الدين لله و الأرض للإنسان .. 2

عمرو اسماعيل في الثلاثاء ٢٦ - أغسطس - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

هذا المقال أعيد صياغته  بمناسبة النقاش الدائر  حول حرية العقيدة ..

الله القادر علي كل شيء..وعلي أن يقول لأي شيء كن فيكون.. لم يمارس قدرته ليجبر الانسان علي الإيمان.. خلق الانسان ثم اعطاه حرية الاختيار.. حرية فعل الصواب وحرية الخطأ وتحمل نتيجة هذا الاختيار يوم الحساب..
كان قادرا أن يجبر الناس علي الإيمان وعلي فعل الصواب..ولكنه لم يفعل.. بل بعث لهم الرسل يدعون اليه..دون أن يعطي رسله الحق في أن يكرهوا الناس علي هذا الإيمان.. وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ (99) سورة يونس
كلام واضح لا يحتمل أي تأويل.. قاله الله في محكم كتابه.. ولمن.. لرسوله الذي بعثه لهداية البشر..والدعوة للإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة.. أعطاه الحق أن يكون مذكرا.. ومنعه من أن يكون مسيطرا..
هناك جرائم دنيوية يرتكبها الانسان في حق أخيه الانسان.. من قتل وسرقة واغتصاب واستبداد.. وهذه لها عقوبات دنيوية.. يحددها الانسان حسب ظروف الزمان والمكان.. والله لم يعطي نفسه حق المغفرة لجريمة في حق إنسان إلا بعد عقاب المجرم أو عند عفو الضحية عن هذا المجرم..
ورغم كلام الله ومنطق الأمور.. نجد البعض الآن ممن يدعون التحدث باسم الله..ممن نصبوا أنفسهم دون وجه حق ممثلين لله في الأرض...يريدون فرض الوصاية علي خلق الله..
وسواء كان اسم هؤلاء جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر..أو سموا أنفسهم جماعة الإخوان المسلمين.. أو إخوان الصليب.. أو أي اسم آخر من تلك التي يختارها الأكثر هوسا من جماعة الجهاد والتكفير والهجرة وأخيرا القاعدة.. كل هؤلاء هم في الحقيقة يخالفون الله وكلام الله في محكم كتبه القرآن والانجيل والتوراه.. عندما يحاول أي فرد أو جماعة أو حزب أن يرفع راية الله أو الاسلام أو أي دين ليفرض وصايته علي الآخرين..هو في الحقيقة يخالف الله ورسله بل والحكمة الإلهية في الاستخلاف في الأرض.. ليس مهما إن كان من يفعل ذلك مسلما أو مسيحيا أو يهوديا..كل من يحاول الوصاية علي البشر باسم الله..هو في الحقيقة يعتدي علي إرادة الله في أن يجعل الانسان حرا في اختياره.. كل من يحاول أن يقف أمام الديمقراطية بمعناها البسيط المعروف في القرن الواحد والعشرين في الحقيقة يخالف أوامر الله ورسله.. معني بسيط يتفق وحكمة الاستخلاف في الأرحض.. حكم الشعب للشعب من خلال ممثلين ينتخبون علي أساس المواطنة..لا علي أساس الدين أو الجنس أو اللون..تأكيدا لقول رسوله..أنتم أدري بشئون دنياكم..
الله لم يكن ديكتاتورا ولا عنصريا وكذلك لم يكن رسله.. ولكنه الانسان الظلوم الجهول..
.. فالدين لله والأرض للإنسان.. والحساب الديني هو لله يوم الحساب.. والحساب الدنيوي هو للإنسان خليفة الله في الأرض..من خلال القانون الذي يسنه هذا الانسان.. حتي لا يتحمل الله مساويء البشر..
أما إن خلطنا الأمور واعتبرنا الحكم في الأرض هو لله.. عندها ستصبح الحكومة من المحصنات  وبعض البشر الفاني فوق النقد والحساب..
وهنا لابد من تقديم الشكر والتقدير للأستاذة إيمان يحيي.. فهذا العنوان مقتبس من مقالها الرائع الشريعة والدولة الدينية المنشور في10/11/2007.... ولذا وجب تقديم واجب الشكر والتقدير لها..
فهو تعبير عبقري يشرح اسهال الفتاوي الحادث حاليا..فقد جعل شيخنا الجليل شيخ الأزهر الحكومة والرئاسة من المحصنات وجعل نقدها نوع من القذف بالزنا يستوجب تطبيق حد القذف علي أي صحفي ينقد الحكومة والنظام وبالأخص الرئاسة.. أي تأويل وأي عقلية في تأويل آية قرآنية..
تماما مثلما فعلت دار الإفتاء في فتاوي تبريء الحكومة من تخاذلها في أداء واجباتها مثلما حدث في غرق مجموعة الشباب الذين خاطروا بحياتهم هربا من انعدام الفرص أمامهم في وطنهم الأم نتيجة تقصير الحكومة في برامجها الاقتصادية وغياب العدالة الاجتماعية وفرص العمل..وكما حدث في موت امرأة تحت عجلات سيارة شرطة تعلقت بها..
وإلي كل من يحاول فرض الوصاية علينا باسم الله.. أقول.. الله ليس ديكتاتورا ولا عنصريا ولكنه الانسان.. وحكمة الله في الخلق..أنه جعل الدين لله والأرض للإنسان..


عمرو اسماعيل

اجمالي القراءات 9210