فى مصر المحروسه فقط!!

فوزى فراج في الأربعاء ١١ - أكتوبر - ٢٠٠٦ ١٢:٠٠ صباحاً

فى يوم 24 سبتمبر الماضى نشرت جريدة الوفد الخبر التالى:

اتخذت الحكومة المصرية خطوات جديدة نحو بدء برنامج مدني للطاقة النووية يوم الاحد بعد ثلاثة ايام من دعوة الرئيس حسني مبارك الى اقامة حوار وطني حول ما اذا كانت البلاد ينبغي ان تشرع في مثل هذا البرنامج.
وقال مجدي راضي المتحدث باسم مجلس الوزراء ان المجلس الاعلى للطاقة عقد اول اجتماع له منذ 20 عاما وقرر ان الدراسات حول خيار الطاقة النووية ينبغي ان تبدأ فورا

قرر المجلس المصري للشئون الخارجية برئاسة السفير عبدالرؤوف الريدي تشكيل لجنة من خبراء المجلس في مجال الطاقة والاستخدام السلمي للطاقة النووية لاعداد تقرير مفصل لدعم توجه الدولة نحو الاستخدام السلمي للطاقة النووية لإنتاج الكهرباء للوفاء بمشروعات التنمية المستدامة. رحب الدكتور علي الصعيدي وزير الكهرباء والطاقة الاسبق الذي أوكلت اليه مهمة انشاء محطات نووية في الثمانينيات من القرن العشرين وعضو اللجنة الاستشارية الدائمة للطاقة النووية للوكالة الدولية للطاقة الذرية بالتوجه المصري الجديد.---

انتهى الخبر.

بعد ان تقرأ هذا الخبر, وتتمعن فى معناه ومحتواه, لاتعرف ان كان يجب ان تبكى او تضحك. هل تبكى على الغباء والاستهتار بالعقول الذى اصبح مما يبدو من الاشياء التى تمارسها الحكومه وابواقها الاعلاميه بشكل دائم , ام تضحك من السفاهه والتفاهه والتسطيح الذى يحتويه الخبر.

تعال نقرأ الخبر سويا لعلنا نستطيع ان نفهم جيدا ماذا يقال. فى الجزء الاول من الخبر اعلان ان الحكومه قد اتخذت خطوات جديده لتبدأ برنامج مدنى للطاقه النوويه بعد ثلاثه ايام فقط من دعوة الرئيس, وهذا فى حد ذاته يشير الى سرعة التحرك الحكومى والذى يعلمه من فى السماء والارض انه من تاسع او عاشر المستحيلات, فالحكومه المصريه مصابة بداء مزمن لا دواء له اسمه الروتين المعقد الذى من صفاته ان يبطئ حركه اى شيئ حتى ولو كان اصلا يتحرك بسرعه الصوت الى سرعة سلحفاة (مريضه). اما الجزء الثانى من الجمله فهو ان دعوة مبارك لم تكن لبدأ البرنامج كما تدعى الحكومه انها بدأت فيه ايا كان شكل البرنامج التى تتخيله الحكومه, ولكن مبارك كان يدعو الى (( اقامه حوار وطنى)) حول ما اذا كانت البلاد ينبغى لها ان تشرع فى مثل هذا البرنامج, فهل نفهم ان الحوار الوطنى قد تم خلال ثلاثه ايام واتخذ القرار بالمضى قدما فى هذا المشروع. هل هناك استهتارا بالعقول اكبر من ذلك؟؟

ثم نواصل القراءه فنرى ان المتحدث باسم المجلس الاعلى للطاقه السيد مجدى راضى, قد اعلن ان المجلس قد عقد اجتماعا, وقرر ان الدراسات للبرنامج ينبغى ان تبدأ فورا, اما ما يثير الضحك والرثاء فى وقت واحد هو ان ذلك المجلس الموقر لم يجتمع مطلقا ولو لمره واحده منذ عشرون عاما, ليس عشرون يوما او عشرون اسبوعا, بل عشرون عاما. فهل يجرؤ احد على التساؤل لماذا لم يجتمع المجلس طوال عشرون عاما, وماذا كان ذلك المجلس الموقر يفعل طوال عشرون عاما , وهل كان اعضاؤه يتقاضون مرتباتهم طوال ذلك الوقت, ولم , وهل مات احدهم وتم استبداله وبمن, ومن الذى قرر استبداله , ولم , ومن هم اعضاء هذا المجلس وما دورهم المحدد لهم ان كان لهم دور يقومون به, وعشرات الاسئله التى يمكن ان نملأ بها صفحات. ثم ان كان مبارك يدعو الى حوار وطنى , فهل اختزل الحوار الوطنى الى ذلك المجلس الذى قرر المضى فى هذا البرنامج دون اشراك اى جهات اخرى وكأن لاوجود لأى منظمة اخرى شعبية كانت ام حكوميه, ومن الذى اوقف العمل فى هذا البرنامج لمده عشرون عاما, وهل كان هناك حوار وطنى بهذا الشأن لوقف البرنامج, وقس على هذا من الاسئله التى لايمكن الا ان تصيبك بالغثيان من التهريج الذى تتبعه الحكومه المصريه فى كل ماتقوم به وكأن اتباع فلسفه ( مشى حالك) هى الاساس فى كل شيئ وليس مجرد استثناء فى حالات خاصه. ثم نتعجب بعد ذلك ان نظام التعليم فى مصر قد انهار كما انهارت كل الانظمه الأخرى فى شتى القطاعات والخدمات العامه, كالصحه والتعذيه والمواصلات والنقل وكل ما يخطر على البال. مثلا الاسكان, لم نسمع عن اى دوله فى العالم كافه مهما كان ترتيبها بين دول العالم المتقدم او المتأخر, سواء فى ادغال افريقيا او غابات الامازون, لم نسمع ان قطاعا من سكانها قد اتخذوا من المقابر سكنا لهم كما يحدث فى مصر ( المحروسه, ام الدنيا ) وبينما يحدث ذلك فى عصر مبارك الذى كما تقول ابواقه الصحفيه, عصر الحريه والازدهار والديموقراطيه التى لم تراها مصر فى تاريخها, نرى من الفساد والسرقه مالم تراه مصر فى تاريخها المعاصروغير المعاصر, الثراء الفاحش,وليس بمقاييس مصر فحسب , بل حتى بالمقاييس العالميه,  لعدد من المحاسيب ولايجرؤ احدا ان يسأل حتى مجرد السؤال , من اين لك هذا, والاسيكون الجواب, لقد اوتيته على علم من عندى. ولك الله يامصر, ومن غيره فى يده  مقاليد الأمور






     

اجمالي القراءات 12441