حقيقة التحريف
التوراة والانجيل غير محرفين

عبد الحسن الموسوي في الخميس ٠١ - مايو - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً


بسم الله الرحمن الرحيم
يتردد كثيرا وبصورة كبيرة وشبه اجماع بين اهل الاسلام ان التوراة والانجيل كتابان محرفان وان اليهود والنصارى قاموا بتحريفهما ،ولا ادري هل ان من اسس وروج لهذه الفكرة هو عن قصد وتصميم مسبق ام ان هنالك حيلة انطلت ام انها سوء فهم لمراد الله من اياته البينات في هذا الشأن ؟؟
ولا يدري اغلب اهل الاسلام حين يرددون مثل هذه المزاعم والاراجيف انها طعن في كتابهم القران الحفيظ ، وانها ليست من الصحة كما ليست من الايمان او مما لا يطعن في كتاب الله المهي&atililde;ن( القران) من شيء بل هي طعن جامع بكتب الله جميعا وفي مقدمة هذا الطعن: الطعن بالقران الكريم ،كما ولا يشعر اهل الاسلام انهم اولى الناس بالكتب المنزلة من عند الله وفي مقدمتها التوراة والانجيل كتابي الله الكريمين وقريني كتاب الله القران الكريم من حيث الاهمية والمكانة والهدى ، ولا يشعرون ان كل منهم يؤدي الى الاخر وان كل منهما مصدق للاخر وشاهد عليه وعضيده ونصيره في المعركة مع الكفر والالحاد والزيغ عن هدى الله ، وانهما ليسا بالمرتبة الدنيا حين الذب عنهما او نصرتهما والاخذ بهما وكما امرنا وارشدنا ربنا سبحانه وتعالى
ان تحريف الكلم عن مواضعه هو اختلاق كلام غير كلام الله ولي اللسان به ثم هو الادعاء انه من عند الله- وما هو من عند الله -، ومن قبيل ذلك ما يفعله كذابي وواضعي الحديث والحديث القدسي ونسبته الى الله ورسوله ، كما فعل ذلك اليهود والنصارى من قبل ثم تبعهم المنتسبين الى الاسلام لاحقا ، ونفاقا وطعنا بدين الله ، وليس تحريف الكلم عن مواضعه ليدل على ان المقصود هنا هو تحريف التوراة والانجيل

ومن الواضح حين التامل في الاية :
أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ }البقرة75
انهم :اولا :كانوا اي قبل الرسالة المهيمنة(الاسلام) وثانيا : يسمعونه ثم يعقلوه ذهنا وفهما ثم يحرفونه اي ان التحريف بعد السماع ثم يتبعه القول ولم يثبت ربنا هنا انهم يحرفون كتاب الله ولا تدل هذه الاية على ذلك.
والاية التالية توضح هذا المعنى والقصد في عملية التحريف وهو يثبت ان التحريف لا يسري على كتب الله المصونة من لدن الله:
{
وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ }آل عمران78

نفس الذي يصنعه قومنا من افتراء الحديث ليحسبه الناس من كتاب الله ، وعن طريق النسبة الى رسول الله ثم التقرير ان ذلك وحيا موازيا اخر وهو الحديث القدسي وغير القدسي وبمجرد نسبته الى رسول الله الذي (وما ينطق عن الهوى) ،وبعد تعسف تفسير هذه الاية لتتسع الى دس الحديث


{
فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ }البقرة79
بعبارة لخرى فان الاية الاخيرة تشير الى انهم يكتبون كتبا بايديهم ثم يقولون (اي ينسبونها بطريقة ما ) هي من عند الله
ولم ينفي ربنا وجود الكتاب(كتب الله السابقة للقران) ولم يثبت تحريفهم لها ولكنه سبحانه اثبت عليهم الاخفاء والنبذ وراء ظهورهم والزيغ الى كلام ليس كلام الله وهو مناقِض الى مقصد الله وموافِق الى اهوائهم ، بل هذا يدل على وجود الكتاب ولكن يخفوه ويقولون بغيره ويوهمون انه الكتاب

ولقد تعهد ربنا بحفظ القران واسماه الذكر ولا يمكن باي حال من الاحوال تصور ان ذلك مقصورا على القران ،وانه سبحانه ترك كتبه السابقة نهبا للزيغ والتحريف والتلاعب -تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا-
ولقد ايد سبحانه فاعلية وعمل وسريان وصحة كتابيه السابقين للقران الكريم ولم يبطلهما او يدعو الى هجرانهما بل اثبتهما وامر باتباعهما والاتيان بهما فقال سبحانه:


{
وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاء مَا يَعْمَلُونَ }المائدة66


{
وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فِيهِ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }المائدة47
وقال:


{
قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّىَ تُقِيمُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً
مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ }المائدة68


وفي تلك الايات شهادة الله للتوراة والانجيل ولو كانت التوراة والانجيل محرفان لما طالبهم بالحكم بهما او اقامتهما
ان كتابَي الله الانجيل والتوراة هما كتابان عزيزان وهما من الذكر الحكيم وهما صنوا كتاب الله القران وليسا هما بأقل اهمية او قيمة او ادنى درجة لانتفاء الذب عنهما او التهوين من امرهما ، بل نؤمن بهما ونقدسهما وننزهما ككتاب الله القران ،وهما مقدم ودليل القران الذين يشهدان له وبذلك امرنا ربنا بالايمان بهما كما امر بالايمان بكتاب الله القران
ان كتاب الله القران وصفه الله انه مصدق الذي بين يدي اهل الكتاب من كتب الله وبنفس الحين جعل الكتب السابقة للقران شاهدة ومقدمة لصدق القران ،لذلك ينبغي على اهل الايمان والحق والعلم عدم التفريط بهما واداء حقهما احسن اداء وهما عضيدا القران والمؤديان اليه وليس ندا او ضدا له :يقول الله:
الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }الأعراف
ويشهد الله للتوراة بانهاتتضمن حكم الله -ولا غير حكم الله - ولكن الزائغون هم من يتولى وليس اعتوار التوراة باي عورة:
وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَـئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ }المائدة43
والتوراة والانجيل تصديق لكتاب الله وليس اختلاف او مغايرة بين الشرائع والمناهج وانما حصرا التطابق والهيمنة


{
وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ }المائدة48
فلكلٍّ شرعة ومنهاجا ليست المغايرة وانما للجمع (اي لكل منكم جعلنا هذه الشريعة والمنهاج نفسه وليس اختلاف المناهج والشِرَع) ،كما ان الايمان ببعض والكفر بالاخر هو فعل الكافرين بكتب الله وليس فعل المؤمنين ولا ينبغي على المؤمنين بالقران صنع نفس الذي يصنعه الكافرين بكتاب الله من قبلهم وانما الايمان والقبول بالكل ،يقول الله:


{
وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلّهِ لاَ يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَـئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ }آل عمران199
بينما فعل الكافرين هو:


{
وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ نُؤْمِنُ بِمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرونَ بِمَا وَرَاءهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِيَاءَ اللّهِ مِن قَبْلُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }البقرة91
ان الاخفاء والنبذ وراء ظهورهم والكتمان هو السمة البينة في فعل الذين كفروا من الذين اوتو الكتاب وليس تحريف الكتاب الذي لم يقل الله به ، وكذا لايمكن ان يطالوه ، ويعد افتراء على الله ان يقول احد ان التحريف قد طال ما انزل الله من الكتب السابقة للقران او القران نفسه


{
إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ }البقرة159


{
وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ }آل عمران187


{
وَلَمَّا جَاءهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ كِتَابَ اللّهِ وَرَاء ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ }البقرة101
وَمَا قَدَرُواْ اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُواْ مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاء بِهِ مُوسَى نُوراً وَهُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً وَعُلِّمْتُم مَّا لَمْ تَعْلَمُواْ أَنتُمْ وَلاَ آبَاؤُكُمْ قُلِ اللّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ }الأنعام91
وقد بحثت في كتاب الله المجيد ولم اجد اي مما يشير الى ان التوراة والانجيل محرفان ولم يقل الله بذلك بل انه سبحانه اتهم اليهود بتحريف الكلم عن مواضعه ولم يتهمهم بتحريف التوراة والانجيل والفرق واضح وكبير،اي هو ادانة لمجموعة وعمل هذه المجموعة دونما القاء الشبهه والريب في هدف آخر وهو التوراة والانجيل والفرق هائل بامتياز
بل ان التوراة والانجيل هما من الذكر الحكيم ومن الفرقان ولقد رفع الله ذكرهما ايما رفع ومجد منهما ايما تمجيد واشهدهما على كتابه ورسوله اللاحق لهما وامرنا بالايمان بهما كما امرنا بالايمان بالقران الكريم وجعلهما مصدقين للقران وجعل القران مصدق لهما
ان الريب في التوراة والانجيل واتهامهما بالتحريف ،والحكم عليهما بالدرس((دَرَسَا )) يعد عملا من اعمال الاعتداء والظلم بحق الله ورسله
كما ان ربنا الذي انزل الكتاب امرنا بالايمان بالكل وعدم التفريق بين رسله وكتبه حين قال:


{
وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ }العنكبوت46
وقال رب العزة :


{
قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ }البقرة 136
وقال سبحانه :
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِيَ أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً }النساء136
ومن الحقيق ان هذا الايمان لا يقتصر على التصديق العابر وانما لابد ان يوَّفى كامل متطلباته ومنها الاعتقاد بالسلامة من التحريف والزيغ وكذلك التواصل العملي والايماني
وتبرز هنا مسالة مهمة :وهي لماذا وكيف صنع اهل الاسلام هذا الصنيع وهو التفريط والاتهام والنبذ والهجر بحق كتب الله السابقة في حين انهم كانوا اولى بها واهلها ؟ الا يعد ذلك قصورا على اقل تقدير ، وهو يعد اجراما ليس له مبرر ان اردنا ان نكون اكثر حزما وعلمية وموضوعية؟
لا ارى ذلك غير ارتكاس الى الجاهلية واستبدال كتب الله السابقة للقران والمصدقة له بحديث مفترى على الله ورسوله ،وهو ايضا من قبيل تحريف الكلم عن مواضعه وهو نفس صنيع اهل الكتاب السابقين ، وهو مؤامرة على نور الله (يريدون ليطفئوا نور الله )
يقول الله:


{
اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }البقرة257
ويقول:


{
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَؤُلاء أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ سَبِيلاً }النساء51
فالأيمان بالله هو عن طريق كتب الله وما عداها هو الطاغوت ، ان الحديث المفترى على الله ورسوله هو احد اصناف الطاغوت الواجب الكفر به ،
لقد كاد شياطين الانس المنتسبين الى الاسلام الى كتاب الله القران وكتبه السابقة ايما كيد ويزيد على كيد اهل الكتاب السابقين للاسلام ،بل كانوا اشد ضراوة وتدميرا بعلم ، وبغير علم وعن سفه وجهل وتفضيل المفترى من الحديث على كتاب الله بدعوى الصحيح وبدعوى الوحي الموازي وبدعوى التفسير والبيان لكتاب الله ، و الله ورسوله منهما براء و انما هو ارتكاس الى الطاغوت والى الجاهلية
ومن شديد الاهمية هنا ان نذكر ونؤكد ان جميع الكتب والترجمات المسماة بالكتب المقدسة هي ليست التوراة والانجيل ،وليس التوراة والانجيل حصرا غير كتاب الله المرسوم باللسان العبري الاول وبالحرف العبري الاول والمطابق موضوعا وروحا وهدىً ونورا لكتاب الله القران ، والذي لا يفوت معرفته اولي الايمان وعبادة الله وحده،
ان عملية الطعن في الكتب السابقة لهي عملية طعن اخر ومن حيث لا يشعرون بكتاب الله القران ،اذ سيتبادر الى الذهن سريعا كيف يحفظ الله القران ولا يحفظ الله كتبه السابقة ,كما ان الطعن بكتب الله يطال الطعن برسالة الله قبل الطعن بحملة تلك الكتب(اهل الكتاب) ، لذلك فان القول بتحريف كتب الله لهي عملية عبثية وجناية واجرام بحق الله ،
واعتذر للقاريء الكريم اني لست ضليعا بالكتب المقدسة ولا بالحرف العبري والا لكنت بحثت واتيت بكتابَي الله التوراة والانجيل ولأنزلتهما منزل القران الكريم من الاحترام والتبجيل والحب ، فجميعها نور الله ورسالته وخطابه(لا نفرق بين احد من رسله) ،ولم ينهانا الله عنهما في كتابه ،وكيف يكون ذلك وهما من لدن الله العزيز الخبير، وقد اقتصر بحثي حول ما ورد في القران بهذا الشأن وحسب ،
لذلك اهيب بالاخوة المؤمنين والمختصين بالحرف العبري واللسان العبري البحث والاتيان بكل من التوراة والانجيل واستنهاضهما وابرازهما وتقريبهما الى المسلمين وان لا نكون كمثل الذين قال الله فيهم انهم اخفوهما او نبذوهما كأنهم لا يعلمون .
فنحن لا نرفض التوراة والانجيل الاصل ولكننا نرفض ترجماتها الى الالسنة الاخرى ومن ثم نسبتها الى التوراة والانجيل وبالتالي فالترجمات الى جميع غير الاصل هي التي طالها التحريف وهذه الترجمات ليست التوراة ولا الانجيل
واخيرا أُ ذكِّر :-
إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ }البقرة159
وصدق الله اذ يقول ، وقوله الحق الذي لا يتجزأ ولا يزيغ عن هدفه
والحمد لله رب العالمين

اجمالي القراءات 109667