من الرئيس القادم
الجمهوري و الديمقراطي فرق بين الإرث و التراث

شادي طلعت في الجمعة ٠٦ - يونيو - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

إنتخابات الرئاسة الأمريكية لعام 2008 إنتصار للديمقراطية و ترسيخ لمبادئ حقوق الإنسان .
ذلك لأنه و لأول مره يتقدم للترشيح لإنتخابات الرئاسة الأمريكية رجل أسود و لأول مرة يتقد إليها أيضآ إمرأة و ظلا يتسابقان بشرف لنيل الترشيح لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية ، و الغريب أن السباق كان بين إثنين كلاهما من الأقليات التي لا زالت موجودة في بقاع كثيرة من العالم فأحدهم من " الزنوج " و إن كان نصف أسود و على الجانب الآخر " سيدة "
و ليتنا كنا نعلم كيف كانت تفكر الدول التي لا زالت تفرق بين الناس على أساس جنس أو عرق أو دين مع أي من أحدهما في حالة ما حكم الولايات المتحدة شخص من الأقليات ! فكيف كانت ستتعامل دولة ما لا مكان للمرأة فيها في مواقع إتخاذ القرار و كيف سيتصرف حاكمها الذي لا يعتد بالنساء أثناء زيارة لرئيسة الولايات المتحدة إلى بلاده مثلآ ؟ ماذا كان سيقول عن أحوال الديمقراطية في بلده بماذا كان سيرد عندما يسأل عن أوضاع المرأة عنده !
أعتقد أن الدول التي لا تعتد بالمرأة قد نجت من هذا المأزق الخطير و أعتقد أنها قد باركت تفوق باراك أوباما في سباق الحزب الجمهوري .
و الآن أصبحنا أمام أمر واقع و إنحصار السباق بين " أوباما " و " ماكين " أحدهما من الحزب الديمقراطي و الآخر من الحزب الجمهوري ، و قد يتساءل الناس أيهما أفضل لبلاده و للعالم الجمهوري أم الديمقراطي ، و العرب الآن مشغولون بنفس السؤال أيهما أفضل للعرب و من منهم أقرب للفلسطينين و متعاطف مع قضيتهم و غير متحيز لإسرائيل ؟ و سيكون يوم الإنتخابات الأمريكية يوم يشهده العالم بأسره فالكل يريد أن يعرف من سيقود أمريكا لأربع سنوات قادمة ؟
قد يكون السؤال مهمآ حقآ ، و لكن ألم نسأل أنفسنا سؤالآ هامآ و هو هل حقآ تدار الولايات المتحدة الأمريكية على حسب الأهواء الشخصية لمن يحكمها ؟
ألم يأتي هذا السؤال بخاطر أيآ منا ، إن للسؤال معاني و عبر كثيرة أولها أن هذا الكيان الضخم المسيطر على كل شئ تقريبآ من المحال أن يديره شخص واحد سواء كان هو أو بمعاونة مساعديه فهي دولة مؤسسات في المقام الأول ، و هي دولة علماء ، كما أنها دولة تدار بالمنطق و المصلحة ، تعرف التعاون داخليآ و لا تعرف العمل الفردي و الأهم من ذلك أنها تتقن لعبة السياسة بل تتقنها جيدآ .
إذآ إذا ما علمنا كل ذلك عن هذا الكيان الدولي ، فهل نقلق من أن يحكم أمريكا الحزب الجمهوري أو الحزب الديمقراطي ؟!
إن الإجابة ستكون بالنفي طبعآ لأن أيآ من الحزبين لا يبغى إلا مصلحة الكيان الأمريكي أولآ فلو أن مصلحته مع إسرائيل فحتمآ ستساند إسرائيل و لو أن مصلحته مع العرب فحتمآ سيقف مع العرب و لو أن مصلحته مع كوكب المريخ فحتمآ سيتحالف مع هذا الكوكب فتلك هي سياسات الدول المصلحة أولآ و أخيرآ .
و لا يجب علينا أن نلوم الأمريكان بقدر ما يجب علينا أن نلوم أنفسنا و حكامنا فهذا هو الواقع الذي لا يفرض إلا المصلحة فلماذا لا نبحث نحن عن مصلحتنا أيضآ.
ولنعود مرة أخرى إلى الإنتخابات الأمريكية القادمة ، و الواقع أني لست منجمآ حتى أستطيع التنبؤ بمن سيفوز بها ، و لكني أفضل إعمال عقلي بعض الشئ ، فأنا أتفق مع ما ذكرت حول الكيان الأمريكي و من ضمن ما ذكرت إتقان السياسة ، و من ينظر إلى الوضع العام الآن في أمريكا يجد أن هناك غضب عام على سياساتها سواء الداخلية أو الخارجية و لا بد من الخروج من تلك الأزمة فكيف يكون الخروج ؟ هل بإنسحاب أمريكا من العراق أو من أفغانستان ، بالطبع هذا لن يحدث و لكن من الممكن الخروج من هذه الأزمة بوصول الديمقراطين إلى الحكم ! و هنا يطرح سؤال نفسه و لماذا يكون الحل في وصول الديمقراطيين إلى الحكم ؟
و الإجابة : لأن هنا فارق بين الإرث و التراث فالديمقراطيون سيأتون بإرث إحتلال العراق و أفغانستان و ليسوا هم من صنعوا ذلك بل صنعه الجمهوريون ، و سيأتون بإرث الأزمات الداخلية أيضآ و ليسوا هم من صنع تلك الأزمات أو تسببوا فيها و في هذه الحالة قد يغفر العراقيون و الأفغان أنفسم للديمقراطين ما حل بهم ذلك لأنهم لسيوا هم من شنوا الحرب عليهم ، فالديمقراطيون قد أتوا بإرث ثقيل و ليس بتراث فالتراث هنا سيكون مختلف و الفارق شاسع ما بين الإرث و التراث .

اجمالي القراءات 18540