اضطهاد المصلحين يسبب جوع وفقر الملايين

رمضان عبد الرحمن في السبت ٠٧ - يونيو - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

اضطهاد المصلحين يسبب جوع وفقر الملايين

إن فاقد الشيء لا يعطيه، وعلى سبيل النقد فقط أكتب هذا الموضوع، ولا أحمل ضغائن إلى أي شخص، وإنني أنوه عن أشخاص تتناقض أقوالهم مع حياتهم الاجتماعية في كل شيء، حيث من المتعارف عليه في الإسلام العظيم لكي يصبح الإنسان قدوة أو رمز يقتدى به لا بد أن يعطي بلا حساب وينفق مما يحب وإذا تحدث لا يقول إلا الحق، ولا يخشى في الله أحد من البشر على قدر ما يستطيع أن يقول الحق للجميع، وأن يخاف الله في كل شيء، حتى لا تصبح أقواله تناقض أفعاله، مثل ما نراه ونستمع له ممن يطلقون على أنفسهم رجال دين، أو بالقول نحن متخصصون في الدين، أي لا نسمح لأحد أن يخوض في هذا الموضوع، أول شيء لكي يسوغوا الحكام والمجتمع بما تهوى أنفسهم، ضاحكين على الاثنين معاً، وبالقول للحكام أنكم على الطريق الصحيح، وبالقول للشعوب تحلوا بالصبر والجوع والفقر والمرض والقهر والذل لأننا لا نستطيع أن نقول الحق كي لا نتأثر نحن رجال الدين، كما يطلقون على أنفسهم.
وقبل أن نلوم أي حاكم أو نقول أنه ظالم أو مستبد من الذي أوصل هذا الحاكم إلى الاستبداد والظلم غير هؤلاء؟!.. الذين يكتمون الحق جهاراً نهاراً فهؤلاء هم المستبدين لعقول الحكام والشعوب، هم سبب فقر وقهر الشعوب، لأنهم يملكون وسائل الإعلام في كل شيء، ولو أراد هؤلاء أن تعبد الناس الأصنام من جديد لأقنعوهم بذلك، متعاملين مع جميع الملل والأشخاص والطوائف في العالم، محللين ذلك لأنفسهم وللحكام ومكفرين غيرهم، وإذا تحدث أي شخص أو نقد عن الظلم سواء أكان داخل البلاد أو خارجها لا يدري هذا الشخص من أين تأتيه المصائب والاتهامات بأنه عميل حتى يقضوا على أي صوت ينطق بكلمة حق، هذا هو أسلوب الكثير من هؤلاء المدعون بأنهم المسؤولون عن الأمة ولكنهم في الحقيقة هم سبب خراب الأمة في كل شي.
وفي كثير من الأحيان أشفق على الحكام وعلى الشعوب بسبب خداع هؤلاء لهم، ولكي يستمر الخداع ويعيش طويلاً يظل اضطهاد المطالبين بالإصلاح مستمر في الداخل وتضييق الخناق عليهم إما بالاعتقال أو بالنفي خارج البلاد، وبما أن هؤلاء يملكون كل شيء، وليس لهم وظيفة إلا التشويش والتشهير على دعاة الإصلاح وعلى سبيل المثال ما حدث في مصر منذ أكثر من قرن، حين قاموا باضطهاد الإمام محمد عبده وغيره من دعاة الإصلاح، ثم بعد موت هؤلاء يعترفون بأنهم كانوا على حق، وللأسف أن هذا النظام هو السائد في الثقافة العربية، لا يعترفون بعلم أحد إلا بعد موته، فهل ننتظر نحن دعاة السلام والإصلاح وحقوق الإنسان أن يعترفوا بأننا كنا على حق بعد أن نموت أيضاً؟!.. أم أن الناس أصبحت لا تبالي بمن يسعى من أجل الحق ومن أجل حقوق الآخرين؟!.. وسواء اعترفت الناس أم لا نحن نسعى لمسيرة الإصلاح السلمي لوجه الله ونذكر فقط ربما يحدث تغيير إلى الأفضل ويتحرك ضمير هؤلاء وينظروا بعين الاعتبار إلى المجاعات التي تتزايد يوم بعد يوم، حتى أن رغيف الخبز أصبح من الصعب الحصول عليه في بلاد لا ينقطع فيها الكلام عن الدين، والسؤال المهم لهؤلاء الذين يزعمون أنهم رجال الدين كما يقولون، عن أي دين هم يتكلمون هؤلاء؟!.. وعلى سبيل المثال أيضاً ولكي يعلم المثقفون المحايدون الذين يحكمون على الأمور من جميع الاتجاهات حيث حدث قصور أو خيانة في الجيوش العربية في حرب عام 1967 من القرن الماضي، أنظروا ماذا تكبدت الدول العربية من خسائر وقتل بالآلاف بسبب خيانة أشخاص، ولكي نعلم عن خيانة رجال الدين وتقاعسهم عن قول الحق أنظروا إلى الجوع والفقر إلى أي حد وصل في بلاد الرسالات، وليعلم الجميع في هذه الدول من حكام وشعوب أن هؤلاء الكاتمين للحق هم سبب حرمان ملايين من الناس بأخذ حقوقهم أو على الأقل يأخذون ولو جزء من حقوقهم، فهل نقتدي بمثل هؤلاء الأشخاص؟!.. وهم سبب البلاء؟!.. وكلما زاد الفقر والجوع والظلم اعلموا جميعاً أن هناك خيانة عن قول الحق، وأعتقد أن خيانة رجال الجيش في الحروب أقل خيانة من الذين لا يقولون قول الحق، وأيهما أبشع؟!.. من يموت في الحروب أم من يموت من الفقر والجوع والمرض؟!.. وهو يرى غيره يعيش في السحاب.
ثم هل تبدلت الإنسانية عند هؤلاء المترفين في بلاد المسلمين؟!.. فإذا قلت أن العصر الوحيد في تاريخ المسلمين هو عصر الرسول أي العصر الذهبي بأخذ كل إنسان حقه دون تفرقة بين حاكم ولا محكوم ولا غني أو فقير، ويجب على من يعتنقون الإسلام تطبيق ذلك فيما بينهم، سوف أتهم بالجنون أو بالرجعية من الكثير من الناس وبالقول أن ذلك عصر قد مضى، فما الداعي أن تذكرونا عن هذا العصر طالما أنكم لم تطبقوا ما قد حدث من احترام للإنسانية، أعتقد ذلك استهزاء من المسلمين أن يتحدثون عن عصر الرسول وما كان يطبق فيه من عدل وأخوة حقيقية في الإسلام، وهم لها في هذا العصر ناكرون.

رمضان عبد الرحمن علي

اجمالي القراءات 10298