الاجتهاد حق لكل إنسان

رمضان عبد الرحمن في الخميس ٣١ - يوليو - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

الاجتهاد حق لكل إنسان



الاجتهاد حق لكل إنسان وإن جميع المسلمين أمام القرآن هم تلاميذ مجتهدون، ولا أحد يجزم غير ذلك، من علماء وغير علماء، الجميع يبحث عن الحق الذي ليس فيه ريب، أو شك، وأعتقد أن هذا الحق الذي ليس فيه ريب لا وجود له إلا في كتاب الله، يقول تعالى: (ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين)، ويقول عز وجل يوضح استحالة أن يأت أحد من خلقه بآية واحدة:
((قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً)) سورة الإسراء آية 88.

وهنا تدل هذه الآية الكريمة على أنه لو اجتمع الإنس والجن المؤمنين وغير المؤمنين لن يأتوا بمثل هذا القرآن من حيث اليقين والمضمون، ولا يستطيعون أن يأتوا بجملة وإن أي إنسان يتحدث في أي موضوع أو يكتب أي بحث ولكي يكون صادق يستند ويستشهد بآيات الله التي لا شك فيها ولا ريب، ولا عبث، وإن العبث والعداء لا يأتي إلا إذا تركت الناس كلام الله عز وجل، وهذا ما وضحه القرآن الكريم إلى الناس كافة، يقول تعالى:
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ{102} وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ{103}))
سورة آل عمران الآيات (102 + 103).

ونلاحظ من قول الله عز وجل في هذه الآيات إذا تدخل البشر في شرع الله لا بد أن يختلفوا، ويصبح بينهم عداء، حتى لو أنفقت ما في الأرض لكي تؤلف بين الناس لا يستطيع أحد أن يفعل ذلك، ولكن المولى عز وجل هو القادر على ذلك، هذا هو القصد من نعمة القرآن، وقوله تعالى:
((أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللّهِ كُفْراً وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ)) سورة إبراهيم آية 28.

فحين يترك الناس نعمة القرآن لا بد أن يعيشوا في نقمة كما هو الآن وفي داخل المجتمعات الإسلامية من تعدد المذاهب التي لا تعترف  بالآخر إلا أنه على خطأ في أغلبية المذاهب، وبالرغم من أن أغلبية المذاهب يعتقدون أنها لا تعبر عن دين الله، وإنما تعبر عن آراء وأصحاب تلك المذاهب، ولذلك أصبح بينهم عداء أكثر مما هو بين المسلمين وبين غير المسلمين، وقد يقول قائل ماذا عن أهل القرآن، سوف أقول نحن لم نطلق على أنفسنا هذا الاسم، وإنما من أطلقوا علينا هذا الاسم أجهزة أمن الدولة ومشايخ الأزهر، الرافضين الاجتهاد والبحث والنقاش عن طريق الحوار، هم من أطلقوا علينا القرآنيين، أو بالقول أن هؤلاء أهل القرآن لا يؤمنون إلا بالقرآن، فكان هذا شرف لنا أن نتهم بذلك، وإن هؤلاء مشايخ الأزهر لا هم لهم لا في الدين ولا بغيره إلا بأنفسهم، حتى لا يتأثروا اجتماعياً، فعلى الناس أن تعلم ذلك قبل فوات الأوان، وهل هناك شرف أكثر من أن يتهم الإنسان أنه متمسك بكلام الله؟!..

وأننا لسنا جماعة أو تنظيم ولم يفكر أحد منا في طموحات سياسية ولا اقتصادية، ونتعامل مع الجميع بكل احترام، وإنما نجتهد ونبحث في كتاب الله عز وجل، وهذا من حق أي إنسان، كما اجتهد الذين من قبل، وسواء أصبنا أو أخطأنا هي اجتهادات بشرية، وإن جميع اجتهادات البشر لا تعبر دين الله، وما يعبر عن دين الله هو كلام الله عز وجل، لأنه من لدن حكيم خبير، أي يعلم ما بداخل الناس إذا لم يتمسكوا بدين الله، إما أن تكونوا أخوة في الله أو تصبحوا أعداء لبعضكم البعض، أيهما أفضل لنا جميعاً؟!..

فماذا لو اجتمع علماء المسلمين في أغلبية المذاهب والتيارات الفكرية دون مكابرة إذا كانوا مهتمين بمصير الشعوب قبل أن يزداد العداء بين المسلمين، ولنحتكم إلى كتاب الله عز وجل، والآية الكريمة تقول، يقول تعالى:
(( لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)) سورة الأنفال آية 63.

أي بدون القرآن سوف تصبحون أعداء، وأكبر دليل على ذلك ما يحدث في فلسطين ولبنان والعراق وغيرها من الدول العربية والإسلامية، هل له علاقة بالإسلام أم أنهم بتلك الأعمال والأفعال سبقوا عصر الجاهلية بكثير؟!.. ثم ألم يشتاق المسلمين أن يكونوا أخوة بالفعل كما ذكر القرآن، ألم يشتاقوا أن يصلحوا بين بعضهم البعض بلغة القرآن والحوار؟.. ألم يشتاق المسلمين أن يصبحوا حزب واحد ومذهب واحد؟!.. ألم يشتاقوا أن يتحدثوا بكتاب واحد ودستور واحد؟!.. كما قال المولى عز وجل:
((وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ)) سورة الضحى آية 11.

أي نعمة القرآن، التي لو أنزلت على الجبال لخضعت وخشعت من خشية الله، يقول تعالى:
((لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)) سورة الحشر آية 21.

فلا بد أن نعلم جميعاً أنه لا أخوة حقيقية إلا بالقرآن ولغة وشرع القرآن، وغير ذلك الواقع الذي نعيش فيه يحكم إلى أي حد وصلنا، فلا سبيل إلى توحيد المسلمين على مذهب واحد وشرع واحد إلا إذا اعترفنا بأخطائنا، وهذا ما جاء به القرآن وحذر منه أن لا يختلفوا حتى لا يتفرقوا ويصبحوا مذاهب مختلفة، يقول تعالى:
((وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ))
سورة آل عمران آية 105.

وأعتقد أن الآيات التي ذكرتها في هذه المقالة البسيطة كافية لكي نعيد النظر في كل شيء، ولكي نعلم هل المسلمين أخوة أم أعداء، وقبل أن يتسرع أحد ويقول نعم أن المسلمين أخوة، سوف أقول له فلماذا وصلنا إلى هذا الكم؟!.. وإنما من الممكن أن نكون أخوة في الإنسانية، أي أخوة في الصنف، كما قال تعالى:
((وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَا قَوْمِ .........)) سورة هود آية 84.

أي أخاهم في الإنسانية وليس في الديانة، حتى أن المنافقين في عصر الرسول جاءتهم من الله الفرصة إذا أخلصوا إلى الله واعتصموا بدين الله فأولئك يعتبرهم الله مع المؤمنين، قال تعالى:
((إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَاعْتَصَمُواْ بِاللّهِ وَأَخْلَصُواْ دِينَهُمْ لِلّهِ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً)) سورة النساء آية 146.

وقوله تعالى عن الاعتصام بدين الله:
((فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ بِاللّهِ وَاعْتَصَمُواْ بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً)) سورة النساء آية 175.

أي لا أخوة إلا إذا اعتصمنا بدين الله جميعاً، وسؤال في منتهى البساطة، لو كان المسلمون أخوة في هذا العصر كما يقولون، ما رأينا الفقر والجوع متفشي في بلاد المسلمين إلى هذا الحد، فهل هذه هي الأخوة؟!... أم العداء؟!... وأيضاً لو كانوا أخوة ما أتت المساعدات والمنح من الغرب لبعض الدول الإسلامية، ثم ترى دول إسلامية أخرى تهدر مليارات في السفه ونقد آخر في بلاد المسلمين عن تحرك الأفراد من وإلى هذه الدول التي تزعم بأنهم أشقاء أو أخوة في الإسلام كما يقولون، ثم تفاجأ هؤلاء الأشخاص بخيبة أمل وسوء المعاملة ودون استثناء، هذا النظام لا تراه إلا في دول تقول (دول إسلامية) وأعتقد هم بتلك الأفعال أقرب إلى العداء أكثر مما يدعون بأنهم أخوة.

رمضان عبد الرحمن علي

اجمالي القراءات 10814