اختلاف رحمة وما سواه نقمة
خوفو واختلاف الأئمة في كفره وعقوقه

اسامة يس في الثلاثاء ١١ - نوفمبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

 خوفو شاب بار بوالدته شديد البر بها ، عطوف مخلص، حريص جدا على طاعتها ، لا يكل ولا يمل في خدمتها ، ولكنه المطر وهطوله الذي تسبب في كسر ساق خوفو الشمال، التي كان يعتمد عليها في تسديداته التي تفوق في قوتها تسديدات روبرت كارلوس ، ورغم أنه ليس ثمة علاقة واضحة تربط بن هطول المطر الذي نتج عنه كسر الساق، وبين عقوق خوفو المفاجئ لأمه، هذا العقوق الذي استمر إلى وفاته، فمات بذلك على الكفر والعياذ بالله على رأي الجمهور ، أكرر رغم انه ليس هناك علاقة بين هذا وذاك، إلا أن أئمة المذاهب راحت تعلل وتشرح ، والكتب قد ألفت، والأبحاث قد نشرت، لا لتعلل الارتباط بين ذالك الحادث المؤلم وبين العقوق فحسب، بل لتعلل كفر خوفو بسبب عقوقه ، فذهب (غبووب في مخووخ ) وهو إمام المذهب (الغبووبي ) الذي نسب إليه قائلا: خوفو كان منذ لحظة تزحلقه كافراً مشركاً، لأنه فيما نقل إلينا من الثقات أن خوفو قال أثناء تزحلقه وهو يحاول أن يتفادى السقوط:
( الحقيني يما ) وهو بذلك يطلب العون من أمه ويستنجد بها، وبالتالي فقد أشرك منذ اللحظة الأولى لتزحلقه، فهو بذلك أقصد
( غبووب ) لا يرد شرك وكفر خوفو إلى عقوقه لوالدته بل لأنه استنجد بها وطلب العون منها .
ورأيه هذا أخذ به الجمهور، فردوا كفر خوفو إلى شركه، وطلب العون من أمه ، إلا أن إمام المذهب
(السرحاني ) وعلى رأسهم سرحان بن فرحان رغم اتفاقهم مع المذهب ( الغبووبي ) على كفر خوفو وموته على ذلك ، لكنهم اختلفوا في تعليل ذلك فقالوا : إنه وإن صح ما نقله الثقات أن خوفو استعان بأمه وطلب النجدة وقال :
( الحقيني يما ) وهذا شرك، إلا أن خوفو لم يمت نتيجة سقوطه وتزحلقه بينما مات وهو في سن الستين، وبناء على ذلك فقد يكون قد تاب من شركه بعد ذلك، ولو كانت وفاته في نفس لحظة سقوطه وطلب العون من أمه لأخذنا بمنهج الإمام غبووبي ووافقناه الرأي ..
وكان لمذهب الإمام ( سماح المرادي ) وأتباعه رأي آخر فقد قالوا: إ
ن خوفو مات مسلما، ولم يمت على الكفر واتخذوا من طلب العون من أمه دليلا يؤكد كلامهم وقالوا : بأن خوفو لم يكن عاقا بأمه، بل هي أول من تذكرها في محنته، وبالتالي فهي في قلبه وملاذه ، أما بالنسبة لشركه فقد ذهبوا إلى ما ذهب إليه المذهب السرحاني من احتمال توبته منه وهذا المذهب لم يأخذ به إلا القليل ،وواجه اعتراضات شديدة حيث أن عقوق خوفو ظل إلى أن مات ولم يتب منه أبدا ...
وكان لعلماء النفس رأي آخر عندما أشيعت قصة خوفو في العصر الحديث ، فبالرغم من أنهم تحيروا من التغير الذي طرأ على خوفو بعد تزحلقه وسقوطه، إلا أنهم أدلوا دلوهم وقالوا قولهم، بأن خوفو حدثت له صدمة عصبية عندما كسرت ساقه التي كان يعتمد عليها في تسديداته القوية التي تفوق قوتها تسديدات روبرت كارلس، وأدى ذلك إلى إصابته باكتئاب ظل يلازمه إلى وفات،ه جعله يكره جميع الأشخاص وفي حالة عصبية دائمة ، وقد كان لأهل الفلك والطب آراء شتى فمنهم من راح يدرس حالة الجو ، وهل كان هطول المطر شديداً ، وأي نجم من النجوم السيارة كان ظاهراً في كبد السماء، بينما راح آخرون يقولون أن خوفو عندما سقط على الأرض وقع على رأسه فأصيب بفقدان الذاكرة، وهو مرض لم يكن معلوماً وقتها فنسي أمه، ولذلك كان فظاً في معاملتها بعد ذلك . ورغم أن الخلاف قد خفت حيناً من الدهر، إلا أنه عاد بقوة، عندما زعم أحد علماء التاريخ أن خوفو العاق هو ذاته
(خوفو خفرع المنقورع ) صاحب الهرم الأكبر فعاد الخلاف من جديد وتسلح الأئمة أتباع المذاهب بأسلحتهم، فعادوا إلى جعبتهم يستخرجون أدلتهم التي ليسوا في حاجة لاستخراجها، فهم يحفظونها ويقدسونها وخرجوا في وسائل الإعلام ينادون بكفر العالم ولعنته مستشهدين بأدلة أئمتهم مرددين أن الخلاف بين الأئمة نعمة وما سواهم نقمة ..
ومما زاد الأمر سوءاً وأصاب الاقتصاد الوطني في مقتل فتوى الإمام ( طرطور ) أحد أتباع المذهب الغبووبي، التي زعم فيها أن النعل الذي كان ينتعله خوفو ماركة ( أديدس ) الكافرة فهبت الشركة وطالبت بحقوقها، وبتعويضات باهظة عن تلك الفتوى الآثمة ، وخالفه في ذلك إمام المذهب السماحي السائر على نهج إمامه( سماح المرادي ) الذي أفتى بأن الإمام زاره في المنام وأخبره بان خوفو لم ينتعل شيئاً على الإطلاق عندما تزحلق لا( باتا ) ولا ( أديدس ) ورغم أنه كان لهذه الفتوى أثر ولو قليل في تسكين الموقف، إلا أن الشركة لم تتراجع عن دعواها، لولا تراجع الإمام الغبووبي طرطور عن فتواه، بل وأصدر بعدها فتوى مضادة، وقيل أنه ظهر في إعلان أحد القنوات الفضائية منتعلا (أديدس ) مما أدى ذلك إلى قلة أو لنقل انعدام الإقبال على كتشيات باتا الوطنية، مما كاد أن يسبب كارثة وطنية، كما أن شركة اميجو تدخلت في الأمر زعما منها أن هذه الشوشرة أثرت على مبيعاتها بشكل أو بآخر ..
ويظل الخلاف بين أئمة المذاهب وهو خلاف محمود لا مذموم فلك الحق أن تكفر خوفو ولك الحق أن تجعل منه مسلما ولك الحق أن تتبع رأي (المغنواتي ) إمام الطرب، وهو إمام مشهور رغم أن رأيه لم يأخذ به إلا _ تلاميذه المعدودين الذين رأوا من أئمة المذاهب الأخرى النفور بل والاضطهاد _ فقد ذهبوا إلى أن خوفو لم يكن يقول :
( إلحقيني يما ) كما زعم أئمة المذاهب الأخرى، بل كان يغني أغنية فايزة أحمد                ( يما اعملي معروف معتش فيها كسوف .. ) وهو بذلك لم يشرك، ولم يرتكب معصية عندما غنى، وثبت عندهم أنه كان في حالة غيبة منذ سقوطه إلى موته، فهو بذلك مسلماً، بل ذهبوا إلى الدعاء والتبرك به وزيارة هرم خوفو مؤيدين رأي عالم التاريخ أنه هو ذاته خوفو صاحب الهرم الأكبر ..
كانت هذه حكاية خوفو الذي اختلف فيه وهو اختلاف رحمة على أي حال!
تمت ...

اجمالي القراءات 15680