ما الفرق بين الفعل والعمل في القرآن

أحمد خلف في الإثنين ٠٣ - مارس - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

ما الفرق بين الفعل والعمل في القرآن؟
لخطورة هذا الموضوع أحب أن يضع القارئ في ذهنه قاعدة أعتبرها‎ ‎من ‏القواعد الثابتة لفهم كلمات القرآن التي علينا أن نفهمها من ذات القرآن، إذا‎ ‎دققنا مثلا في كلمة قوم التي تكررت في القرآن: 380 مرة، بإمكاننا أن ‏ندرك أنها قد‎ ‎وردت وهي تحمل معنيين مختلفين، يمكن أن نلاحظها في ‏النماذج القرآنية التالية‎:‎‏ ‏‏1- (القوم الكافرين) (القوم‎ ‎الظالمين) (القوم الصالحين) (القوم‎ ‎المجرميـن) ‏‏(القوم الخاسرون)‏‎. ‎‏ ‏‏(‏‎ ‎قوم يعلمون) ( قوم‏‎ ‎يفقهون) (قوم يؤمـنـون) ( قوم‏‎ ‎مســرفون) ( قوم ‏يسمعون) (قوم‎ ‎يعقـلــون)‏‎.‎‏ ‏‏2- ( قوم نوح) ( قوم هود) ( قوم‎ ‎صالح) ( قوم لوط) ( قوم عاد) ( قوم‏‎ ‎ثمود) ( قوم إبراهيم)‏‎.‎‏ ‏في المجموعة الأولى نجدها قد أتت بمعنى فريق أو مجموعة‎ ‎منسجمة ‏تجمعهم صفات مشتركة‎.‎‏ ‏بينما نراها في المجموعة الثانية قد أتت بمعنى قبيلة أوعشيرة‎ ‎كل رسول من ‏أولئك الرسل، مع غض النظر عن الإختلافات الموجودة بين أفراد القوم‎ ‎الواحد في العقيدة، كافرين كانوا أو مشركين أو مؤمنين‎.‎‏ ‏لذلك إذا قرأنا آية قرآنية تقول كما في الآية التالية: ‏‏(يا أيها الذين أمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى‎ ‎أن يكونوا خيـرا منهم ) ‏‏11-49‏‎.‎‏ ‏نفهم عندها أن كلمة قوم هنا تنتمي للمجموعة الأولى، وأتت تفيد‎ ‎معنى فريق ‏أو مجموعة من الناس يرون أنهم متميزون عن غيرهم، لذلك فهم‎ ‎يعطون ‏أنفسهم الحق بالسخرية من أفراد مجموعة أخرى يرون أنها أقل تميزا منهم‎.‎
كما نلاحظ من نماذج تلك المقاطع التي إستخرجناها من القرآن‎ ‎التي إستطعنا ‏أن نعلم ما يعنيه سبحانه بكلمة قوم وما نجده اليوم من‏‎ ‎تعميمنا عندما نقول: ‏القومية العربية أو القومية الفرنسية أو القومية‎ ‎الإنكليزية، التي لاوجود لها ‏في لغة القرآن، بل نجد بدلا عنها كلمة‎ ‎شعوب وقبائل‎.‎
بينما إذا بحثنا عن معنى كلمة أمة، ماذا نجد لها من معنى في‎ ‎القرآن الكريم؟ ‏نلاحظ مثلا قول الله تعالى بأن إبراهيم كان أمة‎.‎‏ ‏‏(‏‎ ‎إن إبراهيم كان أمة) 120-16‏‎.‎‏ ‏وهنا علينا أن نتساءل: كيف كان الرسول إبراهيم وحده أمة؟ ‏لكننا بالطبع لن نجد الجواب لذلك التساؤل أو غيره مهما بحثنا‎ ‎إلا في القرآن ‏العظيم‎: ‎
‏(‏‎ ‎أم تقولون إن أبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب .....* تلك أمة‏‎ ‎قد ‏خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعـمـلـون*) ‏‏140-141-2. ‏وقوله تعالى وهو يخاطب خاتم أنبيائه المرسلين: محمد عليه‎ ‎الصلاة ‏والسلام‎: ‎‏ ‏‏(‏‎ ‎كنتم خير أمة أخرجت‎ ‎للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن‎ ‎المنكر ‏وتؤمنون بالله)110-3‏‎.‎‏ ‏كل تلك الآيات السابقة تشير في القرآن، إلى مجموعة الرسل من‎ ‎نسل ‏إبراهيم الذين تعاقبوا وحملوا رسالات الله تعالى خلال آلاف السنين مابين‎ ‎إبراهيم ومحمد عليهم الصلاة والسلام أجمعين، وهؤلاء الأنبياء والرسل هم ‏الذين‎ ‎يشكلون تلك الأمة‎.‎‏ ‏لو لم نتبع هذا الأسلوب الخاص لفهم آيات القرآن لظننا كما تظن‎ ‎الأغلبية ‏اليوم أن المقصود به هي الأمة العربية أو الأمة الإسلامية بينما المقصود‎ ‎القرآني لا هذا ولا ذاك. ‏باتباع هذا الأسلوب في فهم كلمات القرآن، نكون فعلا قد أوجدنا‎ ‎طريقة ‏عملية وسهلة لفهم كلمات القرآن، مستنبطة من ذات القرآن، غفل عنها أغلب‎ ‎المسلمين لأنهم توقفوا بالفعل عن التفكر في آيات الله، ظنا أن السلف الصالح ‏قد أدى‎ ‎تلك المهمة وعلينا إتباع ما قالوه أو كتبوه كما رسخوا في فكرنا أننا ‏مهما بلغنا من‎ ‎العلم والذكاء لن نبلغ أبدا ما بلغه السلف الصالح، بالتالي نحن ‏أقل من أن ننتقد‎ ‎أو نصحح أي شيء قالوه أو رووه أو كتبوه‎.‎
بينما كما لاحظنا قبل قليل، عندما تفكرنا من جديد في كلمة قوم‎ ‎أو كلمة أمة ‏بالأسلوب الذي توصلنا إليه من ذات القرآن اكتشفنا مباشرة مقصد‏‎ ‎الرحمن ‏من تلك الكلمتين، كما استطعنا أن نميزها عن المعني الذي تطورت إليه ‏كلمة‎ ‎قوم أو كلمة أمة خلال العصور المختلفة التي مرت على المسلمين، ‏فحمل (بتشديد الميم)‏‎ ‎كلمة الأمة القرآنية المعنى الذي تطورت إليه الكلمة في ‏اللغة العربية مع الزمن‎ ‎ليعني مانعنيه اليوم عند قولنا: الأمة العربية، بينما ‏المعنى الذي عرفناه من‎ ‎القرآن وجدناه مختلفا تماما‎.‎‏ ‏كما فهمنا ما قصده سبحانه وتعالى عندما قال: ( إن إبراهيم كان‏‎ ‎أمة)‏‎.‎‏ ‏وعلمنا أن الأمة المباركة التي قصدها الرحمن عندما قال‎:‎
‏(‏‎ ‎كنتم خير أمة أخرجت‎ ‎للناس...) 110-3‏‎.‎‏ ‏هي أمة الأنبياء المباركة التي‎ ‎أتت من نسل نبي مبارك واحد هو إبراهيم ‏عليه‎ ‎الصلاة والسلام‎.‎‏ ‏إنطلاقا من هذا الإستنتاج يمكننا القول أن معنى كلمة أمة في‎ ‎لغة القرآن ‏أتت لتعني مجموعة متجانسة من الأفراد اختارهم سبحانه من ذرية رجل ‏صالح‎ ‎مختار، عبر عنه القرآن بكلمة: إصطفى. ‏وفي مثالنا هذا كانت مجموعة الأنبياء من ذرية‎ ‎رجل صالح اصطفاه الله هو ‏النبي إبراهيم عليه‎ ‎الصلاة والسلام‎.‎‏ ‏كما أن كلمة أمة قد تأتي أيضا في القرآن بمعان مختلفة يمكن معرفتها‎ ‎من ‏سياق النص وحده كما في قوله تعالى في الآية الكريمة التالية: ‏‏(‏‎ ‎ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة ليقولن ما‎ ‎يحبسه؟ ألا يوم ‏يأتيهم ليس مصروفا عنهم وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون*)8-11‏‎.‎‏ ‏حيث أتت في تلك الآية بمعنى فترة محددة من قبل الله تعالى‎:‎‏ ‏أو قوله تعالى في الآية الكريمة‎:‎‏ ‏‏(‏‎ ‎ولو شاء ربك لجعل الناس‎ ‎أمة واحدة*) 118-11‏‎.‎‏ ‏حيث أتت هنا أيضا بمعنى مختلف يقصد شعبا واحدا لهم لغة واحدة‎.‎‏ ‏من خلال هذه المقدمة أحببت أن أقول بطريقة غير مباشرة أنه ليس‎ ‎بإمكاننا ‏أن نفهم الكلمات في آيات القرآن إذا كان مرجعنا لفهمها على الدوام‎ ‎هو فقط ‏ما كتبه السلف من كتب تفسير أو معاجم للغة العربية، التي إستحدثت ‏إعتبارا‎ ‎من العصر العباسي، لتكون مرجعا لغويا لكل القبائل والشعوب ‏العربية بمختلف لهجاتها‎.‎‏ ‏علما أني لا أطالب أحدا هنا بإلغاها أو إجتنابها بشكل كامل، بل‎ ‎أقول أن ‏الأساس في فهم القرآن هو التفكر في كلمات الله تعالى وآياته للوصول إلى‎ ‎المعنى المقبول على أنه المقصود من الرحمن من سياق النص مع ‏الإستئناس بما كتبه الأولون‎ ‎دون أن يتناقض ذلك مع العقل والمنطق ‏الإنساني، الذي يعتبر النعمة الكبرى من الله‎ ‎تعالى لعباده المؤمنين المتقين‎. ‎
وهذا ما يفسر سبب وجود مترادفات كثيرة للشيء الواحد في اللغة‎ ‎العربية ‏الفصحى، لدرجة جعلت أبو العلاء المعري يرد على الشاعر الذي مر به ‏وهو‎ ‎واقف على باب الخليفة العباسي في بغداد ليدخل قبله عليه قائلا: من ‏هذا الكلب‎ ‎الأعمى الذي ببابك يا أمير المؤمنين؟ ‏فيرد عليه أبو العلاء منفعلا بما سمع: الكلب من لا يعرف‎ ‎ثمانين إسما ‏للكلب‎.‎‏* ‏‏* مشيرا بذلك إلى سعة إطلاعه وعلمه في مفردات اللغة العربية‎ ‎الفصحى‎.‎‏ ‏لذا علينا أن ننتبه إلى عدم وجود أي مترادفات في لغة القرآن‎ ‎الذي نزل ‏بلسان قريش، لسبب بسيط وهام هو أن الله تعالى لم ينزله على رسولنا ‏بألسنة‎ ‎العرب أجمعين، بل أنزله بلسان قوم الرسول نفسه‎:‎‏ ‏‏( وما أرسلنا من رسول إلا‎ ‎بلسان قومه ...*) 4-14‏‎. ‎‏ ‏هذه القاعدة التي توصلنا إليها من خلال التفكير في كلمات الله‎ ‎التي وردت ‏في آياته بإمكاننا أن نعتبرها الآن قاعدة أساسية من قواعد فهمنا للقرآن‎ ‎الكريم‎. ‎‏ ‏لكن علينا أن ننتبه ونلاحظ أن الكلمة الواحدة في لسان قريش‎ ‎يمكن أن تأتي ‏كما قلنا سابقا وهي تحمل معنى مختلفا يمكن تمييزه من سياق النص‎ ‎للآيات ‏القرآنية وحدها، مثل كلمة: الكفار، مثلا، التي قد تأتي أحيانا بغير‎ ‎المعنى ‏المألوف فتصبح بمعنى الزراع من أهل الكفر، ورجالا، التي قد تأتي أحيانا‎ ‎بمعنى المترجلين، وكلمة النساء، التي قد تأتي أحيانا بمعنى: الأحفاد الذكور، ‏كما‎ ‎ذكرنا سابقا وهكذا‎.‎‏ ‏والآن بعد تلك المقدمة بإمكاننا العودة إلى موضوعنا الأساسي‎ ‎لنعيد صياغته ‏كما يلي‎: ‎‏ ما الفرق بين الفعل والعمل بحسب‎ ‎كلمات القرآن؟ ‏لنعتمد في حصولنا على الأجوبة الصحيحة من خلال إعتمادنا على‎ ‎لغة ‏القرآن قبل الإعتماد على ماقاله المفسرون من السلف في كتب التفسير‎.‎‏ ‏دعنا ندقق في معاني كلمات الآية التالية‎:‎‏ ‏‏(‏‎ ‎إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لانضيع‎ ‎أجر من أحسن عملا *) ‏‏30-18‏‎.‎‏ ‏إن فكرنا في عبارة: ( إنا لا نضيع أجر من أحسن‏‎ ‎عملا ) التي أتت جوابا ‏لقوله تعالى‎: ‎‏ ‏‏(‏‎ ‎إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات‎ ‎‏)‏‎.‎‏ ‏نستنتج أن الله تعالى قد إستخدم كلمة: أجر، لكل من‎ ‎أحسن عمله في الدنيا‎.‎‏ ‏ونحن في حياتنا العملية نعلم أن كلمة العمل إذا إقترنت بكلمة‎ ‎الإحسان التي ‏تعني الإتقان في ألسنة عربية أخرى وتقترن عادة بكلمة الأجر ( أجرة‏‎ ‎العامل) الذي يقابل عادة ماقام به المؤمن من عمل صالح خدمة لفرد من ‏أفراد مجتمعه‎ ‎أو لمجموعة منهم‎.‎‏ ‏وكلمة الأجر(الأجرة) هذه التي تأتي عادة مقابل كل الأعمال‎ ‎تضعنا مباشرة ‏في مجال أجور العمل الصالح الذي يؤديه الناس مقابل أجور متفق عليها‏‎ ‎سلفا‎.‎
الآن دعنا ندقق في آيات أخرى فيها وعد من الله تعالى للمؤمنين‎ ‎الذين قاموا ‏خلال حياتهم في الأرض بأعمال صالحة مقابل أجور قبضوها من ‏مستخدميهم في‎ ‎الحياة الدنيا‎.‎‏ ‏‎ ‎كيف يعبر سبحانه عن ذلك في القرآن المعجز في سهولة الفهم‎ ‎والحفظ في ‏الذاكرة‎: ‎‏ ‏‏(‏‎ ‎وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات‎ ‎فيوفيهم أجورهم )57-3. ‏نلاحظ أن الله تعالى قد إستخدم في تلك الآية أيضا كلمة: ( أجورهم‏‎ ‎‏) إن ‏أحببنا أن نعلم كيف سيوفي سبحانه أجور العاملين والعمال من‎ ‎المؤمنين، هل ‏ستكون نقدا أم عينا؟ علينا أن ندقق في أيات أخرى مثل قوله تعالى‎:‎‏ ‏‏(... ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها‎ ‎بما كنتم تعملون *) 43-7‏‎.‎‏ ‏نلاحظ في الآية السابقة أن وراثة جنة الرضوان في الآخرة لا‎ ‎تكون إلا ‏مقابل الأعمال الصالحة التي قام بها الإنسان وهو مؤمن‎. ‎‏ ‏أي أن العمل الصالح مع الإيمان يكونان المبدأ والأساس لوراثة‏‎ ‎جنة ‏الرضوان كأجرة للمؤمن في مقابل مساهمته بعمله الذي كان في الأصل ‏مصدر رزقه على‎ ‎بناء جنة المؤمنين الأولى في الأرض‎. ‎‏ ‏إذ أن توريث الأرض في الحياة الدنيا لا تكون إلا للعاملين‎ ‎المصلحين ‏المتقنين لأعمالهم يرثونها عن قوم أصيب أفراده بالكسل والإهمال مع ‏التوقف‎ ‎عن التفكير والإبداع والعمل المثمر الصالح، لتكون من نصيب قوم ‏آخر غيرهم كان‎ ‎أفراده أنشط وأعلم كما حصل مثلا للهنود الحمر القدماء ‏الذين سلبت منهم أرضهم بإذن‎ ‎الله تعالى ليورثها سبحانه للقادمين الجدد ‏الذين قدموا إلى تلك الأرض من كل بقاع‎ ‎العالم، ليعملوا فيها بنشاط أعمالا ‏صالحة ومفيدة للناس، ليبنوا على أرضها حضارتهم‎ ‎التي هي جنتهم الأولى‎: ‎‏(‏‎ ....‎أن الأرض يرثها عبادي الصالحون *) 105- 21‏‎.‎
‏(‏‎ ‎وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم، وأرضا لم تطئوها...*) 27-33‏‎.‎‏ ‏‎ ‎وليرث المؤمنون منهم في مقابل ماعملوا وبنوا جنة الآخرة أجرا‎ ‎من ربهم ‏الكريم‎:‎‏ ‏‏(‏‎ ..... ‎ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما‎ ‎كنتم تعملون *) 43-7‏‎. ‎‏ ‏قد يعترض القارئ قائلا: لكن أغلب الأميركيين من النصارى‎ ‎الكافرين، ‏فكيف يدخلون الجنة وهم ليسوا من المسلمين؟ ‏أقول له ألم تقرأ قوله تعالى في القرآن الكريم‎:‎‏ ‏‏(‏‎ ‎إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى‎ ‎والصابئين من آمن بالله واليوم ‏الآخر وعمل‎ ‎صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف‎ ‎عليهم ولا هم ‏يحزنون*) 62- 2‏‎.‎‏ ‏أو كما قال سبحانه‎:‎‏ ‏‏(‏‎ ‎من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلا خوف‎ ‎عليهم ولاهم ‏يحزنون*) 69-5‏‎.‎‏ ‏أو قوله تعالى‎:‎‏ ‏‏(‏‎ ‎وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين من آمن‎ ‎وأصلح فلا خوف ‏عليهم ولا هم‎ ‎يحزنون*) 48-6‏‎. ‎‏ ‏أو قوله سبحانه في موضع آخر‎:‎‏ ‏‏(‏‎ ‎إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف‎ ‎عليهم ولا هم يحزنون* ‏أولئك أصحاب الجنة خالدين‎ ‎فيها جزاء بما كانوا يعملون*) 13-14-46‏‎.‎
وكما نرى في كل تلك الآيات، فإن دخول الجنة سواء كان في الدنيا أو ‏ستكون في‎ ‎الآخرة هي في الحالتين مقابل عمل المؤمنين الصالح في الأرض ‏الدنيوية وليس مقابل عباداتهم وكثرة دعائهم وابتهالاتهم‏‎.‎
تلك الآيات تبرهن لنا حقيقة فهمنا للدين عن آبائنا كان بشكل‎ ‎معكوس، حيث ‏لم يذكروا لنا أي شيء عن العمل ولا عن الأعمال، بل لم يفرقوا لنا أصلا ‏بين‎ ‎الفعل والعمل إلى هذا اليوم. بل اعتبروا في الأحاديث التي نسبوها ‏للرسول الكريم أن الصلاة عمل، وحك الأذن عمل، وهكذا نسبوا كل الأفعال ‏للعمل. ‏نتيجة ذلك التجهيل الذي كان وراءه بعض شياطين الإنس، من‏‎ ‎الحاسدين ‏الحاقدين، يستطيع كل مبصر منا أن يرى، كيف سهل حكامنا سيطرة الغرب ‏على‎ ‎ثرواتنا، ممهدين السبيل بدلا من تحويل شعوبهم إلى جماهير واعية ‏متعلمة ومنتجة تركوا الموضوع لرغبة المستعمرين الذين أبقوها جموعا ‏جاهلة‎ ‎مستهلكة لما تنتجه الشعوب الواعية الأخرى والقاطنة حولنا من ‏الجهات الأربع: شرقا وغربا‎ ‎وشمالا وجنوبا، دون أن يفكر أحدنا ليتساءل: ‏كيف يمكن أن نحول شعوبنا‎ ‎المتشرذمة، إلى أمة منتجة، مثل الصين او ‏اليابان أو كوريا، التي نهضت من غفوتها وسبقت‏‎ ‎غيرها من دول أوربا ‏الناهضة خلال عشرات السنين، لتصنع بأيديها على الأقل كل‎ ‎إحتياجاتها ‏اليومية من أدوية وملابس وأدوات ثم لتلتفت بعدها لصناعة الآلات ‏والعربات‎ ‎والقطارات والسفن والطائرات ووسائل الإتصال، والأسلحة ‏المختلفة للدفاع عن نفسها‎ ‎وأرضها وكرامتها‎.‎
أغلبنا اليوم، كأفراد من شعوب مسلمة، مازلنا في مرحلة‎ ‎الرعي والزراعة ‏البدائية، وهذا لا يصنفنا اليوم في سلم الحضارة الفعلية بأكثر من‎ ‎تصنيف ‏الهنود الحمرالذين كانوا في مثل حالنا تقريبا قبل مئات السنين، ونحن إن‎ ‎بقينا نائمين كما نحن اليوم في القرن الحادي والعشرين، لن يكون مصيرنا ‏أفضل من‎ ‎مصيرهم‎.‎‏ ‏فلسطين كانت البداية ثم الجولان كانت فقط العضة الأولى من‎ ‎تفاحة سوريا، ‏والعراق هي التفاحة الحالية ألا نرى ماذا يجري حولنا في لبنان وغزة‎ ‎والضفة الغربية من فلسطين، وما يجري في السودان من محاولات تقسيم ‏وما يجري في‎ ‎الصومال، فماذا ننتظر؟ ‏لا يمكن أن نكون من الصالحين إن لم نصلح أنفسنا أولا‎.‎‏ ‏ولن تصلح نفوسنا إن لم نصلح ديننا بالعودة إلى قرآننا المهجور،‎ ‎ليس من ‏أجل التغني به ولا من أجل كتابة الحجب بآياته بل من أجل أن يكون منهجا‎ ‎ونورا نستضيء به لتعلم علوم الدنيا قبل علوم الآخرة، ومن أجل بناء جنتنا ‏الأولى‎ ‎على أرضنا قبل أن يورثها ربنا لغيرنا نتيجة تواكلنا‎ ‎وكسلنا‎:‎‏ ‏‏(‏‎ ‎إن الأرض لله يورثها من يشاء من‎ ‎عباده...*) 128-7‏‎.‎‏ ‏‏(‏‎ ‎أن الأرض يرثها عبادي‎ ‎الصالحون...*) 105-21‏‎.‎‏ ‏‏(‏‎ ‎والذين آمنوا وعملوا الصالحات، لا‎ ‎نكلف نفسا إلا وسعها، أولائك أصحاب ‏الجنة‎ ‎هم فيها خالدون*) 42-7‏‎.‎‏ ‏علينا أن نعترف أننا لسنا من المصلحين، بدليل تحوله سبحانه‎ ‎عنا، إذ لم يعد ‏ينصرنا على أعدائنا في معاركنا، كما بدأ سبحانه يبدل لنا نعمه‎ ‎الأولى من ‏الإتحاد والصحة والعلم والقوة والغنى إلى نقم كثيرة منها: التفرق‎ ‎والمرض ‏والجهل والضعف والفقر التي سكنت واستقرت في بلاد المسلمين‎ ‎وأصبحت ‏من الأمراض المستعصية فيها‎.‎
وسنة الله تعالى في خلقه أنهم إذا بدأوا يفسدون في الأرض بعد‎ ‎إعمارها، ‏يسحب سبحانه مقابل ذلك كل نعمه السابقة ثم يبدلها لهم إلى نقم أولا،‏‎ ‎وإذا ‏لم يعودوا إلى صراط ربهم وسبيله المستقيم في الأرض، يدمرهم بعدها ‏تدميرا، كما‎ ‎حصل للذين كانوا من قبلنا ومازلنا نقرأ قصصهم في القرآن ‏الكريم وفي تاريخ الحضارات‎ ‎القديمة‎:‎‏ ‏‏(‏‎ ‎وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون*‏‎ ‎‏... * ‏ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون* فانظر كيف كان عاقبة مكرهم ‏أنا دمرناهم‎ ‎وقومهم أجمعين* فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إن في ذلك ‏لآية لقوم يعلمون*) 48-52- 27‏‎.‎‏ ‏كي لا يقول أحد: ما ذنب الذين آمنوا منهم وأعمالهم تشهد لهم‎ ‎أنهم كانوا من ‏الصالحين؟‎ ‎‏ ‏يقول سبحانه مستدركا في الآية التي تأتي بعدها مباشرة بقوله‎ ‎الكريم‎:‎‏ ‏‏(‏‎ ‎وأنجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون* ) 53-27. ‏فالعمل الصالح مع الإيمان هوالسبيل الوحيد لضمان جواز‎ ‎سفر ومرور ‏يمكن للمؤمن أن يدخل به إلى الجنة سواء في الدنيا أو في الآخرة‎ ‎وإلا فلم ‏قال سبحانه في كتابه المبين‎:‎‏ ‏‏( ومن يعمل من الصالحات من ذكر‎ ‎أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون‎ ‎الجنة ولا يظلمون نقيرا*) 124-4‏‎.‎‏ ‏ولولا وجود جنة أخرى في الدنيا للمؤمن الذي يعمل في الدنيا‎ ‎عملا صالحا ‏لما قال سبحانه‎:‎‏ ‏‏(‏‎ ‎ولمن خاف مقام ربه‎ ‎جنتان*) 46-55‏‎.‎‏ ‏يعقب سبحانه على تلك الآية التي يعد بها المؤمن الذي أحسن عمله‎ ‎في ‏الأرض جنتي الدنيا والآخرة بقوله‎:‎‏ ‏‏(‏‎ ‎هل جزاء الإحسان إلا‎ ‎الإحسان*) 60-55‏‎.‎‏ ‏بينما إذا دققنا النظر في الآية التالية ماذا نلاحظ؟‎:‎‏ ‏‏(‏‎ ‎ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا‎ ‎رؤوسهم عند ربهم، ربنا أبصرنا وسمعنا ‏فارجعنا‎ ‎نعمل صالحا إنا موقنون*) 12-32‏‎.‎‏ ‏نلاحظ في هذه الصورة البيانية التي يصورها لنا ربنا سبحانه‎ ‎وتعالى عن ‏مجموعة من الناس كانت قد أجرمت في حق نفسها وفي حق الناس وهم ‏يقفون على‎ ‎أبواب الجنة بعد أن رفض الملائكة المكلفين بتدقيق وثائق ‏مرورهم وقد‎ ‎إكتشفوا أنهم لا يحملون معهم في ميزان أعمالهم الصالحة ما ‏يسمح لهم بدخولها،‎ ‎فالتجأوا إلى ربهم وهم ناكسي الرؤوس خزيا، راجين ‏منه السماح بالعودة إلى‎ ‎الحياة الدنيا ليصلحوا ما أفسدوا وليعملوا فيها أعمالا ‏صالحة من التي كانت‎ ‎تفيد الناس وتصلح أمورهم، ويفهم القارئ من هذه ‏الصورة أن طلبهم هذا قد‎ ‎أتى متأخرا، ولن يفيدهم يومها ندم ولا رجاء‎.‎
الآن تعال نرى آيات أخرى لم يذكر فيها عبارة: العمل الصالح،‎ ‎هل ‏يتغير موقفه سبحانه؟ ‏‏(‏‎ ‎من آمن بالله واليوم الآخر وأقام‎ ‎الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله، ‏فعسى‎ ‎أولئك أن يكونوا من المهتدين*) 18-9‏‎.‎‏ ‏الله أكبر، لقد إختفت كلمة الجنة لأنها لم تعد‎ ‎مؤكدة لعدم وجود العمل ‏الصالح بينها. ‏كذلك نستطيع أن نستنتج من كل الآيات التي قبلها أن الأعمال‏‎ ‎الصالحة التي ‏يقوم بها أفراد أو مجموعات من المؤمنين مقابل أجور قبضوها في‎ ‎الحياة ‏الدنيا عينا كان أو نقدا عن أعمالهم التي كانت صالحة ومتقنة خدمة للناس ‏في‎ ‎مجتمعهم، هي أساس مهمة الإنسان المؤمن في الأرض، كما يعتبرها الله ‏تعالى أهم ما‎ ‎يقوم به المؤمن في حياته من عبادات أو أفعال. بعبارة أخرى ‏العمل الصالح‎ ‎المتقن المفيد للناس هو عماد دين الله في الحياة الدنيا هو أيضا ‏في مقام‎ ‎العبادة الكبرى التي كلف بها آدم ونسله من بعده في‎ ‎مهمة ‏الإستخلاف لإعمار الأرض أصلا‎.‎‏ ‏كل ما سبق يشير بوضوح لا لبس فيه أننا كأمة إسلامية قد ضللنا‎ ‎عن أهمية ‏موضوع العمل في حياتنا كشعوب، لكن كيف يمكننا التمييز بين عمل فرد ‏من‎ ‎الناس لنصفه أنه عمل صالح، وعمل فرد آخر لنقول عنه أنه: عمل ‏فاسد؟ ‏يمكننا ذلك إذا علمنا أن : ميزان الأعمال، هو‎ ‎لنتائج الأعمال وثمارها، ‏فالأعمال يمكن أن تكون صالحة إذا كانت مفيدة‎ ‎ومتقنة ومطلوبة ولايتضرر ‏منها أحد من الناس أومن المخلوقات الأخرى بشكل مباشر أو‏‎ ‎غير مباشر، ‏وحصلت كما يحصل اليوم نتيجة التصنيع أو أثناءها، مشكلة أضرارا جانبية‎ ‎وغير مباشرة لمخلوقات الأرض عامة، نتيجة ما صنعت أيدي الناس من ‏أدوية أوأسمدة‎ ‎زراعية أونتيجة إستخدام النفط بكميات هائلة في وسائل النقل ‏أو محركات الطاقة‎ ‎مما يسبب تبدلا في المناخ العالمي بازدياد درجة حرارة ‏الأرض المسببة لذوبان ثلوج‎ ‎المناطق القطبية وارتفاع منسوب المياه في ‏المحيطات التي ستسبب اختفاء كثير من‎ ‎الجزر في البحار مع تقلص حجم ‏القارات الحالية‎ :‎‏ ‏‏(‏‎ ‎ظهر الفساد في البر والبحر بما‎ ‎كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض‏‎ ‎الذي ‏عملوا لعلهم يرجعون *) 41-30. ‏هذه الآية كانت إنذارا مبكرا للعلماء الحقيقين من الذين‎ ‎نفتقدهم في ثقافة العلم ‏المتداولة بين المسلمين. كما يمكن للأعمال أن تكون فاسدة‎ ‎أيضا إذا كان ‏فيها ضررا مباشرا للناس مثل العمل في مجال الخمور والمخدرات‎ ‎والميسر ‏‏(القمار) بأنواعه المختلفة والفحشاء: (بيوت الدعارة)، أو كانت في مجال‎ ‎التجارة بالأسلحة، حيث يكون كبارهم وراء إشعال نار الفتن والحروب بما ‏يصرفونه من‎ ‎أموال طائلة لخلق المشاكل بين أمم العالم لفتح أسواق جديدة ‏لأحدث ما أنتجته‎ ‎مصانعهم‎ ‎من أسلحة الفتك للأحياء والدمار للعمران‎.‎‏ ‏أوغيرها من الأعمال السيئة الفاسدة، التي يمكن للمؤمن أحيانا‏‎ ‎أن يقوم بها ‏إما نتيجة جهل أونتيجة طمع بمكسب حرام قد يكون أسهل عادة من‎ ‎الأعمال ‏الصالحة عموما، عبر عنه سبحانه في القرآن بقوله الكريم‎:‎‏ ‏‏(‏‎ ‎وبدا لهم سيئات ما‎ ‎عملوا ) 33-45‏‎.‎‏ ‏كما أن الذين يقومون بأعمال فاسدة، ستصيبهم سيئات‎ ‎أعمالهم، مثل تاجر ‏الخمور أو المخدرات الذي يكتشف بعد فوات الأوان أن إبنه أو‎ ‎إبنته قد أدمنا ‏على شرب الخمور أو تعاطي المخدرات،‎ ‎فيندم عندما لاينفعه ندم يقول عنهم ‏سبحانه: ‏‏(‏‎ ‎فأصابهم سيئات ما‎ ‎عملوا ) 34-16. ‏ولما كانت غاية الذين يعملون السيئات هي الكسب، يقول سبحانه‎ ‎لإدراك ‏هذه الحقيقة في آية أخرى للذين يبحثون عنها في القرآن العظيم، أعظم كتب‎ ‎الأرض جميعا‎: ‎‏ ‏‏(‏‎ ‎فأصابهم سيئات ما‎ ‎كسبوا) 51-39‏‎.‎‏ ‏بعد فهمنا لمعنى كلمة العمل والأعمال ننتقل إلى كلمة الفعل‎ ‎لنرى كيف ‏يمكننا تمييزها عن العمل والأعمال‎.‎‏ ‏كما ذكرت من قبل، كل نشاط يؤديه الإنسان ولا يرجو من ورائه‎ ‎أجرا، هو ‏فعل من الأفعال مثل كل أفعال الخير المطلوبة من المؤمنين عامة، أو مثل ‏كل‎ ‎أفعال الشر التي يقوم بها الكافرين عن علم أو يقوم بها المشركون من ‏المؤمنين عن‎ ‎جهل‎.‎‏ ‏طالما إلتزمت أن لا آتي ببرهان من خارج القرآن أو بما لا يقبل‎ ‎به العقل ‏والمنطق العلمي الذي أعتبره المنحة الإلهية لكل إنسان كي يميز به الحق ‏عن‎ ‎الباطل، أستطيع أن أقول مطمئنا أن الله تعالى قد ميز الفعل عن العمل ‏بأنواعه في‎ ‎القرآن بأن جعل سبحانه لفعل الخير ثوابا،‎ ‎بينما جعل للعمل ‏الصالح أجرا يقابل ما أخذ‎ ‎العبد مقابل عمله في الحياة الدنيا من أجر دفعه له ‏صاحب العمل‎:‎‏ ‏‏(‏‎ ‎هل ثوب الكفار‎ ‎ما كانوا يفعلون ) 36-83‏‎. ‎‏ ‏‏(‏‎ ‎وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات‎ ‎فيوفيهم أجورهم )57-3. ‏هاتين الآيتين توضحان ما قد يكون غامضا علينا من قبل‎.‎‏ ‏لكن كي يطمئن القارئ الكريم للبرهان لا بد أن أسوق له أمثلة‎ ‎أخرى‎:‎‏ ‏الدعاء مثلا، من الأفعال وليست من الأعمال: ‏‏(‏‎ ‎ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فـعـلـت فإنك‎ ‎إذا من ‏الظالمين*)106-10‏‎.‎‏ ‏والقيام بتكسير الأصنام هو فعل من الأفعال لأن من يقوم بها لا‎ ‎يتوقع أجرا ‏من أصحابها في الحياة الدنيا، بل قد يتوقع العقاب‎:‎‏ ‏‏(‏‎ ‎قالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم * قال بل‏‎ ‎فعله كبيرهم هذا ‏فاسألوهم إن كانوا‎ ‎ينطقون *) 62-63-21‏‎.‎‏ ‏والقتل فعل، كما قال سبحانه متحدثا عن موسى عليه الصلاة‎ ‎والسلام‎:‎
‏(‏‎ ‎وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من‎ ‎الكافرين* قال فعلتها إذا وأنا من‏‎ ‎الضالين*) 19-20-26‏‎.‎‏ ‏ورمي يوسف عليه الصلاة والسلام في الجب كان فعلا، لذا نجد يوسف‎ ‎يقول لإخوته‎:‎‏ ‏‏(‏‎ ‎قال هل علمتم مافعلتم بيوسف وأخيه إذ‎ ‎أنتم جاهلون*) 89-12‏‎.‎‏ ‏والمنكرات أفعال‎:‎‏ ‏‏(‏‎ ‎كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه) 79-5‏‎.‎‏ ‏وتنفيذ مواعظ الله أفعال‎:‎‏ ‏‏(‏‎ ‎ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم) 66-4‏‎.‎‏ ‏‎ ‎وتبليغ رسالة الله تعالى من قبل الرسل والذين آمنوا معهم‎ ‎وجهادهم تعتبر ‏من الأفعال لأنهم جميعا لم يطلبوا من أحد أجرا على ما فعلوا في سبيل‎ ‎الله‎:‎‏ ‏‏(‏‎ ‎ياأيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم‎ ‎تفعل فما بلغت رسالته) ‏‏67-5‏‎.‎‏ ‏والرسل أعلنوا بأمر من الله تعالى أنهم لايطلبون أجرا من الناس‏‎ ‎كما يشهد ‏القرآن لهم بما قالوه لشعوبهم تنفيذا لأمر الله تعالى‎:‎‏ ‏‏(‏‎ ‎وما أسألكم عليه من أجر إن أجري‎ ‎إلا على رب العالمين*) 29- 26‏‎.‎‏ ‏وكل خير يؤتيه العبد بين يدي ربه هو فعل‎:‎‏ ‏‏( وما تفعلوا من خير فإن‎ ‎الله به عليم) 215-2‏‎.‎‏ ‏كل خلق الله تعالى في عباداتهم ونسكهم وصلاتهم وتسبيحهم‎ ‎يفعلون ‏ولايعملون: ‏‏(‏‎ ‎كل قد علم صلاته وتسبيحه والله عليم بما‎ ‎يفعلون*) 41-24‏‎.‎‏ ‏كل ما يقوم به الملائكة‎ ‎تنفيذا لأمر الله لا أجر لهم فيها لذلك‎ ‎فهي من الأفعال ‏وليست من الأعمال: ‏‏(‏‎ ‎لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما‎ ‎يؤمرون ) 6-66‏‎.‎‏ ‏هكذا عشرات الآيات في القرآن تشهد بأن الفرق بين الفعل‎ ‎والعمل أن الفعل ‏يقابله إن كان حسنا الشكر في الدنيا‎ ‎والثواب في الآخرة، بينما الأعمال في ‏الدنيا والآخرة‎ ‎تقابلها أجور‎:‎‏ ‏
‏ ‏‏(‏‎ ‎وأما الذين آمنوا وعملوا‎ ‎الصالحات فيوفيهم أجورهم ) 57-3‏‎ ‎‏.‏

اجمالي القراءات 25056