سلسلة دراسات قرءآنية- الدرس السابع
نقاط يجب عدم الاغفال عنها وما يجب توافره عند التدبر

محمد صادق في الثلاثاء ١٢ - فبراير - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

سلسلة دراسات قرءآنية

الدرس السابع 

نقاط يجب عدم الاغفال عنها وما يجب توافره عند التدبر والدراسة

 

بسم اللــه الرحمـن الرحيم

ما هى أهداف الشارع خلال أحكامه..
1- إخلاص العمل للــه " وما أمروا الا ليعبدوا اللــه مخلصين له الدين حنفاء "
2- تهذيب الفرد والمجتمع " ولا تنسوا الفضل بينكم "
3- إقامة العدل " ولا يجرمنكم شنــأن قوم ألاde;لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى "
ما يجب توافره عند القراءة بغرض التدبر والدراسة..
1- قاموس قرءآنى
2- قاموس لغة عربية ( يعتد به من بين قواميس اللغة )
3- مصحف مرتب حسب ترتيب نزول السور، والاغفال عن ترتيب نزول الآيات وسيأتى
4- يتم إختيار مجموعة تقوم بالدراسة والتدبر, وتتوفرفى أفراد هذه المجموعة:
أ‌- الايمان الخالص ب لا إله إلا اللــه قولا وعملا
ب‌- الايمان الخالص ب " ءامن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل ءامن باللــه وملائكته وكتبه ورسله، لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير "
ت‌- النية الخالصة فى طلب الهداية والتوكل والانابة الى اللــه " يهدى من أناب "
ث‌- عدم الشك والتذبذب بين هؤلاء وهؤلاء
ج‌- أن يكون ملما بقواعد القراءة والنطق السليم – والقراءة تكون ترتيلا
ح‌- أن يكون على بينة بصورة مرضية من قواعد اللـغة العربية
خ‌- خلو الذهن من أى تفسيرات أو عادات أو أحكام مسبقة لعدم التأثر بآراء من خارج النص القرءآنى.
د‌- تشكل لجنة للمراجعة, خلاف المجموعة التى ستقوم بالدراسة, ممن يشهد لهم بالحكمة والتعقل والحياد وصفاء النية.
نقاط يجب عدم الاغفال عنها عند التدبر والدراسة..
أولا
- خير التفقه والتدبر فى القرءآن أن نفسره تفسيرا موضوعيا:
1- يحدد الموضوع
2- جمع النصوص المتعلقة بهذا الموضوع
3- ترتيب النصوص حسب النزول إن أمكن, أو ترتب ترتيبا منطقيا
4- تحلل تحليل شــامل ثم إستخلاص النتائج, تعرض هذه النتائج على لجنة المراجعة
5- يتم تسجيل كل النتائج بعد الاتفاق عليها من لجنة الدراسة / التدبر ولجنة المراجعة.
ثانيا - التجريد: هو أن ننظر الى الواقعة منفردة عن غيرها.
       التجرد : هو ألا يكون لك حكم سابق فتستخدمه.
ثالثا - الكتب السماوية لا تختلف فيما تدعوا اليه من العقائد وانما تختلف فى التشريعات الفرعية والقرءآن جاء مقررا لأصول العقائد ناسخا لبعض الفروع فى الكتب الأخرى.
رابعا – يجب التنبه إلى أن الألفاظ ليست أفكار بل هى من وسائل معرفة الأفكار, وأن المقياس الصحيح لصحة الأفكار أو فسادها هى تعاليم معصومة لا يأتيها الباطل ولا يقترب منها..
" افرءيت من إتخذ إلاهه هواه وأضله اللــه على علم " الجاثية: 23
" ومن أضل ممن إتبع هواه بغير هدى من اللــه " القصص:50
خامســا – البعد عن الفلسفة والسلبية والعزلة وجدل الكلاميين لعدم الوقوع فى الخلط بينهم أو بين أحدهم والدين.
سادسا – الابتعاد عن تحكيم الهوى، قصور النظر والتقليد.
سابعا – يجب أن نميز دقائق الفروق بين الألفاظ المتقاربة مثال:
لمس، لامس، أصبر، اصطبر، استطاع، اسطاع.......
ثامنا – عدم صرف اللفظ إلى أكثر مما يحتمل حتى يصل إلى المغالاة.

كلمة مختصرة عن أسباب النزول..
إن تعدد أسباب النزول للآية الواحدة جعل البعض يذهبون إلى القول بأن الآية نزلت عدة مرات، وهذا يجب عدم الأخذ به، ولكن معرفة أسباب النزول من المواضع الصعبة ووجهة الصعوبة فيها اختلاف المتقدمين والمتأخرين حولها، فيقول البعض أن الآية نزلت فى كذا وكذا وهنا لا يلزم انطباق جميع القيود بل يكفى انطباق أصل الحكم فقط أو يقولون أن الآية نزلت فى كذا وكذا وأنزل اللــه قوله كذا فيدل ذلك على أنه استنباط الرسول-عليه السلام- وعلى ذلك يمكن ان نقول بإختصار شديد فى هذا المجال ان الاجتهاد فى هذا له نصيب كبير وأن القصص التى تتداول حول الآيات كثيرة ومختلفة.
فمن كان على بينة من ربه واتقى.. جعل له اللــه فرقانا... فقد حل هذه المشكلة.

الناسخ والمنسوخ ..
فى صدد هذه الدراسة سنتكلم عن الناسخ والمنسوخ بإختصار شديد قال تعالى:
" ما ننسخ من ءاية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن اللــه على كل شئ قدير " البقرة:106
معنى كلمة " النسخ " هو إزالة أو إبطال الشئ بغيره، تقول نسخت الشمس الظل ونسخ الحكم الحكم.. بمعنى أزال وأبطل وتستعمل أيضا بمعنى النقل والاكتتاب، تقول نسخ الكتاب بمعنى نقله واكتتبه حرفا بحرف.
أما كلمة " ننسها " تعنى أننا نجعلها تنسى.
من أمثلة ما قيل أن هناك ناسخ ومنسوخ فى القرءآن الكريم:
1- قيل أن الآية " واعلموا انما غنمتم من شئ فان للــه خمسه وللرسول ولذى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ..." قد نسخت الآية " يسألونك عن الأنفال قل الأنفال للــه والرسول فاتقوا اللــه واصلحوا ذات بينكم..."
نجد ان هذا ليس نسخا ولكنه بيان للمبهم فى قوله " قل الأنفال للــه والرسول "
2- " كتب عليكم اذا حضر أحدكم الموت أن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين " البقرة:180
فقد قال البعض ان هذه الآية منسوخة بالآية:
" يوصيكم اللــه فى أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين " النساء:11
فهنا الآية الأولى هى محكمة عامة أما الآية الثانية فهى تخصيص العام وليس نسخا.
3- " والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا الى الحول غير اخراج فان خرجن فلا جناح عليكم فى ما فعلن فى أنفسهن من معروف واللــه عزيز حكيم " البقرة:240
يقال أن هذه الآية منسوخة، ولكن يظهر من هذه الآية أمرين: أحدهما وجوب النفقة والسكنى من مال الزوج مدة الحول، وثانيهما وجوب الاعتداد مدة سنة لأن وجوب السكنى والنفقة من مال البيت سنة، توجب المنع من التزوج بزوج أخر فى هذه السنة.
فكان الرأى الذى يقول بالنسخ ان الوصية بالنفقة والوصية بالسكنى قد نسخت بثبوت الميراث لها فى القرءآن. أما العدة بالحول يقال انها منسوخة بالآية :
" يتربصن بأنفسهم أربعة أشهر وعشرا " ولكن عند تدبر ءايات اللــه نرى انه تعالى أنزل فى عدة المتوفى عنها زوجها آيتين:
الأولى .. " والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا فاذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن فى أنفسهن بالمعروف واللــه بما تعملون خبيير " البقرة:234
والثانية.. " والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا الى الحول غير اخراج فان خرجن فلا جناح عليكم فى ما فعلن فى أنفسهن من معروف واللــه عزيز حكيم " البقرة:240
فان الزوجة إن لم تختر السكنى فى دار زوجها ولم تأخذ من ماله، فان عدتها أربعة أشهر وعشرا وهذا ما تقرره الآية الأولى. وأما إذا اختارت الزوجة السكنى فى دار زوجها والأخذ من ماله وتركته، فان عدتها هى الحول. وتنزيل الآيتين على هاذين التقدير هو الأولى حتى تكون كل آية منهما معمولا بها حسب الحالة التى تقررها الزوجة. فهنا أيضا لا يوجد نسخ وبتدبر الآيات مع استعمال كل ءاية فى موضعها وحسب ظروفها.

يجب أن ننزه كتاب اللــه عن النســخ .. وعلى ذلك يمكن أن نوضح أكثر معنى ذلك فى صدد الآيتين السابقتين، ان الذين يتوفون ويذرون أزواجا وقد وصوا وصية لأزواجهم بنفقة ومسكن الحول، فان خرجن قبل ذلك وخالفن وصية الزوج بعد أن يقمن المدة التى ضربها اللــه تعالى لهن، فلا جناح فيما فعلن فى أنفسهن من معروف - الزواج الصحيح – لأن إقامتهن بهذه الوصية غير لازمة، وسبب ذلك لأنهم كانوا فى زمن الجاهلية الأولى يوصون بالنفقة والسكنى حولا كاملا، وكان يجب على المرأة الاعتداد بالحول، فبين اللــه تعالى فى هذه الآية أن ذلك غير واجب. وعلى ذلك فلا يوجد نسخ...

والنسخ يجب أن يكون خلاف الأصل، وأيضا يجب أن يكون الناسخ متأخرا عن المنسوخ فى النزول. واذا كان متأخرا عنه فى النزول كان الأحسن ان يكون متأخرا عنه فى التلاوة. فأما الذين يقولون ان هناك تقدم الناسخ على المنسوخ فى التلاوة فهذا يعد من سوء الترتيب. ويجب تنزيه كلام اللــه عن النسخ وسوء الترتيب. والتدبر فى ءايات اللــه بحرص والتحرى عن الحقائق، والغيرة على دين اللــه وكتابه الكريم فى اطالة وتدقيق التأمل فيما يروى عن الأسلاف مما يتصل بكتاب اللــه حتى نخرج من ذلك بما هو أشبه بالحق وأقرب إلى الصواب.
والله اعلم...

اجمالي القراءات 15007