احتياج القرآن

رمضان عبد الرحمن في السبت ٠٧ - أكتوبر - ٢٠٠٦ ١٢:٠٠ صباحاً

احتياج القرآن

نحن في احتياج القرآن أكثر من احتياج القرآن لنا، نحن المحتاجون إلى القرآن لكي نأخذ منه الصدق والعدل والخلق والتعامل الحسن مع الآخرين بغض النظر عن اختلاف الفكر والعقيدة والديانة، هذا ما أمر به الله في القرآن، يقول تعالى:
((كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ)) سورة آل عمران آية 110.

هذا إذا اتبعنا أوامر الله في القرآن، ولكن إذا ابتعدنا عن القرآن كما هو الآن من اختلاف بين المسلمين، منذ أن تركوا شرع الله في القرآن ونحن في خلاف مستمر، وأصبح من يتكلم من القرآن في الوقت الراهن يجد من الناس من يكذبوه أو يكفروه دون علم وكأن القرآن نحن مؤلفينه لكي يعتدوا علينا من لا يفهم القرآن ولغة القرآن العظيم، التي هجروها من أجل إثبات الظنيات على كتاب الله، ونسوا قول الله:
((أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ)) سورة النور آية 40.

ونور الله يتجلى في القرآن وليس في أي كلام آخر مهما كان هذا الكلام، هذا ما تعلمناه من القرآن، وأي كلام خلاف كلام الله في القرآن فهو ند لكلام الله، وقد نهى الله عن ذلك بقوله تعالى:
((فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ)) سورة آل عمران آية 61.

أنظروا إلى هذه الآية العظيمة وما فيها من وصف، إلى من يشككوا في كلام الله أو يتخذوا غيره ملجأ، فيكون الرد عليهم من القرآن كما قالت الآية الكريمة:
((... فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ)) سورة آل عمران آية 61.

وليس غريب الاحتجاج على كلام الله، وهذه الحلقة مستمرة إلى أن يحكم الله بين الناس يوم القيامة، فيجب على كل مسلم أن يحتكم إلى كتاب الله الحق إذا كان يريد الحق قبل أن يأتي يوم الحق كما قال الله تعالى:
((إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَـذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ)) سورة البقرة آية 26.

ونحن هنا لا نفرض آراء لكن كلام الله هو الذي يفرض نفسه على من يؤمن به ويكون له نور كما قال الله ويكون العكس على من يكذبوا في آيات الله أو يتخذوا غيرها ملجأ، وكل من يتبع غير القرآن هو في الحقيقة له هدف إما هدف من أجل الدنيا أو من أجل الآخرة، طالما أن أغلبية الناس هجرت القرآن واتخذت غيره ملجأ لكي يبيح لهم كل ما هو مخالف للقرآن فبالتالي ترى بعض الناس يكفروك أو يكذبوك بل ممكن أن يبيحوا قتلك، هؤلاء من لا يعتقدوا في اليقين في كتاب الله، ولكن هم لا يريدون إتباع اليقين كما قالوا من قبل على الرسول أنه ساحر وكذاب ومجنون.

ولكن الفرق بين من كانوا يكذبون الرسول، وبين من يكذبوا آيات الله في الوقت الحالي، هو أن من كذبوا الرسول كانوا مشركين، وللأسف من يكذبوا في آيات الله في هذا الزمان هم من المسلمين الذين يقرؤون القرآن ولا يتدبرون آياته، هم في الحقيقة لا يكذبوا الأشخاص الذين يتحدثون بالقرآن، ولكن يكذبوا آيات الله دون أن يدروا، والله ما كتبت هذه المقالة إلا من أجل أشخاص قاموا بتكفيري، وتكفير كل من يتكلم من القرآن، أو يتمسك به، فهل من يتمسك بالقرآن يصبح كافر في نظر من لا يفهم القرآن أصلاً؟!.. فعندما قلت نحن محتاجين للقرآن لكي يعيد لنا ما كان عليه الرسول من أدب في الحوار مع الآخرين، وكما نعلم أن الرسول لم يبلغ إلا القرآن، كما قال الله تعالى:
((يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ)) سورة المائدة آية 67

فكيف ينظروا هؤلاء إلى الرسول وكلنا يعلم أن الرسول كان قرآناً يمشي على الأرض؟!.. ويكون الرد على هؤلاء المشككين في كلام الله أو الذين هجروا كلام الله من الرسول يوم القيامة بقوله تعالى:
((وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً)) سورة الفرقان آية 30

ونفهم من ذلك أن هؤلاء الناس من يكذبوا في آيات الله بأنها تزعجهم وما فيها من حق، وهم لا يريدون الحق الذي أنزل على الرسول، فلو أتى إليهم رسول في هذا العصر لكذبوه أيضاً، كما يكذبوا في آيات الله دون علم، وحتى لا نخرج عن الموضوع، كلنا نعلم أن الرسول والقرآن جزء لا يتجزأ وكما نعلم أن الرسول عليه الصلاة والسلام مات ولم يبق بين أيدينا إلا القرآن، وكل من يكذب في آيات الله في أي عصر سوف تنطبق عليه الآية بأنه هجر القرآن الذي سيقول فيها الرسول يوم القيامة:
((وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً)) سورة الفرقان آية 30

وأخيراً، أليس من العار على المسلمين أن يظلوا مختلفين وبين أيديهم كتاب من أحكم الحاكمين الذي قال فيه سبحانه وتعالى:
((وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)) سورة آل عمران آية 103.

رمضان عبد الرحمن علي
اجمالي القراءات 12604