم بل فيها إشكالية اجتنبوه ... رغم أنها ‏عمل من أعمال الشيطان وتوقع العداوة والبغضاء وتصد عن الصلاة، وختمت ب لعلكم ‏تفلحون، وهل انتم منتهون، إلا أننا يا رب  مازلنا حيارى ...‏
أما أمور مثل التخدير والتداوي ووو، فهي أمور مختلفة تماماً عن صلب التحريم، إذ هي أمور ‏عارضة من باب الاضطرار يحاسب الإنسان عليها أمام الله كل حسب حجته، وكل شيء في ‏الدنيا يخضع لمعيار المنافع والضرر فالقنبلة النووية التي ألقيت على اليابان كان فيها إثم كبير ومنافع ‏لأمريكا... وإثمها كان أكبر من نفعها.. ‏
أما بخصوص عين الشيء واستخدامه كالسكين واستخدامه مثلا، قلنا هناك أشياء لا تقبل ‏التبعيض ، منها الخمر والميسر والأزلام والأنصاب فهي محرمة في ذاتها، تماما كلحم الخنزير ‏بالتأكيد له نفع فقد يكون شهياً ،وقد يسمن ويغني من جوع، لكن عينه هي المحرمة، فكيف بالله ‏عليك نبعض الميسر فنأخذ منه منافعه ونترك آثامه... بصدق أريد أن أجد جواباً، فالأمر يشمله ‏بضرورة الاجتناب والانتهاء ولكي نكون من المفلحين..‏
والله تعالى أعلم
هامش(1) في التشريعات الأرضية يحدث ذلك أيضاً حين يستدعي تدخل المشرع ( الجرائم الالكترونية).

(2) سيقتصر تناولنا على الخمر والميسر فقط.

اجمالي القراءات 34620