هل أحسن الهدي هدي‎ ‎محمد‎! ‎‏ ‏أم أحســن الهــدي بمـا هـداه الـلـه؟

أحمد خلف في الجمعة ٢٢ - فبراير - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

هل أحسن الهدي هدي‎ ‎محمد‎! ‎‏ ‏أم أحســن الهــدي بمـا هـداه الـلـه؟ ‏
أم يكون الهدي على أيدي رجال الدين وما‎ ‎معهم اليوم من بدائل عن‎ ‎القرآن ‏العظيم ليس فيها‎ ‎هدى ولانور؟
خلاصة القول: ‏كل من يقول من علماء المسلمين إلى هذا اليوم‎:‎‏ ‏إن أحسن الهدي هدي‎ ‎محمد‎! ‎‏ ‏علينا أن نذكره أن قوله هذا فيه إشراك صريح والعياذ بالله عليه‎ ‎أن يتجنبه، ‏مكتفيا بذكر أمر الله الدائم الذي يتكرر في آيات القرآن الكريم‎:‎‏ ‏‎) ‎قل: إن الهدى هدى‎ ‎الله) 73-3‏‎.‎‏ ‏كي يتذكر أن الله سبحانه وتعالى قد أرسل للناس من بعد آدم آلاف‎ ‎الرسالات ‏وحيا لآلاف الأنبياء والرسل من أقوام الأرض وقبائلها وشعوبها،‎ ‎لإخراجهم ‏بها من ظلمات الضلال والكفر والإشراك بالله، إلى‎ ‎نورإلهدى والإيمان ‏والتوحيد لله سبحانه ولدينه الحق ولسنته ولحديثه‎ ‎وشفاعته سبحانه لا شريك ‏له في كل ذلك أحدا من خلقه أبدا‎.‎‏ ‏وإن تساءلنا: طالما الموضوع بتلك البساطة، فلم رفض أهل‎ ‎الكتاب رسالة ‏القرآن؟‎ ‎‏ ‏ولم هجر المسلمون من بعد الراشدين كتاب الله وتعلقوا بكتب‎ ‎أخرى؟ ‏نقول : المشكلة تكمن في سوء فهمنا للشيطان ، من هو؟ وكيف‎ ‎يمكننا ‏التعرف عليه؟ ثم كيف يمكننا اجتنابه؟‎ ‎‏ ‏أغلب المسلمين ما زالوا يظنون أن الشيطان هو فقط إبليس الذي‎ ‎كان من ‏الجن أو أحد أحفاده، دون أن يدرك حقيقة وجود شياطين كثيرة من الإنس ‏أخطر من‎ ‎إبليس وذريته على ذرية آدم الذي كان أول الإنس من البشر، ‏ومن أخطر شياطين الإنس‎ ‎على الفرد الإنساني شيطانه الخاص المتمثلة ‏بنفسه الأمارة بالسوء‎.‎‏ ‏نعم إن الله تعالى قد نبهنا في القرآن على عداء‎ ‎الشيطان الدائم لنا، لكن أغلبنا ‏إستهان بذلك التنبيه‎ ‎وتجاهله، كما إستهان أيضا بالشيطان بدليل أنه لم يسع‎ ‎للتعرف عليه لإيجاد وسيلة‎ ‎ناجعة لاجتنابه‎.‎‏ ‏على الإنسان قبل أن يؤمن بدين آبائه أن يتحقق ويبحث عن برهان‎ ‎الله ‏ودليله الذي لا بد سيجده كل باحث عنها في كتابه الكريم كي يطمئن قلبه ‏الذي هو‎ ‎جهاز تفكيره من أجل تصديقه والإيمان به بعد ذلك‎.‎‏ ‏علينا أن نتخذ كما أمرنا ربنا من إبراهيم عليه الصلاة والسلام‎ ‎في هذا ‏الموضوع أسوة (قدوة) حسنة، فهو أول من أعلمنا سبحانه أنه كان قد شك ‏في دين‎ ‎آبائه قبل أن تأتيه الرسالة وقبل أن يصبح نبيا رسولا‎. ‎‏ ‏على الفرد منا قبل أن يؤمن بشيئ أن يطلب ويبحث عن البرهان‎:‎‏ ‏‏(‏‎ ‎قل هاتوا برهانكم إن‎ ‎كنتم صادقين *) 111-2‏‎.‎‏ ‏بعد أن يرى الدليل والبرهان بنفسه عليه أن يبشر الناس وهو يقول‎: ‎‏ ‏‏(‏‎ ‎يا أيها الناس قد جاءكم‎ ‎برهان من ربكم ....*) 174- 4‏‎.‎‏ ‏وإن تساءل: كيف يمكن لمسلم مثلي، ورث دينه عن آبائه الأولين،‎ ‎أن يصل ‏إلى برهان الله تعالى ليكتشف بعدها الحق والحقيقة؟ أقول: كما أن الطائر‎ ‎المسجون في القفص لا يمكنه الطيران إلا إذا تحرر من قفصه أولا، كذلك ‏لا يمكن لأي‎ ‎متدين بأي دين أن يصل للحقيقة قبل تحرره من الأفكار الآبائية ‏السلفية عن الدين‎ ‎الذي يحمله بالوراثة بغض النظر عن إسم ذلك الدين‎.‎
بالتالي لا يمكن لأي متدين يتبع دينا ما، الوصول إلى الحق الذي‎ ‎هوالله ‏تعالى ودينه الحقيقي الذي اشتق اسمه من السلم والسلام، قبل أن يؤمن به‎ ‎ويوحده متجنبا الإشراك به سبحانه، سواء كان ذلك الإشراك بأحد من خلقه ‏مثل أحد من‎ ‎ملائكته أو أحد من أنبيائه ورسله، ثم يصل بعد ذلك لحقائق الله ‏تعالى التي في كتابه‎ ‎الأخير الذي كتب وحفظ يوم نزوله: القرآن‎ ‎العظيم، ثم ‏يؤمن بما في ذلك الكتاب من علم وهدى ونور بعد التعرف على‎ ‎براهينه، ‏مبتدئا بالشك في الأفكار الآبائية التي تتعارض مع آيات القرآن، فيبدأ‎ ‎بنبذ ما ‏تأكد وثبت له نتيجة المقارنات التي أجراها حقيقة بطلانها حتى وإن‎ ‎كانت ‏من الأفكار المكتوبة في كتب الفقه والتفسير والتأويل للقرآن وآياته البينات‎ ‎لوحدها، أو كانت من الكتب التي مازال أغلب المسلمين يعتبرونها من كتب ‏الدين‎ ‎المقدسة، أو كانت من الأفكار التي كان وما زال يسمعها من أغلب ‏رجال الدين‎ ‎المحترفين عند أهل السنة أو أهل الشيعة دون أن يرى ما ‏يؤيدها في القرآن‎ . ‎
وإن تساءل، طالما الموضوع سهل إلى هذا الحد؟ ‏فما هو سر إمتناع تلك‎ ‎الفكرة من التحقيق إلى اليوم في عالم المسلمين؟
أقول: إن هذا التساؤل يعيدنا إلى كل ما ذكرناه من قبل عن مصلحة‎ ‎الحاكم ‏الدنيوية مع ملإه من مشروع تبديل القرآن الداعي للعدل والإحسان والآمر‎ ‎بإعطاء ما للفقراء من حق معلوم في أموال الأغنياء، والقاضي بمنع التسلط ‏والظلم‎ ‎والعدوان على الناس من غير حق‎.‎
كل ذلك دفع الحكام الراغبين بالتسلط على تجاهل آيات القرآن‎ ‎والسعي على ‏استبدالها بنصوص أخرى تسمح له بما يشاء، معتبرا نفسه راعيا للأمة التي‎ ‎حولها لهم رجال الدين الكبار إلى قطيع مدجن ومطيع، سموه تلطفا بالرعية، ‏دون أن‎ ‎يعلن أحد من علماؤه أن الراعي لايقود إلا قطيعا، وأي قطيع في ‏العالم إذا أهمل‎ ‎وترك للجهل وللفقر فهو غير قادر وحده على فهم كتاب الله ‏لوجود كثير من الأفكار‎ ‎والمواضيع التي تحتاج إلى تفسير وبيان وتأويل ‏فوضعوا لها كثيرا من كتب الحديث‎ ‎والتفسير والبيان والتأويل، التي تقرر ‏للناس وتحكم عليهم سلفا بأنهم أعجز من أن‏‎ ‎يفهموا القرآن وحدهم، لذا لابد ‏لهم من الإستعانة لفهمه بفقهاء الدين المحترفين،‎ ‎هكذا تم إستيلاء حكام ‏المسلمين الراغبين بالتسلط على كلمة الله‎ ‎تعالى ودينه جملة وتفصيلا، ‏لتحقيق رغباتهم مراعين بالطبع، مصلحة حاشيته وأعوانه‎ ‎الدنيوية ليبقيها ‏موالية له على الدوام‎.‎
أما إن تساءل، ماذا إذا إبتعد المسلم عن كل تلك المصادر، هل‎ ‎يهتدي إلى ‏الحق والحقيقة؟‎ ‎‏ ‏أقول: لا طبعا لأن كل الأفكار الآبائية (السلفية) التي سمعها قبل ذلك‎ ‎ستبقى ‏في لا شعوره مشكلة موانع وحواجز لا يستطيع عقله تجاوزها‏‎.‎‏ ‏لذا فلا بد للباحث عن حقيقة دين الله تعالى بعزم وتصميم أن‎ ‎يكون على قدر ‏كاف من الإرادة القادرة على نبذ الأفكار الآبائية التي يكتشف‎ ‎معارضتها مع ‏القرآن‎. ‎‏ ‏كما يجب أن يكون ذوعزيمة كافية تدفعه على حسن المثابرة والتصميم‎ ‎في ‏مجاهدة النفس اللوامة والأمارة بالسوء لتعويدها على قراءة كتاب الله قراءة‎ ‎تفكر وتدبر، كما أنصحه على تفضيل قراءة الفجر منها على كل القراءات:‏‎ ‎
‏(‏‎ ‎وقرآن الفجر إن قرآن‎ ‎الفجر كان مشهودا*) 78-17‏‎.‎‏ ‏كما عليه بعدها أن يكون قادرا على هجر كل الكتب الصفراء التي‎ ‎ألفت في ‏عصور الطغيان لخلفاء المسلمين سواء كانوا من الأمويين أو‎ ‎من العباسيين ‏أو من الفاطميين أو من العثمانيين،‎ ‎شرحا أو تفسيرا أو تأويلا لكتاب الله‎.‎‏ ‏على المسلم أن يختار قبل فوات الأوان من الأحق أن يتبع‎ :‎‏ ‏هل هو الله تعالى وقرآنه العظيم الحاوي على هدى الرحمن‎ ‎ونوره أم ما مع ‏رجال الدين من بدائل‎ ‎عن القرآن نسبت إلى الرسول الأمين ظلما على أنها ‏أحاديثه الشريفة‎ ‎ومعها أحاديث أخرى ليجعلوها في مقام الوحي السماوي ‏سموها الأحاديث القدسية رغم‎ ‎استنكارالرسول الأمين بداية لأي حديث مع ‏حديث الله تعالى وهو يقول‎:‎‏ ‏‏((‏‎ ‎لا تكتبوا عني‎ ..... ‎‏)). ‏خلاصة القول: لقد أرسل الله سبحانه وتعالى للناس من بعد آدم‎ ‎آلاف ‏الرسالات وحيا إلى آلاف الأنبياء والرسل من أقوام الأرض وقبائلها‎ ‎وشعوبها، لإخراجهم بها من ظلمات الضلال والكفر والإشراك بالله، إلى‎ ‎نورإلهدى والإيمان والتوحيد لله ولدينه الحق ولسنته ولحديثه وشفاعته‎ ‎سبحانه لا شريك له في كل ذلك أحدا من خلقه أبدا‎.‎
ألا يقول لنا السلفي أن فرقته وحدها هي المهتدية والهاديه والناجية من‎ ‎كل ‏الفرق ؟ ‏علما أن الفرقة المهتدية الناجية هي فقط الفرقة التي تستطيع أن‎ ‎تعلن للناس ‏أن الله تعالى هو رب العالمين جميعا بلا إستثناء لأحد ودينه‎ ‎واحد لكل خلقه ‏لا دين لله تعالى سواه، سماه سبحانه بالعربية في آخر الرسالات‎ ‎دين السلم، ‏وهذه يمكن ترجمتها لكل لغات العالم، ودين الله هذا يأمر‎ ‎بالعدل والإحسان ‏والتقوى، وينهى عن العدوان والفحشاء والبغي، فمن آمن بكل هذا وعمل‎ ‎في ‏الأرض عملا صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون‎.‎‏ ‏لكن إن تساءل المرء قائلا: طالما الموضوع بتلك البساطة فلم رفض‎ ‎أهل ‏الكتاب رسالة القرآن ولم هجر المسلمون من بعد الراشدين كتاب الله ‏وتعلقوا‎ ‎بكتب أخرى‎.‎‏ ‏الحقيقة أن الله تعالى قد نبهنا في القرآن على عداء الشيطان‎ ‎الدائم لنا وأغلبنا ‏إستهان بذلك التنبيه كما إستهان أيضا بالشيطان نفسه‎. ‎
كل إنسان عاقل وراشد عليه قبل أن يؤمن بدين أبائه أو أي دين آخر أن‎ ‎يبحث عن برهان الله تعالى ودليله الذي سيجده إن بحث عنه في كتابه ‏الكريم إن كان ما زال‎ ‎صحيحا كما بلغه ملاك الوحي الكريم لتصديقه ‏والإيمان به بعد ذلك‎.‎‏ ‏على المؤمن المتمسك بحبل الله الذي هو قرآنه ذو الأصل المحفوظ في ‏عرش الله في السموات يحرسه حفظة من الملائكة المكرمين، وفرعه نزل ‏عللى قلب رسولنا الكريم محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام وحيا من ‏السماء نقله إليه شفويا ملاك الوحي جبريل عليه السلام فكتب كل الوحي ‏خلال حياة الرسول على ما كان متوفرا من وسائل الكتابة كما تروي كتب ‏السيرة على الجلود والعظام، كما حفظ أيضا في صدور المؤمنين المتقين من ‏أصحابه. ‏لذا أرى أن يتخذ كل مؤمن متمسك بالقرآن قدوة حسنة من إبراهيم عليه ‏الصلاة والسلام في هذا الموضوع، كما أمرنا ربنا بذلك، فهو الوحيد من كل ‏الرسل الذي شك في دين أبائه‎ ‎الأولين قبل أن تأتيه الرسالة وقبل أن يصبح ‏نبيا رسولا‎. ‎‏ ‏على الفرد منا قبل أن يؤمن بأي شيء أن يطلب ويبحث عن البرهان: ‏‏(‏‎ ‎قل هاتوا برهانكم إن كنتم‎ ‎صادقين *) 111-2‏‎.‎‏ ‏بعد أن يرى الدليل والبرهان بنفسه عليه أن يبشر الناس وهو‎ ‎يقول: ‏‏( ياأيها الناس قد جاءكم برهان من‎ ‎ربكم ....*) 174- 4‏‎.‎‏ ‏أما إن تساءل قائلا: كيف يمكن لمسلم مثلي، ورث دينه عن‏‎ ‎آبائه الأولين، ‏أن يصل إلى برهان الله تعالى ليكتشف بعدها الحق والحقيقة؟‎ ‎
أقول: كما أن الطائر المسجون في القفص لا يمكنه الطيران إلا إذا‎ ‎تحرر ‏من قفصه أولا، كذلك لا يمكن لأي متدين بأي دين أن يصل إلى الحقيقة قبل ‏أن‎ ‎يتحرر من الأفكار الآبائية السلفية عن الدين الذي يحمله بالوراثة بغض ‏النظر عن إسم‎ ‎ذلك الدين‎.‎‏ ‏بالتالي لايمكن لأي مسلم سنيا كان أم شيعيا، أن يعرف الحق الذي‎ ‎هوالله ‏وأن يعرف حقيقة دينه الذي اشتق اسمه من لفظ السلم والسلام، قبل أن يؤمن‎ ‎بالله تعالى ويوحده متجنبا الإشراك به، سواء أشرك به أحدا من خلقه من ‏الملائكته أو‎ ‎أحدا من أنبيائه ورسله، واصلا بعدها إلى الحقــائق التي في ‏كتاب الله: القرآن العظيم‎ ‎مؤمنا بها بعد رؤية البرهان في أياته، فيعلم أن ذلك ‏الكتاب هو من عند الله تعالى‎ ‎وحده لا شريك له، بادءا بعدها بالشك في كل ‏الأفكار الآبائية، كي يتأكد بنفسه على ‏‎ ‎مطابقتها لمفهوم الآيات القرآنـيــة ‏فيبقيها أو يكتشف أنها تقع في مجال الباطل فيهجرها؟ ‏صحيح أن تلك العملية ليست سهلة لكن عليه أن يمرن ذاته على‎ ‎تقبلها كأن ‏يقول في نفسه طالما ثبت لي تناقضها مع آيات القرآن بالعقل والبرهان،‎ ‎فلم ‏لا أنبذها وأتحرر منها حتى وإن كانت مكتوبة في‎ ‎كتب الفقه والتفـسـيـر ‏والتأويل التي ما يزال أغلب المسلمين يعتبرونها من كتب‎ ‎الدين المقدسة. ‏أو حتي ولو كانت من الأمور التي ما يزال يسـمـعـها من رجال الدين‎ ‎المحترفين عند أهل السنة أو أهل الشيعة‎.‎‏ ‏أعلم سلفا أن الموضوع ليست بتلك السهولة، لذا على القارئ أن‏‎ ‎يتذكر ‏مصلحة الحاكم وأتباعه الدنيوية من تلك الأفكار التي زرعها العلماء ‏المأجورين من شياطين الإنس من الذين كانوا يعلمون ويحرفون منذ القدم ‏في‎ ‎عقول الآباء‎.‎‏ ‏عليه أن يتذكر مشروع الحاكم المستبد، على تبديل القرآن الذي يدعو للعدل ‏والإحسان ومنع التسلط والظلم والعدوان على الناس. ‏فالحاكم الذي‎ ‎يرى في نفسه ومركزه القوة، إن كان تعلقه بالدنيا ومتعها أقوى ‏من إيمانه بحقائق القرآن، نجده قد طغى وتجبر معتبرا نفسه راعيا والناس ‏من حوله قطيعه الخاص، وهو المالك لهم ولأموالهم وأرواحهم التي يبدأ ‏التصرف بها كيف يشاء. ‏كما عليه بعدها أن لا يترك ما عود نفسه عليه من عادة قراءة القرآن قراءة ‏تفكر وتدبر،‎ ‎مفضلا قراءة الفجر منها على كل القراءات. ‏كما عليه بعدها أن يتجنب إشراك الكتب‎ ‎الصفراء، التي ألفت في عصور ‏الطغيان، لخلفاء ما بعد الرشد عند المسلمين، سواء كانوا‏‎ ‎أمويين أو عباسيين ‏أو فاطميين أو عثمانيين، عالما أن القرآن يفسر بعضه بعضا، ومؤمنا‏‎ ‎أنه ‏أسهل كتاب في الأرض للفهم الإنساني، وهو الكتاب النثري الوحيد الذي ‏يسهل حفظه‎ ‎في الذاكرة الإنسانية، حتى ولو كان الحافظ يجهل لغة القرآن ‏العربية‎.‎‏ ‏أما إن تساءلنا، ماذا إذا كان قلب أحدنا يميل إلى حب النبي‎ ‎الرسول محمد ‏أكثر من باقي الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام أجمعين، رغم اشتراط ‏الله تعالى على المؤمنين ألا بين أحد منهم؟ ‏نقول: إن ذلك أمر ليس من طاقة الإنسان التحكم فيه، فقد يكون بين‏‎ ‎الناس ‏من يميل قلبه إلى أحد منهم أكثر من غيره، هذا أمر لا بأس فيه شريطة أن ‏لا يكره‎ ‎أو يحقد أو يحسد أحدا من باقي الأنبياء والرسل ولا يـفــرق في ‏التعظيم بلسانه أحدا‎ ‎منهم على أحد.‏‎ ‎‎ ‎أما إن تساءلنا ماذا عن رجال الدين، أليست محبتهم واجبة؟ ‏‎ ‎‏ ‏‎ ‎‎ ‎نقول ليس في أمر الحب وجوب. لكون الحب عاطفة تنشأ نتيجة مواقف‎ ‎وتصرفات المحبوب وما يملك من محاسن الأخلاق والقدرة على حسن ‏التصرف في الملمات‎ ‎فيميل قلب الإنسان إليه ويحبه، أما إن كان على ‏النقيض من ذلك فسينفر منه ويبتعد‎ ‎عنه‎.‎‏ ‏لذا على المسلم قبل أن يحب أحدا من رجال الدين ويثق بما يقوله‎ ‎أن يسأل ‏نفسه قائلا: ‏من الذي يدفع لعالم الدين المحترف هذا أجره الذي ما يزال يعيش‎ ‎به هو ‏وأهله عيش الرفاه، وأغلب الناس من حوله يعيشون عيش الكفاف‎. ‎‏ ‏سؤالك لنفسك هذا السؤال البسيط مهم جدا، لأنك إن عرفت الجواب‎ ‎الصحيح ‏ستعلم بعدها‎:‎‏ ‏‎ ‎لصالح من يعمل عالم الدين هذا؟ وبتوجيهات من يتكلم؟‎ ‎‏ ‏هل يعمل لصالح الفقراء والمظلومين كما يدعي؟‎ ‎‏ ‏أم هو وأمثاله يعملون غالبا لصالح الحكام والمتنفذين من‎ ‎الأغنياء والمترفين ‏من الذين لهم مصالح دنيوية فيما يرغبون أن يروج لهم بين الرعية‎ ‎عن ‏محاسنهم؟‎ ‎‏ ‏حجر الكشف يكون باختبار فتاويهم، فهي إن كانت تأتي غالبا‎ ‎متطابقة مع ‏مصالح الحكام المستبدين مع مناقضتها لما ورد في القرآن الكريم فهم على ‏الأرجح أجراء‎ ‎عندهم‎.‎‏ ‏أما إن كانت فتاويهم تأتي غالبا متطابقة مع روح القرآن‎ ‎ومتماشية مع ‏مصلحة الغالبية العظمى من الفقراء في بلاد المسلمين منذ أيام معاوية‎ ‎وإلى ‏هذا اليوم فلا بد أنهم من رجال الدين الأتقياء‎.‎

اجمالي القراءات 3997