تخاريف صريحة .. السلفية والأديان والحلال والحرام ..

عمرو اسماعيل في الأربعاء ٢٨ - مايو - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

سأتكلم بصراحة ووضوح .. ولو اعتبر البعض كلامي تخريفا .. فقد كتبت من قبل تخاريف كثيرة من قبل أن المرأة هي الحل والديموكتاتورية هي الحل .. فليس الأمر جديدا علي .. فالتخريف في رأيي هو حق لمن وصل مثلي الي أعتاب الستين ..
مفهومي للسلفية .. ببساطة .. ليس فقط هذا التيار الذي يمثله ابن تيمية و مريديه ممن يطلقون علي أنفسهم أهل السنة والجماعة .. وليست فقط السلفية في الاسلام .. بل السلفية والأصولية في كل الأديان والأيديولوجيات .. ولكن السلفية هي الفهم الذي يجد صعوبة في تقبل أي فكرة جديدة ويضع سدا مما يطلق عليه الثوابت والعرف ويجد نفسه بحسن نية مهاجما بحدة لأي فكرة قد تهز مفهومه لهذه الثوابت .. بصرف النظر عن صحة هذه الفكرة أم لا ....
والدليل كمثال ليس إلا .. هو الردود علي الإعجاز العددي للقرآن ووصف رشاد خليفة بالمقبور رغم المحاولات التالية من تخفيف أثر هذه الكلمة .. ومجموعة المقالات في الرد علي نهرو طنطاوي بحدة .. قد أتفق معها في عدم الاقتناع حتي الآن بفكرة الإعجاز العددي ولا حتي الإعجاز العلمي ولا حتي ما يقوله نهرو طنطاوي.. ولكن في نفس الوقت أري أن من حق صاحب أي فكرة جديدة عرض فكرته و من حق كل من لا يقتنع بها مناقشتها بهدوء إن وجد أنها تستحق النقاش أو تجاهلها من قبل من لا يستطيع تقبلها إطلاقا .. اما الهجوم الحاد بغرض وأد الفكرة في مهدها فهو مماثل للفكر السلفي الذي يؤمن أن أي فكرة جديدة هي بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلاله في النار .. والهجوم الحاد في الغالب يأتي بنتيجة عكسية .. ولهذا وبصراحة شديدة أنا أرحب علي المستوي الشخصي بأي هجوم حاد علي أفكاري .. مثل هذا الهجوم يؤمن لها الانتشار ..
الإسلام وكل الأديان في بدايتها بل وكل ما حققه الانسان من تقدم هو في الأساس فكر خالف المألوف .. ولو حكمنا علي كل الرسل والأنبياء بمقياس ما حكم به المستشار شريف علي رشاد خليفة .. أو حتي بمقياس علم النفس الحديث لكان ممكن اتهامهم أنهم يعانون من الشيزوفرينيا .. وما يطلق عليه الوحي ما هو إلا عرضا من أعراض مرض الشيزوفرينيا .. وهناك من الرسل من قتل في بداية دعوته فهل هم مقبورين؟
.. وهذا لا يعني إطلاقا موافقتي علي ماكان يقوله رشاد خليفة أو غيره .. ولكنني أومن بحقه في عرض فكرته .. تماما مثل إيماني بحق المستشار شريف وحق الدكتور احمد في قول فكره ورأيه .. السلفيون يحكمون علي اهل القرآن بنفس طريقة حكم البعض من أهل القرأن علي بعض الأفكار الجديدة واصحابها علي الموقع .. هم يعتبرونكم مهرطفين وأنتم تعتبرون البعض ممن شارك وأثري الموقع في بداياته مهرطقا ..لا فرق إطلاقا ..
..
أما عن الوحي .. فهو من ضمن الغيب الذي نؤمن به والله قادر أن يوحي اللرسل والأنبياء ولكل إنسان ...
وكل فكرة نبيلة وأختراع بدأ كفكرة أفادت البشرية هو في رأيي وحي من الله ,, تحرير العبيد في رأيي البسيط كان وحي من الله لإيراهام لنكولن .. عندما رأي الله الوقت ملائما والرجل ملائما ..
الأديان جميعها لا تختلف في الجوهر .. وتجمعها في الحقيقة .. فكرة الإيمان بالله واليوم الآخروالعمل الصالح .. وفي الدنيا .. تجمعها .. الوصايا العشر .. وهو ما يدفعنا الي مناقشة الحلال والحرام .. فالحلال في رأيي بين والحلال بين .. رغم أنني لا أدعي تفقها ولست عالما دينيا ولهذا لا استشهد كثيرا بآيات من القرآن تأكيدا علي هذا .. وفي هذا المقال سأستشهد بأية واحدة والتي تدل علي رحمة الله:
(فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (البقرة 173 ..
فبلاشك أن القتل حرام والسرقة حرام والكذب وشهادة الزور حرام .. وأكل مال اليتيم ومال الآخرين حرام والخمر و الميسر حرام .. وفي الاسلام أكل لحم الخنزير والميته .. وهذه الأشياء جميعا تتفق عليها معظم إن لم يكن جميع الأديان .. حتي الخمر الذي يؤدي الي السكر هو حرام عند كثير من الكنائس .. علي أساس أن النبيذ ماهو إلا عصير العنب الذي لم يتخمر .. هناك عقوبات دنيوية لكل ما هو حرام ويؤدي الي إيذاء الأخرين .. مثل السرقة والقتل والسكر الذي يؤدي الي إيذاء الأخرين وشهادة الزور .. والحدود في القرآن هي تأكيد علي التجريم .. وعلي ضرورة العقاب .. أما نوع العقاب فهو ما يمكن الاجتهاد فيه حسب ظروف العصر .. أما الحرام الذي لم ينص الله علي عقوبة دنيوية له .. فهو الذي لا يؤدي الي إيذاء الآخرين ويحاسب عليه الله في الآخرة أو يعفو .. وتنطبق عليه فكرة إنما الأعمال بالنيات .. وأن الله هو المطلع علي السرائر .. فقد يرتكب الانسان ما هو حرام وينجو بفعلته .. لأنه بم يراه أحد أو يجيد الكذب لدرجة أن يصدقه الأخرين ..
إذا الحرام بين والحلال بين .. وأدعي .. حتي لو لم يوافق البعض .. أن كل إنسان يعرف بينه وبين نفسه ما هو الحلال والحرام .. حتي لو حاول أن يخدعها ويجد مبررا لما يريد أن يفعله من حرام .. مثل من يريد أن يمارس الزنا مع فتاة فيخدعها ويخدع نفسه .. بزواج عرفي غير معلن .. أو من يسرف في الزواج والطلاق .. بسبب قدرته المادية .. فيظلم معه الكثير من النساء ..
أما الأمور التي لم ينص الاسلام والقرأن صراحة علي حرمتها أو حلتها .. فهي متروكة للعقل والمنطق والعلم وظروف العصر والمكان .. تخضع لمنطق الصواب والخطأ .. والقانون المدني .. ولعل أهم مثال لذلك هو نظم الحكم .. خلافة أو ملكبة أو جمهورية .. المهم أن تحافظ علي المثل العليا للأديان جميعا .. من عدل ومساواة .... وأضيف مثلا أخر حدث حوله نقاش أخيرا .. وهو الختان .. سواء كان للإناث أو الذكور .. فهو في رأيي من ضمن مالم ينص علي حرمته أو حلته بصراحة .. ومتروك لرأي العلم والتجربة ..
ولا أري أي مبرر عقلي أو إيماني .. لما يحدث حاليا من تنافس بينها في محاولة احتكار الله .. وهي محاولة مألها الفشل ولن تسبب إلا الألام والتقاتل الغير مبرر .. أنها إرادة الله بنص القرآن أن خلقنا شعوبا وقبائل ولكل أمة من هذه الشعوب والقبائل شرعة ومنهاجا ..
وتلخيصا لهذه التخاريف ..
هناك إيمان بالله واليوم الأخر .. متروك لله الحكم علي من يملك حقا إيمانا صحيحا به وباليوم الآخر .. وعلي أساسه يقرر الله وحده الثواب والعقاب .. الجنة أم النار ..
وهناك عبادات ومناسك مطلوبة من المسلم أو المؤمن .. هي في الحقيقة صلة بين العبد وربه .. مرتبطة بالنية السليمة .. والله وحده هو المطلع علي هذه النية .. وله حق الثواب والعقاب علي أداء هذه المناسك .. وليس لبشر في الدنيا أن يحاسب علي أداء هذه المناسك .. أو يجبر الآخرين علي أدائها أو عدم أدائها ..
وهناك حلال وحرام .. كلنا نعرف ما هو حلالا .. وما هو حراما .. ولكننا أحيانا .. نحاول أن نبرر لأنفسنا قبل غيرنا ..ارتكاب أو ممارسة ماهو محرم ..
الحرام الذي يؤدي الي إيذاء الأخرين .. له عقوبة دنيوية بعد محاكمة عادلة .. والحرام الذي لا يؤدي الي إيذاء الأخرين .. لله وحده فقط حق العقاب أو العفو ..
أما الذي لم ينص صراحة علي حلته أو حرمته من المستجدات .. فهو يخضع للصواب والخطأ والتجرية والقانون ..
وهناك العمل الصالح .. وهو ما يجب أن نؤكد عليه جميعا .. وهو في رأيي أساس الدعوة لأي دين وخاصة الاسلام ..
من يريد أن يدعو الي الاسلام .. لايد أن يعمل صالحا .. يضرب بنفسه مثلا في هذا المجال .. لا يؤذي الآخرين ماديا ولا معنويا .. ويحاول قدر الإمكان أن يكون صادقا أمينا عادلا متسامحا ..
من حقنا جميعا أن نناقش كل القضايا .. الخاصة بالإيمان و العبادات وحتي الحلال والحرام .. إلا أن نحلل حراما يؤدي الي إيذاء الأخرين ماديا أو معنويا ..

ما جذبني الي موقع أهل القرأن .. هو اتفاقي مع الكثير من الفكر القرآني من اعتبار القرآن هو المرجع الوحيد للمسلمين يقاس عليه أي شيء آخر.. وقدرة الدكتور احمد صيحي منصور علي فهم وتفسير عقلاني وعصري للقرآن .. حتي لو لم أقتنع بالقليل من تفسيره .. والأهم هو إحساسي أنني أستطيع أن أعبر علانية عن بعض أفكاري التخريفية دون التعرض لانهامات التكفير والعمالة .. التي يلجأ اليها للأسف الكثيرون في عالمنا العربي والاسلامي عندما يفتقدون الحجة .. وكل ما أتمناه ألا ينمو تيار سلفي داخل مجموعة تقدمية مثل أهل القرآن ..
التيار السلفي في الاسلام و الأديان والأيديولوجيات هو ما أورثنا كل مانحن فيه الآن من مشاكل وعنف.. وصدقوني أصدقائي أهل القرأن .. لو سيطر تيار سلفي قرأني .. لكانت هذه نهاية أمل في نفق مظلم ..

عمرو اسماعيل

اجمالي القراءات 14061