معنى الهداية

محمود دويكات في الخميس ١٠ - يوليو - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً


هذا المقال  هدفه إعادة طرق لمعاني الهداية التي انحرف مرادها عن أصله وذلك (في الغالب) بسبب بعد الناس عن الكتاب أو عدم ربط (أو بالاحرى قرن = قرآن ) ايات الله ببعضها.
نتكلم عن أيات الهداية و نحاول "ترجمة" معاني تلك الايات الكريمة الى لغتنا العامية الدارجة ، و ذلك لتوضيح الفكرة.
الهداية هو مجرد إنارة طريق – توفير مزيد من المعلومات – تبيان لبعض الامور - توضيح - إرشاد خفيف
الهداية باختصار هي شيء يشبه الـ guiding
الضلال هي عكس الهداية : نقص في مزيد من المعلومات - عدم وضوح لبعض المسائل ..الخ .. الضلال باختصار هي شيء يشبه misleading
الايات:
1- (ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ) بقرة/2 = هذا الكتاب فيه مزيد من التعليمات و ارشادات للمتقين.
2- (أُوْلَـئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)بقرة/5 = اولئك يسيرون حسب ارشادات ربهم.. فهم مفلحون
3- (أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ اشْتَرُوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ) بقرة/16 = اولئك الذين أحبوا أن تبقى المسائل غير واضحة و مبهمة بدل من طلب  مزيد من المعلومات والجلاء و التوضيح و التبيان لها
4- (إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَـذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ) بقرة/26 = أن بهذا المثل يوفر الله مزيد من المعلومات الكافيه لتبيان الحق من الباطل للكثيرين. أما الذين يفسقون أي يخرجون عن التفكير السليم أو المشوشون، فاولئك سيرون هذا المثل يمثل عدم وضوح و عدم كفاية. بل يتخذونه مثارا للجدل

 5- (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) بقرة/38 = أي إما يأيتنكم مني مزيد من التعليمات أو ارشادات.
6- (وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعدَ الَّذِي جَاءكَ)بقرة/120 = أي الارشادات و مزيد من المعلومات التي من عند الله هي الاصح و الاحسن و الاوثق .. فإن اتبعت غيرها فإنك في مشكلة.
7- (َيَقُولُ السُّفَهَاء مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا قُل لِّلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)بقرة/142 = أي يوفر مزيد من المعلومات لمن يريد من الناس بهدف تسهيل اختيار الناس للصراط المستقيم.
8- (وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا .... وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ) بقرة/143 = أي أنها أمر بسيط على الذين وفر لهم الله مزيد من المعلومات و الارشادات (غالبا في كتبه المنزلة) - ليه؟ لأنهم يستخدمون عقولهم في فهم تلك الارشادات و المعلومات!
9- (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ)بقرة/159. = أي و مزيد من المعلومات و الارشادات و التوضيحات
10- (وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللّهُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)بقرة/213 = أي أعطى الله مزيد من المعلومات و الايضاحات للذين آمنوا بخصوص تلك الاختلاف- فالله هو الذي يملك تلك المعلومات و التي تؤدي الى الصراط المستقيم.
11- (فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)بقرة/258 = أي الله لا يوفر مزيد من المعلومات و لا توضيحات للقوم الذين هم أصلا ظالمين ، بل عليهم وزرهم بأنهم رفضوا إعمال عقولهم. و بالتالي كأن الله جعلها أصعب لهم حبتين بسبب ظلمهم الباغي. و مثلها تنطبق على القوم الكافرين أي الذين رفضوا الاستماع او الاعتراف بالله جملة و تفصيلا و بالتالي ركبوا دماغهم.
12- (لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء) بقرة/272 = أي ليست مهمتك إيضاح مزيد من المعلومات و الارشادات في العقول بل هي مهمة الله جل و علا (لأنه الادرى بقدرات الناس العقلية)، فمهمة الرسول توصيل و نقل  المعلومات المعطاة له من قبل الله و قد يبين (اي يعطي حسب ما اعطاه الله) بعض التفاصيل التي تناقض ما كان سائدا .. أما التبريرات و التوضيحات (مثل :لماذا؟ )فالرسول نفسه بشر و لا يملك علما غير ما أوتي. .. لذا فتلك مما اختص الله بها نفسه – لأنه هو الاعلم بقدرات الناس الفكرية ـ و مثلها هذه الاية : (إنك لا تهدي من أحببت و لكن الله يهدي من يشاء)
13- (رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا)أل عمران/8 = أي لا تجعل الشك و الريبة تدخل قلبنا مرة أخرى بعد كل التوضيحات و الارشادات التي أعطيتنا في قلوبنا.
14- (وَقَالَت طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُواْ بِالَّذِيَ أُنزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُواْ آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ «72» وَلاَ تُؤْمِنُواْ إِلاَّ لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللّهِ أَن يُؤْتَى أَحَدٌ مِّثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَآجُّوكُمْ عِندَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) أل عمران/73 = أي بعض أهل الكتاب كأنهم يقولون: خادعوهم على أمل قذف الشك في قلوبهم فيرجعون عن دينهم.... و اوعى تصدقوا إلا الذي على دينكم ، فكان رد الله أن قال للرسول أن يقول : العلم الصحيح و التوضيحات و الارشادات الحقّة هي تلك التي من عند الله و بالتالي فان ما تملكون انتم ليس حكرا عليكم. فكل فضل إنما هو من عند الله.. و الله قد يعطيه من يشاء (و يستحق).
15- (كَيْفَ يَهْدِي اللّهُ قَوْمًا كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُواْ أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)أل عمران/86 = كيف!!! هؤلاء القوم الذين جاءتهم البينات و التوضيحات و آمنوا!! و صدقوا بالرسول و بعدين كفروا!! و رفضوا التصديق !! فهؤلاء!! كيف سينفعهم إعادة توضيح الامور لهم!! فهؤلاء أصبحوا ظالمين من حيث أنهم ركبوا دماغهم و بالتالي أصبحت المسألة مسألة عناد عندهم.
16- (يُرِيدُ اللّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ)نساء/26 = أي يرشدكم و يدلكم عليها.
17- ( وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا «68») نساء = أي لأعطيناهم مزيدا من المعلومات التي تؤدي الى الصراط المستقيم.
18- (وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى)نساء/115 = أي كل من يريد أن يركب راسه بعد ما تم تبيين له المعلومات و الدلالات و توضيحها له .. فهذا نتركه لما هو عليه لأنه اختار عدم التفكير أصلا.
19- (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْرًا لَّمْ يَكُنِ اللّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً)نساء/137 = أي الذين كل شوية يؤمنوا ثم يكفروا!! هؤلاء ليس الله مضطر لأن يبين لهم و يوضح لهم مزيد من الارشادات للسبيل السوي لأنهم أصلا غير مقتنعين بوجوده من الاساس و بالتالي لا فائدة..(قضية الغفران موضوع آخر)
20- (وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ ...الخ) أنعام/84 = أي كل اولئك وفرنا لهم  من مزيد من المعلومات و الارشادات و التوضيحات (فاتبعوها و أيقنوا بها – لذا كان من البديهي أنه اختارهم للنبوة و الرسالات)
21- (ذَلِكَ هُدَى اللّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) أنعام /88 = أي هذا العلم و الارشادات و التوضيحات كلها من عند الله و التي يعطيها لمن يشاء من عباده (من يستحقها أو تلزمه) و لو بعد ما أعطاهم هذه المعلومات كلها أشركوا بالله!! فعندها سوف لن ينفعهم كل ما عملوا (زي اللي بحل سؤال رياضيات في امتحان مستخدما معادلات أصلا كلها غلط!! هل ينفع؟؟ كل عمله ضاع في الهوى – المثال طبعا ليس دقيقا و لكنه يفي بالغرض – فالله أعدل من الاستاذ)
22- (أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا) أنعام/90 = أي اولئك الذين وفر لهم الله مزيد من العلم و التوضيحات و الارشادات ـ فعليك الاقتداء بتلك المعلومات و التوضيحات التي وفرها الله لهم (و لك)..
23- (فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا) أنعام/125 = أي كل من يريد الله أن يوصل له مزيد من المعلومات وال توضيحات يجعل صدره منشرحا متقبلا للأفكار محاورا مناقشا بناءا ... أما الذي يريد الله ان لا يوصل له تلك مزيد من المعلومات فذلك الذي يجعل صدره (و خلقه )ضيقا فلا يقبل بالافكار و دائما يجادل و لا يفكر . و بالتالي إعلم من أي فئة أنت!! و لحق حالك. (أي باختصار: اللي مرح و عقله متفتح فهذاسهل انه يتقبل التوضيحات له أما النكد و عقله ضيّق فهذا من الصعب أن يناقش بموضوعية لذا لا فائدة - في الغالب - من التوضيح له )
24- (وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) يونس/25 = أي الله يدعو!!! و يحاول أيصال  مزيد من المعلومات و الأيضاحات الى بعض الناس( ممن يشاء) لعل و عسى أن يؤمنوا و يتبعوا رسالته!!!
25- (أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ)يونس /35 = يعني من اللي الاصح اتباعه ؟ الذي يعطي مزيد من المعلومات عن الحق أم اللي أصلا بحاجة الى تلك معلومات : مالكم كيف تحكمون؟

و غيرها و غيرها من الايات التي تتكلم عن الهدى .. الهدى هو فقط مجرد توفير مزيد من العلم و التوضيحات (لمن يحتاجها حسب مشيئة الله) و عندما يتحدث الله عن الهداية لاتعني أبدأ أنها إعطاء تذكرة دغرى الى الجنة ، بل بالعكس.. إن المزيد من الهداية يعني أن هؤلاء القوم عندهم شوية ثقل و مشاكل في استيعابهم .. زي اليهود .. عشرات الانبياء لأنهم كانوا مجتمع مليء بالمشاكل و ذا عقلية تعصبية من نوع مختلف!! (تماما كمعظم الطلاب اللي بحبوا يدلعوا و يتكاسلوا عن عمل واجبهم ودراستها ، تجد المدرس الحنون يعطي لهم بالا أكثر و يوضح لهم المسائل أكثر وأكثر (أي مزيد من الهداية) .. لعل و عسى أن يتبعوا كلامه و ينجحوا... أما الطلاب الذين أصلا لا يعترفون بالمدرس و دائما يعملون مشاكل للتعكير عليه (و على الاخرين) .. فهؤلاء بالعكس.. يجعل الموضوع صعب عليهم .. علشان يذوقوا وبال أمرهم.

و الله من وراء القصد.

اجمالي القراءات 45760