عمر بن الخطاب هل هو هذا ام ذاك!!

فوزى فراج في الخميس ٠٣ - أبريل - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

عمر بن الخطاب هل هو هذا ام ذاك!!

يا ايها الذين امنوا ان جاءكم فاسق بنبا فتبينوا ان تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين – الحجرات 6

فى النصف الثانى من الثمانينات من القرن الماضى, دعانى اخ هندى وكان متزوجا من سيدة فاضلة من ايران الى العشاء, كان هو ممن نطلق عليهم سنى, وزوجته ممن نطلق عليهم شيعة, وكان يعمل فى المكان الذى كنت اعمل به, وكنت قد اخترته لوظيفته كرئيس لقسم تحاليل المخدرات ( Toxicology) من بين عدد من المرشحين للمركز, واخترته لخبرته فى ذلك المجال والتى كانت تطابق الشروط التى وضعناها للمرشح الذى سيشغل تلك الوظيفة, ولم يكن اختيارى له مثلا لأنه مسلم مثلى او شيئا من هذا القبيل , ثم أصبح من الأصدقاء بحكم عمله معى أولا ثم بحكم إسلامه.   لم تكن تلك هى المرة الأولى التى دعيت فيها الى منزله, ولكنها كانت الاولى التى التقيت فيها هناك بضيف اخر من إيران من اقارب زوجته وكان فى زيارة للولايات المتحدة وكان يتحدث العربية بطلاقة  كما كان يتحدث الإنجليزية بما يكفى لتوضيح وجهة نظره.   كان ذلك الرجل فى ذلك الوقت يكبرنى بحوالى عشرة سنوات وإن كان يبدوا اكير من سنه بكثير, و بإستثناء غطاء الرأس الأسود الذى يميز أيات الله الذين نراهم على شاشات التليفزيون كثيرا, فكان يبدو مثلهم تماما. وبعد العشاء وبينما كنا فى انتظار الشاى والحلويات وما الى ذلك, بدأ سيادته فى الحديث عن نفسه وعن الأماكن التى زارها والتى عاش بها وعن من قابلهم ومن عاشرهم ومن عرفهم ومن صادقهم ..........الخ, وكان من هؤلاء الذين ما أن يبدأ فى الكلام لا ينتهى كلامه ولا يعطى الفرصة لأى انسان اخر ان يتكلم , ومهما حاول الأخرين ان يدلوا بدلوهم او ان يغيروا الموضوع, الحقيقه انه كان ببراعة فائقة يحول المناقشه مرة اخرى الى ما كان يتحدث فيه ويستمر فى موضوعه متجاهلا تماما ما يطرحه الأخرين, لدرجة ان البعض من الجالسين كانوا ينظرون بعضهم الى بعض ,ويغادر بعضهم المكان الى المطبخ او الى غرفه اخرى ربما  لكى يهدئ  من نفسه حتى لا يقول له شيئا غير لائقا.

ولا ادرى كيف بعد ان عرض علينا تاريخ حياته وحاول ان يقنعنا بطريقة مباشرة وغير مباشرة بأنه عليم بالكثير من الأمور, بل يكاد يكون عليما بما نفكر فيه قبل ان نفكر فيه, تدرج ببراعة الى تاريخ الإسلام وما آل اليه, والى عمر بن الخطاب على وجه التحديد.

ولم اكن فى حياتى قبل ذلك قد سمعت مسلما واحدا يذكر عمر بن الخطاب بسوء او بأى شيئ سلبى او ان يحط من قدره او يتهمه بأى إتهام لايليق بخليفة المسلمين وبأحد أصحاب الرسول , ووقع ما قاله على وقعا سيئا, واحسست كأن ذلك الرجل يطعننى شخصيا بكل ما جاء منه عن  عمر بن الخطاب, فقد اتهمه بكل ما قال مالك فى الخمر, وبكل ما أصاب المسلمين والإسلام خلال الأربعة عشر قرنا الماضى, ومن بين ما أذكره ,اتهمه به انه احرق جميع الكتب فى مكتبات كل البلاد التى فتحها,وإتهمه بأن قال ان لم يكن فى تلك الكتب قرآن فلا حاجة بنا لها, وان القرآن به كل شيئ  نحن فى حاجة اليه ويغنى عن كل شيئ أخر, واتهمه بالظلم واتهمه بالجبروت واتهمه بمخالفة القرآن .....................الخ  الخ  الخ, لا أذكر اننى غضبت كما غضبت ذلك المساء, وحاولت جاهدا ان اناقشه او ان ادفع ذلك العدوان عن امير المؤمنين , ولكنه كان خبيرا فى التعامل مع امثالى, وفقدت السيطرة على نفسى وأرتفع صوتى بينما كان مضيفنا جالسا صامتا وقد احمر وجهه, ولا يدرى ماذا يمكن ان يفعل فى هذا الموقف. فأنا رئيسه وضيفا فى منزله, والرجل قريب زوجته وضيفا أيضا فى منزله, والأخرون ضيوف ايضا وقد التزموا الصمت , وكما قلت كان ذلك الرجل بارعا براعة تامه وخبيرا فى كيفية ادارة المناقشه لمصلحته بل وكان مستعدا لها كإستعداد تلميذ للإمتحان ان لم يكن اكثر من ذلك , بل اكاد اجزم انها كانت صنعته التى احترفها.

لأ أستطيع ان اقول اننى نجحت فى ذلك الحوار فلم اكن مستعدا ولم اكن قد قرأت ما يكفى لكى أناظره. فكل معلوماتى كانت من المتوارث ومن المتعارف عليه عن عمر بن الخطاب ( ر) ولكن كانت تلك التجربه بمثابة صدمة لكى افتح عيناى على الكثير مما كان يجب ان اعرفه.

بعد ذلك بمدة قصيرة انتقل الى منطقتنا مسلم اخر من مصر, وبعد ان رحبنا به فى المنطقه وبعد ان استقر وتبادلنا الزيارات .الخ, كنا فى منزله يوما, ولسبب ما لست اذكره جاء ذكر الشيعه, ولم يكن من تجاربى مع الأخوه والاصدقاء من الشيعه من ايران أوغيرها اى شيئ سلبى ولم يكن بيننا سوى الود والوفاق, حتى برغم تلك المناقشه التى اشرت اليها اعلاه, لم اكن اشعر نحوهم بأى عداء او خلاف, إذ لم يتحدث  احد منهم معى او سمعته يتحدث مع غيرى عن الخلفاء الراشدين من أبو بكر الى عمر الى عثمان, غير ان صديقنا الجديد, قال انهم كافرون ولا علاقة لهم بالإسلام, وانهم اكثر كفرا من غيرهم من العقائد الأخرى بل أنهم سيكونون وقودا لنار جهنم , وعندما قلت الا يؤمنون بالله ورسوله وكتبه وملائكته واليوم الأخر, اشار الى مكتبته وقال ان هناك عشرات من الكتب التى سوف تقنعنى بكفرهم, وبدأ فى سرد بعض ما يعضد وجهة نظره, بالطبع لم اكلف نفسى بمحاولة قراءة اى منها.

من ما ذكرت سابقا, نرى ان هناك إستقطاب بين المتطرفين من كلا الحزبين, يكفر كل منهم الأخر. ومما نرى وما لا يحتاج الى برهان , ان الشيعة فى اعتقادهم ان عمر بن الخطاب كان كافرا  وأنه تسبب فى كل ما لحق بالإسلام من انشقاق ومن محن ومن تخلف وأنه أستولى على الخلافة ممن هو احق منه بها وهم بالطبع يقصدون على بن ابى طالب ( ر), بينا يعتقد السنه ان عمر بن الخطاب كان انسانا مثاليا فى كل ما فعل من بداية اسلامه ويستشهدون على ذلك بما  قيل ان الرسول ( ص) قاله عندما قال , اللهم اعز الإسلام بإحد العمرين......الخ, وفى انه السبب فى الدعوة للإسلام جهرا فى مكة, وعند هجرة المسلمين الى المدينه, يذكرون قوله من اراد ان تثكله امه فليتبعنى خلف هذا الوادى .....ثم فى حكمة كثانى خلفاء المسلمين واعتقادهم بأنه نشر الإسلام فى انحاء المعمورة. وأنه أعدل حاكم فى التاريخ الإسلامى او التاريخ الإنسانى قاطبة......الخ.

من الطبيعى ان كل ما يقال من كلا الطرفين , لا يقال بناء على شاهد عيان , فلم يلتقى احد من المسلمين بعمر بن الخطاب  او يلتقى بأحد ممن قابل عمر بن الخطاب فى هذا القرن او القرن السابق او القرن الذى كان قبله او القرن.الذى .......الخ,  إذا فكل ما يكرره كل من تحدث عن عمر بن الخطاب هو من ما سمعه او قرأه فى كتب التاريخ.

اننى افهم تماما ان يختلف اثنان على لون ما, كأن يعتقد احدهما ان اللون ازرق يميل الى الإخضرار, او انه اخضر يميل الى الزرقه, ولكن ان يختلف اثنان على اللون كونه اسود او كونه ابيض , فهذا مستحيل وضرب من العبث والسخريه لأحدهما من الأخر. وهكذا هو الخلاف حول عمر بن الخطاب, كمن يخالف الأخر على رؤيته للون ما فيقول انه ابيض بينما يقول الأخر انه أسود, فحتى من هو مصاب بعمى الألوان لايمكن ان يذهب به ذلك المرض الى هذا الحد, اللهم إلا ان كان احدهم اعمى تماما دون ان يدرك ذلك.

لكل كتاب من كتب التاريخ التى يستقى المختلفون فيما يتعلق بعمر بن الخطاب أو غيره معلوماته وحقائقه منها, لكل كتاب يشيد به هناك كتاب اخر يخالفه و يختلف تماما عنه فكتب اهل السنه التى تمتدحه تختلف عن كتب الشيعه التى تلعنه. وتلك الكتب قد تناقلت الينا عبر قرون طويله,  فأيهما يجب ان نصدق, اذ من المستحيل ان يكون كلاهما على حق, كما يستحيل ان يكون اللون الأسود اسودا وأبيضا فى آن واحد, فمن المنطق ومن البديهة ان يكون احدهما كاذبا, وليس هناك كلمة اخف من ذلك او اكثر دبلوماسية من ذلك, احدهما يكذب, والأخر يصدق ,بل ازيد على ذلك بأن أقول ان احدهما يكذب ويبالغ فى الكذب, والأخر يصدق ويبالغ فى الصدق, احدهما ينعته ويبالغ فى نعته, والأخر يمدحه ويبالغ فى مدحه. وربما أيضا فإن الحقيقة المطلقة شيئ أخر تماما , من يدرى!!!

ان كتاب تلك الكتب التى وصلتنا عبر اربعه عشر قرنا او اقل من ذلك قليلا, كانوا اناسا مثلنا تماما, لم يكونوا ملائكة , ولم يكونوا شياطين, ولم يكونوا مجرد اجهزة تسجيل لا رأى لها, ولو اطلقنا عليهم جدلا لقبا مثل مؤرخ, او مؤرخين, فحتى المؤرخين الذين قد يحاولون بكل امانة ان يتوخوا الدقه, فبحكم تكوينهم البشرى الإنسانى لا يمكن لهم ان يتنصلوا مهما حاولوا من نزعاتهم الإنسانيه, ومن ميلولهم سواء مع او ضد فكرة ما, او عمل ما , او شخصية ما, ولايمكن ان نستبعد ان كل من كتب عن عمر بن الخطاب حتى ولو حاول ان يكون محايدا, فلن يكون محايدا تماما لما جمعه من معلومات. فكما قلت سابقا, كيف يمكن ان يوصف نفس الشخص بالعدل والظلم فى آن واحد. التفسير الوحيد هومثل لو اننا وضعنا عملة ورقيه او فضيه بين رجلين  ونظر اليها كل منهما من زاويته, فلن يصفها كل منهما بنفس الوصف, لأن ما يراه احدهما لايراه الأخر.

لقد ضربت مثالا على ذلك بجمال عبد الناصر وصدام حسين, وهما زعيمان عاشا فى زماننا , بل وعاشا فى زمن التدوين بالكتابه والصوت والصورة, والكثير منا من هم مثلا فى مثل سنى, قد عاصرهما, والإغلبية قد عاصرت صدام حسين على الأقل, ولقد كتبت الكثير من الكتب عنهما, ولكل كتاب او رأى عنهما هناك كتاب او رأى يختلف تماما عنه بل هو رأى نقيض, ولو ان تلك الكتب تم تداولها لعدة قرون أتيه, فهناك بعد الف سنه من الأن من لم يرى صدام او عبد الناصر, ولكنه سوف يقرأ ما وصله عنهما تماما كما نقرأ نحن ما وصلنا عن عمر بن الخطاب, وسوف يتخذ كل من يقرأ عنهما رأيه , فهناك من سوف يقيمهما بأنهما أبطال وشهداء ومن سوف يقيمهما بأنهما خونه وديكتاتوران تسببا فى إلحاق اذى كبيرا وضررا كبيرا  بشعبهما وبلادهما ..........الخ.

عمر بن الخطاب ليس له اى علاقة او دور بالإسلام كدين او كشريعه, وألا فعلينا ان نعترض على ما شهد الله نفسه به, عندما قال ( اليوم اكملت لكم دينكم ) , واكمل الله الدين على يدى رسوله ( ص), فإما ان نصدق ما قاله الله, وإما ان نصدق ما يدعيه المدعون , سواء من مدح عمر او من قدحه. ولا نعرف ولا ينبغى لنا ان نصدق ان عمر قد اضاف او حذف من الأسلام شيئا, ولذلك فأنا اعتبره رئيسا او زعيما لدولة وان اختلفت تسميته ولقبه الى أمير المؤمنين وهو ما يعادل فى وقتنا الحالى رئيس او زعيم , ولهذا ضربت مثلا بعبد الناصر او صدام. وعمر كرئيس للدوله الأسلاميه فى ذلك الوقت, يتم تقييمه كما يتم تقييم اى رئيس للدوله,أما تقييمة كرجل وكأنسان, فلا اعتقد اننا لدينا لا المعلومات الموثوق بها , ولا لدينا الإمكانيات المعرفية لتقييمه كإنسان او لتقييم عقيدته وإيمانه, فهذا ليس من شأننا ولكنه شيئ خص الله به نفسه.  ومقومات التقويم يجب ان لا تختلف حتى بالرغم من انه تسلم سلطاته بعد وفاه الرسول بسنتين ونصف او ثلاثه وهى فترة حكم ابو بكر, بل يجب ان يتم تقييم بقية الخلفاء بنقس المقومات. اى ليس لأى مسلم ان ينظر الى عمر او الى اى من الخلفاء الأخرين نظرة دينية , او ان يقدس اى منهم او ان بنفى عنهم بشريتهم بما فيها من قوة او ضعف.

لم يذكر الله اى من هؤلاء الخلفاء فى قرآنه , لم يذكر ابوبكر او عمر او عثمان او على او غيرهم بالإسم, او بالأشارة المباشره, لقد ذكر الله زيدا بن حارثه الذى تبناه الرسول, ولكنه لم يذكر اسما أخر, لم يذكر اى من زوجاته بالإسم, او اى من أولاده بالإسم,  ولو لم يذكر الله سبحانه وتعالى الرسول بالأسم ( محمد ) لكان اسمه معرضا للشك والنقاش, ولكان هناك من يتساءل ان كان اسمه محمد او شيئ اخر, ولأصبح النقاش حول اسمه مثارا للخلاف  ومسألة تاريخية بحته, كما يجب ان يناقش اسم عمر بن الخطاب والأخرين من وجهة نظر التاريخ.

اذا متى يمكن ان ندخل القرآن فى مناقشة تتعلق بعمر بن الخطاب؟؟

اننا كمسلمين , او على اقل تقدير ( بعضنا) حتى لا أغضب البعض, نؤمن بالله رغم اننا لم نراه ولم نسمعه , ولكننا وبمطلق اختيارنا قررنا ان نؤمن به, وأن نؤمن بكتابه ( القرآن) , وبما جاء فى كتابه. قررنا ان نؤمن بالله ورسوله والقرآن ايمانا لا حد له ولا شرط فيه ولا استثناء . اما ما خلى ذلك, فهو معروض للمناقشه والعقل والمنطق والقبول او الرفض. أبوبكر عمر عثمان على معاويه  وهلم جرا. كلهم احداث تاريخيه , خاضعة للمناقشة , كلهم أدميون , وكلهم يخطئ وكلهم يصيب. ولكن عندما نناقش ما وصلنا عنهم فإن ما وصلنا عنهم لا يتمتع بحصانه وحفظ كالقرآن, والدليل على ذلك ان ما وصلنا عنهم يختلف طبقا للكاتب المؤرخ, وطبقا لنظام الحكم  والحاكم الذى تمت عملية التأريخ فى زمانه.

القرآن والذى نؤمن انه من عند الله, قال :

قد رضي الله عن المؤمنين اذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فانزل السكينة عليهم واثابهم فتحا قريبا- الفتح18

فالسؤال هنا يكون كالأتى, هل كان عمر ين الخطاب من هؤلاء الذين بايعوا الرسول تحت الشجرة ام لا, فإن كان كما يقضى به المنطق, فكيف يرضى الله عنه كما تقول الآيه, ام ان الله – حاشا لله – لم يعلم انه سيكون فيما بعد ظالما عاتيا مخالفا لقواعد الله ...... .الخ مما وصفه به اعداءه, وإن لم يكن ممن بايعوا الرسول تحت الشجرة كما جاء فى الآيه, فليقدم اعداءه دليلا على ذلك, دليلا على انه كان غائبا لشأن ما, ومن ثم فإن الآيه لا تنطبق عليه, وبالطبع فإن التاريخ لم يذكر انه تخلف عن مبايعه الرسول آنذاك.

خلاصة القول هنا ان ما وصلنا عن عمر بن الخطاب شيئان متناقضان تماما, كما يتناقض الأسود والأبيض, الظلام والنور, الشر والخير, وكل منهم يدعى ان ذلك هو عمر بن الخطاب, ولا يحتاج ذلك ان تكون عبقريا لتدرك انه ليس هناك سوء تفاهم بسيط وليس هناك اختلافا فى تقييمه بحسن النيه, بل الواقع ان هناك من صدق فى وصفه وهناك من كذب متعمدا , هناك من بالغ فى الصدق وهناك من بالغ فى الكذب, والمسؤليه هنا تقع على كل منا فى ان يأخذ بأحد الرأيين بعد ان يتدبرهما وان ينافشهما مع نفسه ومع ضميره. ولا بد هنا ان نأخذ فى الإعتبار ما قاله عز وجل, يا ايها الذين امنوا ان جاءكم فاسق بنبا فتبينوا ان تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين , والآيه والتوجيه الإلهى هنا لا تدانيه دقة ولا تدانيه بلاغة اخرى, فهو يتحدث الى المؤمنين, بقوله يا أيها الذين أمنوا, , ان جاءكم فاسق بنبأ, ولم تقل ان جاءكم شخص بنبأ او ان جاءكم رجل امين بنبإ, لأن من مسؤلية كل انسان ان يتحقق مما يأتيه حتى ان كان من شخص يثق فيه تماما الثقه, ولكن الله عز وجل , وصف من يحمل النبأ بالفسق, اى ان من حمله معروف مسبقا بأنه فاسق, ولم يقل الله لا تصدقوا هذا الفاسق لأنه فاسق وانتهى الموضوع, ولكنه امر ان نتبين النبأ حتى ولو كان من فاسق, اذا فإن مسؤلية التحقق من النبأ تقع على الإنسان المتلقى لهذا النبأ. ومما أتانا عن عمر بن الخطاب, لابد ان يكون احدهما من كاذب كما ذكرنا من قبل ولا يقل عن الفاسق, وعلينا مسؤلية التحقق من ذلك النبأ, سواء من مدحه وبالغ فى مدحه او من قدحه وبالغ فى قدحه.

بالنسبة لى , فأنا من كل ما جاء سواء فى التاريخ او القرآن , ومن ما وهبنى الله من عقل ومنطق, لا استطيع ان اصدق ما قيل عنه من المذهب الشيعى مطلقا, كما لا أصدق المبالغات التى أحاطها اهل السنه به , من ان عمر كان يقول ما يقول فينزل به القرآن بعد ذلك, او ان الرسول قد قال لو كان من بعدى رسول اخرى لكان عمر, ...الخ من تلك المبالغات الساذجة والتى لن يصدقها من كان لديه ذرة واحدة من المنطق والذكاء.

اعتقد انه أى عمر بن الخطاب, كان يحاول جاهدا ان يرضى الله سبحانه وتعالى كما نحاول جميعا, واعتقد انه قد صاحب الرسول سنوات طريله وكان من المقربين اليه وممن كان يستشيرهم فى الكثير من امور الدوله ومن امور الدعوة, واجد ان التهم التى وجهت اليه اكثر من ساذجة وامتهانا للمنطق والعقل, وعمر بن الخطاب كإنسان وكبشر وكرئيس للدوله لابد ان يكون قد اخطأ كما يخطئ البشر, ولكن لا يمكن ان يكون بما وصفه الشيعه او من يؤمن بما وصفه الشيعة من تلك الصفات التى يكاد الحقد والكره والضغينه ان تقطر منها. اننى افضل ان اخطئ فى حكمى بأن أسامح من ارتكب  جريمة على ان اخطئ فى ان اعاقب من لم يرتكب جريمة ما. ولكل من يعتقد فى ما يقول الشيعة عنه ويكرره ويؤمن به ان يعد نفسه كى يدافع عن نفسه امام الله عز وجل فى يوم تأتى كل نفس تجادل عن نفسها والأمر يومئذ لله.

اجمالي القراءات 42785