هذا رأيي فيما يجري وما أبرأ نفسي

محمد مهند مراد ايهم في الثلاثاء ٢٥ - مارس - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

قد كان موقفي خلال المهاترات التي حدثت في الموقع حول تشكيل القرآن والصلاة والتواتر وحرية التعبير ومواضيع أخرى طرحت كانت ساحة للجدل العقيم والمهاترات الشخصية والسب والشتم واتهام الغير بالسلبية والديكتاتورية والتشيع والسلفية وغيرها من تلكم التهم التي تقاذفها كثير من أعضاء الموقع و بعض كتابه
كتابه الذين كنا ننتظر منهم الروية بالتفكير ومقابلة الإساءة بالحسنة وعدم الاكتراث بالجدل العقيم الدائر ومحاولة لفهم المهاترات بروية ودراسة لأسبابها دراسة موضوعية وحلها حلا بعيدا عن الانفعالية وردود الأفعال
كان موقفي عموما سلبي من وجهة نظر بعض من أرسل إلي برسائل تطلب أخذ موقف والرد وتعاتبني على موقفي السلبي إلا ما كان مني من بعض المشاركات التي لم تخل أيضا من بعض ردود الفعل والانفعال وبعض المحاولات مني لاستفزاز العقلية الانفعالية باتجاه آخر
في هذه الفترة التي يشتعل فيها الشارع الإسلامي بردود فعل مماثلة تماما لما يجري هنا في هذا الموقع ردود فعل تجاه الرسوم المسيئة للنبي الكريم
وفي تلك الفترة كنت أتابع عبر التلفزيون بعض من المقابلات والاتصالات التي تجريها بعض المحطات مع مسئولين غربيين وكانت تكال لهم اتهامات شتى في الواقع فقد أبهرني أولئك المسئولون بهدوئهم وأسلوب إجاباتهم التي كانت بعيدة عن أي انفعال وكثيرا ما كانت إجاباتهم في اتجاه آخر غير فحوى السؤال الذي يسألون
تذكرت برنامج الاتجاه المعاكس وأكثر من رأي الذي كنت سابقا أتابعه بيد أني وصلت إلى حد القرف مما يجري فيه
من جهة أخرى تذكرت المناظرة التي جرت بين مرشحي الرئاسة الفرنسية (رويان وساركوزي )
تذكرت أحداث الشغب التي حدثت آنفا في فرنسا والتي قام بها بعض المهاجرين والذي كان معظمهم من أصول عربية أو إسلامية
وقفت وقفة احترام لموقف الحكومة الفرنسية وموقف الشارع الفرنسي من تلكم الأحداث
تذكرت المناظرات التي تحدث الآن بين مرشحي الرئاسة الأمريكية (أوباما وكلينتون وماكين )كيف يقابل كل منهم خصمه كيف يكيل طرف الاتهامات لطرف آخر دون أن أرى أي رد فعل من الطرف الآخر
أحسست أنهم يعيشون حالة من الاستقرار النفسي والفكري والسياسي والاجتماعي حالة لم يعرفها البشر (وبشكل أروع مما أراه الآن) إلا في عهد النبوة تلك الفترة التي جعلتني أقف بخشوع واحترام أمام تلك العظمة الإنسانية النابعة من المنهج الرباني أحست أننا مقصرون, مقصرون في إظهار ملامح تلك الشخصية العظيمة للنبي الكريم تلك الشخصية التي قلبت المجتمع المتخلف إلى مجتمع راق لطالما وقف أمامه عدوه باحترام شخصية بنيت على منهج الهي عظيم ذلك المنهج الذي حول مجموعة من رعاع البشر ومتخلفيهم إلى قادة ومفكرين ودعاة سلام كان لهم الفضل الأكبر في انتشار الدين الإسلامي القويم على نحو واسع
أحسست أن مأساتنا الكبرى تكمن في النفسية الانفعالية التي جبلنا عليها مخالفين بذلك الأوامر الإلهية التي تحث على الصبر والعفو والتأني والروية حتى عندما نكون مالكين لمقاليد الحكم في أرض أو ساحة فكر أو رواق من أروقة العلم والمعرفة
بحثت عن كتاب أو مقال أو قول لمفكر فلم أجد أروع ولا أعظم من كتاب الله عز وجل الكريم لم أجد أعظم منه صياغة وصناعة النفس الإنسانية لم أجد أعظم منه في تعلم الحوار البناء والجدال المجدي ومقابلة الأفعال دون أفعال في الواقع إنها (لافعل) أعظم من الفعل ذاته وأكبر تأثيرا وأنجع علاجا

(الم تر إلى الذي حاج ابرهيم في ربه أن ءاتاه الله الملك إذ قال ابرهيم ربي الذي يحيي ويميت قال انا احيي وأميت قال ابراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين)


بعض الأقوال التي نالت إعجابي
اعتقاد الإنسان، أنه يملك الحقيقة هو مصدر كل قمع، فهذا الاعتقاد يعتقل العقل عقل الذات، وعقل الآخر، ذلك أن كلّ اعتقاد من هذا النوع هو بالضرورة إرادة سياسية و ممارسة القوة المرتبطة به، إنما هي الإرهاب و الطغيان، بل ربما أصح قتل الآخر."
ويل لامة تكثر فيها الطوائف وتخلو من الدين
ويل لامة تلبس مما لا تنسج ، وتأكل مما لا تزرع، وتشرب مما لا تعصر
ويل لامة تحسب المستبد بطلا"، وترى الفاتح المذل رحيما"
ويل لامة تستقبل حاكمها بالتطبيل وتودعه بالصفير،
لتستقبل اخر بالتطبيل والتزمير
ويل لامة مقسمة الى اجزاء وكل جزء يحسب نفسه أمة

تولد الانفعالية في الشخصية العربية حين تكون جعبته فارغة من التعقل والتفكير ..سيطر الغرب على تفكيره سلبيا لذا تراه يفهم كل الامور المحاطة من حوله بعنصرية ويفسرها بطائفية تولد معهما الانفعال ...لم يعد له وقت يخصصه للفهم فهو مهاجم من الدرجة الاولى ...لا يملك براهين او بمعنى اصح يسيء استعمالها في الوقت المناسب فتراه يتهجم بالشتم والصياح وتوجيه الاتهام للاخر ..متى يتغير ؟؟؟ كيف ؟؟؟؟ اعتقد انه كما قلت سابقا اصبح كالغراب الذي حاول تقليد مشية الحمامة فلم يفلح لا في تقليدها ولا في الرجوع الى مشيته الصحيحة



عندما تتعدّد التحاليل والأبحاث وتتنوّع في وضعنا العام القائم، وتصل كلّها على اختلافها، إلى نقطة الجماد، حيث يعجز العقل أن يواصل التفسير، وذلك رغم تكرار المحاولة ومرور الزمن، يكون الأبسط والأجدى الابتعاد عن التفاصيل، إعادة الرأس شيئاً ما إلى الوراء، للتمكّن من رؤية المعطيات الأساسية من جديد وتعدادها.

ان في المجتمعات الديمقراطية غير الشمولية يؤمن الناس بضرورة ان تنطبق القواعد والقوانين نفسها على الجميع، ينبغي عدم استثناء احد ليلقى معاملة خاصة بسبب صفات شخصية او روابط وعلاقات خاصة تربطه بأشخاص مهمين ذوي حيثية، العدالة عمياء لا تميز بين شخص وآخر، وهو سلوك يتعلمه الفرد في الثقافات التي تنبذ الانظمة الشمولية او الانظمة الدكتاتورية، حيث يبدأ التدرب على الاستقلال وطرح الافكار بدون خوف او محاباة لاحد او التكافل حرفيا من المهد، ويلقى الاطفال تشجيعا دائما وباساليب صريحة على الاستقلال ويطلب الاباء والامهات من اطفالهم دائما وابدا اداء اعمال اعتمادا على انفسهم فقط، ويسألونهم دائما ان يحددوا اختياراتهم بأنفسهم.
المجتمعات المنفتحة على الديمقراطية حيث يعرف الفرد ما يريد، ولديه فكرة واضحة عما هو ملائم ليأخذه او يقرر مع الاخرين وصولا الى اتفاق حول قضية ما او مشروع ما او قرار ما، وهذا يتم عادة بمناقشات هادئة وربما قصيرة وفي الصميم تحاشيا لتضييع الوقت وصولا الى الهدف. ولنا ان نقول عن ثقة قدر المستطاع ان هذه الفوارق في التفكير والمناقشة والحوار هي التي جعلت الآخر في الجانب غير الشرقي متفوقا في الفوارق المعرفية واساليب ادارة البشر والآزمات بنتائج ناجحة بدون ادنى شك، على العكس من ذلك في الجانب الشرقي الذي تضيع فيه ابسط قضية من خلال تشكيل عدة لجان لدراستها، وطالما تشكلت اللجان ضاعت القضية


مقال أعجبني في ضمن نفس الإطار
لا شك في أن الكائن الإنساني يعيش بحالة تفكير لا تنتهي سواء كانت بوعيّ منه او بغفلة عنه، غير ان هذه الحالة المستمرة التي جُبل عليها، إما أن تكون في نطاق دائرة إيجابية تؤدي به إلى مزيد من العلم والحكمة وتحقيق كيانه الانساني المتكامل المادي والروحي والنفسي والتطوري في كل الدرجات والأبعاد والمستويات؛ وإما أن تكون في نطاق دائرة سلبية تتمثل بانفعال دائم وتمرّد مستديم فيقع في فخ الرفض والقاء اللوم على الآخرين و تخيل أعداء محيطين متربصين به .

وكما الأفراد فالأمم والحضارات التي هي تجلٍّ لصورة أفرادها ، فعند استعرض حالتنا "العربية " نجد ان العقل العربي الحالي، هو عقل سلبي بامتياز يقع تحت وطأة فريسة التمرد والرفض؛ وهذه العلاقة الجدلية التي تشبه الى حدٍّ بعيد ما يسمى بالأواني المستطرقة في الفيزياء، تعيد انتاج دوامة لا متناهية من ردود الفعل وردود ردود الفعل... انها دوامة مفرغة يغرق بها الفكر في أتون من الصراعات الدَّامية بين اطرافٍ كلّ منها يدعي امتلاك الحقائق، تسودها افكار دوغمائية عقائدية مبرمة ضيقة، فالتيارات "الدينية" كلها تزعم امتلاك الحقيقة، واليوم حذت التيارات "العلمانية" حذوها فأصبحت تدور في فلك التطرف نفسه من خلال التمسك بالمواقف الرافضة وان كانت الاسس الفكرية المبنية عليها غير دينية، لقد استطاعت التيارات الدينية من خلال الهجوم الدائم ان تُدخل العلمانية في حظيرتها المنهجية من حيث لا تدري، لقد اضحى بعض العلمانيون اشد تطرفًا في مواقفهم من الأصوليات الراديكالية، وتحولت العلمانية الى علمانية شعائرية ترفض الاخر! لقد انتقلت بفعل التجاذبات من دائرة الفعل الحضاري الى دائرة رد الفعل بدورها ، وما السجالات العقيمة الدائرة التي نراها في البرامج الفضائية الا احد انعكاسات هذه الصور ..
وعند قراءة مجمل الأحداث السياسية والاجتماعية وحتى الاقتصادية نجد ان السياسات العربية بمجملها برغم من اختلاف توجهاتها ومشروعاتها واستراتيجياتها وتبعياتها وتحالفاتها الدولية والإقليمة، كلّها تقع في دائرة ردود الافعال ليس إلا وما القمة العربية عنا ببعيد.
وهذا يعكس بشكل صارخ غياب الحرية، حرية الساسة والزعماء وحرية الشعوب وتحديدا حرية الروح، ناهيك عن سائر انواع الحريات الاخرى، فلا ترى الا عبيدا تسوس عبيد ...
والحال ايضًا يتجلى ببعض اقلام كتابنا ومفكرينا ... التي تقع في دائرة رد الفعل نفسه، وهذا ينسحب على كل مفردات حياتنا بما فيها الثقافة والفن، ف"العقل العربي" لا يكرم مبدعا أو عالما الا بعد ان يُكرم في أوروبا مثلا ، ولا يحترم فنانا الا بعد ان يدخل هوليوود، ولا يقرأ لكاتب او مفكر الا عندما يجد ان كتبه المترجمة حققت انتشارا أوحاز الجوائز عليها خارجًا ....وكأن أقدارنا الا نُحترم في اوطاننا، هذا العقل الانفعالي السائد يُتقن فنّ الرجم ويجيد سياسة الفضائح ويحترف الخداع .
الكارثة ان الانسان العربي لا يرى نفسه الا من خلال ما يقيّمه الاخر به علمًا انه يجعل من هذا الآخر أما عدوًّا لدودًا يجب رجمه وسحقه، أو حليفًا حميمًا وحلماً مثاليًّا يجب اتباعه والسير على نهجه ، لذلك نجد أن المواقف كلها تنقسم الى قسمين متضادين شكلا غير انهما يمارسان طريقة تفكير واحدة في نهاية الأمر، فكلاهما يدعي امتلاك الحقيقة وكلاهما يمارس القمع وكلاهما يقع ضمن دائرة ردود الأفعال، مع العلم ان ما يسمى " بالغرب فيه ما يكفيه له، أزماته المتفاقمة ومشاكله ومصالحه وهمومه و... وليس من شأننا ولا من صالحنا ان نحمل أعباءًا حضارية الى اعبائنا لا احتذءًا به وتقليدًا له ولا رجمًا له وشتمًا لرموزه، فلحظتنا الإنسانية الحضارية أثمن من نمضيها في تفنيد أخطاء هذا او استنساخ تجربة ذاك اننا نحتاج الى إبداعٍ حرّ خلاق ، اننا نتطلع اليوم وأكثر من أي وقت مضى إلى التحرر من دائرة الصراعات الجدلية العميقة والانفلات النهائي من حلقة العنف والعنف والمضاد، إننا بأمسّ الحاجة الى طريقة تخرجنا من أزماتنا المتلاحقة الدامية، وهذا لن يكون الا بتغيير جذري في طريقة التفكير وآليته واسسه ومنهجيته ومنطلاقاته، وان كانت هذه الأسئلة الفكرية بعمقها تعكس قدرًا من التوتر لانها بدون شك تُشكل استمرارية زمنية في ظل السلطات المتحكمة بالبشر، واذا ما اعتبر البعض ان حريّة الفكر حقًّا طبيعيًّا فإنه لابد وأن نذهب إلى ما أبعد من ذلك لجعلها حقًّا ضروريًّا من حقوق الكائن، وهذا لا ينحى بحال من الأحوال الى جعل حرية التفكير طعنًا للاخرين مهما كانت نوازعهم .

إننا اليوم نعيش حالة تَكريس لحالتنا الانفعالية انها حالة انفعال لا تؤدي الا إلى انتاج نفايات الفكر والمنطق، لأننا مازلنا متمسكين بأننا نمتلك حقائق السماء وخزائن الأرض، فنمنح نفسنا القدسية ونجعل انفسنا اوصياء على الامم تحت شعارات مختلفة منها " كنتم خير امة اخرجت للناس" او "شعب الله المختار"، علاوة على الموقع الاستراتيجي والطبيعي والجغرافي مع وجود ثروات طبيعية الامر الذي جعل المنطقة بؤرة جذب مركزي .

لا أريد من هذا العرض بحال من الأحوال، جلد الذات المجتمعية التي لكثرة جلاديها فقد النقد قيمته، لكنه آن الآوان لأن نخرج من طاقة عنف الانفعال الى طاقة إبداعية تطرح القضايا بذهن لاانفعالي هادئ ينطلق من خبرة بسيطة ومعاشة من قلب كينونتنا بحيث يتجلى اللامتناهي لمن يجيد الرؤية دون ان تحجبها رغباته السلطوية، أومخاوفه على هوية ، ودون ان تعيقها الأنا المجتمعية او الدينية اوالاثنية... في أحداث الحياة اليومية التي ربما تكون أكثر تواضعًا مما نتوهم .
ربما البداية تكون بالخروج من ضجيج الثقافات المتلاطمة الى سكون الكون ، ولو سكتت أجراس المعابد لسمعنا خرير النهر !

اجمالي القراءات 13107