الإسلام والإصلاح

احمد شعبان في الثلاثاء ٠١ - يوليو - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

الإسلام والإصلاح


برزت مطالب ودعوات الإصلاح كاحتياج ضروري لخروج مجتمعاتنا من حالة التخلف والجمود والعصف بحقوق الإنسان مع تفاقم أزمات المجتمعات العربية والإسلامية بكافة تجلياتها ( السياسية والاقتصادية والفكرية والثقافية ) بحيث أصبح من المستحيل في ظل التردي الشامل المراهنة على مستقبل هذه المجتمعات، وأصبحت دعوى الإصلاح والتغيير والتجديد مطلبا شعبيا ، وباتت مجتمعاتنا بكل أحزابها ومؤسساتها الرسمية والأهلية ( الحاكمة والمعارضة ) تخوض في إطار قضية الإصلاح وماهيته وأبعاده ومستوياته ، سواء بالرفض الصريح للإصلاح والتقليل من جدواه والادعاء بأنه مطلب لقوى خارجية أو باختصاره إلى حد التشويه أو محاولة عرقلة إيقاعه أو الدعوى للإصلاح الجزئي أو محاولة جماعة أو أخرى فرض مجمل رؤيتها للإصلاح على الآخرين ... إلى آخر ما تعتمل وتموج به الساحة العربية والإسلامية من اعتراك وتجاذب وتفاعل .
ولما كانت قضية الإصلاح الديني ولعقود طويلة من القضايا المسكوت عنها في الفكر العربي والإسلامي وبطريقة تصل إلى حد الارتياب في وجود موقف عمدي وحالة من التهاون من قبل مفكري الأمة الإسلامية في مواجهة الجمود والانغلاق في الفكر / الفقه الإسلامي ، وتمدد سطوة وسلطة مدارس ( الإتباع والتقليد ) منذ إغلاق مدارس الاجتهاد والإبداع باستثناءات قليلة ومحدودة على مدار التاريخ الإسلامي ، والتي لم تتبلور في اتجاه " مدرسة " بل ظلت محاولات فردية ونقاط ضوء متفرقة ، لذا كان الخطاب الإسلامي في كل مستوياته خطابا تراثيا يستدعي الماضي دون فرز أو تبصر .
لكل هذه التداعيات المحلية والإقليمية والدولية ، ومن منطلق التفاعل الجاد والمسئول والمبادر وضع مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية على أجندته قضية الإصلاح الديني .
ومن ذلك جاءت دعوة المركز ومركز دراسات الشرق الأوسط التابع لمعهد بروكنجز ومركز دراسات الإسلام والديمقراطية ومنبر الحوار الإسلامي بلندن إلى :
الملتقى الأول لبرنامج إصلاح الفكر الديني " ورشة عمل " استمرت لمدة يومين كاملين 5 ، 6 أكتوبر 2004 بالقاهرة
شارك في الورشة أكثر من عشرين مفكرا وباحثا وباحثة من أغلب بلدان العالم العربي والإسلامي وبعضهم من أوربا وأمريكا ، حيث ناقش الملتقى عشرة أبحاث أعدت خصيصا لهذه المناسبة ، وتم تقسيم جلسات الورشة إلى ثلاثة محاور أساسية هي :
• أطر الإصلاح في الإسلام
• إمكانية مشاركة الجماعات الإسلامية في الأنظمة الديمقراطية
• العلاقة بين السياسة الأمريكية وبراعم الجماعات الديمقراطية في العالم الإسلامي .
وقد بلغت مداخلات جمهور المؤتمر وتعقيبات المشاركين أكثر من مائه مداخلة وتعقيب ..
وخلص المشاركون في الورشة إلى عشرة توصيات أساسية مفادها :
إعادة صياغة نسق معرفي جديد للفكر الإسلامي ، مراجعة التراث الإسلامي مراجعة جذرية واعتماد النص القرآني مرجعية حاكمة وحيدة لبقية المصادر، التصدي لأفكار المؤسسات التي تحتكر الحديث باسم الدين في محاولة لخلق مدرسة اجتهاد جديدة تحمل مشاعل تجديد الفكر الديني ، مواجهة وتفنيد مقولات ورؤى وأفكار التيارات الدينية المتطرفة ، تكثيف الحوار مع القوى المعتدلة والمستنيرة في المجتمعات الغربية واعتماد لغة الحوار مع الآخر غير المسلم . ورغما من احتدام النقاش حول أواويات الإصلاح وثنائية الإصلاح الديني والإصلاح السياسي فقد اتفق أغلب المشاركون على عدم وجود تناقض بين هذين النوعين من الإصلاح وشددوا على الحاجة إليهما معا مما يوجد توافقا عاما حول السعي نحو الإصلاح الشامل ، كما أكدوا على أهمية إدماج الحركات الإسلامية في العملية الديمقراطية وتمكين الحركات المعتدلة من حق الوجود السياسي ، ضرورة إجراء حوار عام موسع مع تيارات الإسلام السياسي السلمي بغرض التوصل إلى أجندة مشتركة للعمل في إطار مبادرة شعبية مدنية شاملة للإصلاح في الوطن العربي ، اعتبار هذه الورشة والحاضرين فيها نواة أساسية لشبكة من المجددين في العالمين العربي والإسلامي ، وترشيح آخرين للعضوية فيمن يرونه مفيدا لهذه الشبكة ، تجميع أعمال ومناقشات هذا المؤتمر في كتيب يصدر باللغة العربية والإنجليزية لتعظيم نتائج الاستفادة ومخاطبة وسائل الإعلام للترويج لما يبذل من مجهودان في هذا الاتجاه
أصداء وتداعيات الملتقى
حظي الملتقى الأول للإصلاح الديني " الإسلام والإصلاح " بقدر كبير من المتابعة والاهتمام لدرجة يمكن القول معها أنه كان الحدث الأبرز والفاعلية الفكرية الأهم خلال عام 2004 .
وتباينت ردود الفعل للملتقى ونتائجه ، فمن الترحيب والإشادة والتعاطي الجاد والموضوعي الذي أكد على جدارة الملتقى وأجندته وتميز أوراقه ، وأنه كان بمثابة نقطة انطلاق جيدة للنظر الجاد لقضايا الإصلاح الديني .. وطرحها - دون مراوغة أو التفاف – باعتباره من أهم الإشكاليات الواجب التوقف أمامها كضرورة ومدخل أساسي لقضية الإصلاح في المجتمع إلى أصوات وصيحات وحملات محمومة وشرسة لجماعات وأشخاص منهم شيخ الأزهر وصحف هاجمت الملتقى ومحاوره وأوراقه والمشاركين فيه ونتائجه والقائمين عليه ، واختصت تلك الحملات الدكتور / سعد الدين إبراهيم بالنصيب الأكبر من الهجوم - وليس النقد – والذي بلغ في بعضه درجة غير مسبوقة من الغوغائية والتدني ، وصل حد التشكيك في وطنية وعقائد كوكبة من رموز الفكر وأهل الاختصاص .
وفي واقعة مؤسفة قام بعض المجهولين والمأجورين بالاعتداء اللفظي والبدني على المشاركين من أعضاء وضيوف مركز ابن خلدون ورئيسه د / سعد الدين إبراهيم ومجموعة الصحفيين والمراسلين اللذين حضروا لتغطية المؤتمر الصحفي والذي نظمه مركز ابن خلدون في أعقاب انتهاء الملتقى بفندق بيراميزا بالقاهرة في ظل تجاهل أمني غير مبرر ، وقد أشار تقرير لهيئة الإذاعة السويسرية نشر على موقعها الالكتروني لهذه الأحداث جاء فيه :
كاد هذا اللقاء الفكري أن ينتهي بشكل عادي بعد أن أصدر في نهاية أعماله بيانا ختاميا ، لكن ما حدث خلال المؤتمر الصحفي من هرج ومرج وهجوم صاعق على أصحاب المبادرة ومنظميها والمشاركين فيها أضفى ظلالا خاصة على بعض ما يجري في مصر وربما خارج مصر .
وقد أصدر المؤتمر كتاب الإسلام والإصلاح " 1 " حوى كل ما جاءت به التوصية الخاصة بهذا الشأن .
الملتقي الثاني :حيث كانت ورشة العمل الثانية والتي دعي إليها مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية بدعم من السفارة الكندية والمنعقد في الفترة من 17 : 20 مايو 2006 ، شارك فيه ما يربوا على 35 عالما وباحثا ومثقفا من مشارب فكرية متنوعة في جو من الحرية والشفافية حيث دار بينهم حوار دون أي قيود وتعددت الرؤى وتنوعت حول نقاط عديدة حيث تضاءلت نقاط الاختلاف وذلك لوجود مساحة واسعة من التطابق بين آراء الإسلاميين المستنيرين ، وأصحاب الدعوة بوجوب أن يكون التشريع بشريا ، وبذلك وجدنا باب الأمل قد اتسع للخروج من هذا التدهور .
حيث ناقش الملتقى 14 بحثا ، وتم تقسيم جلسات الورشة إلى خمسة محاور أساسية هي :
• أطر الاصلاح في الإسلام وقضية الخلاف الظاهري لمفهوم بعض آيات القرآن الكريم .
• الأحزاب الإسلامية والعلمانية : عناصر التوافق والاختلاف وأثر ذلك على الحريات
• الديمقراطية وحدود الليبرالية داخل الإطار الإسلامي
• إمكانية مشاركة الجماعات الإسلامية في الأنظمة الديمقراطية
• اجتهادات حرة : نسق معرفي جديد للفكر الإسلامي
وكان إجماعا حول حتمية النظام المدني وكانت الموضوعات الأكثر سخونة موضوع المرجعية الدينية التي يتمسك بها ممثلي الأحزاب الإسلامية ( دولة مدنية ذات مرجعية دينية ) ، ومن يقولون بوجوب أن يكون التشريع بشريا ، وأيضا حول المشاركة السياسية وإدماج الحركات الإسلامية المعتدلة في العملية الديمقراطية .
وقد اختتم الدكتور / سعد الدين إبراهيم هذا الملتقى الثاني بقوله : رغم سخونة النقاش إنما كل من قدَّم ورقة ومن قدم مداخلة كانت مضمونيا غنية وأضافت لي أنا شخصيا الشئ الكثير ولعلها أضافت لكم أنتم أيضا، طبعا القضايا التي طرحناها والموضوعات التي تطرقنا إليها لا تكفي لها ورشة ولا عشرة ورش ولا مؤتمر ولا عشر مؤتمرات ، وإنما الجديد أننا سمعنا بعض وأننا تحاورنا مع بعض وأننا تعلمنا من بعض وأننا نشترك في هم واحد، وهو كيف نجعل من ديننا الإسلامي وهو دين مشترك كتراث المسلمين وغير المسلمين كيف نجعل منه قوة دافعة إلى الأمام وليس سوطا مسلطا على ظهورنا أو مصدراً لانتحار جماعي أو لاستعداء العالم علينا.
هذه هي الحقيقة التي نواجهها وربما يكون موضوع الورشة القادمة هو الإسلام والعالم كيف ينظر العالم للإسلام ؟ وكيف ينظر المسلمون للعالم ؟ ، وهل العداء بين الإسلام والمسلمون والعالم شيء حتمي أبدي أم انه شيء يمكن أن نتعامل معه بشكل ايجابي بشكل سلمي بشكل يكون فيه الجانبان كاسبان وليس الجانبان خاسران ؟ هذه هي كل المعاني التي أحببت أن أنقلها لكم.
وفي النهاية أشكركم وأشكر العاملين في المركز، ولأول مرة نأتي ببودي جارد تحوطا لمن ساورتهم أغراض اقتحام هذا المكان ليخربوا هذا الاجتماع لأنهم حاولوا أن يفعلوا ذلك مرتين سابقتين أنا حكيت لكم عن مرة وتوجد مرة ثانية في الإسكندرية وهذا هو سبب استعانتنا بالبودي جارد.
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم وأتمنى لكم عودة سعيدة إلى أوطانكم
وقد أصدر المؤتمر كتاب الإسلام والإصلاح " 2 "
www.eicds.org/arabic/activitiesAR/conferencesAR/07/jan-feb/takreer-warshetislam2.doc





اجمالي القراءات 29649