هل يستجيب الرئيس مبارك للنصيحة؟؟
هل يستجيب الرئيس مبارك للنصيحة؟؟

عثمان محمد علي في الثلاثاء ٢٣ - سبتمبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

هل يستجيب الرئيس مبارك للنصيحة ؟

فى 6 – اغسطس – 2006 .كتب  الأستاذ الدكتور أحمد صبحى منصور – مقالة عن الإصلاح السيا سى فى مصر تحت عنوان (اصلاح الدستور المصرى لا يكفى ) .جاء فيها :(  اضطر الرئيس مبارك أخيرا الى الموافقة على تغيير مادتين فى الدستور ، فهل يكفى هذا فى تحقيق الاصلاح الشامل &Ccediute;شامل الذى نناضل من أجله منذ ربع قرن؟ ان المستخلص من هذا الاصلاح هو احلال الانتخاب محل الاستفتاء، وسيعمل ترزية القوانين – كالعادة - على تفريغ هذا التعديل الرشيق من مضمونه ليصب فى النهاية لصالح التمديد أو التوريث. لسنا بالبلاهة التى يتوهمها فينا الآخرون . لقد اضطر الرئيس مبارك اضطرارا لاعلان هذا التعديل الرشيق فى الدستور بعد سنوات من الرفض الصريح المعلن كان آخره منذ أيام قلائل. والمتصور أن يكون هدف هذا الاعلان أن يبقى الحال على ماهوعليه من الاستبداد والفساد .باختصار ليس المطلوب فقط تغيير مادة أو مادتين من الدستور المصرى بل تغيير الدستور كله ليكون دستورا ديمقراطيا حقيقيا يليق بمصر وشعبها، والاصلاح الدستورى لا يكفى فلا بد له من اصلاح تشريعى كامل يضع لأرضية القانونية لاصلاح سياسى حقيقى. والاصلاح السياسى لا يكفى بدون اصلاح دينى يشد من أزره حتى لا نقفز من الظلام ويأتى طوفان عقيم يستعيد صرخة اوربا حين هتفت " اشنقوا آخر مستبد بامعاء آخر رجل دين". نريد لمصر العزيزة اصلاحا سلميا لا مفر منه ولم يعد ممكنا تأجيله أو المماطلة والا فالانفجار قادم . العناد هنا سيؤدى للهلاك ولا يصح لعناد شخص واحد أن يهدد السفينة المصرية فى أعاصير هذه التحولات التى يشهدها العالم منذ الحادى عشر من سبتمبر2001) ...ومنذ أيام قلائل قرأت مقالة فى نفس السياق الإصلاحى  للعالم الجليل واستاذ –وفقيه القانون الدستورى –الأستاذ الدكتور – يحى الجمل – تحت عنوان (سيدى الرئيس) .فرأيت من واجبى أن أنقلها لحضراتكم لنتعلم منها ،ونتحاور حولها ،وحول ما فيها من مضمون فكرى عن جوهر  الإصلاح السياسى ، وفى جرأة صاحب الحق وتمسكه فى الدفاع عن حقه ،مهما كانت سطوة الحاكم وإستبداه ...فهيا بنا لتقرأها ونتحاور حولها ،

سيدي الرئيس

  د. يحيى الجمل   

كل عام وسيادتكم بخير بمناسبة شهر رمضان

ومن أجل مصر أستأذن في أن أتوجه لسيادتكم بهذا الخطاب

أنا واثق يا سيادة الرئيس أن بقاءك علي سدة الحكم في منصب رئاسة الجمهورية يجنب مصر مخاطر كثيرة ومحناً لا يعلم مداها إلا الله، منذ عهد محمد علي لم يكن المصريون يضربون أخماساً في أسداس، ولم تكن الحيرة تتملكهم في أمر حاكمهم القادم كما تتملكهم الآن، والذين يدركون حقائق الأمور يدعون الله لك بطول البقاء لأن كل البدائل بعدك تبدو بائسة،

ألا تري يا سيدي أننا وصلنا معك إلي أمور غريبة ومصير مفجع فيما لو أراد الله للقدر أن ينزل فجأة، وأنت يا سيدي في مرحلة من العمر - أطال الله عمرك - يتذكر فيها الإنسان قول الله لرسوله «إنك ميت وإنهم ميتون»، أبعد الله عنك يا سيدي كل شر.

ألا تري يا سيدي - رغم كل ما يقوله كتبة السلطان - أن أحوال مصر تردت إلي هوة سحيقة، أظن يا سيدي الرئيس أن ما جري في بكين وما جري في مجلس الشوري علامات واضحة علي مدي ما وصلنا إليه من إهمال وتسيب وتدن في كل شيء.

ولن أتحدث عن التعليم والصحة ورغيف الخبز، فيقيناً يصلك من أمر ذلك كله من التقارير ما يقلقك علي مستقبل مصر التي حملت رأسك علي يدك من أجلها يوماً من الأيام الماضية.

ولعلك يا سيدي الرئيس تتابع ما يجري في بلد مثل الولايات المتحدة الأمريكية بعد أن انتهت مدة رئيسها بوش - الثماني سنوات - والاستعدادات والمؤتمرات التي تجري لاختيار الرئيس القادم.

ولعلك يا سيدي الرئيس تدرك أن كل البلاد التي شرفت بزيارتك لها لم تلتق فيها برئيس واحد مرتين، الناس هناك يعرفون تداول السلطة ويعرفون أن في ذلك خيراً كبيراً، ويعرفون أن وجود رئيس سابق يمشي في الأسواق بين الناس هو علامة من علامات الديمقراطية الحقيقية.

وسيقول البعض إن التعديلات الدستورية الأخيرة، خاصة ما تعلق بخطيئة المادة ٧٦ قد أوجدت آلية دستورية لتداول السلطة وأنا واثق يا سيدي أنك تعلم قبل غيرك أن هذه المادة التي لا مثيل لها في أي دستور في العالم - وأنا أعرف ما أقول وأتحمل مسؤوليته - إنما هي نوع من المسرحيات الهزلية.

وسأكون يا سيدي - من أجل مصر - صريحاً معك إلي أبعد حدود الصراحة، نجلك الذي يعد منذ وقت لتولي الحكم قد يكون شاباً مثقفاً متفتحاً رأي العالم من حوله،

وقد يري البعض أنه فرصة لانتقال الحكم من العسكريين إلي المدنيين وهذا في حد ذاته صحيح، ولكن أصدقك يا سيدي القول - وقليلون ممن حولك من يصدقونك القول - إن ابنك جمال لا يتمتع بأي قدر ولو وضئيلاً من القبول الشعبي بل إن الشعب المصري عن بكرة أبيه - فيما عدا مجموعة المنتفعين وأظنهم فيما بينهم مختلفين - يراه شاباً مغروراً يصعر خده للناس، هكذا خلقه الله ولم يمنحه ذرة واحدة من قبول، هذه حقيقة لن يجرؤ كثيرون - ولا حتي قليلون - أن يقولوها لسيادتك ولكن من أجل مصر أقولها،

وأنا واثق أنه لن يسعدك ولن يريحك أن يحكم مصر رجل لا تحبه مصر ولا يريده شعبها، ممتطياً صهوة الخطيئة الدستورية التي يقال لها المادة ٧٦، والتي أربأ أن أقول، من الدستور.

أنت يا سيدي أب ولا شك أنك لا تحب أن تسمع هذا الذي أقوله ولكن صدقني يا سيدي أن هذه هي الحقيقة حتي إن أغضبتك وأغضبت أهل بيتك.

وإذا كان ذلك كذلك فما البديل، تجربة قانون الاحتكار وما تم فيه تلفت النظر إلي بديل آخر.

سطوة المال والثروة قادرة في هذا الزمن الرديء أن تشتري أشباه الرجال، وهكذا سيكون البديل غير جمال بديلاً رهيباً، بديلاً يشتري حكم مصر بحفنة من ملايين الدولارات التي جمعها من دم شعب مصر، وأظن أن شعب مصر برغم المادة ٧٦ وبرغم قوة الأمن لن يرضخ لهذا المصير الأسود مهما كان سوء البديل.

ويظل السؤال قائماً: فما البديل إذن؟

البديل فوضي عارمة لا يعلم مداها إلا الله، ولا يعلم من يركب موجتها إلا القدر وحده.

هل معني هذا أنه لا أمل وأن علينا أن ننتظر الكارثة؟

أبداً يا سيدي وبيدك أنت وحدك أن توجه الأمور وجهة أخري، هي في تقديري وتقدير من يفكرون في مصر ويحبون مصر ولا ينظرون تحت أقدامهم، هي وجهة السلامة والأمان.

سيدي تواضع لبضع دقائق وفكر في هذا الذي سأقوله بروية وهدوء ثم اتخذ قرارك فأنت وحدك يا سيدي صاحب القرار.

سيدي أقترح عليك، إذا راق لك هذا الكلام، أن تصدر - اليوم قبل الغد - قراراً جمهورياً بتشكيل جمعية تأسيسية لوضع مشروع دستور جديد يقوم علي مبدأ أساسي هو «الدولة المدنية الديمقراطية التي يتساوي فيها كل المواطنين دون أي استثناء من أي نوع يكون».

وتحت هذا المبدأ تبدأ الجمعية التأسيسية وبعد أن تنتخب انتخاباً حراً - وليكن علي درجتين - عملها وأمامها حصيلة دستورية ثرية، أمامها دستور ١٩٧١ قبل أن تشوهه كل التعديلات التي أدخلت عليه، وأمامها دستور ١٩٢٣ وأمامها مشروع دستور ١٩٥٤ وأمامها تجارب العالم المختلفة، خاصة تجارب بلاد أوروبا الشرقية التي خرجت من النظام الشمولي وحققت خطوات واسعة نحو الديمقراطية.

التجارب الدستورية في العالم كله موجودة، والحصول عليها ميسور، ومع الجمعية التأسيسية قد يوجد مجموعة من الخبراء الفنيين يعملون تحت أمرها ويجمعون لها المعلومات ويوفرون لها تقنيات أو قد لا يوجدون إذا استغنت الجمعية التأسيسية عن معاونتهم، ذلك أن الجمعية التأسيسية هي الأصل وهي المناط بها وضع العقد الاجتماعي الجديد في هذا الدستور الجديد.

وأستأذنك يا سيدي في أن أعلن مع دعوة الجمعية التأسيسية أنك لن تبقي في الحكم غير عامين اثنين فقط تتم فيهما انتخابات الجمعية التأسيسية، ويوضع الدستور ويستفتي عليه ويبدأ نفاذه، ثم يفتح الباب لانتخابات رئاسية جديدة وفقاً للدستور الجديد - وليس وفقاً للخطيئة أو المهزلة العبثية التي تسمي المادة ٧٦ لا رحمها الله ولا رحم من صاغوها.

كن واثقاً يا سيدي أنك إذا أقدمت علي هذا العمل العظيم من أجل مصر فإن مصر اليوم وغداً وإلي آخر الزمان ستضعك في حبة عيونها وفي قلب أبنائها وفي أنصع موقع من تاريخها.

إن التاريخ يا سيدي حقيقة وأمام التاريخ «تبيض وجوه وتسود وجوه»، ألا تري يا سيدي أن التاريخ يتكلم عن محمد علي وعن إسماعيل وعن توفيق وعن فؤاد وابنه فاروق ويتكلم عن كل منهم علي نحو مختلف.

وألا تري يا سيدي أن التاريخ يتكلم عن عبدالناصر وعن السادات، وأبناء عبدالناصر وأحفاده وأبناء السادات وأحفاده يسمعون ويقرأون، وسيتكلم عنك يا سيدي التاريخ - أردت أولم ترد - وسيسمع أبناؤك وأحفادك حكم التاريخ كما سمع كل الأبناء وكل الأحفاد من ذرية حكام مصر، ويومها يا سيدي ستبيض وجوه وتسود وجوه.

سيدي الرئيس:

أرجو أن تغفر لي يا سيدي إن كنت قد تجاوزت قدري في هذا الحديث، فما فعلته إلا من أجل مصر التي هانت علي كثير من أبنائها، أهانهم الله.

ولست أبغي من هذا الحديث إلا وجه الله ووجه مصر، لا أبغي جاهاً ولا مغنما ولا منصباً، فأنا أعلم جيداً أن الطريق إلي الجاه والمغنم والمنصب في هذا الزمن هو غير طريق الصدق والصراحة والوضوح.

أنا يا سيدي الرئيس بلغت من العمر ما أدرك معه جيداً أنني لا أصلح لأي منصب ولا يصلح لي أي منصب، اللهم إلا تلك المحاضرة التي ألقيها بين الحين والحين علي طلابي في معاهد العلم، وإلا كلمة حق أقولها لوجه الله ووجه مصر.

سيدي الرئيس:

أنت عملت من أجل مصر الكثير، ولم يبق في العمر الكثير، ومصر تستحق الكثير يا سيدي الرئيس.

توكل علي الله والله معك، وستكون مصر كلها بحق معك.

اجمالي القراءات 13253