بداية الصحوة من التخدير الإخواني: الأردن نموذجا

مدحت قلادة في الإثنين ٠٣ - ديسمبر - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

يشغل الدين حيّزاً كبيراً في الشرق وخاصة الدول العربية والإسلامية، ورغم أن الدين من المفروض أن يَحُث على الحضارة والتقدم إلا أن في منطقة الشرق الأوسط والدول العربية يحدث العكس ولا يتم تطبيق المبادئ الدينية وتعيش هذه الدول في تخلف هائل فلا حقوق إنسان ولا مواطنة ولا اعتراف بالأقليات ولا عدل ولا مساواة ولا آدمية ولا إنسانية..... والغريب أن إعلام هذه الدوّل، -وتحديداً الإعلام المصري والعديد من الفضائيات- له الدور البارز والرئيسي في تخدير الشعب بأسم الدين، ومازالت الخُطب الرنانة الجوفاء والعنتريات -التي ما قتلت ذبابة- تدور على مدار الأربعة وعشرين ساعة!! إضافةً إلى ازدياد وانتشار أعداد المنتمين إلى الإخوان المسلمين الذين يعتمدون على الخُطب الجوفاء الخالية من العقل والمنطق، والموجّهة لنسبة السبعين بالمائة من الأُميين مُنادين بدولة الخلافة الإسلامية "حيث العدالة والحب والمساواة والأخوّة" متجاهلين المنطق والعقل والتاريخ وتطورات الحياة والعولمة التي جعلت الكون كله مجرد قرية صغيرة، فالعدل والمساواة في دولة الخلافة كانت تفضيل مسلمي قريش على الآخرين، والحب السلام الاجتماعي اغتال ثلاثة من الخلفاء المسلمين، والسلام حروب وكروب منذ سقيفة بني ساعدة.كان ذلك في منتصف القرن السابع الميلادي، وفي العصر الحديث سنة 1928 تمّ تأسيس تنظيم جماعة الإخوان المسلمين في مصر بهدف إعادة عصر الخلافة الإسلامية الرشيدة!!!!، وبدأوا قَسمهم على القرآن والمسدس وإلى الآن وهم يلعبون على الشعوب المقهورة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً يخدعونهم بوعود خيالية. وما كان في السابق لا يليق بالقرن الواحد وعشرين من تقطيع أيادِ وأرجل وصَلب وحد الحِرابة والرِدة والتكفير واستحلال لدماء وشرف وعرض المخالف..الخفبعد انهيار الاتحاد السوفيتي انتشر نداء الديمقراطية في كثير من دوّل أوربا الشرقية ونالت ديمقراطية كاملة مثل أوكرانيا وبولندا وجورجيا...الخ أما منطقة الشرق الأوسط المبتلاة بالمتاجرين بالدين فقد زادت فيها جرعات التخدير الديني والهوس الشعبي بفضل الإخوان المسلمين وخطابهم المُدغدِغ لمشاعر العامة، الخالي من مضمون منطقي. وأخيراً نجحت حركة حماس "الإخوان المسلمين في فلسطين" بالفوز في الانتخابات وعاش الشعب الفلسطيني في جنة الإخوان الإسلامية المُبشّرين بها سابقاً، ولكن الواقع المُعاش أثبت العكس تماماً فالحقيقة أمام عيونهم تتمثل في فقر مدقع وحصار اقتصادي وسياسي وتصفيات على خلفيات تنظيمية، وزادت جرائمهم بعد أن استولوا على غزة، أو بعد أن حرّروها من الاحتلال الفتحاوي -حسب تعبيرهم-، ويكفي التذكير بقتل طباخ الرئيس محمود عباس وإلقائه من الدور الثامن عشر، والقتل المتعمد للشاعر الفلسطيني المقاتل نصر أبو شاور، واعتداءات متكررة على كنائس ومدارس مسيحية!!! كان آخرها قبل أسابيع قليلة اغتيال شاب فلسطيني يعمل سكرتيراً لمكتبة مسيحية. وهذه الخلافة الإسلامية التي يَعدون الشعوب بها، هي الخلفية التي تجعل المرشد العام للإخوان المسلمين في مصر يعلن عن وطنيته ومحبته لمصر بقوله المعروف والموثّق "طظ في مصر وأبو مصر واللي في مصر"!! بداية اليقظة الجماهيرية من الأردن:والحمد لله فقد أشرقت طلائع الصحوة الجماهيرية من الأردن حيث سقط الإخوان سقوطاً مُريعاً في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، أي أن الشعب الأردني الذي وصفه زعيمهم زكي بني أرشيد بأنه عشائر متخلفة غير متعلمة، أثبت أنه يفهم في السياسة والحراك الاجتماعي والبنية الديمقراطية أكثر من قيادات الإخوان المسلمين ومزايداتهم، لذلك لم يمنحهم أصواته الانتخابية مما أسقط 16 مرشحاً من مُرشحيهم، وكان رد فعل مجلس شورى الجماعة أن قرّر يوم التاسع والعشرين من الشهر الماضي حلّ نفسه بعد اجتماع وصف بأنه طارئ استمر ستة ساعات، وقد قالها صراحة الملا جميل أبو بكر نائب المراقب العام للجماعة: "أن قرار حل مجلس الشورى يأتي على خلفية الانتخابات النيابية، وبالنظر إلى النتائج التي حصلت عليها الحركة الإسلامية"، ورغم ذلك استمر الملا أبو بكر في أسلوب التزييف والمراوغة، فهم الذين قرروا المشاركة في الانتخابات النيابية، ولمّا سقطوا هذا السقوط الذي يستحقونه أصبح قرار المشاركة عندهم (غير صائب) -حسب تصريحه-.وهذا يُذكّرنا بطلبه إلغاء الانتخابات في الدوائر التي سقط مرشحوهم فيها... تصوروا!!!أينما ينجحون فالانتخابات نزيهة، وأينما يُسقِطهم الشعب الأردني فالانتخابات تحتاج لإعادة. والسؤال هنا هو: هل بدا أفول شمس الإخوان المسلمين التي لم تجلب دفئاً للمواطن؟؟ إنها البداية تأتي من الشعب الأردني المستنير الذي وفّرت له قيادته هامشاً ديمقراطياً أوصل قبل أعوام قليلة 17 نائباً من الإخوان المسلمين للبرلمان، وعندما اكتشف هذا الشعب الأصيل دجلهم وتزلّمهم لأنظمة أذاقت الإخوان المسلمين في بلادها الويل، وتهليلهم لدجل ملالي إيران الظلامي، حجب عنهم ثقته لأنهم خذلوه بالخطابات الفارغة دون المساهمة في حلول لمشاكله التي لا تحلها المشاكسات البلاغية والخُطب العنترية التي أدمنها الإخوان المسلمين في كافة أقطار وجودهم. وأخيراً تهنئة حارة للشعب الأردني الشجاع لأنه تَعلّم الدرس واستيقظ من حالة التخدير الذي وضعه فيها مزايدون باسم الإسلام أملاً بسطوع شمس النور والحب والسلام على بلدي مصر والمنطقة.

 

اجمالي القراءات 11187